عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-16, 01:50 AM   #1
NORAH

آخر زيارة »  12-25-18 (09:25 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  ابحث عن الكلمة التي لم تكتب بعد
لا ترض على نفسك عدم الاحترام ..
ولا عدم التقدير لوجودك ..

 الأوسمة و جوائز

افتراضي النفس بين القذى والجذع



النفس بين القذى والجذع




الانشغال بإصلاح النفس وشغلها بما ينفعها هما – في رأيي – من أهم الأسباب المفضية إلى إصلاح هذه النفس الأمارة بالسوء، إلا ما رحم الله جل وعلا.
فالإنسان الذي ينشغل بإصلاح نفسه هو الذي تشغله عيوبه عن تصيُّد عيوب الآخرين، فقد كان من دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (اللهم اشغلني بعيوبي عن عيوب الناس)، فلا أحد خالٍ من العيوب، ولو انشغل الإنسان بعيوب الآخرين لفاته إصلاح عيوبه، وفي الحديث: (يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ القَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخيه، ويَنْسَى الجِذْعَ فِي عَينه) رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (33)؛ فمثل هذا يستصغر عيوبه، مع أنها قد تكون أعظم، على نحو الجذع (والجذع هو واحد جذوع النخل)، ويستعظم ذنوب غيره، مع أنها قد تكون أهون، على نحو الأذى الصغير الذي يقع على العين (القذاة).
ولله در القائل: سامح أخاك إذا خلط منه الإساءة والغلطْ وتجافَ عن تعنيفــه إن زاغ يوماً أو قسطْ واعلم بأنك إن طلبــــْـتَ مهذباً رُمْتَ الشـــططْ من الذي ما ساء قطْ ومن له الحسـنى فقطْ
فما دام الأمر كذلك، ولا أحد يسلم من العيوب؛ فلماذا ينشغل الكثيرون بعيوب الآخرين ويتغاضون عن إصلاح عيوبهم؟! بل إن بعضهم قد يصل به الأمر أن يتجسس على غيره من أجل الوقوف على أخطائه وعيوبه وعوراته؛ فيفشي أسراره، ويهتك أستاره، ويفضحه على الملأ، ومثل هذا ذو نفس مريضة توعده رسولنا عليه الصلاة والسلام كما في الحديث: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ). صححه الألباني والأرنؤوط.
وفي المقابل كثير من الناس ينشغل بأمور لا تعنيه، ويقضي أوقاته في ما لا ينفعه في دينه ودنياه، على نحو الاشتغال بالقيل والقال وتوافه الأمور، و(النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية)؛ فيكون بذلك قد ضيَّع عليه وقتاً ثميناً لا يمكن أن يعود مرة أخرى، فات عليه أن يعمِّره بطاعة الله عز وجل، وكما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم إنما أنت أيام؛ فإذا مضى يومك، فقد مضى بعضك)، وفي الحديث: (من حسن إسلام المرء، تركه ما لا يعنيه) رواه الترمذي وغيره.
فمثلا: من انشغل بإطلاق نظره إلى ما حرم الله؛ فوت عليه حلاوة الإيمان، ولذة الأنس بالله، وجمال التفكر في آياته سبحانه؛ وهكذا فكل من انشغل بمعصية فوتت عليه هذه المعصية عدداً من الطاعات.
نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا علماً نافعاً، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
علي صالح طمبل


 
مواضيع : NORAH