عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-16, 11:47 AM   #1
( نادر )

الصورة الرمزية ( نادر )

آخر زيارة »  07-23-16 (04:38 PM)
المكان »  السعودية
الهوايه »  الرياضة وخاصة كرة القدم والقراءة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي التربية المنشودة ...



موضوع قرأته ولكني تحسست حروفه وانغمست بين اسطره فهو يحكي عن موضوع من اهم المواضيع في مجتمعنا الا وهي تربية الأبناء وكيف لنا ان نصل بهم الى بر الأمان بعد توفيق الله .
سوف اضع هذا الموضوع بين ايديكم فلا تبخلو علينا وعلى انفسكم بتجارب خضتوها او قصص سمعتموها او عايشتموها او افكار قد تحملونها بين طياتكم قد يكون فيها الخير لأبناءنا جميعا .


نعيش اليوم حياة تتسم بالسرعة ، فنحن – كما يقولون – نعيش في عصر السرعة . و نسمع بين الفينة و الأخرى عن اختراعات في مجالات عدة ، ميزتها الأساسية اختصار الوقت ، و هذا شيئ جيد و مطلوب و لكن بشرط عدم الضرر ، كأن تكون لهذا الاختراع آثار سلبية على الصحة مثلا .

و لكن هناك مجالات لا تصلح معها السرعة ، بل و من الخطأ الفادح أن نتعامل معها بسرعة ، و أهمها مجال التربية ، فالتغيير الإنساني يحتاج إلى وقت و جهد كبيرين ، و الأبحاث و الدراسات في هذا المجال تستغرق من أصحابها سنوات عديدة.

يقول الأستاذ عبد الرحمن عبد الخالق : ... نقول لهؤلاء المستعجلين ، هل تظنون أن التربية كالصناعة المادية ، حيث تضع الخامة من المعدن أو القطن أو الصوف في جانب ، لنتلقاها في جانب آخر سيارة و ثلاجة و قماشا ؟؟ هذا خطأ كبير ، لأن التربية الإنسانية الفعلية بطيئة بطء النمو الجسماني ، فتربية الأفكار و العقائد و آداب السلوك يحتاج من الزمن ما يحتاجه النمو الجسماني و أكثر .

أيها المسلمون ، لقد مكث النبي – عليه الصلاة و السلام – بعد بعثته ثلاثة عشر عاما في مكة يربي أصحابه – رضي الله عنهم - ، و يرسخ فيهم العقيدة الصحيحة ، و التي هي أساس البنيان ، فطهرت القلوب و العقول ، و سمت الأرواح ، فجاء مجتمع المدينة مجتمعا فريدا من نوعه ، لأن الذي بناه جيل فريد ، تربى على يد خير خلق الله أجمعين ، و هو خير مرب ، و خير قدوة –عليه الصلاة و السلام - ، و بهذه العقيدة الصحيحة ، و بهذا الإيمان اليقظ ، استقام المسلمون على أمر الله .

و نحن اليوم نفتقر إلى هذه التربية الإيمانية ، و حياتنا أصبحت عن ترقيعات لا أكثر ، نركز على جانب و ننسى جوانب ، نهتم بالفروع و نهمل الأساس ، مع أن الإسلام نظام يشمل جميع جوانب الحياة ، من القاعدة و حتى القمة ، فالأمر ليس تعديل هنا و ترقيع هناك ، بل لابد من الاهتمام أولا بالتأسيس الصحيح حتى يكون البنيان متينا ، فلو كانت الجذور سليمة خرج النبات طيبا ، و لكن لو كانت الجذور متعفنة ، خرج النبات نكدا ، و ليس من الحكمة تلميع ورقة نبات مريض ، و لكن الحكمة هي علاج أساس المرض ، و اقتلاعه من جذوره . قال إياس بن معاوية : إن الشيئ إذا بني على عوج لم يكد يعتدل .

ثم إننا لن نلفت الأنظار إلى روعة ديننا إذا بقي الأمر مجرد ترقيعات . يقول سيد قطب – يرحمه الله - : إن النفس البشرية فيها الاستعداد للانتقال الكامل من حياة إلى حياة ، و ذلك قد يكون أيسر عليها من التعديلات الجزئية في أحيان كثيرة ، و الانتقال الكامل من نظام حياة إلى نظام آخر أعلى منه و أكمل و أنظف انتقال له ما يبرره في منطق النفس ، و لكن ما الذي يبرر الانتقال من نظام الجاهلية إلى نظام الإسلام إذا كان النظام الإسلامي لا يزيد إلا تغييرا طفيفا هنا ، و تعديلا طفيفا هناك؟.

أيها الإخوة ، إن التربية المنشودة ليست دروسا تلقى و حسب ، و ليست دورة هنا و دورة هناك ، أو ندوة على إحدى الفضائيات ، أو برنامجا إذاعيا ، فهذه كلها ليست سوى وسائل للثقافة العامة ، كالسنوات التي يقضيها الطلاب في المدارس ، فهم يقضون أربعة عشر عاما تقريبا من عمرهم الذهبي في تحصيل رؤوس أقلام ، و ليتهم يحصلون على علم ديني أو معرفي يتناسب مع هذه السنوات الطويلة التي يقضونها في مدارسهم !! .

أعود فأقول أن التربية المنشودة هي – و كما يقول الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله - ، جو يصنع ، و إيحاء يغزو الأرواح باليقين الحي ، و العزيمة الصادقة . و هذا لن يتأتى إلا بقدوات حية ، فالتربية بالقدوة من أقوى أساليب التربية .

و ربما لو تكاتفت و اتحدت جهود المعلمين و المربين ، و الأئمة و الخطباء ، في المدارس و الجامعات ، و المساجد ، و مراكز تحفيظ القرآن ، و غيرهم ممن يطمحون إلى تحقيق التربية الإيمانية الصحيحة ، فوضعوا المناهج ، و رسموا الخطط ، و عادت حلق العلم في المساجد ، فربما بهذا نصل أو نقترب من الغاية المنشودة ، فتجميع الطاقات خير من تبعثرها ، و اتحاد الكلمة خير من تشتتها .
فرب صغير قوم علموه *** سما و حمى المسومة العرابا
و كان لقومه نفعا و فخرا *** و لو تركوه كان أذى و عابا
فعلم ما استطعت لعل جيلا *** سيأتي يحدث العجب العجابا