عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-20, 08:58 AM   #5
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:52 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





حكاية_العهد_الجديد

(٤/١٠)

يوم التروية

“الله يعينكم على حج الصيف”
أذكر أنني زمانا منذ أن بدأت تخالط وجداني رغبة الحج، كنت أتمنى الحج شتاءً! وكنت أقول لابد أن أحج قبل أن يصادف الحج فصل الصيف..

ولكن كتاب رب العالمين سابق، والله أراد لي الحج صيفاً وحتما له في ذلك حكمة..
لم يقلقني أبداً موضوع حرارة الجو، فرب العالمين الذي كتب ذلك لنا رحيم بنا..

كنت أقول لمن حولي ألا تلاحظون أنه في كل عام يصادف هطول المطر في موسم الحج؟ أنا على يقين أن رب العالمين سيهون علينا الجو..

كنت حقا في قرارة نفسي أتمنى وأدعو أن يظللنا الغمام وأن تهطل علينا الأمطار، فكم لذلك من روعة وروحانية وسكينة..

ضحى يوم التروية، وهو اليوم الذي انتظرناه بكامل الشوق لنبدأ مناسك الحج حقاً ونعيش أجواء منى، أحرمنا من مكاننا ثم انتظرنا التفويج، ولكنهم أبلغونا أننا سنتأخر.

عصراً، سمعت هتاف الرفيقات وهن ينظرن من النافذة: انظرن سحابة شديدة السواد قادمة نحو مكة! لقد استبشرنا خيراً وتلمست استجابة الدعاء ..

صلينا المغرب وانتظرنا أن يحين موعد تفويجنا.. لقد مللنا الانتظار في الفندق وعمرت منى بالحجيج ونحن ما زلنا هنا!

خرجت فاطمة والخالة مريم لتناول وجبة العشاء في مطعم الفندق وبقيت أنا ورهف في الغرفة نجلس على الأرض نتناول مما لدينا من الطعام الخفيف

رهف: هل تعلمين يا عهد، أنا لا أصدق كيف تيسرت أموري للحج وتفضل المولى علي أن أكون ضمن الحجيج و قد تعرضت لظرف كاد أن يلغي كل شيء، ولكن رحمة الله سبقت.

أنا: الله لطيف بعباده، أنا أيضا لا أتخيل نفسي كم كنت أتمنى الحج سنيناً ولم يكتب لي أن أحج إلا بعد أن مررت بتغيرات في حياتي وظروف ومحن لعلها كانت السبب في زيادة إيماني لأحج وإيماني بالله أكبر مما كان.

تغير وجه رهف فجأة وانصب عليها الخوف صباً..
أنا: ماذا بك؟
أشارت إلى النافذة، “برق قوي”.
أنا: مطر!
لقد شعرت بسعادة كبيرة رغم أن المنظر كان يستدعي الخوف أكثر من السعادة..

لم نكن نرى المطر، كانت ريحا شديدة تكاد تخلع الشجر، وغبار..
وبدأت رسائل الواتس أب تصل، مطر على المشاعر،
وكان على المشاعر فقط!

تصل التعليمات إلى الحملة بتأجيل التفويج حتى استقرار حالة الطقس..وأخبار بلدنا تطمئن أهالينا أننا بخير ولم نتعرض للخطر..

لم نكن نعلم وقتها ماذا يجري في منى وحالة الذعر التي عاشها الحجاج هنالك حتى قالت لي صديقة سبقتنا بالوصول: لقد كان مشهد يذكرنا بالقيامة، والكل نفسي نفسي..

وصلنا خيمتنا في منى و استعددنا للمبيت، هنالك شعرت أن عائلتي في الحج أصبحت كبيرة. فبعد أن كنت خجلة من أن أبيت مع ثلاث نساء لا أعرفهن، اليوم سأبيت مع العشرات.

لقد كانت هذه التجربة من أجمل تجارب الحياة، حيث تلاشت كل المظاهر ولبسنا جميعاً ثياب التواضع والمساواة..

نمنا في وقت متأخر ثم أيقظتنا المشرفة الساعة الثالثة والنصف نستعد للفجر، فلما أذن الفجر، وصلينا، شعرنا أن نسمات رحمات هذا اليوم الفضيل قد هبطت علينا ..
تأخر التفويج، فاضطجعت أستريح لأستعين بذلك على العبادة المقبلين عليها هذا اليوم. فإذا أصوات جاراتنا من الحملة المجاورة تصل إلى أذني بكلام طيب وتواصٍ بالخير وفوائد علمية ثم دعاء وتأمين وأنا أؤمن معهن..

يتبع