منتديات مسك الغلا

 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-27-17, 02:17 AM   #13
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





مصعب بن عمير رضي الله عنه


مصعب بن عمير أول سفراء الإسلام { لقد رأيت مُصعبا هذا وما بمكة فتى أنْعَمُ عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حُبّا لله ورسوله} حديث شريف...

غُرّة فتيان قريش وأوفاهم بهاءً وجمالا وشباباً، كان مصعب بن عمير أعطر أهل مكة لم يظفر بالتدليل مثله أي فتى من قريش، فكان المدَلّل المُنَعّم أو كما يصفه المسلمين مصعب الخير، والى جانب أناقة مظهره كان زينة المجالس والندوات على الرغم من حداثة سنه، سمع بالنبي الجديد ومن تبعه من المسلمين، وعَلِم باجتماعهم في دار الأرقم فلم يتردد وسارع ليسمع الآيات تتلى والرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالمسلمين فكان له مع الإسلام موعدا، فبسط يده مبايعا، ولامست اليد اليمنى لرسول الله صدره المتوهّج فنزلت السكينة عليه وبدا وكأنه يملك من الحكمة مايفوق عمره.

أمه كانت أم مصعب (خُنَاس بنت مالك) تتمتع بقوة فذة في شخصيتها وكانت تُهاب الى حد الرهبة، وحين أسلم مصعب خاف أمه وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمراً، ولكن أبصره (عثمان بن طلحة) وهو يدخل الى دار الأرقم ثم مرة ثانية وهو يصلي صلاة محمد، فأسرع عثمان الى أم مصعب ينقل لها النبأ الذي أفقدها صوابها، ووقف مصعب أمام أمه وعشيرته وأشراف مكة المجتمعين يتلو عليهم القرآن الذي يطهر القلوب، فهمَّت أمه أن تُسْكِتُه بلطمة ولكنها لم تفعل، وإنما حبسته في أحد أركان دارها وأحكمت عليه الغلق، حتى عَلِم أن هناك من المسلمين من يخرج الى الحبشة، فاحتال على أمه ومضى الى الحبشة.
وعاد الى مكة ثم هاجر الهجرة الثانية الى الحبشة.
ولقد منعته أمه حين يئست من رِدَّته كل ما كانت تفيض عليه من النعم وحاولت حبسه مرة ثانية بعد رجوعه من الحبشة، فآلى على نفسه لئن فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه، وإنها لتعلم صدق عزمه فودعته باكية مصرّة على الكفر، وودعها باكيا مصرّا على الإيمان، فقالت له: { اذهب لشأنك، لم أعد لك أما }.
فاقترب منها وقال: { يا أمَّه، إني لكِ ناصح وعليك شفوق، فاشهدي أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله }.
أجابته غاضبة: { قسماً بالثّواقب لا أدخل في دينك فَيُزْرى برأيي ويضعف عقلي }.
تَرْك نعيم الدنيا وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الفاقة، وأصبح الفتى المُعَطّر المتأنق لا يُرى إلا مرتديا أخشن الثياب، يأكل يوما ويجوع أيام، وقد بصره بعض الصحابة يرتدي جلبابا مرقعا باليا، فحنوا رءوسهم وذرفت عيونهم دمعا شجيا، ورآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتألقت على شفتيه ابتسامة جليلة وقال: { لقد رأيت مُصعبا هذا وما بمكة فتى أنْعَمُ عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حُبّا لله ورسوله }.


أول سفير :

اختار الرسول -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير ليكون سفيره الى المدينة، يفقه الأنصار ويعلمهم دينهم، ويدعو الجميع الى الإسلام، ويهيأ المدينة ليوم الهجرة العظيم، مع أنه كان هناك من يكبره سنا وأقرب للرسول منه، وحمل مصعب -رضي الله عنه- الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من عقل راجح وخلق كريم، فنجح بمهمته ودخل أهل المدينة بالإسلام، واستجابوا لله ولرسوله، وعاد الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في موسم الحج التالي لبيعة العقبة الأولىعلى رأس وفد عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة، بايعوا الرسول الكريم ببيعة العقبة الثانية.
إسلام سادة المدينة فقد أقام مصعب بن عمير في المدينة في منزل (أسعد بن زرارة) ونهضا معا يغشيان القبائل والمجالس، تاليا على الناس ما معه من كتاب الله، وتعرض لبعض المواقف التي كان من الممكن أن تودي به لولا فطنة عقله وعظمة روحه، فقد فاجأه يوما (أُسَيْد بن حضير) سيد بني عبد الأشهل بالمدينة شاهِراً حربته، يتوهج غضبا على الذي جاء يفتن قومه عن دينهم، وقال (أُسَيْد) لمصعب وأسعد بن زرارة: { ما جاء بكما إلى حَيِّنَا تُسَفِّهان ضعفائنا ؟.
اعتزلانا إذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة }.
وبمنتهى الهـدوء تحرك لسان مصعب الخيـر بالحديث الطيب فقال: { أولا تجلس فتستمـع ؟ فإن رضيت أمْرنا قَبِلته، وإن كرهته كَفَفْنا عنك ما تكره }.
وكان أُسَيْد رجلا أريبا عاقلا، هنالك أجاب أسَيْد: { أنصَفْت }.
وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي، ولم يكد مصعب يقرأ القرآن ويفسر الدعوة حتى أخذت أسارير (أُسَيْـد) تشرق، ولم يكد ينتهي مصعـب حتى هتف أسَيْـد: { ما أحسن هذا القول وأصدقـه، كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين ؟}.
وأجابوه بتهليلـة رجت الأرض رجّـاً ثم قال له مصعب: { يطهر ثوبه وبدنه، ويشهد أن لا إله إلا الله }.
فأسلم أُسَيْد وسرى الخبر كالضوء، وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع وأسلم، ثم تلاه سعد بن عبادة وأسلم، وأقبل أهل المدينة يتساءلون: إذا أسلم ساداتهم جميعا ففيم التخلَّف ؟.
هيا الى مصعب فلنؤمن معه فإن الحق يخرج من بين ثناياه.


غزوة أحد

وفي غزوة أحد يُحتدم القتال، ويخالف الرماة أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويغادرون مواقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منهزمين، لكن عملهم هذا حول النصر الى هزيمة، ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاهم من أعلى الجبل، ومزقت الفوضى والذعر صفوف المسلمين، فركَّز المشركون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريدون أن ينالوا منه، وأدرك مصعب بن عمير ذلك، فحمل اللواء عاليا، وكبَّر ومضى يصول ويجول، وكل همِّه أن يشغل المشركين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الشهادة حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب، فأقبل ابن قميئة وهو فارس، فضربه على يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل }.
وأخذ اللواء بيده اليسرى وحَنَا عليه، فضرب يده اليسرى فقطعها، فَحَنَا على اللواء وضَمَّه بعَضُدَيْه الى صدره وهو يقول: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل }.
ثم حمَلَ عليه الثالثة بالرُّمح فأَنْفَذه وانْدَقَّ الرُّمح، ووقع مصعب وسقط اللواء، واستشهد مصعب الخير.


وداع الشهيد :

وبعد انتهاء المعركة جاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهدائها.
يقول خبّاب بن الأرَتّ: { هاجرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في سبيل الله، نبتغي وَجْه الله، فوجب أجْرَنا على الله، فمنا من مضى ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا، منهم مصعب بن عمير قُتِلَ يوم أُحُد، فلم يُوجد له شيء يكفن فيه إلا نَمِرَة، فكنا إذا وضعناها على رأسه تَعَرَّت رجلاه، وإذا وضعناها على رِجْلَيْه برزت رأسه، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اجْعَلوها مما يلي رَأْسَه، واجعلوا على رجليه من نبات الإذْخِر }.
وقد مثّل المشركون بجثمانه تمثيلا أفاض دموع الرسول عليه السلام وأوجع فؤاده، وقال وهو يقف عنده: { من المؤمنين رجال صَدَقوا ما عاهدوا الله عليه }.
ثم ألقى بأسـى نظرة على بردته التي كُفِّن فيها وقال: { لقد رأيت بمكـة وما بها أرق حُلَّة ولا أحسن لِمَّة منك، ثم هأنتـذا شَعِث الرأس في بُرْدَة }.
وهتف الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق مصعب وقال: { إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة }.
ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال: { أيها الناس زوروهم، وأتوهم وسلِّموا عليهم، فوالذي نفسي بيده لا يُسلم عليهم مُسَلِّم الى يوم القيامة، إلا ردّوا عليه السلام }.



 


قديم 02-27-17, 02:22 AM   #14
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





لبيد بن ربيعة رضي الله عنه


لبيد بن ربيعة رضي الله عنه أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: { ألا كل ما خلا الله باطل } حديث شريف.
لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك الكِلابيّ، كان فارساً شجاعاً، شاعراً من فحول الشعراء، قال الشعر في الجاهلية دهراً، وقلّ في الإسلام.
أسلم وحسن إسلامه، فرجع الى قومه، ثم نزل الكوفة حتى مات فيها.
أصدق الشعر روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: { أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد، ألا كل ما خلا الله باطل }.
والشطر الثاني: وكل نعيم لا محالة زائل - إلا نعيم الجنة.


من شعره من قوله في الإسلام:

ما عاتَبَ المَرْءَ اللبيبَ كنفسِهِ = والمَرْءُ يُصْلِحُهُ الجَليسُ الصالِحُ


ومن قوله أيضاً:

الحمدُ لله إذْ لم يأتني أجلي = حتى لبستُ مِنَ الإسلامِ سِرْبالاَ

ولمّا اشتدّ الجَدْبُ على مضر بدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفد عليه وفد قيس وفيهم لبيد فأنشد.

أتَيْناكَ يا خيرَ البريّة كلِّها = لترحمنا ممّا لقينا من الأزْلِ
أتيناكَ والعَذراء تدمَى لبَانُها = وقد ذهَلَت أمُّ الصبيّ عن الطفلِ
فإِنْ تَدْعُ بالسقيـا وبالعفو ترسل = السماءُ لنا والأمرُ يبقى على الأصلِ
وألقَى تكنّيه الشجاعُ استكانـةً = من الجوعِ صمتاً لا يمرُّ ولا يُحلي


قال له عمر بن الخطاب يوماً: { يا أبا عقيل، أنشدني شيئاً من شعرك }.
فقال: { ما كنت لأقول شعراً بعد أن علّمني الله البقرة وآل عمران }.ئ
فزاده عمر في عطائه خمسمائة، وكان ألفين.
وفاته مات في سنة إحـدى وأربعيـن وكان قد عُمّر، وعلى الأرجح عاش مائـة وخمساً وأربعيـن سنة، منها خمس وخمسـون في الإسـلام، وتسعـون في الجاهلية.



 


قديم 02-27-17, 02:26 AM   #15
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





كعب بن مالك رضي الله عنه


كعب بن مالك رضي الله عنه (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك) حديث شريف.
قال كعب بن مالك -رضي الله عنه- يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك.

تخلفه عن بدر

لم أتخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة غزاها قط الا غزاة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنها، وانما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة حين تواثقنا على الاسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وان كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر.


حاله في تبوك

وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزاة.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلما يريد غزوة يغزوها الا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم، فأخبرهم وجهه الذي يريد، والمسلمون مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ (الديوان).
قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب الا ظن أن ذلك سيخفى عليه، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل.
تباطؤه في التجهيز وغزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الغزاة حين طابت الثمار والظلال، وأنا والله أصعر (أميل للبقاء)، فتجهز اليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون معه، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا، فأقول لنفسي: أنا قادر على ذلك ان أردت ! فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس بالجد، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غاديا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، وقلت: أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه !
فغدوت بعدما فصلوا (خرجوا) لأتجهز فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو (فات وقته)، فهممت أن ارتحل فألحقهم، وليت اني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت اذا خرجت في الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزنني أني لا أرى الا رجلا مغموصا (متهما) في النفاق، أو رجلا ممن عذره الله عز وجل.
الرسول يسأل عنه ولم يذكرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: { ما فعل كعب بن مالك ؟!}.
فقال رجل من بني سلمة: { حبسه يا رسول الله براده والنظر في عطفيه }.
فقال معاذ بن جبل: { بئسما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الا خيرا }.
فسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
عودة الرسل من تبوك قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: { بماذا أخرج من سخطه غدا ؟!}.
وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أظل قادما زاح عني الباطل، عرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا، فأجمعت صدقه.
صدقه مع الرسول فأصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون، فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فيقبل منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علانيتهم، ويستغفر لهم، ويكل سرائرهم الى الله تعالى، حتى جئت، فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب، ثم قال لي: { تعال !}.
فجئت أمشي حتى جلست بين يديه،فقال لي: { ما خلفك ! ألم تكن قد اشتريت ظهرا ؟!}.
فقلت: { يا رسول الله، اني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك اليوم بحديث تجد علي فيه اني لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجل ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك }.
قال: فقال الرسـول -صلى اللـه عليـه وسلم-: { أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك }.
فقمت وقام الي رجال من بني سلمة وأتبعوني فقالوا لي: { والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما اعتذر به المتخلفون، فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك }.
قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، قال: ثم قلت لهم: { هل لقي هذا معي أحد ؟}.
قالوا: { نعم، لقيه معك رجلان، قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك }.
فقلت: { فمن هما ؟}.
قالوا: { مرارة بن الربيع العامري، وهلال بن أمية الواقفي }.
فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، لي فيهما أسوة.
قال: فمضيت حين ذكروهما لي.
النهي عن كلامه قال: ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي كنت أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشد القوم وأجلدهم: فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد، وآتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم، وأقول في نفسي أحرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟!
ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر، فاذا أقبلت على صلاتي نظر الي فاذا التفت نحوه أعرض عني حتى اذا طال علي ذلك من هجر المسلمين، مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس الي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام فقلت له: { يا أبا قتادة، أنشدك الله، هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟}.
قال: فسكت.
قال: فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته فسكت.
فقال: { الله ورسوله أعلم }.
قال: ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينما أنا أمشي بسوق المدينة اذا أنا بنبطي من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: { من يدل على كعب بن مالك ؟}.
قال: فطفق الناس يشيرون له الي، حتى جاء فدفع الي كتابا من ملك غسـان فاذا فيه: { أما بعد، فقد بلغنا أن صاحبـك قد جفاك، وأن اللـه لم يجعلك في دار هوان ولا مضيعـة، فالحق بنا نواسك }.
قال: فقلت حين قرأته وهذا أيضا من البلاء.
قال: { فيممت به التنور فسجرته به أحرقته فيه}.
الأمر بالاعتزال حتى اذا ما مضت أربعون ليلة من الخمسين، اذا برسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتيني يقول: { يأمرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تعتزل امرأتك }.
قال: فقلت: { أطلقها أم ماذا أفعل ؟}.
فقال: { بل اعتزلها ولا تقرنها }.
قال: وأرسل الى صاحبي بمثل ذلك.
قال: فلبثنا عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا.
قال: ثم صليت صلاة الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا: قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته: { أبشر يا كعب بن مالك }.
قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل بالتوبة علينا.
فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض الي رجل فرسا، وسعى ساع من "أسلم" وأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جائني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما اياه ببشارته، والله ما أملك يومئذ غيرهما.
البشارة والفرج واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أؤم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله، يقولون: { ليهنك توبة الله عليك }.
حتى اذا دخلت المسجد، فاذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد والناس حوله، فقام الي طلحة بن عبدالله يهرول حتى صافحني وهنأنـي، فلما سلمت على رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- قال وهو يبرق وجهه من السرور: { أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك }.
قال: قلت: { أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله ؟}.
قال: { لا، من عند الله }.
قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، حتى يعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: { يا رسول الله، ان من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة الى الله والى رسوله}.
قال: { أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك }.
قال: فقلت: { فاني أمسك سهمي الذي بخيبر }.
وقلت: { يا رسول الله انما نجاني الله بالصدق، وان من توبتي ألا أحدث الا صدقا ما بقيت }.
قال: { فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن مما أبلاني الله تعالى، ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى يومي هذا، واني لأرجو أن يحفظني الله عز وجل فيما بقى }.
وأنزل الله تعالى: (( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) * (( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) * (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) [التوبة:177-119].




 


قديم 02-27-17, 02:28 AM   #16
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي






قيس بن عاصم رضي الله عنه


قيس بن عاصم رضي الله عنه { هذا سيد أهل الوبر } حديث شريف.

قيس بن عاصم بن سنان المنقريّ التميميّ، صحابي سيّد كريم حليم وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع في وفد بني تميـم....

فقال عنه: { هذا سيد أهل الوبر }.

عيّنه النبي الكريم على صدقات مُقاعس وبطون أسد وغطفان، وتحوّل الى البصرة حيث مات.
إسلامه عندما أسلم قيس بن عاصم أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإغتسال بماءٍ وسدْرٍ، فاغتسل، فأقيمت الصلاة، فدخل بين أبي بكر و عمر فقام بينهما، فلما قضى الصلاة قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: {لقد سألني قيس عن ثلاث كلمات ما سألني عنها غيرُ أبي بكر }.
خُلُقُه كان قيس بن عاصم حليماً يُقتدى به، فقد قيل للأحنف: { ممن تعلمت الحِلْم ؟}.
قال: { من قيس بن عاصم !! رأيته يوماً محتبياً فأتي برجلٍ مكتوف وآخر مقتول، فقيل: هذا ابن أخيك، قتل ابنك }.
فالتفت الى ابن أخيه فقال: { يا ابن أخي ! بئسَمَا فعلت، أثمت بربّك، وقطعت رَحِمَك، ورميت نفسك بسهمك }.
ثم قال لابن له آخر: { قُمْ يا بني فوارِ أخاك، وحُلَّ كتاف ابن عمّك، وسُقْ إلى أمّهِ مائةَ ناقة ديَة ابنها، فإنها غريبة }.
قال له أبو بكر: { صِفْ لنا نفسك }.
فقال: { أما في الجاهلية فما هممتُ بملامة، ولا حُمْتُ على تهمةٍ، ولم أُرَ إلا في خيلٍ مغيرةٍ أو نادي عشيرة، أو حامي جريرة، أمّا في الإسلام فقد قال الله تعالى: { فلا تُزكّوا أنفسكم }}.
فأعجب أبو بكر.
المال قال قيس بن عاصم للرسول -صلى الله عليه وسلم-: { يا رسول الله ! المالُ الذي لا تبعة عليّ فيه ؟}.
قال: { نِعْم المال الأربعون، وإن كثر فستون، ويلٌ لأصحاب المئيـن إلا من أدى حقّ اللـه في رِسْلِها ونَجْدتها، وأطـرق فحلَها، وأفقـر ظهرها، ومنـح غزيرتها، ونحرَ سمينتها، وأطعم القانع والمعتر }.
فقال قيـس: { يا رسـول الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها }.
قال: { يا قيـس أمالك أحب إليك أم مال مواليـك ؟}.
قال: { بل مالي }.
قال: { فإنما لك من مالك ما أكلتَ فأفنيتَ أو لبست فأبليتَ أو أعطيت فأمضيتَ وما بقي فلورثتكَ }.
فقال: { يا رسول الله ! لئن بقيتُ لأدعنّ عددها قليلاً }.
الوأد كان قيس بن عاصم أول من وأد بالجاهلية، وقد قال له أبو بكر: { ما حملك على أن وأدت ؟}.
فقال: { خشيت أن يخلف عليهنّ غيرُ كُفْوءٍ }.
وقد جاء قيس بن عاصم الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: { إني وأدت ثماني بنات في الجاهلية }.
وفي رواية أخرى اثنتي عشرة.
فقال له الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-: { اعتق عن كل واحدة منهن رقبة }.
وقال: { إني صاحـب إبل }.
قال: { اهدِ إن شئـتَ عن كل واحدة منهن بدنة }.
وكان لقيس ثلاث وثلاثون ولداً.
تحريم الخمر حرّم قيس بن عاصم على نفسه الخمر في الجاهلية، وكان سبب ذلك أنه غمز عكثة ابنته وهو سكران، وسبّ أبويها، وأعطى الخُمّار كثيراً من ماله، فلمّا أفاق أخبر بذلك، فحرّمها على نفسه وقال في ذلك: {.
رأيت الخمـر صالحةً وفيها.
00خصال تفسد الرجلَ الحليمـا فلا واللـه أشربها صحيحاً.
ولا أشفى بها أبـداً سقيمَـا ولا أعطـي بها ثمناً حياتي.
ولا أدعـو لها أبـداً نديمَـا فإن الخمرَ تفضـح شاربيها.
وتجنيـهم الأمـر العظيمَـا الوصايا لمّا حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال: يا بنيّ احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني، إذا أنا مت فسوِّدوا كبارَكم، ولا تُسَوِّدوا صغارَكم، فتُسَفِّه الناس كبارَكم، وتهونوا عليهم، وعليكم بإصلاح المال، فإنه منبهة للكريم، ويستغني به عن اللئيم، وإياكم ومسألة الناس، فإنها آخر كسب المرء ولا تقيموا عليّ نائحةً فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النائحة }.
الوفاة ونزل قيس البصرة ومات فيها، ولمّا مات رثاه عَبْدة بن الطبيب بقوله: { عليكَ سلامُ الله قيسَ بن عاصمٍ ورحمتُهُ ما شاءَ أن يترحّما وما كان قيسٌ هُلْكه هُلْكُ واحدٍ، ولكنّـه بُنيانُ قومٍ تهدّمـا }...



 


قديم 02-27-17, 02:31 AM   #17
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي






قيس بن سعد رضي الله عنه


قيس بن سعد بن عبادة أدهى العرب { لولا الاسلام أن الجود شيمة أهل هذا البيت } حديث شريف.

إنه الأنصاري الخزرجي ابن سعد بن عبادة زعيم الخزرج، حين أسلم والده أخذ بيده الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلا: { هذا خادمك يا رسول الله }.
رأى الرسول صلى الله عليه وسلم- فيه سمات التفوق والصلاح، فأدناه منه حتى أصبح بمكان صاحب....

الشرطة من الأمير.

كما قال أنس -رضي الله عنه-، وكان يعامله الأنصار على حداثة سنه كزعيم ويقولون: { لو استطعنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا لفعلنا }.
فلم ينقصه شيء من الزعامة سوى اللحية، فقد كان أجرد.
دهاء قيس لقد كان قيس بن سعد ذكيا، يعامل الناس بفطنة، لذا كان أهل المدينة يحسبون لدهائه ألف حساب، ولكن بعد اسلامه أخذ يعامل الناس باخلاصه لا دهائه ولم يعد ينسج المناورات القاتلة، وعندما يتذكر ماضيه يضحك قائلا: { لولا الاسلام، لمكرت مكرا لا تطيقه العرب }.
جوده وكرمه وكان الشيء الوحيد الذي يفوق ذكاءه هو كرمه وجوده، فهو من بيت جود وكرم، وكان لأسرته مناد يقف فوق مرتفع لهم ينادي الضيفان الى طعامهم نهارا، أو يوقد النار لتهدي الغريب ليلا، وكان الناس يقولون: { من أحب الشحم، واللحم، فليأت أطم دليم بن حارثة }.
ودليم هو الجد الثاني لقيس، ويقول أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-: { لو تركنا هذا الفتى لسخائه، لأهلك مال أبيه }.
فلما سمعهما والده سعد صاح قائلا: { من يعذرني من أبي قحافة وابن الخطاب، يبخلان علي ابني }.
كما كان قيس اذا جاءه من يرد له دينه يقول: { انا لا نعود في شيء أعطيناه }.
شجاعته تألقت شجاعة قيس -رضي الله عنه- في جميع المشاهد التي صاحب فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو حي، شجاعة نابعة من الصدق مع النفس والاخلاص للحق، تألقت حتى بعد رحيل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحين حدث الخلاف بين علي و معاوية بحث قيس -رضي الله عنه- عن الحق مع نفسه حتى وجده مصاحبا لعلي -رضي الله عنه-، فنهض الى جانبه قويا شامخا، فقد تألق في معارك صفين، والجمل، والنهروان، وكان يحمل لواء الأنصار ويصيح قائلا هذا اللواء الذي كنا نحف به.
مع النبي، وجبريل لنا مدد ما ضر من كانت الأنصار عيبته، ألا يكون له من غيرهم أحد وقد ولاه علي حكم مصر، وكانت عين معاوية عليها دوما، فأخذ معاوية يدس الحيل عند علي ضد قيس، حتى استدعاه الأمير، فادرك قيس بذكائه حيلة معاوية ضده، فلم يكترث لعزله من الولاية، وانما زاد ولاء لعلي -كرم الله وجهه-.

وبعد استشهاد علي -رضي الله عنه- بايع قيس الحسن -رضي الله عنه- مقتنعا بأنه الوارث الشرعي للامامة، وحينما حملوا السيوف أمام معاوية يقود قيس خمسة آلاف ممن حلقوا رءوسهم حدادا على علي، ولكن يؤثر الحسن أن يحقن دماء المسلمين، فيبايع معاوية -رضي الله عنه-، وهنا يجد قيس -رضي الله عنه- نفسه أمام جيشه الذي من حقه الشورى في مبايعة معاوية أو الاستمرار في القتال، فاختاروا المبايعة.
موته وفي عام تسع وخمسين للهجرة مات الداهية في المدينة المنورة، بعد أن روض الاسلام دهاءه، مات الرجل الذي يقول: { لولا سمعت الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: المكر والخديعة في النار، لكنت من أمكر هذه الأمة}.



 


قديم 02-27-17, 02:34 AM   #18
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





عمير بن وهب رضي الله عنه


عمير بن وهب رضي الله عنه { والذي نفسي بيده لخنزير كان أحبَّ إليَّ من عمير حين طلع علينا }.
ولهو اليوم أحبُّ إلي من بعض ولدي عمر بن الخطاب عمير بن وهب الجُمَحي كان يلقبه أهل مكة بشيطان قريش، وبعد إسلامه أصبح حواريّ باسل من حواريِّ الإسلام ولاءه الدائم للرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين.


يوم بدر

وفي يوم بدر كان واحدا من قادة المشركين الذين حملوا سيوفهم ليجهزوا على الإسلام، كان حديد البصر محكم التقدير، ندبه فومه ليستطلع لهم عدد المسلميـن، وإذا كان من ورائهم كميـن أو مـدد، فعاد من معسكـر المسلميـن قائلا لقومه: { إنهم ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون }.
وسألوه: { هل وراءهم أمداد لهم }.
فقال: { لم أجد وراءهم شيئا، ولكن يا معشر قريش رأيت المطايا تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم مَنَعة ولا ملجـأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجـل منهم حتى يقتل رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم، فما خير العيش بعد ذلك ؟ فانظروا رأيكم }.
وتأثر الرجال بقوله وكادوا يعودون الى مكة، لولا أبو جهل الذي أضرم نار الحقد في نفوسهم فكان هو أول قتلاها.
وعادت قريش مهزومة، كما خلّف عمير وراءه ابنه في الأسر.
المؤامرة وذات يوم جلس عمير بن وهب مع ابن عمه صفوان بن أمية، وكان حقد صفوان على المسلمين كبيرا فقد قتل أباه أمية بن خلف في بدر،فقال صفوان وهو يتذكر قتلى بدر: { والله ما في العيش بعدهم خير }.
فقال له عمير: { صدقت، ووالله لولا دَيْن عليّ لا أملك قضاءه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت الى محمد حتى أقتله، فإن لي عنده عِلّة أعتَلّ بها عليه: أقول قدمت من أجل ابني هذا الأسير }.
فاغتنمها صفوان وقال: { عليّ دَيْنك، أنا أقضيه عنك، وعيالُك مع عيالي أواسيهم ما بقوا }.
فقال له عمير: { إذن فاكتم شأني وشأنك }.
ثم أمر عمير بسيفه فشُحذ له وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة.
قدوم المدينة وبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، إذ نظر عمر فرأى عمير بن وهب قد أناخ راحلته على باب المسجد متوشحا سيفه، فقال: { هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشر، فهو الذي حرّش بيننا وحَزَرنا للقوم يوم بدر }.
ثم دخل عمر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: { يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء مُتَوشحا سيفه }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { أدخله علي }.
فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عُنُقه، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: { ادخلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون }.


إسلامه

ودخل به عمر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بحمالة سيفه في عُنقه، فلما رآه الرسول قال: { دعه يا عمر، ادْنُ يا عمير }.
فدنا عمير وقال: { انعموا صباحا }.
وهي تحية الجاهلية.
فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة }.
فقال عمير: { أما والله يا محمد إن كُنتُ بها لَحديث عهد }.
قال الرسول: { فما جاء بك يا عمير ؟}.
قال: { جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم }.
قال النبي: { فما بال السيف في عُنُقك ؟}.
قال عمير: { قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنت عنّا شيئا ؟!}.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { أصدقني يا عمير، ما الذي جئت له ؟}.
قال: { ما جئت إلا لذلك }.
قال الرسول الكريم: { بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دَيْن علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمّل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك }.
وعندئذ صاح عمير: { أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، هذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله ما أنبأك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام }.
فقال الرسول لأصحابه: { فَقِّهوا أخاكم في الدين وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره }.
النبأ المنتظر ومنذ غادر عمير بن وهب مكة الى المدينة راح صفوان ينتظر وهو فرحا مختالا، وكلما سئل عن سبب فرحه يقول: { أبشروا بوقعة يأتيكم نبأها بعد أيام تُنسيكم بدر }.
وكان يخرج كل صباح الى مشارف مكة ويسأل القوافل والركبان: { ألم يحدث بالمدينة أمر ؟}.
حتى لقي مسافر أجابه: { بلى حدث أمر عظيم }.
وتهلَّلت أسارير صفوان وعاد يسأل الرجل: { ماذا حدث اقصص علي ؟}.
فأجابه الرجل: { لقد أسلم عمير بن وهب، وهو هناك يتفقه في الدين ويتعلم القرآن }.
ودارت الأرض بصفوان وأصبح حُطاما بهذا النبأ العظيم.
العودة الى مكة أقبل عمير على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم وقال: { يا رسول الله، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وإني لأحب أن تأذن لي فأقدُم مكة فأدعوهم الى الله تعالى، والى رسوله والى الإسلام، لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم }.
وبالفعل عاد عمير -رضي الله عنه- الى مكة وأول من لقيه كان صفوان بن أمية، وما كاد يراه حتى هم بمهاجمته، ولكن السيف المتحفز في يد عمير ردَّه الى صوابه، فاكتفى بأن ألقى على سمع عمير بعض شتائمه ومضى في سبيله، ودخل عمير مكة مسلما في روعة صورة عمر بن الخطاب يوم إسلامه، وهكذا راح يعوض ما فاته، فيبشر بالإسلام ليلا نهارا، علانية وجهرا، يدعو الى العدل والإحسان والخير، وفي يمينه سيفه يُرهب به قطاع الطرق الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به، وفي بضعة أسابيع كان عدد الذين أسلموا على يد عمير يفوق عددهم كل تقدير، وخرج بهم عمير -رضي الله عنه- الى المدينة بموكب مُهلل مُكبر.
فتح مكة وفي يوم الفتح العظيم، لم ينس عمير صاحبه وقريبه صفوان، فراح إليه يُناشده الإسلام ويدعوه إليه، بيد أن صفوان شدّ رحاله صوب جدّة ليبحر منها الى اليمن، فذهب عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له: { يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر، فأمِّـنه صلى الله عليك }.
فقال النبي: { هو آمن }.
قال: { يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك }.
فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامته التي دخل فيها مكة.
فخرج بها عمير حتى أدرك صفوان فقال: { يا صفوان فِداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تُهلكها، هذا أمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به }.
قال له صفوان: { وَيْحَك، اغْرُب عني فلا تكلمني }.
قال: { أيْ صفوان فداك أبي وأمي، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضـل الناس وأبـر الناس، وأحلـم الناس وخيـر الناس، عِزَّه عِزَّك، وشَرَفه شَرَفـك }.
قال: { إنـي أخاف على نفسـي }.
قال: { هو أحلم من ذاك وأكرم }.
فرجع معه حتى وقف به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال صفوان للنبي الكريم: { إن هذا يزعم أنك قـد أمَّـنْتَنـي }.
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: { صـدق }.
قال صفـوان: { فاجعلني فيها بالخيار شهريـن }.
فقـال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { أنت بالخيار فيه أربعة أشهر }.
وفيما بعد أسلم صفوان، وسَعِدَ عمير بإسلامه أيما سعادة.



 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع : أعظم سير لأعظم أصحاب ...!!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قائمة مجلة "فورتشن" لأعظم 50 قائداً عالمياً ليست عادلة وتفتقد للنظرة الشاملة صدام فكراوي قسم الحوار والنقاش الجاد •• 3 04-22-15 12:09 PM
أعظم العبادات شموخ المجد مواضيع إسلاميه - فقه - أقوال ( نفحات ايمانيه ) •• 10 12-25-14 01:50 PM
مسجات للشاعر بدر بن عبد المحسن , مسجات جديده , مسجات 2010 مها قسم الوسائط والبرودكاست •• 6 11-13-11 02:33 AM


| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 11:13 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا