منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


تم تحديث قوانين المنتدى بما يتناسب مع تقدم المنتدى ، للإطلاع إنقر على هذا الشريط :: تنويه ::

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-25-18, 01:35 PM   #1
شَغَف

الصورة الرمزية شَغَف

آخر زيارة »  05-09-24 (01:01 PM)
الهوايه »  الكتابه&القراءة
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي شتّان بين طفولةٍ وأُخرى



اشتقت لرؤية الطبيعة كثيراً ، أصابني الحنين لصوتها ، لرائحتها ، وللونها الخلاب ، فخرجت من منزلي أبحثُ عنها ، حيثُ لا طبيعة خلّابه كانت تقطن الشوارع ، مبانٍ مُتهالكة عن يميني وشمالي تحجُبُ عني أشعة الشمس ، كومةٌ من أكياس متناثرة هنا وهناك ، وطفلٌ في الحادية عشرَ من عمره يترجّل من سيارة والده بهدوء بعد أن رَكَنها بجانب المنزل ، ليَفتح الباب بهدوء أيضاً ويَهِم بالدخول .

لم يكن هناك طبيعة ! ! ، حتى تلك البيئة الخصبة التي تعج بأرواح الأطفال لم أَرَها ، لَم أَرَ تلك الروح وهي تنتفِض معلنةً عن وجودها ، عن حضورها ، فتلعب وتلهوا كما عهدناها دوماً ، كل ما رأيته فتاةٌ في الثانية عشرَ من عمرها ترتدي فستاناً أنيقاً قصيراً ، ترفع شعرها بطريقةِ شابة بالعشرين من عمرها ، كانت قد وَضَعَت على وجهها كل ما يمكن وضعه من مساحيق تجميلٍ اتسع لها وجهها الصغير ، تجلس بعتبة منزلها وبيدها طلاء أظافِر فتُسَخِّر جُلَّ تركيزها عليه حتى لا يحيد الطلاء عن منطقة الظفر الذي بدا لي أنه يفوق أظافر القطط طولاً .

وأُخرى هُناك تجلِسُ مُسلِّطَةً جُل تركيزها على شيءٍ ما كانت تحمله بيدها ، تضحك تارة ، وتعبُس تارةً أخرى ، وتتحدّث معه كثيراً ! ! ، علمتُ بأنه كانَ هاتفاً لا محالة عندما رفعته بيدها اليمنى ثم أخَذَت تميل برأسها تارةً ، وتبتسِم تارَةً ، وتَمُد شفتيها مع رفع الحاجب الأيسر تارةً أُخرى لتلتقط المزيد والمزيد من الصور لنفسها .

مضيتُ في ذات الطريق وذاكرتي تُعيدني لطفولتي تلك التي كنت أُحاول استثمارَها باللعبِ واللهو لساعاتٍ وساعات ، فتارةً بالكرة التي كان من المفترض أنها مخصصة لفئة الذكور ، وتارةً بالدراجة ، وتارةً بخلقِ رفيقة جديدة أُحادِثها عن طريق هاتف "فلة" الذي كنتُ أوهم نفسي بكونه هاتف حقيقي أتحدّث به لرفيقةٍ وهميّة قد اختلقها خيالي .

تذكّرت كم كنتُ أَسعَد بتلك الكاميرا التي ما أن أضغط على زر التصوير بها حتى تظهر لي صور من مكة المكرمة أراها واضحة أمامي ، تذكّرت مطبخي الذي كان أخي قد ساعدني بإنشاؤه بسطح منزلنا آن ذاك ، وخضرتي وبهاراتي المكونة من كومة الحجار والتراب وقشور البصل التي كانت هوايتي آن ذاك تجميعها لإفتتاح مطبخي الجديد الفريد من نوعه ! سيارتي الخشبية المكوّنة عجلاتها من عُلب الحليب ! ! ، ألعابي البسيطة التي كنتُ أرى نفسي أَسعَد من على وجه الأرض بها .

بعيداً عن انغماسي بهواتف تسلبني عقلي ، توقفهُ عن القدرة على التفكير ، وبعيداً عن تمرُّغي بعلبةِ مكياجٍ تسلبني طفولتي قبل أوان رحيلها ، بعيداً أيضاً عن مواراة براءتي خلف قناع فتاة عشرينيّةَ الهيئة تُجيد تصرُّفات الكِبار ببراعةِ مُحتَرِف وتعجَز عن ممارَسَة حياتها التي تُناسبها وعمرها الذي لم يتجاوز العاشرة بعد .

[عبق]


 


 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 01:22 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا