عرض مشاركة واحدة
قديم 05-14-18, 10:08 AM   #1
حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ( الأحكام الفقهية الخاصة بالصائمين )



( الأحكام الفقهية الخاصة بالصائمين )



جملة من الأحكام والمسائل المتعلقة بالصوم، عسى الله أن ينفع بها الجميع، فأقول مستعيناً بالله:
المسألة الأولى: عن صوم الصغار.
يُسَنُّ لوالد أو والدة أو ولي الصغير والصغيرة إذا أطاقا الصيام قبل البلوغ أن يأمرانهما ويحثانهما على صيام شهر رمضان أو أكثره أو بعضه ليعتادانه، ويتمرنا عليه، وقد كان تصويمهم معمولاً به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه - رضي الله عنهم - فقد صَحَّ عن الرُّبَيِّعِ بنت مُعَوِّذ - رضي الله عنها - أنها قالت في شأن يوم عاشوراً: (( فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ )).
وفي لفظ آخر: (( وَنَصْنَعُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَنَذْهَبُ بِهِ مَعَنَا، فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ، أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ )).
وصَحَّ أن رجلاً أفطر في نهار شهر رمضان، وأُتي به إلى عمر بن الخطاب – رضي عنه ـ فقال له: (( وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ )).
أي: كيف تفطر في نهار شهر رمضان وأنت كبير من أهل وجوب الصوم، والصبيان الذي لم يجب عليهم الصوم بعد صائمون.
المسألة الثانية: عن المُغْمَى عليه.
المُغْمَى عليه في شهر رمضان لا يصنع أهله جهته شيئاً حتى يتبن لهم حاله، فإن استمر معه الإغماء حتى مات فلا شيء عليهم، لا صيام عنه، ولا إطعام مساكين، وإن مَنَّ الله تعالى عليه بالشفاء وزال الإغماء، فيجب عليه قضاء جميع أيام إغمائه، وإلى هذا ذهب عامة الفقهاء، بل ذكر الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ أنه لا يعلم فيه خلافاً بين أهل العلم.
ومن الناس من يغمى عليه في نهار الصوم قليلاً ثم يفيق، وهذا صومه صحيح ولا يفسد باتفاق المذاهب الأربعة، نقله عنهم العلامة ابن قاسم – رحمه الله -، وقد ثبت عن نافع ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُومُ تَطَوُّعًا فَيُغْشَى عَلَيْهِ فَلَا يُفْطِرُ )).
والغَشْيُ أو الغَشِيُّ هو: قليل الإغماء.
المسألة الثالثة: عن المريض.
فقد أباح الله تعالى للمريض الفطر في نهار شهر رمضان، فقال – عز وجل -: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }.
إلا أنه ليس كل مرض يبيح الفطر لصاحبه، وإنما المرض الذي يجهد الصائم ويتعبه، أو يزيد بسبب الصيام، أو يخشى من تأخر المرض معه، أو تأثر شيء من أعضائه أو زيادة أمراض أخرى عنده، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد – رحمهم الله -.
والمريض له مع صيام شهر رمضان حالان:
الحال الأول: أن يكون مرضه من الأمراض المزمنة التي لا يُرجى شفاؤه منها، ويضر به الصوم، أو يشق عليه، فهذا له الفطر باتفاق أهل العلم، نقله عنهم العلامة ابن مفلح – رحمه الله - وغيره، وقد قال الله تعالى ميسراً على عباده: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }.
إلا أنه يُطعِم عن كل يوم أفطره مسكيناً، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم، وصحت بذلك الفتوى عن صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وابن عمه عبد الله بن العباس - رضي الله عنهما -.
الحال الثاني: أن يكون مرضه من الأمراض التي يُرجى شفاؤه منها، وهذا ينتظر حتى يُشفى، فإن شُفي قضى بعدد ما ترك صيامه من الأيام، وذلك لقول الله تعالى: { وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.
ومن نوى الصيام من الليل وفي أثناء النهار أصابه مرض جاز له الفطر باتفاق أهل العلم، نقله عنهم ابن القطان الفاسي – رحمه الله -.
وإن أفطر المكلف في نهار رمضان بسبب مرض واستمر معه المرض حتى مات ولم يتمكن من القضاء، فلا يصام عنه ولا يُطعم عنه عند أكثر أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
وإن تمكن من القضاء فلم يقض حتى مات، فإن أهله يطعمون عنه عن كل يوم أفطره مسكيناً، وثبتت بذلك الفتوى عن أم المؤمنين عائشة وابن عباس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المسألة الرابعة: عن العاجز عن الصيام بسبب كِبَر السِّن.
الرجل المُسِنُّ والمرأة العجوز إذا كانا غير قادرين على الصيام، فإنه يجوز لهما الفطر ولا إثم عليهما باتفاق أهل العلم، نقله عنهم الحافظ ابن المنذر وابن حزم – رحمهما الله – وغيرهما، وقد قال الله تعالى ميسراً على عباده العاجزين: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }.
إلا أنه يجب عليهما أن يطعما عن كل يوم أفطراه مسكيناً، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، وقد أخر البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: (( الشَّيْخُ الكَبِيرُ وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا )).
وثبت عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه: (( ضَعُفَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَفْطَرَ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُطْعِمُوا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا )).
وأمَّا إذا وصل الرجل المُسِنُّ أو المرأة العجوز إلى حَدِّ الخَرَف والتَّخْرِيف فإن الصوم يسقط عنهما، لفقد أهلية التكليف وهي العقل، وعلى ذلك فلا كفارة عنهما لا من مالهما ولا على من يقوم على رعايتهما من أبناء أو بنات أو أحفاد أو غيرهم.
المسألة الخامسة: عن صيام المرأة الحامل والمرضع.
المرأة الحامل أو المرضع إذا كان بدنها قوياً، وكان الصوم لا يضر بها، ولا بالجنين الذي في بطنها ولا بالطفل الذي ترضع، فإنها تصوم ولا تفطر، وأما إذا خافت على نفسها أو على ولدها من الصوم فإنه يجوز لها الفطر عند عامة أهل العلم، وصحت بذلك الفتوى عن ابن عمر وابن عباس من الصحابة – رضي الله عنهم -، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ )).
وللحامل والمرضع حالان:
الحال الأول: أن يفطرا في شهر رمضان بسبب الخوف على نفسيهما، فليس عليهما إلا القضاء فقط عند عامة أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة، لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه، حيث لم يوجب الله عليه إلا القضاء.
الحال الثاني: أن يفطرا في شهر رمضان بسبب الخوف على ولديهما، فليس عليهما إلا القضاء فقط عند أكثر أهل العلم، وبه يفتي العلامة ابن باز والعلامة ابن عثيمين – رحمهما الله – وإن أطعما مع ذلك فحسن، لثبوت الإطعام عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم -.
المسألة السادسة: عن صيام المرأة الحائض أو النفساء.
الحائض والنفساء يحرم عليهما الصيام، ويجب عليهما قضاء ما فاتهما من أيام رمضان إذا طهرتا باتفاق أهل العلم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن الحائض: (( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ)).
وقالت عائشة - رضي الله عنها – عن الحيض: (( كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ )).
وأما إذا طَهُرت الحائض أو النفساء قبل طلوع الفجر ولو بقليل ثم نوت الصيام فإن صيامها يكون صحيحاً، حتى ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر وأذانه وصلاته أو طلوع الشمس.
المسألة السابعة: عن المكلف يؤخر قضاء رمضان حتى يدخل عليه رمضان آخر.
من أخر قضاء ما فاته من شهر رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر فله حالان:
الحال الأول: أن يؤخره لعذر، كمرض يمتد به من رمضان إلى رمضان آخر أو عدة رمضانات.
وهذا لا كفارة عليه لأنه لم يفرط، ولا يجب عليه إلا القضاء فقط إذا شفي، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
الحال الثاني: أن يؤخره مع تمكنه من القضاء قبل دخول رمضان الثاني عليه.
وهذا عليه القضاء والفدية أو الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخرَّه، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، لثبوت الفتوى به عن جمع من الصحابة - رضي الله عنهم -.
وقال يحيى بن أكثم - رحمه الله -: فتشت عن أقاويل الصحابة في هذِه المسألة فوجدت عن ستة منهم، قالوا: عليه القضاء والفدية، ولم أجد لهم مخالفاً.اهـ
وقال صاحب "الإنباه" - رحمه الله -: وهو عندنا إجماع الصحابة.اهـ


وهذه جملة من الأشياء المستجدة في عصرنا والتي يفسد بها الصوم إذا فعلها الصائم، ومنها:
أولاً: غسيل الكلى بنوعية، سواء كان الغسيل عبر الآلة التي تَغْسِل في البيت، أو عبر الجهاز الذي يغسل في المستشفى.
ثانياً: الإبر المغذية، وذلك لأنها تغذي الجسم كالطعام والشراب، فتأخذ نفس حكمه.
ثالثاً: منظار المعدة، لأنه قد وصل إلى المعدة، وسواء كان معه مواد دهنية تسهل دخوله إلى المعدة أو لم يكن معه.
رابعاً: قطرة الأنف إذا وجد المقطر طعمها في حلقه.
خامساً: التحاميل والأدوية التي تدخل عن طريق فتحة الشرج أو الدبر، وذلك لأنها متصلة بالمستقيم، والمستقيم متصل بالأمعاء، وتمتص الأمعاء ما دخل عن طريقه.
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، ويسر لنا في الأرزاق، وبارك لنا في أقواتنا وأوقاتنا وأعمارنا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا تلهنا عن آخرتنا، ووفقنا لما ينفعنا في معادنا، اللهم جنبنا الكذب والغش، وارزقنا الصدق والنصح، اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك، ولا يؤمنون بكتابك، ويقتلون أهل دينك، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم، وأنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، وأصلح ذات بينهم، وارزقهم الأمن والإيمان، وسكن قلوب شيوخهم ونسائهم وأطفالهم، وأعذهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين إلى الخير والهدى، والرشدِ والسداد، والصلاح والإصلاح، والاجتماع والائتلاف، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر طاعاتنا، واجعلنا ممن صام وقام إيماناً واحتساباً، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وسائر أهلينا، والمسلمين أجمعين، وصل وسلم وبارك على عبدك ورسولك الكريم أبي القاسم محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي.

من خطبة ألقاها:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد


بتصرف يسير جدا