عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-18, 05:51 PM   #1
آيآم

الصورة الرمزية آيآم

آخر زيارة »  05-31-22 (11:15 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي النقد والنصيحه والإنتقآد



النقد والنصيحة والانتقاد
فهد عامر الأحمدي
هناك فرق يصعب على معظمنا ملاحظته بين النقد من جهة والتطاول والتجريح من جهة أخرى..

فالنقد يعني تقييم العمل (بمعزل عن صاحب العمل) بطريقة منهجية من إنسان متخصص..

أما التطاول ف(قلة أدب) تتجاوز الإنجاز إلى صاحب الإنجاز وتأتي غالباً من شخص لا يملك علماً أو خبرة تؤهله للنقد أو تفنيد الحجج.

النقد بطبيعته منهجي ومجرد ويتناول كافة الأوجه، أما التطاول فرد فعل عاطفي منحاز يختار جزئية أو وجهاً واحداً يؤكد مواقف وأفكاراً مسبقة!!

الفرق بين النقد والانتقاد أن الأول فعل غير منحاز يوضح الإيجابيات والسلبيات دون اتهام أو تقريع أو اعتداء (ومثال ذلك نقد بعض أقوال الفقهاء) في حين أن الانتقاد يهتم أكثر بتصيد الأخطاء والجوانب السلبية دون تصويب أو تبيان للحقيقية ويتوجه غالباً لذم أو انتقاص صاحب العمل ذاته..

والنقاد عموماً لا يجيدون غير النظر للجانب السلبي (وهو جانب متوقع في أي عمل) وبالتالي لا يضيفون شيئاً لمسيرة الإبداع الأصيل.. لهذا السبب لا يتذكرهم الناس، ولا يحتفظ التاريخ بأسمائهم، ولا تجد لهم مكاناً في متاحف العظماء!!

... أما الأسوأ من النقد والانتقاد والتطاول فهو فعل كل ذلك تحت غطاء "النصيحة" لوجه الله..

حين يضع الناصح نفسه في موضع الرسمي أو المقدس أو الصفوة التي لا يجوز نقدها أو حتى مناقشتها حتى من خلال النصوص الشرعية أو المدارس الفقهية الأخرى!!

... وبطبيعة الحال هناك من سيقول (الدين النصيحة) وقالوا في الأمثال (النصيحة بجمل).. غير أن هناك أيضاً من اتخذ من الأمر رخصة عمل وأسلوب حياة بحيث خلط النصيحة بالتشهير، والإكراه بالتدخل في شؤون الآخرين.

... الأصل أن للنصيحة شروطاً وضوابط (لو طبقناها) لتقلص حجمها إلى نسبة ضئيلة مما نراه في مجتمعنا هذه الأيام.. فالنصيحة مثلاً يجب أن تأتي من عالم أو متخصص، في مخالفة صريحة ومتفق عليها.. لا يجب أن توجه بالاسم (اقتداء بفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم: مابال أقوام يفعلون كذا وكذا) بل أن تتركز على المشكلة وأصل الفعل وليس على الفاعل أو على حساب سمعته وكرامته..

والحقيقة هي أن عدم تربيتنا على نقد الذات (مقابل شغفنا بانتقاد الآخرين) هو ما حوّلنا إلى مجتمع من الواعظين والمتناصحين دون تطبيق ما نقوله فعلاً.. عقلية الوصاية التي نفرضها على غيرنا شغلتنا عن أنفسنا فتحولنا لبلد المليون واعظ دون أن نتعظ فعلاً.. فحين يضع كل إنسان نفسه في موضع الناصح الأمين يحق لنا أن نتساءل أين ذهب إذاً كل الفاسدين والمقصرين في هذا البلد..

أقترح أن نتوقف عن الانتقاد قليلاً، ونتأمل داخلنا كثيراً، ونترك مالا يعنينا إلى الأبد..

ففي النهاية من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه.