الموضوع: قَسوَةُ واقع
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-15-19, 09:16 PM   #1
عاشق الحرية

الصورة الرمزية عاشق الحرية

آخر زيارة »  يوم أمس (07:39 PM)

 الأوسمة و جوائز

Icon N13 قَسوَةُ واقع



في تلك الغرفة المظلمة إلا من نور شاشة جوال ساطع

محادثة عبر شاشة ذلك الجوال ..
هي (( أنا مستعده أن أهرب معك الآن فلآ يوجد أي أحد في المنزل سنرحل أنا وأنت إلى مدينة أخرى أو عالم آخر ))

هو (( نامي واستعيذي من الشيطان.. فلن أكون سبباً في تشويهه سُمعتك إطلاقاً ))

هي (( صدقني أنها الفرصة الوحيدة لنا.. أرجوك لآ تُضيعها ))

هو (( قلت لك نامي ... سأغلق هاتفي الآن..وداعاً ))

أغلق الهاتف وزادت عتمة الغرفة إلا من دمعةٍ تلألأت من عينه...
وهو يتذكر صوت ذلك الباب الذي أُقفِلَ في وجهه بعد أن تم طرده بطريقة غير لائقه...
وتلك الأصوات التي لازال صداها عالقاً في ذهنه ...
( صدق نفسه أننا سنقبل به زوجاً لإبنتنا )
( نسي من يكون ومن نحن )
ضحكات شامته( إن عدت مرة أخرى ستكون نهايتك)

دمعة أخرى أخذت تتلألأ من عيناه

إنه مولود في نفس اليوم الذي وُلدت هي فيه
كذلك بيتهما مُتجاورين...
حتى أنهم لم يفترقا منذ الصغر ...
يلعبان سوية...ويضحكان ببراءة الأطفال
بلآ هموم أو مشاكل ...
كانت والدته تقول هي لك وأنت لهآ...
كبرت الفكرة معهما... الفكرة تكبر وكذلك الأجسام والعقول كبرت...

حتى وصل السن الواجب على الفتاة أن تستقر في بيتها
وتودع عالم الطفولة ..

صحيح أنهما إنفصلا عن الرؤية والإلتقاء
إلا أن العقول مع الأرواح في إتصال مستمر ...

إنتهت فترة الدراسة.. وكلاً منهما يتذكر طموح الآخر
ورغبته في الكبر ..

هي تريد أن تُصبح مُربية أجيال..
وهو يُريد أن يكون طبيب قلب ...

مضى كل واحدٍ منهما في سبيل تحقيق طموحه
حتى إستطاعا تحقيق أهدافهما بكل نجاح ..

هي بدورها بدأت مزاولة مهنتها بين الأطفال
وما تكاد ترى طفلين مُتماسكين حتى تبدأ بتذكر
صديق طفولتها...
ترى في الأطفال صورتهما القديمة وقصتهما الأليمة...

دموع تذرف... وآهاتٍ غير مسموعة.. تُمني النفس
بأن تتحقق أمنيتها...وأن تُصبح زوجة له ..

هو بدوره أكمل دراسته...إجتهد حتى حقق أعلى تلك الشهادات...
التي جعلت منه دكتور جراحة قلب مُتمكن
عندما يبدأ بالكشف على قلب المراجع ...
يُحاول أن يرى هل القلب سليم من الحب أم أن القلوب جميعها مُصابة مثل قلبه بداء العشق
ويتذكر تلك الطفلة التي كان يتبادل معها أجمل الألعاب واللحظات ...

حتى جاءت تلك اللحظة التي جعلت من قلبه أجزاء صغيرة مُتشتته..
عندما تقدم لطلب يد صديقة طفولته من أبيها...
الذي قابله بعنصرية...ظن أنها ماتت منذ زمن ..

لأنه من طبقه أقل من طبقة الفتاة ...تم إستحقاره
بالرغم من المكانة العلمية والمهنية التي إستطاع الوصول إليها...

تم طرده والضحك عليه والإستهزاء به ...
لآ يهم ياقوم أنتم قتلتوني بعد منعي منها
لم تسلخون جلدي بالإحتقار... بذنبٍ لآ علاقة لي به
فنحن بشر أبناء تسعة أشهر...!

دمعة أخرى تلألأت من عيناه

بعد أن علم الناس بما حصل
بدأ الجمع يهمز بالقول والفعل
لديه مجمع طبي مليئ بالكادر الصحي النسائي
جميعهن يُمنون أنفسهن بأن يكون من نصيبهن
لماذا هو متعلق بتلك المُعلمة ..
هنآك من بدأت تعرض نفسها بالزواج به ..
وهناك من أبدت إستعدادها أن تبحث له عن أجمل منها ...

إلا أنه يبتسم ويرفض كل تلك المُقترحات
ولا يستوعب أن تكون أي فتاةٍ بديلة لهآ...

لم يعد ينام بشكل جيد ...
وأصبح يبحث عن طبيب يُلملم شتات قلبه
أو شتات كبريائه... بلآ فائدة

فجأة إذا بجهاز الإستدعاء يرن بجواره
علم أن هنآك حالة حرجة تستدعي التدخل
قام مُسرعاً يُلبي النداء ...
وصل وقام أحد الأطباء بشرح الحالة له على عجله
تم إدخال الحالة للعمليات لإجراء عملية قلبٍ مفتوح
وبعد أن إستغرقت العملية أكثر من تسع ساعات
وتكللت بالنجاح
خرج وهو بقمة الإرهاق .. أحضرت الممرضة الملف الطبي...
ليقوم بتعبئته وإكماله..
لفت إنتباهه هوية المريض اذا به والد صديقة طفولته ...

مكتب الطبيب يُطرق بابه لأخذ الإذن بالدخول
سمح للطارق بالدخول ...
إذا هي الصديقة الوفية وأمها ....!!
بلآ مُقدمات الدموع بينهما سبقت الكلمات
الأم كيف حال المريض ... أرجوك يا دكتور طمنا..!

هو : بخير والحمد لله العملية ناجحة
أكمل الملف وكانت دموعه تملأ الصفحات
وهي تئن بصمت... وغطاء وجهها متبلل من دموعها..!

ما إن استعاد ذلك المريض عافيته
وعلم أن من أنقذ حياته هو الشاب الذي طرده...
جاء إليه مُعتذراً وعارضاً ابنته للزواج به ...

كتبت ممرضة العيادة الأجنبية
(مجتمع العرب قاسٍ جدا ... هل يتوجب أن نُنقذ حياة بعض لأجل أن نكون في مقامٍ واحد )

تحية طيبة

عاشق الحرية


 
مواضيع : عاشق الحرية