عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-22, 06:13 AM   #1
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:14 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي الملك الناصر محمد بن قلاوون



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نسبه ونشأته

هو أبو الفتوح ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي النجمي الألفي سلطان الديار المصرية، وجلس على تخت الملك بعد قتل أخيه الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون في يوم الاثنين رابع عشر المحرم، وقيل: يوم الثلاثاء خامس عشر المحرم، من سنة 693هـ.

ولد الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 684هـ في قلعة الجبل ووالده المنصور على حصن المرقب محاصرًا له، ونشأ في بيت الملك، واعتنى به أبوه فأنشأه على الأخلاق القويمة ورباه تربية سليمة، استطاع من خلاها أن يمارس الحكم أكثر من ثلاثين عامًا، ظهرت فيها حسن أخلاقه، وأثر التربية والتنشئة التي نشأ عليها.

جهاده وأهم المعارك ودوره فيها

الملك الناصر محمد بن قلاوون تولى الملك الناصر لدين الله السلطة بعد مقتل أخيه الأشرف خليل قلاوون الذي أنهي الوجود الصليببي في الشام والذي استمر مائة عام، وكان أبوه قد بدأ في ذلك فهاجم الفرنجة إلا أن المنية وافته، فأتم ابنه الأشرف خليل الوجود الصليبي، وكان عمر محمد بن قلاوون يوم تولى السلطة عشرة أعوام، مما أغرى البعض بإقالته لعدم أهليته، وكان كتبغا هو زعيم حركة إقالته بوشاية من حسام الدين لاجين، والذي كان شريكًا في قتل الأشرف خليل قلاوون، وقد خاف من محمد بن قلاوون أن يفتك به، إلا أن ولاية كتبغا لم تطل بسبب الغلاء الذي ساد البلاد، وكذلك المجاعة، فثار عليه الناس وأقالوه، وطالبوا برجوع محمد بن قلاوون مرة أخرى إلى الحكم.

وكان عمر محمد بن قلاوون أربعة عشر عامًا، فلم يزل في الحكم إلا أنه لم يكن له منه غير الاسم، وكان بيبرس الجاشنكير بيده مقاليد الحكم، فأراد محمد بن قلاوون أن يستريح من الحكم فذهب إلى الإقامة في الكرك بعد إعلانه السفر إلى الحج. مرة أخرى يثور الناس على بيبرس الجاشنكير بعد أن تولى السلطنة مطالبين بإعادة محمد قلاوون، فيعود للمرة الثالثة ليستمر في حكمه للبلاد اثنين وثلاثين عامًا، ينعم أهل البلاد خلالها بحياة كريمة، وظل مدافعًا عن بلاده يصد هجمات المعتدين إلى أن لقي ربه u.

لم ينس التتار تلك الهزيمة التي أصابتهم في عين جالوت، فأعادوا الكرة لاحتلال بلاد الإسلام مرة أخرى، وخرجت جيوش التتار وعلى رأسها قازان، ووصلت هذه الجيوش إلى دمشق، وقاسى الناس منهم شدائد وأهوالاً عظيمة، وجبت منهم جيوش التتار الأموال، وقرر على كل سوق شيئًا من المال، واستخرجوه بالضرب والإحراق، فجهز الناصر لدين الله الملك محمد بن قلاوون جيوشه وسار لنجدة المسلمين، إلا أن قازان تظاهر بالرجوع وخرج من دمشق، فظنَّ محمد بن قلاوون أن التتار تركوا البلاد، فضعفت حماسة الجيوش، وخارت الهمم، ففاجأهم قازان بجيش التتار وأصابتهم هزيمة كبيرة.

رجع الملك محمد قلاوون بعد هذه الهزيمة التي أعملت بحيلة الخديعة والمكر إلى مصر وجهز الجيوش وأعد العدة لقتال التتار مرة أخرى، وندب العامة للقتال معه، فجاءه خلق كثير من المتطوعة، والتحم الجيشان، وأعملت السيوف وكثر الضرب بالسيف، والطعن بالرمح والرمي بالنبال، وهجم الجيش التتري على ميمنة المسلمين فهزمها فتقهقرت إلى الوراء، إلا أن ثبات السلطان الذي كان زائدًا عن حد فشمل كل الجنود فثبتوا بثبات السلطان، وألقى الله الرعب في قلوب التتار، ولم يكن لهم إلا الفرار فلجئوا إلى الفرار يجرون أذيال الجبة، وأنزل الله النصر على المؤمنين، ومني التتار بهزيمة ساحقة، ورجع قازان من حلب في ضيق صدر من كسرة أصحابه يوم عرض، وبهذه الكسرة سقطت قواه؛ لأنه لم يعد إليه من أصحابه غير الثلث، وتخطفتهم أهل الحصون، وساق سلار وقبجق وراء المنهزمين إلى القريتين ولم ينكسر التتار مثل هذه المرة.

وفاته

مات يوم الأربعاء في عشر ذي الحجة الحرام سنة 741هـ، وتسلطَنَ من ولده لصلبه ثمانية نفر، وكانت مدة ولايته في المرات الثلاث أربعًا وأربعين سنة وخمسة عشر يومًا.

قالوا عنه

أثنى عليه العلماء فقالوا عنه: كان ملكًا عظيمًا جليلاً كفؤًا للسلطنة ذا دهاء، محبًّا للعدل والعمارة، وطابت مدته وشاع ذكره وطار صيته في الآفاق، وهابته الأسود، وخطب له في بلاد بعيدة.

ومن محاسنه أنه لما ملك البلاد أسقط جميع المكوس من أعمال الممالك المصرية والشامية، وراك البلاد وهو الروك الناصري المشهود، وأبطل الرشوة وعاقب عليها فلا يتقلد المناصب إلا مستحقها بعد التروي والامتحان واتفاق الرأي، ولا يقضي إلا بالحق، فكانت أيامه سعيدة وأفعاله حميدة.

وهو من أعظم ملوك الأتراك، ومَن دانت له الأقدار ودارت بسعوده الأفلاك، لم يرَ الناس مثل أيامه، ولا أسعد من حركاته، في رحيله ومُقامه، تجرّع في مبادئ أمره كئوس الصبر، وتجلّد إلى أن وارى أعاديه القبر.

وقال عنه صاحب الوافي بالوفيات: كان السلطان الملك الناصر ملكًا عظيمًا محظوظًا مطاعًا مهيبًا ذا بطش ودهاء وحزم شديد وكيد مديد، فلما حاول أمرًا فانجزم عليه فيه شيء يحاوله؛ لأنه كان يأخذ نفسه فيه بالحزم البعيد والاحتياط، وكان سمحًا جوادًا على من يقربه ويؤثره، لا يبخل عليه بشيء كائنًا ما كان[1].


[1] المراجع: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - الوافي بالوفيات - عجائب الآثار - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - أعيان العصر وأعوان النصر...


 


رد مع اقتباس