الموضوع: حاطب الماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-19, 05:21 PM   #1
تراجِيدِيا

الصورة الرمزية تراجِيدِيا
بُــــكاء قـلـب .

آخر زيارة »  12-21-23 (05:07 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي حاطب الماء



.
.
.


أقدامي ، يا حاطب الماء، لا تقف إلا على أشجار الهواء، بعد أن احترقت ضفائر قلبي وتفحمت لما انتعلتها بقدمي مظلة لأهبط بسلام على أرض الأحلام . عاهدتها ، وعاهدت جراحي ، ألا أمس جمر اليابسة ولو بوشاح روحي وريش جناحي . عاهدتها أن أمتطي أبدا صهوة الرياح ، وأن أتعلق بعنق الهواء بقبضة جنوني ، بعيدا عن هبات الهوى ، وأوهام اللقاء .

خارطة الحزن ، يا سيدي الحطاب ، رسمت بالألم أوكارها على صفحات الوداع ، ونثرت من فرط جزعي أعشاشها على جيد الفراق ، ثم رحت أقلب كفي على ما ضيعت من فرص النجاة ، وأعتصر قلبي الدامي بيدي على ما فرطت من عمر وحياة . وها أنا أنهال بفأس الندم على جذع الأمل وجذور الحلم وجدران الوطن ، بعد أن تاهت مني خطوط الأمان ، وانسلت من جفوني خيوط السلام ، وتكسرت رموش الغرام ، وتعثرت خطوات الإلهام ، واختلجت ملامحي ، واختلطت بالغربة دمائي ومدامعي ، واختلف الضلع بالضلع ، واختنق في مقلة الصدر الوجع ، وبانت عورات وعودك ، وتبدت لي تجاعيد عهودك ، وتعرت ساق السؤال في محراب الكلام ، كيف ولماذا ومتى .... ثم لم يكف كيدها عني نوبات بكائي ، ولم ترحم كبوات الأجوبة حيرتي ، ولا كفكف الصبر دمعي .

قد طالت أكمام الصمت ، أيها الحطاب المسكين ، وفاضت فصول الخيبة على حقول الحروف ، وهجرت عصافير المعاني شجرة الغناء ، وغار الهديل في صدر الصدى ، وتغربت حمائم الحبر . وحطت على شرفة القمر غربان السواد وبوم الحداد .

وغدت ملاكك هلاكا ، واعتلى الظلام منها ظهر النهار وظاهره ، وجرى في صدرها نهر السحاب بالظمأ والسراب ، وحل الخراب ، وجثم الرماد على صدر الدمار ، ولفظ اسمك المسمم بالخداع آخر أنفاسه ، وانسحب حبك الغادر من شراييني إلى غد النسيان الأبدي ، وتحت أقدام الهجر انسحق .
.
.
.


 


رد مع اقتباس