عرض مشاركة واحدة
قديم 04-13-17, 11:43 AM   #1
السهم الأخير

الصورة الرمزية السهم الأخير
اترك أثر طيب

آخر زيارة »  04-24-24 (06:53 PM)
المكان »  صلالة - سلطنة عمان
الهوايه »  الخيول و الطبيعة
رحم الله إمرء عرف قدر نفسه
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

Icon N8 رحيل على غير موعد



في ليلة ظلماء افتقد فيها بدر الدجى طرق بابي ضيف ثقيل
ضيف معاتب وربما غاضب وربما عدو يحمل خطرا محدق.
أنتم يا أهل الدار، افتحوا الباب قبل أن أكسره على رؤوسكم.
ردد قلبي عبارة لم أفهمها جيدا (ما الذي أحضره الآن؟)
نظرتُ للقلب وعيني تقول: ماذا الذي يجري هنا بغيابي؟
قام العقل ليفتح الباب بينما تجاهل القلب صوت الطارق.
أشرتُ له أن امكث مكانك. أنا من سيفتح الباب .
تجمع المقربون من الجيران وكان منظر الجميع محرج بالنسبة لي.
أهلا بك تفضل بالدخول . هل هناك ما يستدعِ كل هذا الغضب؟
ومن داخل البيت أسمع عتاب العقل للقلب ، قد قلتُ لك.
سيعرف صاحبنا كل ما تخفيه عنه فهيأ نفسك للمساءلة.
رفض الضيف الدخول وقال مهددا : أخرجه من جحره.
الحديث معه وليس معك أنت أو مع هذا الجمع من الفضوليين.
وضع جاري يده على كتفي قائلا: لا عليك هناك لبس يا صاحبي.
ابتسمتُ لهذا التثبيت والثقة وقرت به عيني بعد الذهول.
نظرتُ للطارق بعين التودد: كما ترى ،هو بيت متواضع وليس جحرا .
إن شئت الدخول فهو رفعة لنا أهل الدار وإن شئت وقوفا بالبابِ فالكل واقف.
جذب الطارق قميصي ، ألن تكفوا أذاكم عنا؟
خرج القلب مسرعا منتقما لصاحبه والعقل خلفه.
ابعد يدك عنه وتعال لنتفاهم فلا شأن لك بهم.
أطرق العقل خجلا وهو يقول : ما أجنك وأحمقك.
تفرغ الجيران والحيرة تملؤهم وأغلقوا أبوابهم.
ظل الطارق يرمقني بنظرات الغضب والحقد.
قل لقلبك: لا يرمي مغامراته البائسة علينا.
قل لعقلك: ارتق ليكون لك سلطة على هذا الأبله.
قل لنفسك: ما دور سيد الدار إذا غاب عنه ما يدور؟
قولوا لعشاق زمانكم: إني بريء من حبهم فلا ينسبوه إلي.
قولوا لأنفسكم : لسنا جسورا لملذاتهم وأهواءهم.
لا أسمعكم تذكرون الحب يوما إلا جئتكم أشد غضبا.
قل لقلبك: إذا قصر عزمك فلا ترمي وبالك على دياري.
قل لزمانك أيها السهم: كفاكم مغامرات باسمي واسم عشائري.
أنا العشق الحر ولستُ مسبة لك وللحمقى من أبناء زمانك.
اليوم شددتُ قميصك وغدا آتيك بقوة لا قبل لكم بها.
أكفف عنا شركم فقد مللنا مداراتك أنت وصاحبيك.
غادر العشق دون أن يدخل بيتي وحاول القلب أن يتبعه.
من يظن نفسه هذا المتعجرف المغتر بنفسه؟
لو لم يكن ضيفا ببابنا لجعلته يسبح في دمه المتخثر بغروره.
نظرتُ إليه بعين الجد : لست من من يجندلون الفرسان .
ولست من الذين يشد بهم الظهر ويعتمد عليهم في الخطوب.
وليس هذا الذي بجانبك بصاحب الرأي لتُطلب مشورته.
ولستُ أنا من الذين يشهد لهم بالحكمة والشجاعة.
أما هذا الذي تريدُ قتله فإني قد أجرته.
فإن كنتَ ساعيا لقتله فعليك أن تبدأ حروبك من عندنا.
واستعد لوابل من السهام تعيدك إلى صوابك رغما عن أنفك.
فإن كان تقوس ظهري ورعشة بيدي ترجح كفة همتك.
فلا تدع القوم يروون لأحفادهم قصة مصرع الحمقى.
لا تدع القوم يروون أن عجوزا دحرج رأسك البائس.
وإن خرج هذا من غمده لا يعود كما خرج.
ابتعدا عن طريقي قبحتما من صاحبين.
لا مقام لنا بين القوم وقد عابتنا الفعال فهيا بنا.
وسنتفاهم ذات يوم على كل هذا . هيا شدا الرحال
خرج الجار ليساعدنا وهو يقول: هون عليك يا صاح.
فقلتُ له: أين أضعك يا صاحبي؟
إن أدخلتك قلبي فها هو كما ترى.
مغامر طائش لا يحسب لأفعاله حساب.
وإن حللت العقل فها هو كما ترى.
لا يرجى خيره ولا يؤمن شره.
وإن أبقيتك في عيني فقد ضعف البصر وقلت بصيرتي.
وإن ترحلت عنكم فهذه أحفظها لكم وأحفظها لودكم.
ولقد علمتَ أن بهذه الدنيا من هو مفارق قومه وأهله وهو كاره.
ولقد رأيتَ من هو مغادر ومغترب لضيق زمانه .
وإني أضمك لصدري لأقول لك أني أفهمك كما تفهمني.
وفي الأرض منآى للكريم من الأذى
وفيها لمن خاف القلا متعزلُ.
هيا بنا يا جوادي.




(اهداء لعشاق زماني)


 

التعديل الأخير تم بواسطة السهم الأخير ; 04-13-17 الساعة 12:01 PM