الموضوع: - ساق البامبو
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-14, 11:00 PM   #1
نايا

الصورة الرمزية نايا

آخر زيارة »  01-21-17 (01:14 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي - ساق البامبو







" لو كنت ُ مثل شجرة البامبو لا انتماء لها نقتطع جزءاً من ساقها ، .. نغرسه .. بلا جذور في أي أرض ..
لا يلبث الساق طويلا ً حتى تنبت ُ له جذور جديدة .. في أرض جديدة .. بلا ماض .. بلا ذاكرة ...
" *



هذه السطور التي تنام على غلاف الرواية الخلفي .. هي بالضبط أقصوصة بطلها بإختصار ، الرواية هي للمؤلف الكويتي سعود السنعوسي وقد حصلت على جائزة البوكر العالمية للرواية ******* لعام 2013 ، الحقيقة لولا ثناء البعض عليها لما فكرت ُ بقراءتها فلا العنوان ولا المؤلف كانا كافيين لشدي نحوها .. أنهيتها اليوم وكعادتي مع كل رواية أشعر بالفقد ما أن تنتهي لأبطالها الذين ألفتهم ..


الرواية جميلة والفكرة الرئيسية فيها كانت أزمة الهوية والإنتماء لأولئك الذين يولدون لأب وأم يختلفون ليس فقط في بلديهما بل بدينهما / بثقافتهما / والأكثر وضوحا ً بملامحهما .
البطل هوزيه أو باسمه العربي عيسى هو من أب كويتي وأم فلبينية والأحداث بالطبع هي بين الكويت والفلبين ، ما يواجهه عيسى هو مجتمع بأكمله وليس فقط عائلته التي رفضته منذ ولادته لعل هذه الحقيقة هي شيء مألوف لدينا تصل إلى حد المسلّمات في مصير انسان كهذا ، لكن ّ الرواية تعرض الشيء المختلف .. / النظرة الأخرى / الوجه الآخر لهذه الحقيقة وهي التي يكتبها الضحية ، .. من الوعي أن ننظر للأمور من زاوية مختلفة لكن كيف إذا رأيناها من زاوية الآخر وكيف ينظر لمسلّماتنا / والعادات التي نشأنا عليها وأصبح الخروج عليها بالنسبة لنا يعدّ تحديا ً لابد من قمعه ؟!

الحقيقة أنني راجعت ُ نفسي في الكثير من الأشياء المخزنة في رأسي وقد أحدثت هذه الرواية هزّة عميقة في نفسي ، أولئك الذين ننعتهم بـــ : " هم " وننظر لهم بدونية لم نفكر يوما ً كيف يفكرون ؟ .. بم َ يشعرون ؟ .. ما هي حقوقهم الإنسانية قبل حقوقهم الأخرى لدينا ؟ .. بعض الأسئلة تكون مزعجة حينما تمد يديها لتطال ما هو داخلك كشيء ثابت لا يتزعزع وهذه الرواية مليئة بهذه الأسئلة التي هدفها أن تحدث فرقا واختلافا في تفكير من يقرأها ... يقول عيسى في نص كتبه في نهاية الرواية وهي كرسالة لوم للضمير الإنساني الذي يقف خلف قشرة المجتمع الصلبة التي نختبأ خلفها بعد معاناته الطويلة :

" أنا رغم اختلافي عنكم وربما تخلفي أيضا في الكثير من الأشياء ورغم شكلي الذي يبدو غريبا بينكم ورغم لهجتي وطريقتي في لفظ الكلمات والحروف .. رغم كل تلك الأشياء فأنا أحمل تلك الأوراق التي تحملون ... عندما كنت هناك صغيرا لا أزال كانت أرضكم هي الحلم ولا أقول أرضي لأنها رغم أوراقي الثبوتية ، هي ليست كذلك . كانت الكويت في سنوات مضت هي الجنة التي سأفوز بها في يوم ما والتي كان الناس هناك يبشروني بها .. بذلت قصارى جهدي كي أكون واحدا منكم ولكنكم لم تبذلوا أي جهد .. أعذركم فالأمر لايعنيكم .. هل أواصل سرد حكايتي في أمر لا يعنيكم ؟ .... خذوا هذه الأوراق وأعيدوا لي نصف إنسانيتي أو خذوا ماتبقى منها لديّ .. خذوا إنسانيتي التي لم تعترفوا بها .... "

ملأى هذه الرواية بالمشاهد المؤثرة .. في حضرة الموت والغياب / والضياع / البحث عن الله / اليُتم / الفقر / جحود الوطن .. نكران العائلة / قسوة الحياة ، ..
لكن بطلها يقول : " ... رغم كل الظلم الذي أعانيه اعتدت أن أقابل الإساءة بالغفران " *

كنت ُ أرجو على الدوام أن تظهر لدينا روايات حقيقية تعالج ُ فكرة ً وجودية وتحمل ضميرا ً إنسانيا ً وأصيلة في ذات الوقت موشومة بهويتنا و رموزنا حينها فقط أستطيع أن أطلق عليها رواية .. بعيدا ً عن تلك القصص السطحية التي ليست سوى مونولوجات و أسماء وسرد لاغير .. اليوم وجدت ما أبحث عنه وهي حقا تستحق تلك الجائزة وأكثر .. وتعد خطوة جميلة لأدبنا .



نايا ..
الخميس ، 18 سبتمبر






 

التعديل الأخير تم بواسطة إحساس العالم ; 09-21-14 الساعة 10:11 AM