07-30-24, 07:40 PM
|
#1 |
| | | | | | | | | الهوايه » القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر | | | | | |
فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ..(مشاركة)طارق الموصللي
مع حلول الهَزيع، فاحت رائحة البارود الكريهة من مكانٍ ما، ذكّرتها الرائحة بابنها، حسام، هناك على الجبهة، يسعى لخوض غِمار "المعركة الأخيرة". هكذا وصفها آملًا أن يندحر العدو عن البلاد كلها، لا عن بلدته فحسب. غير أن للقدر رأيًا مُغَايِرًا.
إذ سرعان ما زفّ إليها أحد أصدقاء حسام خبر استشهاده، أخبرت نفسها: "لا يُفترض بخبرٍ كهذا أن يُضعِفكَ يا دلال، ابنك الآن بصحبة الصدّيقين في الجنة". لكن جاء الخبر، لـيَهدم حلمها الوحيد برؤية عروس ابنها تُزفّ إليه، فوجدت نفسها -رغمًا عنها- تبكي بحرقة.
في تلك اللحظة، رأت فأرة صغيرة تختبئ داخل جحرها، في حين تقف أمها مذعورة على مقربةً منها. وكأن فراغ العالم من معنى العدالة قد ملئ صدرها بغضبٌ عارم؛ كيف تعيش هذه الفأرة -عديمة القيمة- في حين يتساقط أبنائنا صرعى حربٍ لم يختاروها؟ وعزمت على قتل الفأرة.. مع ابنتها.
لكنها تمعنت في هواجسها: "ألن أكون مجرمة كهؤلاء إن قتلتها؟ هم يروننا حيواناتٍ بشرية لأنهم لا يحترمون حيوات الحيوانات رغم إدعائهم العكس، في حين أننا على نقيضهم، نرى جميع الكائنات جديرة بالحياة لأنها هبة من الله سبحانه وتعالى". وهكذا، مسَحْتَ الغبار عن الأرضية، ووضعت قطعة خبز يابسة على باب الجحر.
كانت ليلة موحشة بحق، عنوانها تيه الخُطى بعد رحيل ابنها، لكن دلال عقدت العزم على ألّا تستكين إلا بعد الانتقام -بيدها- لابنها. مؤمنةً أن زمن الـخوارق قد انتهى.
|
| |