عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-14, 04:46 AM   #1
سـفـيـر الـغـلا

آخر زيارة »  05-25-19 (07:32 AM)
المكان »  دنيآ كفآنآ الله شرهآ
الهوايه »  آن آكون ذكرى طيبه بقلوب آلنآس
لست عديم اهتمام لكن لا احب ان ازعج احد

 الأوسمة و جوائز

افتراضي حـقـوق آلإنسان لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي




الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وأرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
حقوق الإنسان:
أيها الأخوة الكرام: موضوع درس اليوم جديد عليكم، فالإنسان لا يفتأ يستمع إلى الأخبار حول حقوق الإنسان، وأن هذه الدولة لا تحترم حقوق الإنسان، وأن تلك الدولة تُعاقَب لأنها لا تحترم حقوق الإنسان، وكأن حقوق الإنسان إنجاز عالمي كبير، والذي يؤلم أشد الألم أن أجهل الناس بما في الإسلام من حقوق للإنسان هم المسلمون، يتبجحون بحقوق الإنسان وفي الدين الإسلامي من صيانة حقوق الإنسان ما لا يصدق، لذلك هذه الكلمة كثيراً ما نستمع إليها في الأخبار حقوق الإنسان، صون حقوق الإنسان، رعاية حقوق الإنسان.


حقوق الإنسان متعددة منها:
1 ـ حق الحياة:
أيها الأخوة الكرام: أول حق من حقوق الإنسان هو: حق الحياة، فالحياة هبة الله سبحانه وتعالى، وقد أجمعت جميع الشرائع والأديان على تقديس حق الحياة واحترامه وحفظه ورعايته، وبالتالي حرّمت الاعتداء على صاحبه تحريماً قطعياً، لا نجد صوناً لهذا الحق كما نجده في الإسلام، دققوا في هذه الآية:


﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)﴾
( سورة المائدة )
حق الحياة مصون لأعلى درجة في الإسلام:
الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله، يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً، أما أن تُغتَصب ثلاثمئة وخمسون ألف فتاة في البوسنة، وأما ما يفعله هؤلاء بما يسمى بالتطهير العرقي، ليس هذا انتهاك لحقوق الإنسان ؟ هل تجدون نصاً يرعى حق الحياة كهذا النص ؟ هل تجدون نصاً في الكون كله يرعى حق الحياة كقوله صلى الله عليه وسلم:


(( يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً ))
[ ورد في الأثر ]
وهذه آية أخرى:


﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)﴾
( سورة النساء )
شيء لا يصدق من يقتل مؤمناً متعمداً، فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وإليكم آية ثالثة:


﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾
( سورة البقرة )
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)﴾
( سورة النور )
حق الحياة مصون في الإسلام في أعلى درجة، الذي يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، الذي يقتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً.


القصاص في القتل:
بأحكام الفقه، القصاص في القتل يتساوى فيه جميع الناس، فيقتل العالم بالجاهل، شخص يحمل أعلى شهادة في العالم (بورد) قتل إنساناً جاهلاً أمياً، الذي يحمل أعلى شهادة في العالم يُقتل بهذا الجاهل، لأنه اعتدى على حق الحياة.
يُقتل الشريف بالوضيع، ولو كان من أرقى أسرة، ولو أنها منسوبة، لو حدثت جريمة قتل يقتل الشريف بالوضيع.
يُقتل العاقل بالمجنون، عاقل قتل مجنوناً يقتل العاقل بالمجنون.
يُقتل الكبير بالصغير، يُقتل الرجل بالمرأة، يُقتل المسلم بغير المسلم، هكذا بالفقه، هل هناك من حق للحياة أعلى من هذا ؟


أحكام القتل الخطأ:
والآن إليكم حكم ما دون القتل، قال تعالى:


﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)﴾
( سورة المائدة )
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)﴾
( سورة البقرة )
أما القتل بالخطأ، فإن قُتل شخص خطأً فلا بد من رعاية حق عام وحق خاص.


1 ـ الحق الخاص:
أما الحق الخاص دية مسلّمة إلى أهله.


2 ـ الحق العام:
أما الحق العام كما أنه أزهق نفساً مؤمنةً في مجتمع مؤمن فعطل مصالح المؤمنين بقتل هذا الإنسان خطأً فينبغي أن يدخل إلى مجتمع المؤمنين نفساً مؤمنةً يعتقها لتكون فديةً له أو ديةً له نظير الحق العام.
حالياً لا يوجد عبيد فرادى، يوجد أمم مستعبدة لذلك لابد من صيام شهرين متتابعين، إذا الإنسان قتل إنساناً خطأً في حادث سير فلابد من أن يقدم إلى أهله دية كاملة ولا بد من أن يصوم شهرين متتابعين، هذا حق الحياة في الإسلام.


حقوق الإنسان في الإسلام معلنة بآيات من كتاب الله:
حينما تستمعون إلى حقوق الإنسان ينبغي أن تعتزوا بإسلامكم، حقوق الإنسان أعلنت في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين عقب الحرب العالمية الثانية، بعد أن قتلت الحرب أكثر من ثلاثةٍ وستين مليون إنسان، عدا المشوهين، انتهت الحرب العالمية الثانية بمجموع قتلى يساوي ثلاثةٍ وستين مليون إنسان، ودمرت كل شيء.
عقب هذه الحرب أعلنت حقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول عام ألف و تسعمئة وثمانية وأربعين، بينما حقوق الإنسان في الإسلام معلنة بآيات من كتاب الله قبل ألف و أربعمئة عام.


فائدة استخدام السواك:
أوربا استعملت الفرشاة قبل مئتي عام فقط، وقبلها كيف كانت تنظف أسنانها ؟ كانت تنظف أسنانها بالتمضمض بالبول، بينما السواك شرع للمؤمنين قبل ألف و أربعمئة عام.
ذكرت يوم الجمعة أن عالماً ألمانياً متخصصاً بعلم الجراثيم والأمراض قرأ كتاباً لرحالة بريطاني زار الشرق الأوسط، وكان هذا الرحالة يتهكم على قطعة من الخشب ينظف بها المسلمون أسنانهم، عدّ هذا همجيةً وتخلفاً، وكان ساخراً لاذعاً في سخريته، هذا العالم قرأ هذه المذكرات لهذا الرحالة البريطاني، قال: لعل في الأمر شيئاً لا نعرفه، وكان يتمنى أن يؤتى بسواك ويفحصه، إلى أن زار صديقاً له بالسودان وأتى ببضعة عيدان من السواك، قال هذا العالم: سحق أحد هذه العيدان وبللها ووضعها فوق مزرعة للجراثيم، ثم فوجئ أن مفعول مسحوق السواك في مزرعة الجراثيم يشابه تماماً مفعول البنسلين، فالسواك فرشاة مع معجون مع دواء في وقت واحد، والآن هناك معاجين مصنوعة من خلاصة السواك.
هم قبل مئتي عام بدؤوا ينظفون أسنانهم بالفرشاة، وقبلها كانوا ينظفون أسنانهم بالتمضمض بالبول، بينما المسلمون أرشدهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى استخدام السواك.


(( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ))
[أخرجه النسائي عن عائشة ]
من مستلزمات حق الحياة:
1 ـ تأمين الأرزاق:
الفقهاء قالوا: مِن رعاية حقوق الإنسان ولا سيما حق الحياة تأمين الأرزاق، وحماية المنتجات، وعقاب المحتكرين، لأن حق الحياة من لوازمه تأمين الطعام والشراب، كل من يحتكر الطعام يعاقب في الدنيا ويعاقب في الآخرة لأنه ضعضع قضية حق الحياة، من لوازم حق الحياة أن يأكل هذا الإنسان، لسيدنا أبي ذر كلمة رائعة: إذا جاع المسلم فليس لأحد مال، يجب أن يوزع الطعام بين المسلمين، من لوازم حق الحياة أن تؤمن للناس حياتهم الأساسية.
سيدنا عمر قال لأحد ولاته: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب، قال الوالي: أقطع يده، فقال عمر:إذاً إذا جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا على خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفرنا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك في المعصية.
حق الحياة من فروعه حق تأمين الأرزاق، وأي دعوة إلى الله ينبغي أن ترافقها دعوة إلى العمل دعوة إلى كسب الرزق، دعوة إلى الكفاية، لأن الإنسان كما قال سيدنا علي: كاد الفقر أن يكون كفراً، وطلب الحلال فريضة بعد الفريضة.
وإني أرى الرجل ليس له عمل يسقط من عيني.