العتبي عن أبيه ، قال : اهدى ملك اليمن عشر جزائر إلى مكة ، وأمر أن ينحرها أعزُّ قرشيّ ، فقدمت وأبو سفيان عروسٌ بهند بنت عتبة ، فقالت له : أيها الرجل ، لا يشغلنّك النساءُ عن هذه المكرمة التي لعلّها أن تفوتك . فقال لها : يا هذه دعي زوجك وما يختاره لنفسه ! والله ما نحرها غيري إلا نحرته ! فكانت في عُقلها حتى خرج أبو سفيان في اليوم السابع فنحرها .
قلت : سبحان الله بعد عزّه هذا ـ كان يقف على باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبي سفيان ، حتى ياذن له ـ فتاخر اسلامه فتاخر دخوله بعد ذلك العز . انتهى العقد الفريد .
قال الفاروق رضي الله عنه : نقوم قوم أعزنا الله بالاسلام ، فمتى ابتغينا العز بغيره ، أذلنا الله .
فهند بنت عتبة هذه ، هي أم معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنهما أجمعين ، وكانت امرأة برزة جريئة كريمة ـ فقد قال لها يوماً أبا سفيان ، هذا ولدي يزيد وهو من غيرها ، كأني أراه يوم يسوس قريش ، فقالت هند : ولكني ارى ابني معاوية أكبر هامةً فلعله يسوس العرب قاطبة ، فكانت أكثر فراسة من أبي سفيان رضي الله عنها .
طلب أبا سفيان من الفاروق يوماً سلفة من بيت المال ، فأقرضه ، فتأخر بالسداد ، فسجنه عمر .
فعلمت بذلك هند بنت عبة وهي حينها مطلّقة من أبي سفيان ، فأرسلت الى ابنها معاوية وهو يومئذ أمير الشام ، فقالت أخرج أبيك من السجن ، فقام وسدد المبلغ عنه أبيه ، قال عمر : والله ما خرجت الا من كنانة هند بنت عتبة ، فكان هو أفرس القوم . القارظ