الموضوع: يتيم ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-16, 03:14 PM   #1
مرجانة

الصورة الرمزية مرجانة
~ رونق التوليب ~

آخر زيارة »  04-15-24 (06:25 AM)
المكان »  في ثنايا أحرفي
الهوايه »  قراءةُ النثرِ ، و كتابتُه .
اللهُمَّ برَحمَتِكَ .. أعِنّا .
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي يتيم ..



في جوف كل انسان قلب .. قلب يتلهف لحضن دافئ يضمه .. قلب يهتم به .. يرعاه ويعتني به .

هناك عند بوابة المدرسة .. وقف ذلك الطفل الصغير في حيرة من أمره
يتأمل السماء الملبدة بالغيوم .. وإلى قطرات المطر التي تهطل متسارعة لتصطدم بالأرض .
يتلفت حينا ويحدق حينا .. ينظر إلى الأولاد بجانبه كيف يركضون إلى ابيهم فرحين ضاحكين .. يمسك كل طفل بيد والده ينظر إليه مبتسما .. فيقوده أباه إلى السيارة ويركبان معا .. وينطلقان في هدوء بسرور .

لم يكن هذا الطفل ليبتسم .. بل ينظر بعيون الأسى والحزن .. فهو يعاني الحرمان والألم .. قبض بيده .. وهو يتمنى لو أنه كان يحظى بأبٍ يمسك بيده ويحميه من قطرات المطر الباردة .. يصحبه معه إلى المنزل .

اخيراً قرر الطفل أن يمضي وحيداً تحت المطر .. وضع يديه فوق رأسه وانطلق راكضاً إلى منزله ..فتح الباب ودخل المنزل .. اتجه الى جدته يلقي عليها السلام .. كانت تجلس على كرسي تغزل الصوف .. مدت ذراعيها حينما اقبل عليها واحتضنته وقبلته قائلة

:: اهلا بك طفلي وعزيزي ::

مسحت على رأسه وكأنها تبعد قطرات الماء عن شعره .. جلس الطفل على ركبتيه ووضع رأسه بحجر جدته وصمت مفكراً ..
سألته جدته وهي لا تزال تمسح بيدها على رأسه

:: كيف قضيت يومك يا بني ؟::

نطق الطفل بهدوء وهو لا يزال يفكر ..

:: لماذا ليس لي أبا يمسك بيدي ويصحبني من المدرسة عند هطول المطر ؟.. لماذا ليس لدي أب يضحك لي .. ويلبي لي متطلباتي؟::

توقفت يد الجدة على رأسه .. فلقد فاجأها سؤال حفيدها الصغير .
وترددت كثيرا قبل أن تتكلم وتجيب على تساؤلاته ..
عاودت المسح على رأسه ببطء وهي تقول
:: بني الحبيب .. لقد قدر الله أن يموت أبواك منذ صغرك .. وقدر ان تكون يتيماً عند أحضان جدتك .. ألست سعيداً معي؟::

أجابها بهدوء

:: أنا سعيدٌ معك يا جدة .. ولكن لما ينتابني الحزن كلما شاهدت اصدقائي يمسكون بأيادي آبائهم ؟..اشعر بأني لستُ مثلَهم .. هم يضحكون ويفرحون حينما يجدون ابائهم أمامهم ..ويهتفون فرحين لأنهم سيلتقون بأمهاتهم .. هناك من يهتم بهم .. يغطي رأسهم عن قطرات المطر .. جدتي؟!!.. وجدتُ صديقي يركب مع أبيه في سيارة ضخمة كبيرة .. بدت رائعة .. ولقد كان صديقي سعيدا جدا برؤيتها.. أود لو أركبها ::

وابتسم الطفل وهو يسترجع بذاكرته تلك السيارة الرائعة .. ابتسمت الجدة .. وتجاهلت كل تساؤلات حفيدها الصغير وقالت
:: تلك السيارة .. سوف تحصل عليها وعلى سيارة أجمل منها حينما تكبر ::
رفع رأسه إليها قائلا
:: حقاً جدتي؟.. وكيف؟!.. أنا ليس لي أباً!!. ::
ضحكت الجدة وقالت:

:: حينما تكبر .. ستكون رجلا قويا يعتمد على نفسه ..لن تكون بحاجة إلى أب ولا أم .. ستحصل على كل ما تريده بعد ان تنهي دراستك
أنا أيضا سأعتمد عليك .. سوف ترعاني .. وتهتم بي .. ام أنك لن تفعل ذلك يا صغيري؟!!. ::

وقف وعانق جدته قائلا بفرح:

: بلى جدتي .. سوف اهتم بك وأرعاكِ .. سأكون فتى يعتمد عليه .. سأوفر لك كل ما تحبين وترغبين فيه.::

ضحكت الجدة .. ودموع تحت أجفانها تنحدر على وجنتيها ..
تدعو من الله ان يرحم صغيرها وان لا يذيقه الحرمان والحزن .. وان يدخل السرور في قلبه دوما وابدا ..


من أرشيف • مَرجانة