عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-19, 02:04 PM   #1
انفآس

آخر زيارة »  09-26-19 (09:50 PM)
المكان »  طيبه الطيبه
الهوايه »  كل مايعجبني يستهويني

 الأوسمة و جوائز

افتراضي توجيهات الشيخ ابن باز للمعلمين والمعلمات



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:

فمن الدعائم المتينة والأساسية في بناء كل أمة وقوتها: العلم, فأمة بدون علم أمة لا وزن ولا قيمة لها, وأمة الإسلام عندما كانت أمة ترفع راية العلم النافع - الذي أساسه: العقيدة الصحيحة - كان لها أثرها وتأثيرها على أمم الأرض, فأخرجت الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام, أسأل الله الكريم أن يعيد لها مجدها وعزتها وقوتها.

العلم النافع يقوم على أكتاف المعلمين المخلصين الصادقين, الذين آمنوا بدورهم الكبير في بناء الأمة, فمن تحت أيديهم يتخرج كل أفراد المجتمع الذين يساهمون في بناء المجتمع كل حسب فنه وتخصصه.

فحري بهم أن يحتسبوا الأجر والثواب من الله الكريم, فيبذلوا كل ما يستطيعون من جهد لتعلم وتربية أبناء المسلمين, والله لا يضيع أجر العاملين المحسنين, ومما يحفز هممهم لذلك: أن يستمعوا لنصائح ووصايا عالم كبير, ومربى فاضل, بذل سني عمره التي قاربت التسعين عاماً في التعلم, والتربية, والتوجيه, والدعوة, والإفتاء, والإرشاد, ذلكم هو: سماحه الشيخ الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز, رحمه الله, وجعل أعلى درجات الجنة مثواه, حيث له مجموعة من الوصايا والنصائح للمعلمين والمعلمات, انتقيتُ شيئاً منها, أسأل الله الكريم أن ينتفع بها كل من اطلع عليها, ومما انتقيت ما يلي:

شدة حاجة الأمة إلى المعلم الصالح:
ما أشدَّ حاجة الأمة في هذا العصر الذي كثر فيه دعاة الهدم, وقلَّ فيه دعاة البناء والإصلاح, إلى المعلم الصالح, الذي يتلقى علومه وما يربى به طلابه, من كتاب الله, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وينشر بينهم أخلاق السلف الصالح, من: الصدق, والأمانة, والإخلاص في العمل, وتعظيم الأوامر والنواهي, والمسابقة إلى كل فضيلة, والحذر من كل رذيلة.

مهمة المعلم من أصعب المهام لكنها من أشرف الوظائف وأعظمها نفعاً وأجلها قدراً
العلماء هم ورثة الأنبياء, ولذلك كانت مهمة المعلم من أصعب المهام, لما تتطلبه من الاتصاف بأكمل الصفات حسب الإمكان, من علم نافع, وخلق كريم, وعمل صالح متواصل, وصبر مصابرة, وتحمل للمشاق في سبيل إصلاح الطالب, وتربيته تربية إسلامية نقية, وبقدر ما تتوفر صفات الكمال في المدرس يكون نجاحه في مهمته,....ومهمة المعلم مع كونها من أصعب المهام فهي مع ذلك من أشرف الوظائف, وأعظمها نفعاً, وأجلها قدراً, إذا وفق صاحبها للإخلاص وحسنت نيته, وبذل جهده, كما أن له من الأجر مثل من انتفع بعلمه, وفي الحديث الشريف يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ويقول علية الصلاة والسلام: ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: ( من دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله )


من سمات المعلم وأخلاقه:

الإخلاص لله...الواجب على المعلم أن يعني بهذا الأمر...فيكون مخلصاً لله في كل أعماله حسن السيرة والسلوك, لأن الطالب يتأسى بأستاذه في الخير والشر, وعلى المعلم أن يكون قدوة في المحافظة على الصلوات في الجماعة, والمسابقة إليها, وتوفير اللحية وعدم التدخين وعدم الإسبال وفي الأسلوب الحسن والكلمات الطيبة ..فنوصي...أن يكون الأستاذ قدوة صالحة لتلاميذه في كل خير,..فالمعلم هو المربي الروحي للطالب فينبغي أن يكون ذا أخلاق فاضلة, وسمت حسن حتى يتأسى به تلامذته, كما ينبغي أن يكون محافظاً على المأمورات الشرعية بعيداً عن المنهيات, حافظاً لوقته, قليل المزاح, واسع البال, طلق الوجه, حسن البشر, رحب الصدر

السير على نهج المعلم الأول: قدوة الجميع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام:

قدوة الجميع وإمامهم هو سيدنا وإمامنا محمد بن عبدالله الهاشمي العربي المكي ثم المدني عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم, فلقد كان أكمل الناس في كل الصفات الكريمة, وقد لاقى في توجيه الناس, وتعليمهم الصعوبات الكبيرة, والمشاق العظيمة فصبر على ذلك, وتحمل كل مشقة وصعوبة في سبيل نشر دينه, وإخراج أمته من الظلمات إلى النور, فجزاه الله عن ذلك أفضل الجزاء الحسن وأكمله, وقد تربى على يديه الكريمتين جيل صالح يعتبر أفضل الأجيال التي عرفتها البشرية في تاريخها الطويل, ومعلوم أن ذلك ناشئ عن حسن تربيته وتوجيهه لأصحابه, وصبره على ذلك بعد توفيق الله لهم وأخذه بأيديهم إلى الحق سبحانه وتعالى.

إذا علم ذلك فإن من أهم المهمات في حق المعلم في كل مكان وزمان أن يسير على نهج المعلم الأول: محمد صلى الله عليه وسلم, وأن يجتهد في معرفة ذلك حتى يطبقه في نفسه, وفي طلابه حسب الإمكان.

توجيه الطلاب إلى الإقبال على طلب العلم والإخلاص فيه

من أهم الأمور في حق المعلم أن يوجه الطالب إلى الإقبال على طلب العلم, حتى يعلم من أمور دينه ما لا يسعه جهله, كمعرفة العقيدة الصحيحة, وأحكام الصلاة, والزكاة والصيام والحج و..المعاملات, حتى يكون في ذلك كله على بينة وهدى, لأن الله سبحانه إنما خلق الثقلين ليعبد وحده لا شريك له, وعبادته هي توحيده سبحانه بأنواع العبادة, وطاعة أوامره, وترك نواهيه, ولا سبيل إلى معرفة ذلك بالتفصيل إلا بواسطة التعلم...والواجب على المعلم...أن يوجه طلبته إلى ما ينفعهم ويعينهم على تحصيل العلم, مذكراً لهم بحسن العاقبة للمخلصين, وسوئها لغيرهم

الإلمام بالدرس وحسن الإلقاء له يغرس المعلومات في أذهان التلاميذ:

إذا ما أراد أي معلم أن يغرس معلوماته في أذهان تلامذته فلا بد له قبل كل شيء أن يكون: ذا إلمام تام بالدرس الذي وكل إليه القيام به, وذا معرفة بالغة بطرق التدريس, وكيفية حسن الإلقاء, ولفت نظر طلابه بطريقة جلية واضحة إلى الموضوع الأساسي للدرس, وحصره البحث في موضوع الدرس دون الخروج إلى هوامش قد تبلبل أفكار التلاميذ, وتفوت عليهم الفائدة, وأن يسلك في تفهيمهم للعلوم التي يلقيها عليهم طرق الإقناع مستخدماً وسائل العرض والتشبيه والتمثيل, وأن يركز اهتمامه على الأمور الجوهرية, التي هي القواعد الأساسية لكل درس من الدروس, وأن يغرس في نفوسهم كليات الأشياء, ثم يتطرق إلى الجزئيات شيئاً فشيئاً, إذ المهم في كل أمر أصله, وأما الفروع فهي تبع للأصول, وأن يركز المواد ويقربها إلى أذهان التلاميذ, وأن يحبب إليه الدرس ويرغبهم في الإصغاء إليه, ويعلمهم بفائدته وغايته.

إفساح المجال لمناقشة الطلاب وتحمل ما يصدر من أخطاء في مناقشاتهم:

الطلبة...يفسح المجال للمناقشة معهم, وتحمل الأخطاء التي تأتي في مناقشاتهم لكونها ناتجة عن البحث عن الحقائق, وأن يشجعهم على كل بحث يفضي إلى وقوفهم على الحقيقة أخذاً في الحسبان عوامل البيئة والطباع والعادات والمناخ, لأن لتلك الأمور تأثيراً بالغاً في نفسيات التلاميذ ينعكس على أفهامهم وسيرتهم وأعمالهم

التثبت وعدم العجلة في الإجابة على أسئلة الطلاب ليقتدوا به في ذلك:

أوصى المدرسين...أن يعنوا بتوجيه الطلبة...وأن يحثوهم على التثبت في الأمور, وعدم العجلة في الفتوى, والجزم في المسائل إلا على بصيرة, وأن يكونوا قدوة لهم في ذلك, بالتوقف عما يشكل, والوعد بالنظر فيه بعد يوم أو يومين, أو في الدرس الآتي, حتى يتعود الطالب ذلك من الأستاذ, بعدم العجلة في الفتوى والحكم,...ومن الأخلاق الكريمة أن يعود الطالب كلمة لا أدري,...مع التحذير من الفتوى بغير علم, والجرأة عليها.

توجيه الطلاب إلى الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة وأن يعملوا بما علموا

الواجب على المدرسين والمدرسات أكثر من الواجب على غيرهم بالنسبة إلى الطلبة والطالبات, فعلى المدرسين أن يعنوا بالطلبة ويوجهوهم إلى الأخلاق الفاضلة, والصفات الحميدة, والعمل بما علموا من العلم, وعلى المدرسات أن يتقين الله في البنات, وأن يعلمنهن الأخلاق الدينية الفاضلة, والعقيدة الصالحة في الدراسة, وفي المذاكرة, وفي الوعظ, حتى يوجد جيل صالح من الطلبة والطالبات...في المستقبل.

ترك قبول الهدايا من الطلاب:

الواجب على المعلمة ترك قبول الهدايا, لأنها قد تجرها إلى الحيف, وعدم النصح في حق من لم يهد لها, والزيادة بحق المهدية, والغش, فالواجب على المدرسة أن لا تقبل الهدية من الطالبات بالكلية, لأن ذلك قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه, والمؤمن والمؤمنة عليهما أن يحتاطا لدينهما, ويبتعدا عن أسباب الريبة والخطر, أما بعد انتقالها من المدرسة إلى مدرسة أخرى, فلا يضر ذلك, لأن الريبة قد انتهت حينئذ والخطر مأمون, وهكذا بعد فصلها من العمل أو تقاعدها إذا أهدوا إليها شيئاً فلا بأس.

اللهم وفق المعلمين والمعلمات على القيام بأمانة تربية وتعليم الطلاب والطالبات, وأعظم لهم الأجر في ذلك.