عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-14, 10:49 AM   #1
مهند ال سعيد

الصورة الرمزية مهند ال سعيد

آخر زيارة »  05-30-14 (04:18 PM)

 الأوسمة و جوائز

Pix320 الحـر من راعـى وداد لحظـة!!!!!!!!



الحـر من راعـى وداد لحظـة



إن أكثر ما يجرح فؤادك ويؤلم شعورك كإنسان حي هو ظلم ذوي القربى، خاصة إن كان حب هؤلاء متمكنًا من هذا الفؤاد ومتربعًا فيه، وقد خالطتَّهم الزمن الطويل، وبادلتَهم كل القيم الجميلة، وأعطيتَهم ثقتك، وارتبط مصيرك بمصيرهم، وبنيتَ عليهم الكثير من الآمال، ورتبتَ عليهم كمَّا كبيرًا من الطموحات.

والقربى لا تقتصر على روابط الرحم والوشائج العائلية فقط، وإنما تشمل كل مقرَّب حميم، شغل مكانًا متميزًا في حياتك، وشاركك الكثير من الأفراح والأتراح، واستنزف الكثير من عاطفتك وأعصابك، وأحيانًا دمك ودموعك.
لقد أدرك الشاعر القديم أن “الانتكاس” الحادث عند هؤلاء يكون أشد على النفس وأكثر إيلامًا من ضرب السيوف، فقال: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ..
على المرء من وقع الحسام المهند.
وتشتد المضاضة ويزداد الألم عندما يمعن هؤلاء في ازدراء كل حسناتك التي تقلبوا وتنعموا فيها، وتحويلها إلى مثالب وعيوب، فتتحول رقتك عليهم إلى ضعف، وصبرك معهم إلى خنوع، وحسمك للمواقف إلى قسوة، وحزمك للأمور إلى غلظة، ويتم إعادة تفسير وتحليل كل ماضيك معهم وفق العدسة الجديدة التي ينظرون إليك من خلالها، فتسمع منهم وتقرأ لهم ما تُدهش لخروجه من أمثالهم، ويحار عقلك في فهم قدرتهم على قلب الأمور والكذب والاختلاق، أو على الأقل التعنت في تفسيرك وتأويلك، وجعل هدف حياتهم الذي يعيشون لأجله هو التفنن في تجريحك وإيذائك، ناهيك عن إفشاء أسرارك التي أودعتها إياهم وائتمنتها عليهم أيام الصفو.
إن هذا “الانتكاس” كما يحدث بين الأفراد، يحدث أيضًا بين فرد وجماعة، وبين جماعة وجماعة، وتتشابه ممارساته في تلك المستويات، تجمع بين أصحابها دناءة الأصل ورداءة الطبع ووضاعة الضمير وانعدام الخُلُق.
إن الخلاف فطرة بشرية، وناموس كوني، والبعض يحسن التعامل معه وإدارته، محافظًا على روابطه وعلاقاته مع المخالفين، والبعض لا تتركه نفسه حتى تصل به إلى مفترق الطرق، وتنحط به إلى المفاصلة الوجدانية التي لا تُبقي على ود ولا ترعى وشيجة.
لا يستغرب المرء حدوث الخلاف في الرأي، وافتقاد التفاهم العقلي، والوصول إلى المفاصلة الفكرية، لكن لماذا لا يستطيع البعض أن يختلف بالحسنى ويفارق بالمعروف ويسرِّح أو يتسرح بإحسان؟!!
ماذا يضر هؤلاء – إن كانت نفوسهم سوية – أن يحفظوا الود القديم، ويسلكوا سبيل الأحرار فيراعوا وداد اللحظات بل الشهور والسنوات، تمثلاً بقول الشافعي رحمه الله:
“الحر من راعى وداد لحظة”!
لماذا يسارعون في التشفي والانتقام
وإحراق كل السفن وقطع طرق العودة؟!!..