بل المودة غير الحب ، والدليل على ذلك ـ حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ـ زيد بن حارضة رضي الله عنه .
فالمودة ـ هي الارتياح لشخص ماء ، والارتياح معه وتخصيحة بهدية دون غيره من الناس ، وربما تذاكرت معه باريحية عن بعض أمورك الخاصة . كذلك منها المودة التي ذكرت بالقرآن ، وهي السكن النفسي والطمأنينة والاستقرار مع الزوجة الصالحة ، ولن تصل الى الهيام بها ، ولكنك تفتقدها لبعض الوقت اذا خرجت ، وتحسّ بها اذا مرضت .
وأما الحب فشيء آخر ، كحب الرسول الكريم لزيد كما أسلفنا ، فله مودة خاصة ، ربما زادت عن محبة أبي بكر الصديق ، فابو بكر رضي الله عنه دعاه الرسول الكريم بصاحبه ، وقال : الا تركتوا لي صاحب . مع ان محبة الرسول الكريم لا يُشكُّ بها .
بينا زيد دعي بحب رسول الله ، وكذلك ابنه اسامة دعي بحب حب رسول الله .
فالمحبة توقض الذهن تجاه الطرف المحبوب ، ويفتقد بطريقة غير افتقاد صاحب المودة ، فكان زيد وابنه لهما خاصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست لغيرهم ، وقد أمّر اسامة على الجيش الذي جهّزة قبل موته لغزوة الشام ، وكان هناك شيء في نفوس بعض كبار قريش وشيوخ الانصار من بعض أحابه رضي الله عنهم بتأمير اسامة بن زيد ، لأن اسامة كان عمرة حين ذاك بسبعة عشر عاما ، فقال عليه السلام : أكرهتوا أمارته ، والذي نفسي بيده إنه لخليق بها ، وأبوه من قبله خليق بالأمارة ، فكان زيد وابنه يدخلون على الني الكريم بأيّ وقت ومتى شاءوا ، وبغير إذن ، عكس غيرهم من الصحابة ، وكان عليه السلام يحضنهما ويضمهما الى صدره بالسلام ، فالمحبة هنا تزيد على المودة ، والله من وراء القصد .