عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-12, 05:06 PM   #1
E7şαs 3άsнεq

آخر زيارة »  05-31-18 (07:16 AM)
الهوايه »  بالانترنت

 الأوسمة و جوائز

Icon30 شرح حديث ( القابض على دينه كالقابض على الجمر )



أحبتي الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

شرح حديث
( القابضعلى دينه كالقابض على الحمر ) رواه الترمذي .

تأملوا هذا الكلام الذي كتبه العلامة ابن سعدي قبل 65 سنة في شرح حديث

« القابض
على دينه»

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم . أما بعد:

فقد أعجبني ما كتبه العلامة ابن سعدي ـ رحمه الله ـ في شرح هذا الحديث، وهو آخر

حديث في كتابه النفيس « بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح

جوامع الأخبار » :


الحديث التاسع والتسعون :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يأتي

على الناس زمان القابض
على دينه كالقابض على الحمر» رواه الترمذي .

وهذا الحديث أيضا يقتضي خبرا وإرشادا .

أما الخبر ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يقل الخير وأسبابه ،

ويكثر الشر وأسبابه ، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل ،

وهذا القليل في حالة شدة ومشقة عظيمة ، كحالة القابض
على الحمر، من قوة

المعارضين ، وكثرة الفتن المضلة ، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد ، وفتن

الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنيا وانهماكهم فيها ، ظاهرا وباطنا ، وضعف

الإيمان ، وشدة التفرد لقلة المعين والمساعد .

ولكن المتمسك بدينه ، القائم بدفع هذه المعارضات والعوائق التي لا يصمد لها إلا

أهل البصيرة واليقين ، وأهل الإيمان المتين ، من أفضل الخلق ، وأرفعهم عند الله

درجة ، وأعظمهم عنده قدرا .

وأما الإرشاد ، فإنه إرشاد لأمته ، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة ، وأن يعرفوا

أنه لا بد منها ، وأن من اقتحم هذه العقبات ، وصبر على دينه
وإيمانه - مع هذه

المعارضات - فإن له عند الله أعلى الدرجات ، وسيعينه مولاه على ما يحبه ويرضاه

، فإن المعونة على قدر المؤونة .

وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما بقي من

الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، إيمان ضعيف ، وقلوب متفرقة ،

وحكومات متشتتة ، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين ، وأعداء ظاهرون

وباطنون ، يعملون سرا وعلنا للقضاء على الدين ، وإلحاد وماديات ، جرفت بخبيث

تيارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبان ، ودعايات إلى فساد الأخلاق ،

والقضاء على بقية الرمق .

ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا ، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم ، وأكبر همهم ،

ولها يرضون ويغضبون ، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة ، والإقبال بالكلية على

تعمير الدنيا ، وتدمير الدين واحتقاره والاستهزاء بأهله ، وبكل ما ينسب إليه ، وفخر

وفخفخة ، واستكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها وشررها وشرورها قد

شاهده العباد .

فمع هذه الشرور المتراكمة ، والأمواج المتلاطمة ، والمزعجات الملمة ، والفتن

الحاضرة والمستقبلة المدلهمة - مع هذه الأمور وغيرها - تجد مصداق هذا الحديث .

ولكن مع ذلك ، فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله ، ولا ييأس من روح الله ، ولا

يكون نظره مقصورا على الأسباب الظاهرة ، بل يكون متلفتا في قلبه كل وقت إلى

مسبب الأسباب ، الكريم الوهاب ، ويكون الفرج بين عينيه ، ووعده الذي لا يخلفه ،

بأنه سيجعل له بعد عسر يسرا ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن تفريج الكربات مع شدة

الكربات وحلول المفظعات .

فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال : " لا حول ولا قوة إلا بالله " و" حسبنا الله ونعم

الوكيل . على الله توكلنا . اللهم لك الحمد ، وإليك المشتكى . وأنت المستعان . وبك

المستغاث . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان

والنصح والدعوة . ويقنع باليسير ، إذا لم يمكن الكثير . وبزوال بعض الشر وتخفيفه

، إذا تعذر غير ذلك : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ

فَهُوَ حَسْبُهُ } ، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } [ الطلاق : 2 ، 3 ، 4 ]