عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-11, 10:31 PM   #1
بنت النور

آخر زيارة »  01-19-15 (06:58 AM)

 الأوسمة و جوائز

Domain 7dca28173e {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ..



ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا ربي لعفوك سلما
تعـاظمني ذنــبي فـلما قــرنته بعفوك ربي صار عفوك أعظما

يا باغي الخير أقبل ، فالباب غير مقفل ، يا من أذنب وعصى ، وأخطأ وعتى ، تعال فلعل وعسى ، يا من بقلبه من الذنوب جروح ، تعال فالباب مفتوح ، والكرم يغدو ويروح ، يا من ركب مطايا الخطايا ، تعال إلى ميدان العطايا ، يا من اقترفوا فاعترفوا ، لن تنسوا  قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا  ، يا من بذنب باء ، وقد أساء ، تذكر : (( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء )) .
أسقت بغي ***ا ، فأرضت ربّا ، ومحت ذنبا ، قتل رجل مائة رجل ، ثم تاب إلى الله عز وجلّ ، فدخل الجنة على عجل .
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه
من جود فضلك ما علمتني الطلبا


من الذي ما أساء قط ، ومن له الحسنى فقط ، ومن هو الذي ما سقط ، وأين هو الذي ما غلط ، يا كثير الأخطاء : أنسيت : كلكم خطّاء ، كم يقتلك القنوط كم ، وأنت تسمع : (( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم )) .
اطرق الباب تجدنا عنده
لا تقل قد أغلق الباب فلا
بسخاء وببذل وكرم
تحمل اليأس فتلقى في الندم

إذا أذنبت فتب وتندّم ، فقد سبقك بالذنب أبوك آدم ، ومن يشابه أباه فما ظلم ، وتلك شنشنة نعرفها من أخزم ، فلا تقلد أباك في الذنب وتترك المتاب ، فإن أباك لما أذنب أناب ، بنص الكتاب .
أصبحت وجوه التائبين مسفره ، لما سمعوا نداء : لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لأتيتك بقرابها مغفره ، اطرح نفسك على عتبة الباب ، ومد يدك وقل : يا وهّاب . أرغم أنفك بالطين وناد : رحمتك أرجو يا رب العالمين .
إن جرى بيننا وبينك عتب
فالقلوب التي عرفت تلظّى
وبعدنا وشط عنا المزار
والدموع التي عهدت غزار

يا من أساء وظلم ، اعلم أن دمعة ندم ، تزيل أثر زلة القدم . أنت تتعامل مع من عرض التوبة على الكفار ، وفتح طريق الرجعة أمام الفجّار ، وأمهل بكرمه الأشرار . أنزل بالعفو كتبه ، وسبقت رحمته غضبه .
والله ما لمحت عيني منازلكم
ولا تذكرت مغناكم وأرضكموا
إلا توقد جمر الشوق في خلدي
إلا كأن فؤادي طار من جسدي

اسمه التوّاب ، ولو لم تذنب لما عرف هذا الوصف في الكتاب ، لأن الوصف لابد له من فعل حتى يوصف بالصواب . ما تدري بالذنب ، محى العجب ، وبالاستغفار حصل الانكسار ، لكأس الاستكبار ، وصار الانحدار ، لجدار الإصرار .
لا تصر ، بل اعترف وقر ، فإن طعم الدواء مُر ، وسوف تجد ما يسر ولا يضر ، واحذر الشيطان فإنه يغر .
اطرق الباب فإنا فاتحون
لا تغيرك على الصحب الظنون

الاعتراف بالاقتراف ، طبيعة الأشراف ، قف بالباب ، وقل : أذنبنا ، وطف بتلك الديار وقل : تبنا ، وارفع يديك وقل : أنبنا ،  أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ، سبحان من يغفر الذنب لمن أخطأ ، ويقبل التوبة ممن أبطأ .
التوبة تَجُبُّ ما قبلها ، وتعم بركتها أهلها . يقول عليه الصلاة والسلام (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) ، وهذا قول يجب أن نقبله ، فهنيئاً لمن تاب وأناب ، قبل أن يغلق الباب . التائب سريع الرجعة ، غزير الدمعة ، منكسر الفؤاد ، لرب العباد ، دائم الإنصات ، كثير الإخبات .
للتائب فرحتان ودمعتان وبسمتان .
فرحة يوم ترك الذنب ، والأخرى إذا لقي الرب ، ودمعة إذا ذكر ما مضى ، والثانية إذا تأمل كيف ذهب عمره وانقضى ، وبسمة يوم ذكر فضل الله عليه بالتوبة ، وهي أجلّ نعمة ، والأخرى يوم صرف عنه الذنب وهو أفظع نقمة .
بشرى لمن عفّر جبينه ، وأشعل في قلبه أنينه ، وأضرم بالشوق حنينه ،التائب تبدل سيئاته حسنات ، لأن ما فات مات ، والصالحات تمحو الخطيئات .
للتوبة أسرار ، ولأصحابها أخبار ، فالتائب يزول عنه تصيد المعائب ، وطلب المثالب ، لأنه ذاق مرارة ما تقدّم ، فهو دائماً يتندّم ، وهو يفتح باب المعاذير ، لمن وقع في المحاذير ، ولا يفعل فعل المعجب المنّان ، الذي قال : والله لا يغفر الله لفلان ، بل يستغفر لمن أساء من العباد ، ويطلب الهداية لأهل الفساد ، والتائب يطالع حكمة الرب ، في تقدير الذنب ، وأنه لا حول للعبد ولا قوّة ، في منع نفسه من الوقوع في تلك الهوّة ، فالله غالب على أمره ، بعزته وقهره ، والتائب ذهبت عن نفسه صولة الطاعات ، والدعاوى الطويلات ، والتبجح على أهل المعاصي ، وأصبح ذليلاً لمن أخذ بالنواصي ، فإن بعض الناس إذا لم يقع في زلّة ، ولم يذق طعم الذلة ، جمحت به نفسه الأمّارة ، حتى جاوز أطواره ، فكلما ذكر له عاص تأفّف ، وكلما سمع بمذنب تأسّف ، وكأنه عبد معصوم ، في حياته غير ملوم ، يحاسب الناس على زلاتهم ، ويأخذ بعثراتهم ، فإذا أراد الله تقويمه ، ليسلك الطريق المستقيمة ، ابتلاه بذنب لينكسر لربه ، وأراه ضعف قوته فيعترف بذنبه، فيصبح يدعو للمذنبين ، ويحب التائبين ، ويبغض المتكبرين .
ومنها أن كأس الندم يتجرعه جرعة جرعه ، مع انحدار دموع الأسف دمعة دمعه، حينها ينال الولاية ، ويدرك الرعاية ، لأنه عرف سر العبودية ، ودخل باب الشريعة المحمديّة ، فإن ذل العبد مقصود ، وتواضعه محمود ، لصاحب الكبرياء المعبود .
ومنها أنه يشتغل بالاستغفار ، عن الاستكبار ، فهو دائم الفكر في تقصيره ، مشتغلاً به عن غروره ، لأن بعض الناس لا يرى إلا إحسانه ، ولا يشاهد إلا صلاحه وإيمانه ، حتى كأنه يَمنّ على مولاه ، بطاعته وتقواه ، بخلاف من طار من خوف العاقبة لبه ، وتشعب بالندم قلبه ، فهو كثير الحسرات ، على ما مضى وفات ، وهذا هو حال من عرف العبادة ، وسلك طريق السعادة .

واعلم أن لوم النفس على التقصير ، والنظر إليها بعين التحقير ، والإزراء عليها في جانب مولاها ، وعدم الرضا عنها لما فعله هواها ، يقطع من مسافات السير ، إلى اللطيف الخبير ، ما لا يقطعه الصيام ولا القيام ، ولا الطواف بالبيت الحرام ، فهنيئاً لمن على ذنبه يتحرق ، وقلبه يكاد من الأسف يتمزّق ، ودمعه على ما فرّط يترقرق .
وقفنا على الأبواب نزجي دموعنا
ونبعث شوقاً طالما ضج صاحبه

أجمل الكلمات ، وأحسن العبارات ، لدى رب الأرض والسموات ، قول العبد : يا رب أذنبتُ ، يا رب أسأتُ ، يا رب أخطأتُ ، فيكون الجواب منه سبحانه : عبدي قد غفرت وسامحت ، وسترت وصفحت .
إن الملوك إذا شابت عبيدهمو
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً
في رقهم عتقوهم عتق أبرار
قد شبت في الرق فاعتقني من النار

عفّر الجبين بالطين ، وناد : يا رب العالمين ، تبنا مع التائبين ، اغسل الكبائر بسبع غرفات من ماء الدموع وعفرها الثامنة بتراب المتاب ، فهذا فعل من أناب ، حتى يفتح لك الباب . تأوّه المذنبين التائبين ، أحب من تسبيح المعجبين ، من قضى ليله وهو نائم ، وأصبح وهو نادم ، أحب ممن قضاه وهو مسبّح مكبّر ، وأصبح وهو معجب متكبّر .
إذا أردت القدوم عليه ، توسل برحمته وفضله إليه ، ولا تمنن بطاعتك لديه، لا تيأس من فتح الباب ، ورفع الحجاب ، فأدم الوقوف عنده ، واخطب وده ، فإن من قصده لن يرده ، ما أحوج الجيل ، إلى آخر ساعة من الليل ، لأنها ساعة الهبات ، والأعطيات والنفحات ، إمام الموحدين ، يقول :  وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ  ، فجعل غاية مناه ، أن تغفر خطاياه ، وأنت تُصِرّ ، ولا تُقِرّ ، وتحسو كأس الذنب وهو مُرّ ، فأفق من سبات اللهو ولا تكن من الغافلين ، وأكثر من  رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ.