إن الذاكرةُ ترتعدْ ..
حين تتذكر حديثًا دافئاً ،
ثم حديثًا قاسيًا لصاحب النبرة ذاتِها .

خارج النص :
مرجانة ،

/
،

أعلم أنك عزفت عن القراءة ،
فأنت أبعد من أن تنالك يد رسائلي ..
للرسائل أيد في حال عارضتني ..
ولها أسنان أيضا في ليال حالكة ،

للرسائل رائحة ..
أعلم أن ما يقصده العشاق برائحة معشوق مختبئة في جوف رسالة ، أبعد من رائحة العطر والأصابع ..

لم أعد قادرا على إحتضان رسائلك تلك التي مر عليها أكثر من سبع سنين ..
أخاف من أن تنفجر في جوفي كل روائح الإشتياق !
دون أن تمنحني فرصة لكتابة رسالة عتاب ..

لازلت أعد كوبين من القهوة .. فهل تتذكرين ؟
أرجو أن تتذكرين !
فالذكريات تشدني من قلبي ،
قولي لي ، أن ما أعيشه الآن ليس أكثر من مجرد وهم ..
قولي لي ، أن النائمة على الطرف الآخر من السرير ليس إلا أنت !
قولي لي ، أنني أب سلمى فقط ..
أنا أباك ..
وأب إبنتك ..
التي قررنا من فرط سعادتنا أن نوثق إسمها في رسالة من دمع !
فهل لك أن تتخيلين أن تلك الرسالة لم تجف أبدا ؟

تبا لك يا سلمى فحتى بعد مرور كل تلك السنوات ، لا أعلم كيف أنسى تلاوة السلام عليك ، بعد كل الحرب التي خلفناها سويا في صدري ..؟

الأشياءُ الجَميلة فِي الحَيَاة هِي ..
المُوسيقىَ ،
الحَلوَى ،
القِراءَة ،
الحَلوىَ أيضاً ،
وَ القيادَة بسُرعَةِ جُنونيّة فِي شارعٍ خالٍ بعدَ مُنتصَف الليّلِ ..
أمّا أنتِي ..!
وَ مَطالِبكِ المُملّة ، التِي لَا تنتهِي ..
وَ قوانينُكِ الغبيّة ،
وَ حُبّكِ السّاذج الذيْ تسلّب حرّيتي تحت لِوائِه ..
جميعُها أشياءٌ حَمقاءْ !
وَ أحلامٌ وَاهِية .. أضعتُ عُمرِي ..
وَ أنَا أصدّق أهَميَتهَا !

لَم يسبق لِي وَ أن كَتبت شيئاً سَعيداً ،
كُل مَا أكتبُه كَان مثقلاً حزناً وَ أسىً ..
جَميع مِسوداتِي وَ أوراقِي تحمِل عَلى متونِها كَمَداً وَ دموعاً وَ جراحاً نازِفة ..
،
لقد عِشت عُمراً أخاف مِن إطلاقِ الوعود فِيه ،
أهاب الإعتراف !
وَ يصيبني الذعرَ عِند حَاجتي للحَديثِ عَن مَشاعري ..
لقد أمضيت عقداً مِن العمرِ أتوارَى مَشاعِر مستعارة ، وَ إسمٍ غير حَقيقي ..
حَتى أصبحت رَجلاً ممِلاً وَ كَئيباً لَا يشبهني !
،
عِندما اقتحمتِ حَياتِي لَم يكن لَدي أية احتمالات ، أية فرصة ، أية طاقة ..
كنت أتمَنى الخلاصَ ، وَ الطمَأنينة فقط ..
مَعكِ أصبحتُ شخصَاً جديداً .
لقد بعثت إلَى الحَيَاة مِن جديد ، وكأنني ولدت مجدَداً ..
لقد صنعتِ مِني رَجلاً سَعيداً ، رَائعاً ، مَليئاً بالحياة وَ الأشياء الجميلة ،
لقد أصبحت مَوسوماً بسعَادة لا تفسرها المَعاجم وَلا الكتب وَلا تستطيع أبجديةً وَصفها .
معك أزهر الربيع في قفار روحي ..
وَأينعت كروم العنب .. وحل الربيع في صدري فأثمَرت جنائنه ..
لقد حَولتِ قفصِي الصدريّ المتصدعُ الخاوِي إلى بستانٍ زاهٍ ،
يعدو فِيه طِفلاً صغيراً حاملاً أمانٍ وأحلامٍ كَبيرة بعدَ أن كان بائساً وتعيساً .
،
إنني لَا أبالغ أبداً عِندماً أقولُ أنكِ المَرأة الوَحيدَة التي أربَكني حضورها ..
الوحيدة التي حَثت قلبي عَلى النبضِ .. وَ كأنه خلقَ كبيراً ليحبكِ أكثر !
مَن كَان يظن أن تلكَ الخرَابة سَتعود عَامرةً بالحياة ؟
لَم يخطر فِي بالِ أحَد أن نبضَ قلبي الوَئيد سَيتحول لصخبٍ ،
وَيضخ قهقهاتٍ تحمِل مِن الطمأنينة وَ الأمَان الكثير ..
مَن كَان يعتقد أن ذاك الرجلُ المصَاب بفوبيا الإعتراف ذو القلب المحطم ،
سَيعود لساحة الحياة وخوضِ غمارها مجدداً بقلبٍ شجاع ؟

أنا حَتى لَم أكُن أحلُم بهَذا ..

حَتى أتيتِ فوهبتيني مَفاتيح جميعَ الأبوابِ الموصَدَة .. وَحطمت الخابية ..
تلكَ التِي كَلّ مِن حَملِها كهلي ،
فكنتِ ترياقاً للوَصبِ الذي استوطَنَ أعمَاقي ..
،
إنني حَقاً ممتنٌّ للأقدَار التيّ جَعلتني أعَيش لأراكِ أول مرة !
لِيخلب عَقلي وَ يَختل توازنيّ وَ أسقط بسَعادة وَ حبور فِي قلبك لأرى النجوم والكواكب ..
ممتنٌ يا سَلمَى لِلحب الذي مَنحتِني إيّاه !
الذي توغلَ إلَى أنسِجتي وَ أوردَتي .. إلَى أعمَاقي السحِيقة ..
مَعكِ تبرَأت مِن الوَجعِ الذي ظلّ يعاقِر تفاصيلي ،
،
إنني الآن مؤمنٌ تماماً أن العِشق لَيسَ الوقوع فِي الحب ..
فلَيسَ للحب وقوع ..
العِشق هوَ إيجادُ عينيكِ مِن جَديد !