عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-15, 06:11 PM   #1
ذات

الصورة الرمزية ذات

آخر زيارة »  08-01-20 (06:14 AM)
المكان »  بين سطور محمود درويش..##
لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ. إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ


قال تعالى: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ).
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي المُحطم الداخلي



مما أكد عليه علماء النفس أن الإنسان إذا ما اعتاد على الانتقاص من قيمته والتقليل من قدره؛ فسيفقد إحساسه بالحياة، ويقل استمتاعه بمُتعها، وكذلك يفقد فرص النجاح، وجزمًا لن تزورَه أطيافُ السعادة.

ويتولى تلكَ المهمةَ (السقيمة) صوتٌ داخليٌّ - ولْنطلق عليه اسم (نحس) - وهو صوتٌ يعمل بلا ملل ولا كلل، مهمته الأولى تكدير صفو حياتك، وألاَّ تهنأ بعيش، وأن تعيش في حياتك صفرًا على الشمال، وأن تتخلى عن أحلامك وتتنازل عن مواهبك؛ حيث يُلبِّس على الإنسان ويقوّي نزعته نحو تحميل أحداث الحياة تفسيراتٍ سلبية عن طريق الخلط ما بين ما تمَّ وقيل فعلاً (الحقائق)، وبين التفسيرات والتوقعات الشخصية (الآراء)!

و(نحس) يعمل ليلَ نهارَ على تحطيم قدراتك بسبب أمور لا تستحق، ويوم سعده يوم يراك بَاكِيًا أَوْ مُطْرِقًا أَوْ ضَارِبًا بِرَأْسك على الحائط أَوْ مُنْطَوِيًا عَلَى نَفْسك فِي إحدى زوايا غرفتك، ومن الأساليب الرائعة لمواجهة (نحس): استخدام طريقةَ الفيلسوف سقراط، وهي عبارةٌ عن استجواب عميق للنفس تكشف به زيفَ ادعاءات وتلبيسات (نحس)، عبر أربعة خطوط رئيسة تُستخدم للاستجواب:

1 - الأسئلة التي تفضح لغة التعميم وإطلاق الأحكام التي يمارسها (نحس) من قبيل: هل صحيح أنك شخصٌ لا تحسِن الحديثَ أمام الآخرين؟ ألم تتحدث أوقاتًا كثيرة ونلتَ الإعجاب فيها؟

2 - وهناك أسئلة تكشف الأوصاف السيئة والنعوت القبيحة كقولك: هل يعني إخفاقك في التعامل مع أحد موظفيك أنك مديرٌ سيئٌ؟ وهل يعني حصولك على معدَّل متواضع في مادة ما أنك غبيٌّ؟

3 - والنوع الثالث من الأسئلة الذي يركّز على البحث عن أدلة وإثباتات كقولك: ما دليلك على أنك شخص غير محبوب؟

4 - ومن أفضل الطرق لمغالبة (نحس) استحضارُ حجم الخسائر التي ستتكبَّدها نتيجة إنصاتك له واستجابتك لهجماته، ومنها الإحساس بالضآلة وضمور المواهب والقلق الدائم.

أما ما يخص تحريض (نحس) نحو الكمالية وعدم الرضا بأيِّ تقدُّم أو إنجاز ما لم يكن كاملًا، فاعلم أنَّ من سبُل الحياة السعيدة تغييرَ نمط التفكير، وهذا يتطلَّب ابتداءً تجفيفَ ينابيعِ المثالية الزائفة، وعدم الوقوع في مستنقع لعنة الكمال التي تفسد كلَّ شيء! ولا تستجب لنداءات (نحس) عندما يجنح لمقارنتك بالآخرين وهي مقارنة ظالمة جائرة؛ لأنه يقارن أسوأ ما لديك بأفضل ما عندهم، والله خلق كل إنسان بلمسة تفرُّد وإبداع، فنجاحك لا يجب قياسه بما حققه الآخرون، فلن تصبح الأول إلاَّ عندما تفعل أقصى ما يمكنك فعله، وهو ما يسمّى بالتفكير المستقطب حيث العيش في ضفتين إما بيضاء أو سوداء، ولا وجود لباقي الألوان، وكونك تعيش على فكرة تصنيف الذات والسلوك بأسلوب، وفقًا لمعايير مطلقة تحكم من خلالها على نفسك بالفشل المطلق أو النجاح المطلق أو الشجاعة أو الجُبن.

وهذا الأسلوب القائم على مبدأ (زلة واحدة تنهيك)، كما يقول د. ماثيو ماكاي: «هو بمثابة انتحار إراديٌّ للذات».

وأخيرًا، يجب علينا التذكير بأننا يجب أن لا نصنِّف أيَّ صوت داخليٍّ ناقد على أنه صوت (نحس)؛ فهناك صوت الحكمة والبصيرة.. صوت الضمير الحيِّ والحدس القوي الذي يدلُّك على الخير وينبِّهك برفق وحنان!

ومضة قلم

الحياة أقصر من أن تجعلها تعيسة!

منقول


 
مواضيع : ذات