المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ••السيرة النبوية••


عطاء دائم
11-10-19, 09:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تعرّف على نبيك محمد صل الله عليه وسلم




وأول من أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي :
[ ثويبة مولاة أبي لهب ] أرضعته أياما ... ثم أرضعته [حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ]
وأخذته معها إلى أرضها فأقام معها في بني سعد نحو أربع سنين ... ثم ردته إلى أمه ...

وتحكي لنا حليمة السعدية خبر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم معها فتقول :

خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نطلب الرضعاء بمكة ...

يعني خرجت هي ومن معها لكي تأتي كل واحدة برضيع ترضعه على أجر ...️وكان هذا من عادة العرب قديما كانوا يعطون أطفالهم صغارا لمن يرضعهم بالبادية ...

تقول حليمة : وخرجنا في سنة جدباء ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى ومعنا شارف
( أي ناقة ) مسنة ...

تقول : والله لا تبض علينا بقطرة ... هذه الناقة ليس فيها لبن قط ، وما ننام ليلنا من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ، ما في ثديي ما يغني أي ما يشبعه
( أي ليس فيه ثديها ما يشبع صبيها ) ... وما من شارفنا من لبن يغذيه ... ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج .

تقول : فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم ...
يعني كلما ذهبت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفضته لأجل أنه يتيم لماذا .

تقول : وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ... فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده ... فكنا نكرهه لذلك .

•• فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري .
يعني كل امرأة أخذت رضيعا إلا حليمة .

•• تقول : فلما أجمعنا الانطلاق ..
أي هممنا على الرجوع قلت لزوجي : والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا .. والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه .. وقال لها : لا عليك أن تفعلي .
يعني لماذا لا تفعلي ؟ عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة .

تقول حليمة : فذهبت إليه فأخذته ... وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره ...

فلما أخذته رجعت به إلى رحلي .. فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي .. أي شبع وشرب معه أخوه .
تعني ابنها الصبي أخوه من الرضاعة .
حتى روي ... ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك .. وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا أنها لحافل .. أي بها لبن كثير فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا .. فبتنا بخير ليلة ...
يعني أول ليلة يشبعون فيها هذه الليلة .

••• تقول : وقال لي زوجي حين أصبحنا :
والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة ..
أي أخذت إنسانا مباركا ، فقلت : والله إني لأرجو ذلك ...

••• تقول حليمة : ثم خرجنا وركبت أتاني .. أي حماري .
أتان هي : أنثى الحمار .

وحملته عليها معي .. فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها من شيء من حمرهم ..
أي مشت مشيا سريعا لم يستطع أن يمشيها حمار من حمر من معها .

تقول حليمة : حتى أن صواحبي ليقلن لي : يا ابنة أبي ذؤيب ويحك أربعي علينا أي انتظري امشي على مهل ليست هذه أتانك التي كنت خرجتي عليها ؟ .. فتقول لهم حليمة بلى والله إنها لهي هي .. فيقلن لها والله إن لها لشأنا ...

تقول حليمة : ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها ...
يعني كانت أرضهم جدباء جدا لم تكن أرض من الأراضين أجدب من أرض بني سعد .

تقول حليمة : فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب .
يعني الغنم كانت تروح تذهب فترعى فتأتي مليئة باللبن .

تقول : وما يحلب إنسان قطرة لبن ...
أي لا يحلب أحد غيرهم قطرة لبن .. لأجل الجدب الذي هم فيه .

••• تقول : ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون ..أي أهل البادية من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ... فتروح أغنامهم جياعا وما تبض بقطرة لبن .. وتروح غنمي شباعا لبنا ...
يعني أغنامهم تذهب فتأتي جياعا .. أما غنم حليمة فتأتي شباعا .


تقول حليمة : فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته ..
فصلته يعني فطمته .


يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

alwafa
11-10-19, 12:16 PM
،’







سبحــآن الله ’
رفضـوه لآنه يتــيم ’
و آخذتـه ه حليمـه ه و يـآب لها البركــه ه ’
آقصد كآن مبآرك لها


آنتظظر التكملـه ه
يزآج الله خخخير عطــــآء ,

أعد النجوم
11-11-19, 04:07 AM
اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى اله وصحبه اجمعين


جزاك الله خير عطاء على الموضوع الرائع

عطاء دائم
11-12-19, 07:00 AM
،’







سبحــآن الله ’
رفضـوه لآنه يتــيم ’
و آخذتـه ه حليمـه ه و يـآب لها البركــه ه ’
آقصد كآن مبآرك لها


آنتظظر التكملـه ه
يزآج الله خخخير عطــــآء ,

واياكِ غاليتي الوفا خير الجزاء
ان شاء الله نكمل قريباً
شكرا لحضورك

عطاء دائم
11-12-19, 07:01 AM
اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى اله وصحبه اجمعين


جزاك الله خير عطاء على الموضوع الرائع

واياك اخي الفاضل خير الجزاء
ممتنة لك هذا الحضور

عطاء دائم
11-12-19, 07:32 AM
وكان يشب .. وكان النبي صل الله عليه وسلم يكبر شبابا لا يشبه الغلمان .. فكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر ..

فكان يكبر النبي صل الله عليه وسلم في اليوم كما يكبر الصبي في شهر ويشب في الشهر شباب الصبي في السنة فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ...
أي كان غلاما قويا شديدا ...

يعني النبي صل الله عليه وسلم كان يكبر في اليوم شهرا ، وفي الشهر سنة .

تقول حليمة : فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا ...
يعني قدموا على أمه وكانوا يريدون أن يرجع معهم صلى الله عليه وسلم ...

لماذا ؟؟⁉️
تقول حليمة : لما كنا نرى من بركته .

فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة ...
اي تخشى عليه المرض في مكة .

تقول حليمة : فلم نزل بها حتى قالت ارجعا به .. فرجعنا به ...

بعد مقدم حليمة السعدية برسول الله صلى الله عليه وسلم من عند أمه آمنة بنت وهب بأشهر أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان ... فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب ... فاستخرج منه علقة .. فقال : هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم ضم بعضه إلى بعض ... ثم أعاده في مكانه .. وجاء الغلمان يسعون إلى أمه حليمة فقالوا : إن محمدا قد قتل ... لأنهم رأوا الرجل وهو جبريل عليه السلام قد شق عن قلبه ...

قالت حليمة : فخرجت أنا وأبوه إليه فوجدناه وهو ممتقع اللون ...
يعني متغير اللون .

فاعتنقه أبوه واعتنقته ... فقلنا له مالك يا بني ... قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني ...

تقول حليمة فرجعنا به إلى خبائنا وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه ... فاحتملناه فقدمنا به على أمه .

قالت آمنة : ما ردكما به وقد كنتما حريصين عليه وعلى مكثه عندكما ..؟⁉️

فقالت حليمة : لا والله ، إلا أنا كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا فيه ثم تخوفت الأحداث عليه ... فقلنا يكون في أهله ....

فقالت آمنة : والله ما ذاك بكما فأخبراني خبركما وخبره ...

تقول حليمة : فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره ...

قالت آمنة : افتخوفتما عليه الشيطان ؟

قالت حليمة : نعم ؛

قالت آمنة : كلا ؛ والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لابني شأنا ، أفلا أخبرك خبره ..؟⁉️

قلت : بلى ؛

فأخبرتها خبر حملها ... ثم قالت : دعيه عنك وانطلقي راشدة ...

فكانت هذه الحادثة سببا في إعادة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب ...

ولما بلغ صل الله عليه وسلم ست سنوات .... أرادت أمه آمنة بنت وهب أن تزير رسول الله صل الله عليه وسلم أخواله من بني عدي بن النجار ...
فماتت وهي راجعة به إلى مكة بالأبواء بين مكة والمدينة ...

ثم احتضنته أم أيمن ... قد كانت ملكا لأبيه عبد الله ... وورثها صلى الله عليه وسلم عنه ...

ثم كفله جده عبد المطلب ... وكان عبد المطلب يؤثر رسول الله صل الله عليه وسلم على أبنائه ... ويجلسه معه على الفراش ... وكان يمسح ظهره بيده ويقول لأبنائه : والله إن له لشأنا ... أي النبي صلى الله عليه وسلم ...

ولما بلغ النبي صل الله عليه وسلم ثماني سنوات .... توفي جده عبد المطلب ...

وكفله عمه أبو طالب ... وقد قام أبو طالب بحق النبي صلى الله عليه وسلم على أكمل وجه وضمه إلى ولده وقدمه عليهم ...

وكان النبي صل الله عليه وسلم يساعد عمه أبا طالب في رعي الغنم ...

يقول صل الله عليه وسلم :
"ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم " .


يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

غالي
11-12-19, 10:13 AM
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

بأبي أنت وأمي يا حبيبي رسول الله

سمر ..
11-12-19, 11:03 PM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عليه الصلاة والسلام

عطاء دائم
11-14-19, 09:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

وهذا هو الدرس الثالث من دروس السيرة النبوية من كتاب :
《إسعاد البرية في السيرة النبوية

لما بلغ النبي صلّ الله عليه وسلم أربعين سنة حبب إليه الخلوة ، وكان يخلو بغار حراء صلّ الله عليه وسلم فيتعبد الليالي ذوات العدد ... ثم يرجع إلى خديجة رضي الله تعالى عنها فيتزود لمثل هذه الأيام ... ثم يرجع مرة أخرى ...

حتى جاءه جبريل عليه السلام وهو في غار حراء فقال له : اقرأ ...
فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : ما أنا بقارىء ... أي لا أعرف القراءة ...

قال النبي صلّ الله عليه وسلم : فأخذني جبريل فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ ...
فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : ما أنا بقارىء ...

قال النبي صلّ الله عليه وسلم : فأخذني جبريل فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ ...
فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : ما أنا بقارىء ...

قال : فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ } .

فرجع بها رسول الله صلّ الله عليه وسلم يرجف فؤاده ...
أي يتحرك قلبه بشدة .

فدخل على خديجة صلّ الله عليه وسلم فقال : زملوني ، زملوني ...
أي غطوني ... فزملوه صلّ الله عليه وسلم حتى ذهب عنه الروع ...

فقال لخديجة ، وقد أخبرها خبر جبريل عليه السلام : "لقد خشيت على نفسي ".

فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا ...
أي لا يضيعك الله أبدا .

⁉️ لماذا .. ؟
قالت :
▫️إنك لتصل الرحم ...
▫️وتحمل الكل ...
أي تقوي من شأن الضعيف .
▫️وتكسب المعدوم ...
أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك .
▫️وتقري الضيف ...
أي تكرم الضيف .
▫️وتعين على نوائب الحق ..
أي تعين الناس على ما يحدث معهم .

فانطلقت خديجة بالنبي صلّ الله عليه وسلم حتى أتت به ورقة بن نوفل ...
▫️وهو ابن عم خديجة رضي الله عنها .. ▫️وكان امرءا تنصر في الجاهلية ...
▫️️وكان يكتب الكتاب العبراني ...
أي الإنجيل .
▫️وكان شيخا كبيرا قد عمي ...

فقالت له خديجة : يا ابن عم .. اسمع من ابن أخيك ...

فقال له ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى..؟⁉️
فأخبره رسول الله صلّ الله عليه وسلم خبر ما رأى ...

فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جدعا ، ليتني أكون حيا ، إذ يخرجك قومك ...

أي يا ليتني أكون شابا حين ظهور نبوتك .

فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : أومخرجي هم ؟⁉️
قال : نعم ؛ لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ... وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ...

يعني إن كنت حيا عند ظهور نبوتك سأنصرك نصرا قويا .

ثم مات ورقة وانقطع نزول الوحي عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم مدة ...

وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يدعو قومه إلى الإسلام ...

فقال : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ▪ قُمْ فَأَنذِر ▪ْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ▪ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ▪ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ▪ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِر ▪ُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ }

فاستجاب رسولنا صلّ الله عليه وسلم لأمر الله تعالى .. فشرع يدعو إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده ، ونبذ الأصنام ...

وكان يدعو إلى الله سبحانه وتعالى سرا .. حذرا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبة لشركها ووثنيتها .. فلم يكن صلّ الله عليه وسلم يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش ، ولم يكن يدعو إلا لمن له قرابة قوية أو معرفة سابقة ...

وظل على هذا الحال ثلاث سنوات وكان من نتيجة هذه الدعوة السرية :

▫️إسلام الرعيل الأول من الصحابة ...
فأول من أسلم من الرجال الأحرار : أبو بكر رضي الله عنه .
ومن النساء : خديجة رضي الله عنها .
ومن العبيد : زيد بن حارثة رضي الله عنه .
ومن الغلمان : علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ثم دخل الناس في الإسلام جماعات ، جماعات ، من الرجال والنساء .. حتى انتشر ذكر الإسلام بمكة ، وتحدث الناس به ...

وظل الرسول صلّ الله عليه وسلم يدعو إلى الله سرا حتى نزل عليه ...

قول الله تعالى : {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ }.

فأظهر النبي صلّ الله عليه وسلم دعوته للناس ...

ولما أنزل الله تعالى : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
خرج النبي صلّ الله عليه وسلم حتى صعد جبل الصفا فهتف : [ يا صباحاه ] هذه كلمة يقولها المستغيث .. لأن العدو كان يغير غالبا في الصباح ...

فقال

هل مكة من الذي يهتف؟

أي من الذي يرفع صوته ويصيح؟⁉️
فقالوا : محمد ؛

فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد مناف ،
يابني عبد المطلب ،

فاجتمع الناس حول رسول الله صلّ الله عليه وسلم ...
فقال : أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ..؟⁉️
[سفح الجبل] اي أسفل الجبل .

قالوا : ما جربنا عليك كذبا ...
فقال :
▫️يا بني كعب بن لؤي انقذوا أنفسكم من النار ،
▫️يا بني مرة بن كعب انقذوا أنفسكم من النار ،
▫️يا بني عبد شمس انقذوا أنفسكم من النار ،
▫️يا بني عبد مناف انقذوا أنفسكم من النار ،
▫️يا بني هاشم انقذوا أنفسكم من النار ، ▫️يا بني عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار ،
▫️يافاطمة انقذي نفسك من النار .
فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ...
وإني لا أملك لكم من الله شيئا ...

فقال أبو لهب : [ تبا لك سائر اليوم ]
أي هلاكا وخسرانا لك سائر اليوم ... ألهذا جمعتنا .. ؟

فنزل قول الله تعالى : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ☆ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }

وكان من نتيجة الجهر بالدعوة أن كل قبيلة وثبت على من فيها من المسلمين فجعلوا يعذبونهم عذابا شديدا .. بالضرب تارة ، وبالجوع تارة ، وبالعطش تارة ، وبالرمال الحارة تارة ...

فكان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم وله :
شرف ومنعة في قومه ؛ وبخه وأخزاه ويقول له : تركت دين أبيك وهو خير منك .. لنسفهن حلمك ، ولنقبحن رأيك ، ولنضعن شرفك ...

أما إن كان تاجرا قال له : والله لنكسدن تجارتك ، ولنهلكن مالك .

أما إن كان ضعيفا ضربه ، وأغرى به السفهاء .

وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه إذا حميت الظهيرة .. يعذبونهم برمضاء مكة ... فيمر بهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم فيقول : ابشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة ..

فأما أمه رضي الله عنها فقتلوها وهي لا تريد إلا الإسلام .

وكان من نتيجة هذه الاعتداءات الشديدة والانتهاكات التي تعرض لها المسلمون في بداية الدعوة :

▫️أن النبي صلّ الله عليه وسلم اجتمع بأصحابه سرا بدار الأرقم ليعلمهم مبادىء الإسلام .. وذلك حتى لا يصطدم بكفار قريش فيعملوا فيهم بشتى أنواع التعذيب ...

ولما كثر المسلمون خاف منهم الكفار فاشتد أذاهم وتعذيبهم لهم ... فأذن رسول الله صلّ الله عليه وسلم للمسلمين في الهجرة إلى الحبشة ...

قال لهم : إن بها ملكا لا يظلم الناس عنده .. فهاجر من المسلمين اثنا عشر رجل ، وأربع نسوة منهم : عثمان بن عفان رضي الله عنه .. فأكرمهم النجاشي ملك الحبشة .. وظلوا هناك حتى بلغهم أن قريشا قد أسلمت ...

وكان هذا الخبر كذبا فرجعوا إلى مكة .. فلما بلغهم أن الأمر أشد من مما كان رجع منهم من رجع ودخل جماعة منهم مكة .. فلقوا من قريش أذى شديدا ...

ثم أذن النبي صلّ الله عليه وسلم لهم في الهجرة ثانيا إلى الحبشة .. فهاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلا ، ومن النساء ثماني عشرة امرأة .. فأقاموا عند النجاشي على أحسن حال .. إلى أن أرسلت قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة في جماعة ليكيدوا بالمسلمين عند النجاشي .. ولكن الله سبحانه وتعالى رد كيد المشركين في نحورهم ...

وفي ظل هذه الأوقات العصيبة .. من الله عز وجل على المسلمين بإسلام عمر بن الخطاب ، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما فجعل أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم في عزة ومنعة من قريش ...

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول :
إن إسلام عمرا كان فتحا ...
وإن هجرته كانت نصرا ...
وإن إمارته كانت رحمة ...
ولقد كنا ما نصل عند الكعبة حتى أسلم عمر .. فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه ...

أما حمزة رضي الله عنه فكان سبب إسلامه أن أبا جهل نال من رسول الله صلّ الله عليه وسلم وآذاه وشتمه .. فلم يكلمه النبي صلّ الله عليه وسلم حتى انصرف إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم .. فجاء حمزة رضي الله تعالى عنه فأخبروه أن أبا جهل نال من ابن أخيه محمد صلّ الله عليه وسلم .. فخرج حمزة رضي الله عنه إلى حيث يجلس أبو جهل حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه فشج شجة منكرة ثم قال له : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟
فرد علي ذلك إن استطعت ...

فقام رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ..

فقال أبو جهل : دعوا [ أبا عمارة ] وهذه كنية حمزة رضي الله عنه .. فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ...

ثم ثبت حمزة رضي الله تعالى عنه على إسلامه .. فعرفت قريش أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قد صار في عزة ومنعة .. وأن حمزة رضي الله عنه بات يمنعهم مما كانوا ينالون منه ...

أما عمر رضي الله تعالى عنه فقيل إن سبب إسلامه :

أنه خرج ذات ليلة إلى الكعبة يريد الطواف بها فإذا رسول الله صلّ الله عليه وسلم قائم يصلي .. فسمعه يقرأ القرآن فرق له قلبه وبكى ودخل الإسلام قلبه .. فلما انصرف رسول الله صلّ الله عليه وسلم إلى بيته تبعه .. فقال له النبي صلّ الله عليه وسلم ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة .. ؟

قال عمر : جئت لأؤمن بالله وبرسوله . فحمد رسول الله صلّ الله عليه وسلم ربه .. ثم قال : قد هداك الله
يا عم


.. ثم مسح صدره ودعا له بالثبات ...

وقيل في سبب إسلامه غير ذلك ، وكان إسلام عمر رضي الله عنه بسبب :
بركة دعاء النبي صلّ الله عليه وسلم :
" اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك [ بأبي جهل ، أو بعمر بن الخطاب ]
فكان أحبهما إلى الله سبحانه وتعالى عمر رضي الله عنه ...


يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
11-21-19, 10:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

لما أسلم حمزة عم النبي صلّ الله عليه وسلم وجماعات كثيرة من الناس وانتشر الإسلام .. اجتمعت قريش على عقد معاهدة على بني هاشم ، وبني المطلب ...

[[ ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم ]]

وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة .. وقد دعى النبي صلّ الله عليه وسلم على من كتبها ..فشلت يده ...

وقد اشتد أذى الكفار لرسول الله صلّ الله عليه وسلم .. فحاصروه وأهل بيته في شعب أبي طالب ...
و[ الشعب ] هو : مكان منفرج بين جبلين .

فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم لرسول الله صلّ الله عليه وسلم .. إلا [ أبا لهب ] فإنه نصر قريشا على رسول الله صلّ الله عليه وسلم .

وظل رسول الله صلّ الله عليه وسلم ومن معه في الشعب محصورين ، مقطوع عنهم الطعام والشراب نحو [ ثلاث سنين ] حتى بلغهم الجهد ، وسمع صوت صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب.

وقد انقسمت قريش فريقين :

منهم راض عن هذا الفعل...
ومنهم كاره...

فسعى بعضهم إلى نقد هذه الصحيفة .. وأطلع الله سبحانه وتعالى رسوله صلّ الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم .. وأنه أرسل عليها [ الأرضة ] وهي : حشرة تأكل الخشب .. فأكلت جميع ما فيها إلا ذكر الله سبحانه وتعالى ...

وأخبر النبي صلّ الله عليه وسلم عمه أبا طالب بذلك .. فخرج أبو طالب إلى قريش .. فأخبرهم خبر ابن أخيه .. وقال لهم :
《إن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا》.

قالوا : قد أنصفت ... فأنزلوا الصحيفة .. فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول الله .. اصلّ الله عليه وسلم زدادوا كفرا إلى كفرهم .

وخرج النبي صلّ الله عليه وسلم ومن معه من الشعب ...

وفي هذا الشعب ولد [عبد الله بن عباس] رضي الله عنهما ...

ولما نقضت الصحيفة تتابعت على رسول الله ﷺ المصائب بموت :
▪️زوجه [خديجة] رضي الله عنها ...
▪️وعمه [ أبي طالب ] ...

وكان بينهما زمن يسير فسمي هذا العام [ بعام الحزن ] .

فنالت قريش من رسول الله صلّ الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب.

وكان مما حدث له صلّ الله عليه وسلم أن سفيها من سفهاء قريش اعترض رسول الله صلّ الله عليه وسلم فنثر على رأس النبي صلّ الله عليه وسلم ترابا .. فدخل رسول الله صلّ الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه .. فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تمسح عنه التراب وهي تبكي .. ورسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول لها :
[ لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك ، فما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ].

وقد كان النبي صلّ الله عليه وسلم حريصاً على إسلام عمه أبي طالب ، إلا أنه مات على الكفر ...

فلما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلّ الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : أي عم ، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ...

فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب ..؟ ⁉️
أي تترك ملة عبد المطلب .. فلم يزالا يكلمانه حتى مات على الكفر .

فقال النبي صلّ الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أنه عنه ...

فنزل قول الله تعالى : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءامَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }.

وكان النبي صلّ الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء .. وكان يقول : " مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا . قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاء".

ولما ماتت خديجة رضي الله عنها ، جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون .. فقالت : يا رسول الله ، ألا تتزوج .. ؟
قال : من .. ؟
قالت : إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا ..
قال : فمن البكر ..؟ ⁉️
قالت : ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك... عائشة بنت أبي بكر.
قال : ومن الثيب ؟
قالت : سودة بنت زمعة آمنت بك واتبعتك على ما تقول.
قال : ف

اذهبي فاذكريهما علي.
فدخلت بيت أبي بكر فقالت : يا أم رومان (وهي أم عائشة رضي الله عنها) ..
ماذا أدخل الله عز وجل من الخير والبركة..؟ ️
قالت : وما ذاك ؟
قالت : أرسلني رسول الله صلّ الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة .
قالت : انتظري أبا بكر حتى يأتي.

فجاء أبو بكر ، فقالت : يا أبا بكر ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة .. ؟
قال : وما ذاك .. ؟
قالت : أرسلني رسول الله صلّ الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة ... قال وهل تصلح له .. إنما هي ابنة أخيه.

فرجعت إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم فذكرت ذلك له .. قال : ارجعي إليه فقولي له أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام ، وابنتك تصلح لي ...

فرجعت فذكرت ذلك لأبي بكر .. فقال لها : انتظري .. ثم خرج ...

فقالت أم رومان : إن مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه فوالله ما وعد وعدا قط فأخلفه لأبي بكر.

فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الفتى الذي يريد أن يتزوج عائشة .. فقالت : يا ابن أبي قحافة لعلك مصبئ صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوج ابنه ابنتك..

أي ستجعل مطعم يترك دينه ويدخل دينك إن تزوج ابنه ابنتك.

ثم خرج أبو بكر من عند المطعم بن عدي .. وقال لخولة ادعي لرسول الله ﷺ، فدعته فزوجها إياه، وعائشة يومئذ بنت ست سنين.

قالت عائشة : تزوجني رسول الله صلّ الله عليه وسلم في شوال .. أي عقد علي في شوال وأنا بنت ست سنين .. وبنى بي .. أي دخل علي في شوال وأنا بنت تسع سنين ...
وكان هذا السن حينئذ تصلح فيه المرأة للزواج.

ولم يتزوج رسول الله صلّ الله عليه وسلم بكرا غير عائشة رضي الله عنها ...

وبعد أن فرغت خولة بنت حكيم من تزويج رسول الله صلّ الله عليه وسلم من عائشة، دخلت على سودة بنت زمعة ... فقالت : ماذا أدخل الله عز وجل عليك من الخير والبركة .. ؟
قالت : وما ذاك .. ؟
قالت : أرسلني رسول الله صلّ الله عليه وسلم أخطبك عليه.
قالت : وددت [ يعني وافقت ] ادخلي على أبي فاذكري ذاك له .. فدخلت عليه وأخبرته الخبر ...

فقال لها : كفؤ كريم ... ماذا تقول صاحبتك ..؟️ [ أي ماذا تقول سودة .. ؟ ]
قالت : تحب ذاك ...
قال : ادعيها لي .. فدعتها .. فأخبرها الخبر ...
وقال لها : أتحبين أن أزوجك به..؟
قالت : نعم.
فقال لخولة : ادعيه لي .. فجاء النبي صلّ الله عليه وسلم فزوجها إياه.

ولما اشتد البلاء على رسول الله صلّ الله عليه وسلم خرج إلى الطائف رجاء أن يؤووه وينصروه على قومه .. فدعاهم إلى الله سبحانه وتعالى فلم ير منهم ناصراً .. وآذوه مع ذلك أشد الأذى .. ونالوا منه صلّ الله عليه وسلم ما لم ينله قومه.

فظل فيهم عشرة أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه ..
فقالوا له : اخرج من بلادنا .. وأغروا به سفهاءهم .. ووقفوا له صفين .. وجعلوا يرمون النبي صلّ الله عليه وسلم بالحجارة حتى دميت قدماه .. ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه يقي النبي صلّ الله عليه وسلم بنفسه من الحجارة حتى أصابه شجاج في رأسه فانصرف النبي صلّ الله عليه وسلم راجعا من الطائف إلى مكة محزونا...

وفي مرجعه دعا بالدعاء المشهور :
" اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .. أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَوْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، غير أن عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِْ أَنَ يَحِلّ علِي غَضَبَك ، أَوْ يَنزل بَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك".

وفي مرجعه صلّ الله عليه وسلم من الطائف إلى مكة بعث الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام إليه فقال للنبي صلّ الله عليه وسلم :
" إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ".

فسلم ملك الجبال على النبي صلّ الله عليه وسلم ثم قال : يا محمد قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت .. إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ... (أي الجبلين )..

فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً.

ولما نزل النبي صلّ الله عليه وسلم بنخلة (وهو مكان بين مكة والطائف) .. قام يصلي من الليل فجاءه نفر من الجن فاستمعوا قراءته ولم يشعر بهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم حتى نزل عليه ..

قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ}..
إلى آخر الآيات من سورة الأحقاف.

ثم دخل النبي صلّ الله عليه وسلم مكة في أمان وجوار المطعم بن عدي ...

ونادى المطعم بن عدي :
[ يا معشر قريش إني قد أجرت محمد فلا يهجه أحد منكم ].

وظل رسول الله صلّ الله عليه وسلم بمكة يتبع الحجاج كل عام في منازلهم وفي المواسم بعكاظ ، ومجنة ، وذي المجاز ( وهذه ثلاثة أسواق كانت للعرب قديمة ).. كان يدعو النبي صلّ الله عليه وسلم الناس في هذه الأسواق.

كان يدعوهم إلى أن ينصروه حتى يبلغ رسالة ربه و

له

م الجنة .. فلم يجد النبي صلّ الله عليه وسلم ناصراً ولا مجيبا ..

وكان يذهب إلى القبائل .. ويقول : يا أيها الناس :" قُولُوا : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ تُفْلِحُوا وَتَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ ، وَتَذِلَّ لَكُمُ الْعَجَمُ ، وَإِذَا آمَنْتُمْ كُنْتُمْ مُلُوكًا فِي الْجَنَّة"ِ.

وكان َأَبُو لَهَبٍ وَرَاءَهُ ، ويَقُولُ :
[لا تُطِيعُوهُ ، فَإِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ ].

وكان الناس يَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَحَ الرَّدِّ وَيُؤْذُونَهُ .. وَيَقُولُونَ : [ َعَشِيرَتُكَ أَعْلَمُ بِكَ ، حَيْثُ لَمْ يَتَّبِعُوكَ ، وَالنبي ﷺ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَيَقُولُ : "اللَّهُمَّ لَوْ شِئْتَ لَمْ يَكُونُوا هَكَذَا "]

فعرض النبي صلّ الله عليه وسلم نفسه على عدة قبائل فلم يستجب منهم أحد .. إلى أن لقي النبي صلّ الله عليه وسلم عند العقبة في الموسم ستة نفر من الأنصار وكانوا من الخزرج وهم :
أبو أمامة.. أسعد بن زرارة.
وعوف بن الحارث.
ورافع بن مالك.
وقضبة بن عامر.
وعقبة بن عامر.
وجابر بن عبد الله بن رئاب.

فدعاهم النبي صلّ الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلموا ...

ثم رجع هؤلاء النفر إلى المدينة فدعوا أهلهم إلى الإسلام فأسلموا .. وانتشر الإسلام في المدينة حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وقد دخلها الإسلام .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
11-26-19, 08:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

في السنة الثانية عشرة من البعثة : أسري برسول الله ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .. ثم عرج به إلى سدرة المنتهى ...

وكان الإسراء برسول الله ﷺ بجسده في اليقظة ليلا...

ولما وصل ﷺ بيت المقدس ربط البراق الذي كان يركبه بحلقة باب المسجد .. ثم دخل المسجد وصلى فيه بالأنبياء إماما ..

ثم جاءه جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاختار ﷺ اللبن على الخمر .. فقال له جبريل : هديت للفطرة ...

قال الله سبحانه وتعالى ذاكرا الإسراء برسول الله :
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

ولما عرج بالنبي ﷺ إلى السماء الثانية رأى عيسى بن مريم ، ويحيى بن زكريا عليهما السلام ، فرحبا به ودعوا له بخير ..

ثم عرج به ﷺ إلى السماء الثالثة فرأى يوسف عليه السلام ورآه قد أعطي شطر الحسن ..
أي نصف الحسن والجمال .
فرحب بالنبي ﷺ ودعا له بخير ...

ثم عرج به ﷺ إلى السماء الرابعة فرأى إدريس عليه السلام فرحب بالنبي ﷺ ودعا له بخير ..

ثم عرج به ﷺ إلى السماء الخامسة فرأى هارون عليه السلام فرحب بالنبي ﷺ ودعا له بخير ...

ثم عرج به ﷺ إلى السماء السادسة فرأى موسى عليه السلام فرحب بالنبي ﷺ ودعا له بخير ...

ثم عرج بالنبي ﷺ إلى السماء السابعة فرأى إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور .. وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ...

ثم ذهب جبريل بالنبي ﷺ إلى سدرة المنتهى ...

وهذه السدرة عندها ينتهي علم الملائكة .. لذلك سميت بسدرة المنتهى ...

فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ﷺ عند سدرة المنتهى ما أوحى ..
ففرض الله سبحانه وتعالى خمسين صلاة في كل يوم وليلة ..

فنزل النبي ﷺ إلى موسى عليه السلام فقال له موسى : ما فرض ربك على أمتك .. ؟ ⁉️
فقال النبي ﷺ خمسين صلاة ...
فقال موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك .. فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ...

فرجع النبي ﷺ إلى ربه فقال : يارب خفف على أمتي .. فحط الله سبحانه وتعالى خمسا ...

فرجع النبي ﷺ إلى موسى فقال له : حط عني خمسا ...
فقال موسى : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ...

فلم يزل النبي ﷺ يرجع بين ربه سبحانه وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال الله سبحانه وتعالى :
[يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر وذلك خمسون صلاة .. ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا .. ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة ]

فلما أصبح رسول الله ﷺ في مكة أخبر الناس بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى .. فاشتد تكذيب الكفار له .. وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس .. فجلاه الله عز وجل له حتى عاينه .. فطفق يخبرهم عن آياته ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا ..

▫️وأخبرهم عن تجارة لهم .. وعن وقت قدومها ...
▫️وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها ...

فلما رجعت التجارة كان الأمر كما قال فلم يزدهم ذلك إلا نفورا ...

وفي موسم الحج من السنة الثانية عشرة من البعثة وافى النبي ﷺ اثنا عشر رجلا من الأنصار ، بعضهم ممن لقي النبي ﷺ في الموسم السابق فبايعهم رسول الله ﷺ على :
ألا يشركوا بالله شيئا ..
ولا يسرقوا ...
ولا يزنوا ...
ولا يقتلوا أولادهم ...
ولا يأتوا ببهتان يفترونه من بين أيديهم وأرجلهم ...
أي لا يقولوا كذبا فظيعا يدهش سامعه .
وبايعهم ﷺ على ألا يعصوه في معروف ...

▫️فمن وفى بذلك فله الجنة...
▫️ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ...
▫️ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه ...
فبايعوه على ذلك ..

وبعث النبي ﷺ مع هؤلاء الاثنى عشر [ مصعب بن عمير ] وأمره أن :
يقرئهم القرآن ...
ويعلمه

م الإسلام ...
ويفقههم في الدين ...

فأسلم على يديه خلق كثير ...

وفي السنه الثالثة عشرة من البعثة في موسم الحج وافاه سبعون رجلا من الأنصار فبايعوه عند العقبة أيضا على أن :

يمنعوه إن هاجر إليهم مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم ...

فأخرجوا له اثني عشر نقيبا .
فقال ﷺ للنقباء : [أنتم على قومكم كفلاء ]
فسميت :《 ببيعة العقبة الثانية》 ...

ويحكي لنا كعب بن مالك رضي الله عنه قصة البيعة فيقول :

خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله ﷺ بالعقبة من أوسط أيام التشريق ...
والعقبة مكانها [ جمرة العقبة ] بمنى ..
والعقبة هي : الشيء المرتفع .

يقول كعب فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله ﷺ لها ومعنا [أبو جابر عبد الله بن عمر بن حرام] وكان سيدا من سادتنا .. فكلمناه في أمر رسول الله ﷺ .. فأسلم ...

فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا .. حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله ﷺ ..
وكنا ثلاثة وسبعين رجلا .. فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله ﷺ حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب ..

وكان يومئذ على دين قومه .. فلما جلس تكلم العباس فقال :
[ يا معشر الخزرج : إن محمدا منا حيث قد علمتم ، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه ، فهو في عز من قومه ومنعة في بلده .. وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم .. فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك .. وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم .. فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة من قومه في بلده ...

فقال له الأنصار : قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت ..

فتكلم الرسول ﷺ وتلا قرآنا ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ..
ثم قال : أبايعكم على أن :
تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ..
فأخذ البراء بن معرور بيده .. ثم قال : نعم ؛ والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعنك مما نمنع منه أذورنا .. أي نساءنا ...
فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ...
أي أهل السلاح ورثناها كابرا عن كابر .

وبينما البراء يكلم الرسول ﷺ ..
قال أبو الهيثم بن التيهان : يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا .. وإنا قاطعوها ... يعني اليهود ..
فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله ...
أي نصرك الله على عدوك أن ترجع إلى قومك وتدعنا .. فتبسم رسول الله ﷺ ثم قال : [ بل الدم الدم والهدم الهدم ].
أي ذمتي ذمتكم ، وحرمتي حرمتكم ، أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ...

وقال ﷺ للأنصار : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ..
أي رئيسا .
ليكون على قومهم بما فيهم .. فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ؛ تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ...

فلما علمت قريش بالبيعة ذهبوا للأنصار في بيوتهم يسألونهم ولكن الأنصار لم يخبروهم بحقيقة الأمر فانصرف الكفار عنهم ...

فأكثرت قريش في البحث حتى استيقنت بالبيعة .. فتتبعوا الأنصار .. وكانوا قد نفروا من منى ...

فخرجوا في طلبهم فأدركوا :
[ سعد بن عبادة ] و [المنذر بن عمر ]

فأما [ المنذر ] فأعجزهم ولم يلحقوا به ...
وأما [ سعد ] فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ...

ولما نزل قول الله تعالى :
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ▪ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }.

أمر النبي ﷺ حينئذ أصحابه بالهجرة إلى المدينة بعد أن بايع الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه ...

فقال لأصحابه في مكة : إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها .. فخرجوا جماعة في إثر جماعة ...

وأقام رسول الله ﷺ بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يأذن الله عز وجل له في الهجرة ...

ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن إلا [ علي بن أبي طالب وأبو بكر رضي الله عنهما ].

وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله ﷺ في الهجرة ...
فيقول له رسول الله ﷺ : لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا ...
وكان أبو بكر يطمع أن يكون هذا الصاحب ...

ولما رأى كفار قريش أن رسول الله ﷺ قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم .. ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا .. وصاروا في عز وحماية فتخوفوا أن يخرج رسول الله ﷺ إليهم فأجمعوا على الاجتماع في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله ﷺ ..

فلما غدوا في اليوم الذي تواعدوا عليه اعترضهم إبليس في هيئة شيخ حسن الصورة ووقف على باب الدار ..
فلما رأوه واقفا على بابها قالوا : من الشيخ .. ؟
قال : شيخ من أهل نجد سمع بالذي تواعدتم عليه فحضر معكم ليسمع ما تقولون .. وعسى ألا يعدمكم منه رأيا ونصحا ...
قا

لوا : أجل . فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش ...

فقال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الهجوم علينا فيما قد اتبعه من غيرنا .. فأجمعوا فيه رأيا ..

فتشاوروا .. ثم قال قائل منهم : احبسوه في الحديد واغلقوا عليه بابا .. ثم تربصوا فيه حتى يصيبه ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله فيموت ...
فقال الشيخ النجدي وهو إبليس : لا والله ما هذا لكم برأي .
يعني هذا رأي غير جيد .
والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي قد أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يهجموا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يغلبوكم على أمركم .. ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره ...

فتشاوروا .. ثم قال قائل منهم : نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلدنا .. فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا ...

فقال الشيخ النجدي وهو إبليس : لا والله ما هذا لكم برأي . ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ...
والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه .. ثم يسيروا بهم إليكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد ... دبروا فيه رأيا غير هذا ...

فقال أبو جهل : والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد ...
قالوا : وما هو يا أبا الحكم .. ؟⁉️
قال : أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا ، نسيبا ، وسيطا فينا ...
أي شابا قويا ذا حسب ونسب شريفا في قومه ..
قال : ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما

أي سيفا قويا قاطعا .
ثم يذهبوا إليه فيضربوه فيها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ...
فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ...
فقال الشيخ النجدي وهو إبليس : القول ما قال الرجل هذا الرأي الذي لا رأي غيره فتفرق كفار قريش على ذلك .. وهم مجمعون له ...

فأتى جبريل النبي ﷺ ليخبره بما أجمع عليه كفار قريش ...
فقال له : لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه ...

فلما ذهب أول الليل اجتمع كفار قريش على باب بيت رسول الله ﷺ ينتظرونه متى ينام حتى يقتلونه ...

لما رأى رسول الله مكانهم ، قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : نم على فراشي وتسجى ببردي هذا ...
اي غط به جسدك ووجهك ، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ...

وكان رسول الله ﷺ إذا نام ينام في برده ذلك .

وبينما كفار قريش على باب بيت رسول الله ﷺ وفيهم أبو جهل قال لمن معه : إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم .. ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن ...
الأردن هي : الدولة المشهورة وعاصمتها حاليا عمان وهي من أرض الشام .
قال أبو جهل : وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح .. ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون بها ...

وكان أبو جهل يقول هذا تهكما وسخرية من رسول الله ﷺ .

فخرج رسول الله ﷺ على كفار قريش فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال : نعم ؛ أنا أقول ذلك .. أنت أحدهم ...

وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلم يروه .. فجعل ينثر التراب على رؤوسهم وهو يتلو :
قول الله تعالى :
{ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ▪ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ▪ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ▪ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ ءابَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ▪ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ▪ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ▪ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ }

فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع رسول الله على رأسه ترابا ثم انصرف ﷺ إلى حيث أراد أن يذهب ...

وبينما الكفار على تلك الحال أتاهم رجل ممن لم يكن معهم ...
فقال : ما تنتظرون ها هنا .. ؟
قالوا : محمدا .
قال : خيبكم الله .. والله لقد خرج عليكم محمد .. ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا .. وانطلق لحاجته .. أفما ترون ما بكم .. ؟

فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ..

ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببردة رسول الله ﷺ ...
فقالوا : والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يتركوا أماكنهم حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش ...
فقالوا : والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا ..

وأنزل الله عز وجل قوله : { وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }

وتجهز أبو بكر رضي الله عنه ليهاجر إلى المدينة ...
فقال له رسول الله ﷺ : على رسلك ...
أي لا تتعجل

،

فإني أرجو أن يؤذن لي .. ولعل الله يجد لك صاحبا ...
فقال أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأبي أنت..؟
قال : نعم .

فطمع أبو بكر أن يصحب رسول الله ﷺ فلم يهاجر ...

فظل مع رسول الله ﷺ في مكة ليصحبه في الهجرة ...

واشترى راحلتين وظل يعلفهما أربعة أشهر في داره إعدادا لذلك .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
11-27-19, 07:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كان رسول الله ﷺ يذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه كل يوم .. إما في الصباح وإما في المساء...

فلما كان اليوم الذي أذن الله عز وجل فيه للنبي ﷺ في الهجرة .. ذهب رسول الله ﷺ بيت أبي بكر رضي الله عنه في نصف النهار .. في ساعة كان لا يأتي فيها النبي ﷺ قبل ذلك ...

فلما رآه أبا بكر رضي الله عنه قال : ما جاء رسول الله ﷺ هذه الساعة إلا لأمر حدث....

فلما دخل رسول الله ﷺ أجلس أبو بكر رضي الله عنه رسول الله ﷺ على سريره ..
وقال النبي ﷺ : أخرج عني من عندك ...
فقال أبو بكر : يا رسول الله إنما هما ابنتاي [عائشة _ وأسماء ] وما ذاك .. فداك أبي وأمي ...
فقال ﷺ : إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة...
فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله ؛
أي أطلب الصحبة معك في الهجرة يا رسول الله...
فقال رسول الله ﷺ : الصحبة...

قالت عائشة : فوالله ما شعرت قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح ، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ...

قال أبو بكر للنبي ﷺ : فخذ بأبي أنت يا رسول الله احدى راحلتي هاتين..
فقال النبي ﷺ : بالثمن ...

قالت عائشة : فجهزناهما سريعاً وصنعنا لهما سفرة من جراب ...
[والسفرة] هي : الطعام الذي يعد للمسافر.

فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ...
[والنطاق] هو : ما يشد به الوسط .

فربطت به على فم الجراب ...
أي شقت نطاقها نصفين .

▫️فشدت بأحدهما الزاد..
▫️وشدت بالآخر فم القربة..

لذلك سميت : [ بذات النطاقين ].

ولم يعلم أحد بخروج رسول الله ﷺ للهجرة إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر وآله...

أما علي رضي الله عنه .. فإن النبي ﷺ أخبره بخروجه ، وأمره بأن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله ﷺ الودائع التي كانت عنده للناس...

فقد كان أهل مكة يأتمنون رسول الله ﷺ فيضعون عنده ما يخشون عليه الضياع ...

ثم لحق رسول الله ﷺ وأبو بكر بغار في جبل ثور .. فانتهيا إليه ليلاً..

فقال أبو بكر رضي الله عنه : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك ، فإن كان فيه شيء أصابني دونك .. فدخل فكنسه ووجد في جانبه [ ثقبا ] .. فشق إزاره رضي الله عنه وسدها به، وبقي من الثقب اثنان ، فألقمهما رجليه ...

ثم قال لرسول الله ﷺ : ادخل... فدخل النبي ﷺ ووضع رأسه في حجره ونام ...

فلدغ أبو بكر رضي الله عنه في رجله من الجحر .. فلم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله ﷺ .. فسقطت دموعه على وجه رسول الله ﷺ ...
فقال له النبي ﷺ : ما لك يا أبا بكر .. ؟⁉️
قال : لدغت .. فداك أبي وأمي ...

فتفل رسول الله ﷺ في رجل أبي بكر فذهب عنه ما يجد ...

فمكث رسول الله ﷺ وأبو بكر في الغار ثلاث ليال ..

وكان يبيت عندهما [عبد الله بن أبي بكر] .. وكان غلاما شاباً .. ثم يخرج من عندهما في السحر .. فيصبح مع قريش بمكة كأنه بات بها ...

وكان لا يسمع أمراً يمكرون به لرسول الله ﷺ إلا أخبر رسول الله ﷺ وأبا بكر به.

وكان [عامر بن فهيرة] مولى أبا بكر يرعى عليهما الغنم .. فيذهب بها إليهما حين تذهب ساعة من العشاء .. حتى يشربا من لبنها .. وكان يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ...

وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تأتيهما بما يصلحهما من الطعام وغيره إذا أمست ...

وكان رسول الله ﷺ وأبو بكر استأجرا رجلاً يدلهما الطريق وهو : [عبد الله بن أريقط] ..
وكان رجلاً مشركا .. وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث ليال في الصباح براحلتيهما...

وبينما النبي ﷺ وأبو بكر في الغار ، إذ رأى أبو بكر أقدام المشركين على باب الغار ...
فقال لرسول الله ﷺ : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه..
فقال النبي ﷺ : يا أبا بكر : "ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ " .

فانصرف الكفار خزايا دون أن يظفروا برسول الله ﷺ وأبي بكر ...

فلما مضت الليال الثلاث أتاهما عبد الله بن أريقط ببعيريهما ، وبعير له... وأتتهما أسماء رضي الله عنها بسفرتهما ...

فقدم أبو بكر رضي الله عنه أفضل الراحلتين الى


رسول الله ﷺ وقال له : اركب فداك أبي وأمي ...
فقال رسول الله ﷺ : "إني لأركب بعيرا ليس لي " ...
فقال أبو بكر : هي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ...
فقال رسول الله ﷺ : " لا ؛ ولكن .. ما الثمن الذي ابتعتها به ..؟ أي اشتريها به .
فقال أبو بكر : كذا وكذا ...
فقال النبي ﷺ : قد أخذتها به ..
أي بالثمن الذي اتفقنا عليه.
فقال أبو بكر : هي لك يا رسول الله...

فركبا وانطلقا .. وانطلق معهما :
[عامر بن فهيرة ، وعبد الله بن أريقط]
فأخذ بهم طريق السواحل ...

واشتد البحث عن رسول الله ﷺ وأبي بكر رضي الله عنه ...

وكان الحافز الأكبر وراء شدة البحث عنهما أن قريشا جعلت لمن رد رسول الله ﷺ عليهم مائة ناقة...

فبينما الكفار جلوسا في ناديهم إذ جاءهم آت فقال : والله لقد رأيت ثلاثة مروا علي آنفا .. إني لأراهم محمدا وأصحابه ..
فأومأ إليه [سراقة بن مالك] بعينه أن اسكت...
ثم قال : إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم ...
فقال الرجل : لعله كما يقول سراقة .. ثم سكت ...

ومكث سراقة بن جعشم قليلاً ثم قام فدخل بيته .. فأخذ فرسه وسلاحه والأزلام التي يستقسم بها ...
والأزلام هي : سهام لا ريش لها ولا نصب مكتوب عليها [ لا ونعم ] ..

فكانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمراً ضربوا بها...
▫️ فإن خرج [ لا ] : تركوا ما هموا به.
▫️وإن خرج [ نعم ] : فعلوا ما هموا به.

ثم انطلق سراقة فلبس درعه .. ثم أخرج الأزلام فاستقسم بها فخرج السهم الذي يكره .. وهو الذي مكتوب فيه :
[لا تضره] ...
يعني لا تفعل هذا.

فبينما هو راكب فرسه إذ عثر به فسقط عنه .. ثم أخرج الأزلام فاستقسم بها فخرج السهم الذي يكره وهو الذي مكتوب فيه : [ لا تضره ].

فبينما هو راكب فرسه إذ عثر به فسقط عنه .. ثم أخرج الأزلام فاستقسم بها فخرج السهم الذي يكره وهو الذي مكتوب فيه [ لا تضره ] ...

فأبى سراقة إلا أن يتبع رسول الله ﷺ فركب في أثره ...

فبينما هو راكب فرسه إذ عثر به فسقط عنه .. ثم أخرج الأزلام مرة ثالثة فاستقسم بها فخرج السهم الذي يكره وهو الذي مكتوب فيه [ لا تضره ] ...

فأبي إلا أن يتبع رسول الله ﷺ فركب في أثره.

فلما رأى النبي في ﷺ وأصحابه ...
قال أبو بكر : أتينا يا رسول الله.
فقال النبي ﷺ : "لا تحزن إن الله معنا"

فدعا عليه النبي ﷺ فارتطمت به فرسه إلى بطنها ...
أي غاصت قوائم فرسه في الأرض ، وتبعهما دخان كالإعصار ...
أي ريح شديدة فيها غبار.

فقال سراقة : فناديتهم بالأمان فوقفوا .. فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ ، فأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع .. فأبيا فلم يأخذا مني شيئا ً، ولم يسألاني إلا أن قالا : اخف عنا...

فسالت النبي ﷺ : أن يكتب أي كتاب أمن .. فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من الجلد ثم مضى رسول الله ﷺ ...

ولما خرج النبي ﷺ وأبو بكر أتى نفر من قريش فيهم أبو جهل ، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم أسماء...

فقالوا : أين أبوك يا بنت أبي بكر.؟
فقالت : لا أدري والله أين أبي .. فرفع أبو جهل يده فلطم خدها لطمة ، طرح منها قرطها ...

وعند خروج أبي بكر رضي الله عنه للهجرة أخذ ماله كله ، فدخل أبوه [أبو قحافة] وهو أعمى على أسماء رضي الله عنها....
فقال : والله إني لأراه قد أخذ ماله كله ...
قالت أسماء : كلا يا أبت ، إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً ...

فأخذت أحجارا فوضعتها في المكان الذي كان يضع فيه أبو بكر رضي الله عنه ماله، ثم وضعت عليه ثوبا ، ثم أخذت بيده ...
وقالت : يا أبت ضع يدك على هذا المال فوضع يده عليه ، فقال : لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن ...

وفي يوم الاثنين من شهر ربيع الأول سمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله ﷺ .. فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة ...

والحرة هي : الأرض التي عليها الحجارة السود.

فرجعوا يوماً بعد ما طال انتظارهم فلما وصلوا إلى بيوتهم .. صعد رجل من اليهود على حصن من حصونهم لأمر ينظر إليه .. فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه عليهم ثياب بيض يزول بهم السراب ..
أي يخفون تارة ويظهرون تارة ...

فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معاشر العرب : "هذا جدكم الذي تنتظرون" .
هذا جدكم أي (حظكم) وصاحب دولتكم .

فصاح المسلمون إلى السلاح ..
أي تقلد المسلمون أسلحتهم لاستقبال رسول الله ﷺ وحراسته من اليهود.

وسمعت الرجة والتكبير من بني عمرو بن عوف .. وكبر المسلمون فرحاً بقدومه ﷺ .. وخرجوا للقائه، فتلقوه، وحييوه بتحية النبوة.

فاتجه بهم النبي ﷺ في سيره إلى غرب قباء فسار حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف.

فنزل على كلثوم بن الهدن ، فقام أبو بكر رضي الله عنه للناس يتلقاهم..

وجلس النبي ﷺ صامتاً .. فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيي أبا بكر .. حتى أصابت الشم

س رسول ال

له ﷺ ...

فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك.

وأقام علي رضي الله عنه بمكة ثلاثة ليال وأيامها .. حتى أدى عن رسول الله ﷺ الودائع التي كانت عنده للناس .. حتى إذا فرغ منها لحق بالنبي ﷺ فنزل معه على كلثوم بن الهدن.

فأقام رسول الله ﷺ بقباء في بني عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس..

وأسس مسجده الذي أسس على التقوى وهو [مسجد قباء] وصلى فيه رسول الله ﷺ .. ثم خرج النبي ﷺ من بين بني عمرو بن عوف يوم الجمعة...

فأدركت رسول الله ﷺ الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في بني سالم.. فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة
ﷺ ...

ولما خرج النبي ﷺ من بني سالم بن عوف راكباً راحلته .. فكان كلما مر بدار من دور الأنصار ...
قالوا له : أقم عندنا يا رسول الله ...

فكان النبي ﷺ يقول :
" خلوا سبيلها فإنها مأمورة "
أي ناقته . فيخلون سبيلها فتنطلق ..

حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار وهم أخوال رسول الله ﷺ ...
فقالوا : يا رسول الله ؛ هلم إلى أخوالك...
فقال : "خلوا سبيلها فإنها مأمورة " .

فخلوا سبيلها فانطلقت ...
أي ؛ الناقة مأمورة ستبرك حيث أمرها الله سبحانه وتعالى ...

حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب المسجد .. وهو يومئذ موضع [ يجفف فيه التمر ] لغلامين يتيمين من بني النجار ...

فلما بركت ورسول الله ﷺ عليها لم ينزل وثبت فسارت غير بعيد ، ورسول الله ﷺ واضع لها زمامها لا يثنيها به .

ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ...
أي رجعت إلى المكان الذي بركت فيه أول مرة .
وقال رسول الله ﷺ حين بركت به راحلته : " هذا إن شاء الله المنزل " .
أي هذا هو المكان الذي سأقيم فيه.

فنزل عنها رسول الله ﷺ فاحتمل أبو أيوب رضي الله عنه رحل رسول الله ﷺ فوضعه في بيته.

ونزل عليه رسول الله ﷺ .. ثم دعا النبي ﷺ الغلامين فاشترى منهما هذا الموضع.

وظل رسول الله ﷺ مقيماً في دار أبي أيوب رضي الله عنه سبعة أشهر حتى بنى مسجده ومساكنه ، فانتقل إليها...

وقد أمر رسول الله ﷺ أصحابه ببناء المسجد .. وكان ﷺ ينقل معهم اللبن ...
أي الحجارة المصنوعة من الطين...

ويقول وهو ينقل اللبن : " هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالَ خَيْبَر ْ.. هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ " .
أي هذا ما يحمل لا ما يحمل من خيبر من التمر ونحوه.

ويقول ﷺ "اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ
فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ" .

وكان المهاجرون والأنصار يقولون : "لا عَيْشَ إلا عَيْشَ الآخِرَة ... اللّهُمّ ارْحَمْ الأنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَة" .

ولما أتم النبي ﷺ هو وأصحابه بناء مسجده من الجريد واللبن ، بنى مسكنه ﷺ ومساكن أزواجه إلى جنبه ، وكان أقربها إليه مسكن عائشة رضي الله عنها.

ثم انتقل النبي ﷺ من دار أبي أيوب إلى مساكنه.

ولما قدم النبي ﷺ المدينة ذهب إليه الناس مسرعين ، وقيل : " قدم رسول الله ﷺ ..

فجاء عالم من علماء اليهود وهو : [عبد الله بن سلام] لينظر إلى رسول الله ﷺ ..
فلما استبان وجه رسول الله ﷺ عرف أن وجهه ليس بوجه كذاب ...

فأتى النبي ﷺ يريد أن يتحقق من شأنه...
فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي...

▫️فما أول أشراط الساعة ..؟
▫️وما أول طعام أهل الجنة.. ؟
▫️وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ..؟
أي متى يأتي الولد شبيها بأبيه، ومتى يأتي شبيها بأمه.

فقال النبي ﷺ أخبرني بهن جبريل آنفا.
فقال عبد الله بن سلام :جبريل..!!
قال النبي ﷺ : نعم.
قال عبد الله بن سلام : ذاك عدو اليهود من الملائكة.
فقرأ النبي ﷺ هذه الآية :

{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ }.

ثم قال ﷺ :
" أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ الناس مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ"...

" وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتِ " .
أي ؛ القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد . وهي أطيبها وألذها.

قال ﷺ : " وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَت "ْ.

فقَالَ عبد الله بن سلام : " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأشهد أَنَّكَ رَسُولُ الله ".

ثم قال : يا رسول الله إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ ...
أي كثيرو البهتان .
وإنْهم إن يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قبل أن تسألهم يبهتوني ...
أي يكذبوني.

فَجَاءَتْ الْيَهُودُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ فِيكُمْ..؟⁉️
قَالُوا : خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وسيدنا وَابْنُ سيدنا ...
قَالَ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّه بْنُ سَلَام ..ٍ.
فقَالُوا : أَعَاذَهُ الله


ِمنْ ذَلِك ..َ.

فَخَرَجَ عَبْدُ اللّه بن سلامِ فَقَال َ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللّه .
فقالت اليهود : شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَأَنَقَّصُوهُ...

فقَالَ عبد الله بن سلام : فهَذَا الذي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللّه ِ...


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
12-04-19, 08:54 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

لما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة .. ترك بناته وزوجته سودة بنت زمعة بمكة ...

فلما قدم ﷺ المدينة أرسل زيدا بن حارثة ، وأبا رافع رضي الله عنهما إلى مكة .. فقدما عليه :
بابنتيه فاطمة ، وأم كلثوم ...
وزوجته سودة بنت زمعة ...
وأسامة بن زيد ...
وأمه أم أيمن ...

فقدموا جميعا على رسول الله ﷺ وهو يبني المسجد ومساكنه ...

أما رقية بنت النبي ﷺ فكانت هاجرت مع زوجها عثمان رضي الله عنه ...

وأما زينب بنت النبي ﷺ فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج للهجرة ...

وأرسل أيضا أبا بكر رضي الله عنه عبد الله بن أريقط مع زيد بن حارثة أبي رافع فأتوا مع آل رسول الله ﷺ ...

وقد فرض الله عز وجل في بداية الإسلام الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر ...

لما قدم رسول الله ﷺ المدينة :
▫️أقرت صلاة السفر ..
▫️وزيد في صلاة الحضر مع كل ركعتين ركعتين ..
▫️إلا المغرب ، فإنها وتر النهار ...
▫️وصلاة الفجر لطول قراءتها ...

ولما أتت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ونزلت بقباء .. ولدت عبد الله بن الزبير رضي الله عنه .. وهو أول مولود ولد في الإسلام .. ففرحوا به فرحا شديدا ...
لأنهم قيل لهم إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم ..

ثم أتت به النبي ﷺ فوضعته في حجره .. فدعا النبي ﷺ بتمرة فمضغها ثم تفل في فمه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله ﷺ ثم حنكه بتمرة ..
أي مضغ النبي ﷺ تمرة ودلك بها حنكه .. ودعا له ...

وولد أيضا [ النعمان بن بشير ] وهو أول مولود للأنصار بعد الهجرة ..

فأتت به أمه إلى النبي ﷺ فحنكه ودعا له ...

وكان أول من توفى بعد مقدم النبي ﷺ المدينة من المسلمين : [ كلثوم بن الهدم ] ...

ثم توفي بعده [ أسعد بن زرارة ] .. وكانت وفاته قبل أن يفرغ رسول الله ﷺ من بناء المسجد ...

وكان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فينتظرون الصلاة .. وكانت الصلاة حينئذ لا ينادى لها ...

تكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم : اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ...
أي حتى يعلم الناس بالصلاة .
فلم يعجب النبي ﷺ ذلك ..
وقال : هو من أمر النصارى ...

فقال بعضهم : اتخذوا بوقا مثل قرن اليهود ...
البوق هو الذي ينفخ فيه فيخرج صوتا .
فلم يعجب النبي ﷺ ...
وقال : هو من أمر اليهود .

قال بعضهم : انصب راية عند حضور الصلاة .. فإذا رأوها أعلم بعضهم بعضا .
فلم يعجب ذلك النبي ﷺ .

فانصرف [ عبد الله بن زيد ] وهو مهتم لهم رسول الله ﷺ ...
فأري الأذان في منامه .. فغدا على رسول الله ﷺ فأخبره ما رأى في منامه ...

وكان عمر رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك .. فكتمه عشرين يوما .. ثم أخبر به النبي ﷺ بعد ذلك ...

وقال النبي ﷺ : يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد .. ففعل .
فأذن بلال رضي الله عنه ...

وبعد مقدم النبي ﷺ المدينة عقد عهدا مع اليهود .. وشرط لهم .. واشترط عليهم ...
💎ومما جاء في هذه المعاهدة :

▫️الأول : من تبعنا من اليهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم .. وإن سلم المؤمنين واحد ...

▫️الثاني : اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ... إلى آخر هذه المعاهدة ...

من أراد الرجوع إليها فليراجع الكتاب ...

وأرسل النبي ﷺ عمه [حمزة بن عبد المطلب ] رضي الله عنه إلى سيف البحر ...
أي ساحل البحر .
لأنه علم أن تجارة لقريش ستمر به ولكن لم يكن بين المسلمين والمشركين قتال ...

وأرسل النبي ﷺ أيضا [ عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه ] إلى بطن رابغ .. (وهو موضع قريب من الجحفة) ..
ومعه ستون من المهاجرين .. فالتقوا مع أبي سفيان في مئتين من المشركين .. فلم يكن بينهم إلا الرمي ... ثم رجعوا إلى المدينة ..

وكان النبي ﷺ قد عقد على عائشة رضي الله عنها بمكة .. فلما قدم المدينة دخل بها رضي الله عنها .. وكان عمرها يومئذ تسع سنين ...

وبعث رسول الله ﷺ بعد هجرته إلى المدينة [ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ] ومعه عشرون رجلا إلى مكان قريب من الجحفة وهو : [ الخرار ] ...
لأنه علم أن تجارة لقريش ستمر به ولكنهم وجدوا أن الكفار قد مروا قبل وصولهم إليه ...
ولولا أن النبي ﷺ عهد إليهم ألا يجاوزوا الخرار لتبعوهم ...

وبعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة عقد مؤاخاة بين المهاجرين والأنصار .. وذلك حتى يذهب عنهم وحشة الغربة ..

وقد آخى ﷺ بينهم في دار أنس بن مالك رضي الله عنه .. وكانوا يومئذ تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار ...

آخى ﷺ بينهم على أنهم يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام .. بحيث يكون أثر الأخوة الإسلامية في ذلك أقوى من أثر قرابة الرحم ...

وكانت هذه الحقوق مقدمة على حقوق القرابة إلى غزوة بدر الكبرى .. لما عز الإسلام وقوي ...

فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله :
{ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ } .

فرد الله سبحانه وتعالى التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة ...

وقد ضرب الأنصار أروع الأمثلة
في تقديم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم ..
فكانوا يتسابقون في مؤاخاتهم حتى يؤول الأمر إلى الاقتراع ...

وكانوا يحكمونهم في : بيوتهم ، وأثاثهم ، وأموالهم ، وأرضهم ، ويؤثرونهم على أنفسهم ...

ومن ذلك أن رسول الله ﷺ لما آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع ..
قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف : أني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين .. ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك .. فسمها لي أطلقها .. فإذا انقضت عدتها فتزوجها ....
فقال عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومالك وسأله عن السوق فذهب ليتاجر ...


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
12-27-19, 09:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .


هذا هو الدرس الثامن من دروس السيرة النبوية من كتاب :
《إسعاد البرية في السيرة النبوية》

----------------------------------------
غزا النبي ﷺ في صفر من السنة الثانية من الهجرة [ غزوة الأبواء ] .

وهذه الغزوة هي أول غزوة غزاها النبي ﷺ بنفسه الشريفة ...

وخرج مع النبي ﷺ المهاجرون خاصة .. وذلك ليعترضوا تجارة لقريش ..
ولكنه لم يكن قتال بين المسلمين والمشركين ...

ثم غزا النبي ﷺ غزوة بواض وخرج مع النبي ﷺ مئتان من أصحابه ..
وذلك ليعترضوا تجارة لقريش .. وكان فيها [ أمية بن خلف الجمحي ] ومئة رجل من قريش ...
ولكنه لم يكن قتال بين المسلمين والمشركين .

ثم خرج النبي ﷺ يريد [ كرز بن جابر الفهري ] .. لأن كرزا قد أغار على إبل ومواشي المسلمين .. فاستولى عليها .. فطلبه الرسول ﷺ ...

حتى بلغ واديا يقال له [ سفوان ] .. ولكن كرزا فات رسول الله ﷺ ولم يلحقه ..


وخرج معه ﷺ مئة وخمسون من أصحابه ..
وذلك ليعترضوا تجارة لقريش كانت ذاهبة إلى الشام .. ولكن المشركين غادروا قبل أن يصل إليهم رسول الله ﷺ ...
فلم يحصل قتال بين المسلمين والمشركين ...

ولما قدم رسول الله ﷺ المدينة جاءته قبيلة جهينة ..
فقالوا : إنك قد نزلت بيننا فاكتب لنا عهدا حتى نأتيك فتعطينا الأمان ..
فكتب لهم النبي ﷺ عهدا فأسلموا ...

ويحكي لنا [ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ] ما حدث في هذه السرية ...

فيقول : بعثنا رسول الله ﷺ في رجب .. في أقل من مئة رجل ..
وأمرنا أن نغير على حي من [بني كنانة] إلى جنب [جهينة] فأغرنا عليهم ...
وكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا منهم ...
وقالو : لم تقاتلون في الشهر الحرام .. ؟
فقلنا : إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام ..
فقال بعضنا : لبعض ما ترون .. ؟
فقال بعضنا : نأتي نبي الله ﷺ فنخبره ..
وقال قوم : لا ؛ بل نقيم ها هنا ..
فقال سعد بن أبي وقاص وأناس معه : لا ؛ بل نأتي عير قريش فنقتطعها ..
فانطلقوا إلى العير ..
وانطلق بعضهم إلى النبيﷺ فأخبروه الخبر ..

فغضب النبي ﷺ غضبا شديدا ...
وقال : أذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين .. إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة ..
لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم .. أصبركم على الجوع والعطش ...

فبعث النبي ﷺ [ عبد الله بن جحش ] ومعه اثنا عشر رجلا من المهاجرين ..كل اثنين يعتقبان على بعير .

فلما وصلوا إلى [ نخلة ] انتظروا عيرا لقريش .. وكان النبي ﷺ قد كتب [ لعبد الله بن جحش ] كتابا وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين .. ولا يستكره أحدا من أصحابه ..

ولما فتح عبد الله بن جحش الكتاب وجد فيه :
[ إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف .. فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم ] .

فقال عبدالله : [ سمعا وطاعة ]
ثم قال لأصحابه : قد أمرني رسول الله ﷺ أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشا حتى آتيه منهم بخبر .. وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم .. فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق .. ومن كره ذلك فليرجع .. فأما أنا فماض إلى رسول الله ﷺ ...

ومضى رضي الله عنه ، ومعه أصحابه جميعا .. فلم يرجع منهم أحد ...

ولما كانوا في أثناء الطريق .. ضل بعير كان [سعد بن أبي وقاص] و [عتبة بن غزوان] يعتقبانه ...
أي يركب أحدهما تارة ويركب الآخر تارة ..

فتخلف سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان يبحثان عن البعير ..
وبعد عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة ..

فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما ...
أي جلدا وتجارة .. فيها عمر بن الحضرمي ، وعثمان ، ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان ..

فتشاور المسلمون ...
فقالوا : نحن في آخر يوم من رجب ..
فإن قاتلناهم انتهكنا حرمة الشهر الحرام ..
وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم .. فلم نستطع أن نقاتلهم ...

ثم أجمع المسلمون على ملاقاة المشركين .. فرمى أحد المسلمين [ عمر بن الحضرمي ] .. فقتله ،
وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان ، وهرب نوفل ...

ثم قدموا بالبع

ير والأسيرين على رسول الله ﷺ المدينة .. وعزلوا خمس الغنيمة لرسول الله ﷺ .. وقسم الباقي على أصحاب السرية ...

وهذا أول خمس في الإسلام .
وأول قتيل في الإسلام .
وأول أسيرين في الإسلام .

فأنكر النبي ﷺ عليهم ما فعلوه ، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا .

واشتد تعنت قريش وإنكارهم ذلك...
وقالوا : قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام .. وسفكوا فيه الدم .. وأخذوا فيه الأموال .. وأسروا فيه الرجال .
فاشتد على المسلمين ذلك ..

حتى نزل قول الله تعالى :
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ الله ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }.

أي هذا الذي أنكرتموه عليهم يا معشر الكفار وإن كان كبيرة ...
فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله ، والصد عن سبيله وعن بيته ، وإخراج المسلمين الذين هم أهله منه ، والشرك الذي أنتم عليه والفتنة التي حصلت منكم به .. أكبر عند الله تعالى من قتال المسلمين في الشهر الحرام ...

فلما نزل القرآن بهذا ؛ قبض رسول الله نصيبه من الغنيمة وبعثت قريش في فداء أسيريها ...

أما الحكم فأسلم فحسن إسلامه .
وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة ومات بها كافرا .

ولما ذهب عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه من الخوف حين نزل القرآن .. طمعوا في الأجر ...
فقالوا : يا رسول الله أنطمع ان تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين ؟

فأنزل الله سبحانه وتعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ٌ} .

وكان النبي ﷺ يصل إلى قبلة بيت المقدس .. وكان يحب ﷺ أن يوجه إلى الكعبة ..
وقال لجبريل عليه السلام : وودت أن يصرف الله وجهي عن قبلة اليهود ...
فقال له جبريل : إنما أنا عبد .. فادع ربك واسأله ..

وجعل النبي ﷺ يدعو ربه سبحانه وتعالى مقلبا وجهه في السماء ..

حتى أنزل الله سبحانه وتعالى :
{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ... }

وكان ذلك بعد ستة عشرة شهرا من مقدم النبي ﷺ المدينة ...

وكان لله عز وجل في جعل القبلة إلى بيت المقدس ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة ، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين .. ليرى من يتبع الرسول ﷺ ممن ينقلب على عقبيه ...

فأما المسلمون فقالوا : سمعنا وأطعنا .

وأما المشركون فقالوا : كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا ..وما رجع إليها إلا أنها الحق .

وأما اليهود فقالوا : خالف قبلة الأنبياء قبله . لو كان نبيا لكان يصل إلى قبلة الأنبياء .

أما المنافقون فقالوا : وما يدري محمدا أين يتوجه .. إن كانت الأولى حقا فقد تركها .. وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل .

قال الله سبحانه :
{ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ }

وكان رسول الله ﷺ قبل فرض صيام رمضان يصوم يوم عاشوراء .. فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ..

فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ...

قال الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

عطاء دائم
12-27-19, 09:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

وهذا هو الدرس التاسع من دروس السيرة النبوية من كتاب :
《إسعاد البرية في السيرة النبوية》
--------------------------------------------

لما سمع النبي ﷺ بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة :
حث المسلمين على الخروج إليه وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها ...
أي يجعلها لكم غنيمة .

فخرج بعض الناس وبقي آخرون وذلك لأنهم لم يظنوا أن النبي ﷺ سيلقى قتالا ...

ولما دنا أبو سفيان من الحجاز تخوف على تجارته .. فكان يتجسس الأخبار حتى قيل له إن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ...

هنا حذر أبو سفيان فأرسل إلى قريش يخبرهم بهذا الخبر ليمنعوه من محمد ﷺ وأصحابه ...

ولما علمت قريش بهذا .. خرجوا جميعا سوى أبي لهب بعث مكانه العاص بن هشام .. ولم يخرج أيضا معهم بنو عدي ...

ولما تجهز الكفار لملاقاة رسول الله ﷺ تذكروا الحرب التي كانت بينهم وبين بني بكر بن كنانة ...
فقالوا : إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا .. فكاد ذلك أن يثنيهم عن الخروج ..
فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك ..
وقال لهم : أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه ...
أي أنا أحميكم من كنانة من خلفكم .

فخرجوا لملاقاة رسول الله ﷺ .. وخرج النبي ﷺ وأصحابه ..
واستخلف على المدينة وعلى الصلاة بالناس [ ابن أم مكتوم ] رضي الله عنه ...

وفي أثناء الطريق رد [ أبا لبابة بن عبد المنذر ] واستعمله على المدينة ...

وكان أمام رسول الله ﷺ رايتان سوداوان :
إحداهما مع علي .
والأخرى مع سعد بن معاذ .
وجعل على الساقة .. وهم الذين يكونون خلف الجيش قيس بن أبي صعصاع ...

ودفع النبي ﷺ الراية يومئذ إلى [ مصعب بن عمير ] رضي الله عنه .. وكان لواء أبيضا ...

ولكن النبي ﷺ لم يتجهز التجهز الكامل ..
فخرج مسرعا في ثلاثمئة وسبعة عشر رجلا ...
ولم يكن معهم يومئذ من الخيل إلا فرسان : فرس [للزبير] وفرس [للمقداد]
وكان معهم سبعون بعيرا .. يعتقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد .

ولما علم النبي ﷺ بخروج قريش لملاقاته .. استشار أصحابه ، وأخبرهم عن قريش ..
فقام أبو بكر رضي الله عنه فتكلم كلاما حسنا ..
ثم قام عمر فتكلم كلاما حسنا ..
ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى :
[فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ]
ولكن : [ اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ] .. فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (هذا موضع بناحية اليمن) .. لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه ...
أي لقاتلنا معك من دون هذا الموضع حتى تبلغه .

فقال له رسول الله ﷺ : خيرا ، ودعا له .

ثم قال رسول الله ﷺ : أشيروا علي أيها الناس .. وكان يعني [ الأنصار ] ..
وذلك لأن الأنصار حينئذ كانوا أكثر الناس عددا وأنهم حين بايعوه ﷺ بالعقبة قالوا : يا رسول الله إنا برءاء من ذممك حتى تصل إلى ديارنا .. فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ...
يعني : كان العهد الذي بين رسول الله ﷺ والأنصار يقتضي حماية رسول الله ﷺ في المدينة فقط .. أما إذا خرج للقتال ونحوه خارج المدينة فليس للأنصار نصرة .. فكان النبي ﷺ يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرة إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه .. وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو خارج بلادهم ...

فلما قال ذلك النبي ﷺ ..
قال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ...
فقال النبي ﷺ أجل ..
فقال سعد : لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، على السمع والطاعة ،
فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ،
والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ..
لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ..

ففرح رسول الله ﷺبما سمع من أصحابه ..
ثم قال : سيروا وأبشروا ؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ..
والله ، لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم ...
أي مواضع قتلهم ..

ورأى أبو سفيان أنه قد نجا بعيره .. أرسل إلى قريش أن ارجعوا ...
فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نأتي بدرا .. ونقيم بها فننحر الجزر ..
الجزر : جمع جزور وهو : البعير .
ونطعم الطعام ،

ونسقي الخمر ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها .. وأمرهم بالمضي لملاقاة رسول الله ﷺ ...

وهنا أشار أحد بني زهرة على الكفار بالرجوع .. فعصوه ..
فرجع هو وبني زهرة فلم يشهدوها ...

وأرادت بنو هاشم الرجوع .. فاشتد عليهم أبو جهل فأطاعوه وساروا معه ..

ثم ارتحل رسول الله ﷺ فنزل قريبا من بدر .. فركب هو وأبو بكر حتى وقف على رجل من العرب واستعلم منه رسول الله ﷺ عن قريش ...

ولما أمسى رسول الله ﷺ .. بعث [عليا ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص] ومعهم نفر من أصحابه إلى ماء بدر .. يلتمسون الخبر ..
فأصابوا إبلا عليها ماء لقريش فيها غلامان فأتوا بهما رسول الله ﷺ ...

فقال لهم رسول الله ﷺ : ما عدتهم..؟
قالا : لا ندري ..
قال : كم ينحرون كل يوم .. ؟
قالا : يوما تسعا ، ويوما عشرا ...
فقال رسول الله ﷺ : القوم في ما بين التسعمئة والألف ...

ولما نزل النبي ﷺ بالقرب من بدر .. قال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله هذا المنزل أمنزلا أنزلك الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
أي : هل هذا المنزل الذي نزلت فيه هو أمر من الله سبحانه وتعالى لا يجوز لنا أن نتقدم أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
فقال النبي ﷺ : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ..
فقال يا رسول الله : فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله .. ثم نغور وراءه من القلب ..
نغور : أي ندفن .
القلب : جمع قليب ، وهو : البئر .
قال : ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماءا ثم نقاتل القوم .. فنشرب ولا يشربون ..

فقال له النبي ﷺ : لقد أشرت بالرأي فأمر النبي ﷺ الجيش أن ينزل بالمكان الذي أشار إليه الحباب بن المنذر ...

وأشار سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه على النبي ﷺ أن تبنى له خيمة .. فأثنى عليه رسول الله ﷺ خيرا ودعا له بخير ثم بني لرسول الله ﷺ خيمة .. فكان فيها ..

ومشى النبي ﷺ في موضع المعركة وجعل يشير ويقول : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله .. فما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله ﷺ ...

ولما استقرت قريش على ملاقاة رسول الله ﷺ أرسلوا أحدهم يأتيهم بعدد المسلمين .. فذهب ثم رجع إليهم فقال ما وجدت شيئا ..
ولكني قد رأيت يا معشر قريش : البلايا تحمل المنايا نواطح يثرب تحمل الموت الناقع .. قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ..
والله ، ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فتفكروا في رأيكم ...

وهنا أشار حكيم بن حزام على المشركين بالرجوع إلى مكة .. ولكن أبا جهل أبى إلا ملاقاة رسول الله ﷺ ...

ولما رأى النبي ﷺ كفار قريش ..
قال : اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها .. تحادك ، وتكذب رسولك ..
اللهم فنصرك الذي وعدتني ..
اللهم احنهم الغداة ...

وخرج من المشركين الأسود بن عبد الأسد وقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه ..

فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقتله حمزة رضي الله عنه ..
وهذا أول قتيل من الكفار .

ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ..
فدعا إلى المبارزة .
فخرج إليه ثلاثة فتية من الأنصار :
[عوف ، ومعوذ ] ابنا الحارث ..
و [عبد الله بن رواحة] ..
فقال المشركون لهم : من أنتم .. ؟
فقالوا : رهط من الأنصار .
فقال المشركون : أكفاء كرام .. وإنما نريد بني عمنا ..
أي نريد أن نقاتل بني عمنا ( أي المهاجرين) .

ثم نادى أحدهم : يا محمد ..
أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ..
فقال النبي ﷺ : قم [ يا عبيدة بن الحارث ] .. وقم [ يا حمزة ] .. وقم [ يا علي ] ..

فقتل [ حمزة ] شيبة بن ربيعة .
وقتل [ علي ] الوليد بن عتبة .
أما [ عبيدة ] فضرب عتبة ضربة لم يقم معها .. وضربه عتبة ضربة لم يقم معها ..
ثم كر [ حمزة وعلي ] فقتلا عتبة ..
واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين ...

ولما اشتدت الحرب استقبل النبي ﷺ القبلة ثم مد يديه فجعل ﷺ يستغيث بالله رافعا صوته :
اللهم انجز لي ما وعدتني ..
اللهم آت ما وعدتني ..
اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لن تعبد في الأرض ..
فما زال يستغيث بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه ﷺ عن منكبيه ...

فأنزل الله سبحانه وتعالى :
{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ } .

ودعا المسلمون ربهم سبحانه وتعالى واستغاثوه ..

فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى ملائكته : أني معكم .. فثبتوا الذين ءامنوا .. سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب .. فاضربوا فوق الأعناق .. واضربوا منهم كل بنان ..

وخرج رسول الله ﷺ إلى الناس وقال لهم : والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ...

وقال ﷺ لأصحابه : قوموا إلى جنة عرضها

السموات والأرض ...
وقاتل الملائكة مع المسلمين ...

ولما اشتد القتال ورأى إبليس جند الله قد نزلت من السماء فر ونكص على عقبيه وقالوا له : إلى أين يا سراقة ..؟
ألم تكن قلت : إنك جار لنا لا تفارقنا..؟
قال :

كما أخبر الله :
{ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } .

وبينما المسلمون صفوف لملاقاة أعداء الله .. إذا بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقف عن يمينه غلام وعن شماله غلام ..
فقال أحدهما له : يا عم ، هل تعرف أبا جهل .. ؟
فقال : نعم ، وما حاجتك إليه يا ابن أخي .. ؟
فقال الغلام : أخبرت أنه يسب رسول الله ﷺ .. والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ...
أي لن أتركه حتى يموت أو أموت .

تعجب عبد الرحمن رضي الله عنه لذلك .. فقال له الغلام الآخر مثل ما قال الغلام الأول ..
فلما رأى عبد الرحمن بن عوف أبا جهل قال لهما : ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني .. فأسرعا إليه فضرباه حتى قتلاه ...

وبعد انتهاء المعركة وجده
[ عبد الله بن مسعود ] رضي الله عنه وبه رمق فقضى عليه ...

ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله ﷺ حتى وقف على قتل الكفار ...
فقال : بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ..
كذبتموني وصدقني الناس ..
وخذلتموني ونصرني الناس ..
وأخرجتموني وآواني الناس ..
ثم أمر بهم ﷺ فألقوا في قليب بدر ...

وقد قتل المسلمون من الكفار يومئذ سبعين ..
وأسروا سبعين ..
وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلا ..

ثم أقبل رسول الله ﷺ راجعا إلى المدينة .. وقد خافه كل عدو له بالمدينة وحولها ...

أسلم بشر كثير من أهل المدينة ..
وحينئذ دخل عبد الله بن أبي - المنافق - وأصحابه في الإسلام ( ظاهرا ).


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:17 PM
السلام عليكم

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:18 PM
والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ..
لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ..

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:18 PM
ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله ï·؛ حتى وقف على قتل الكفار ...
فقال : بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ..
كذبتموني وصدقني الناس ..
وخذلتموني ونصرني الناس ..
وأخرجتموني وآواني الناس ..
ثم أمر بهم ï·؛ فألقوا في قليب بدر .

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:19 PM
ثم أقبل رسول الله ï·؛ راجعا إلى المدينة .. وقد خافه كل عدو له بالمدينة وحولها ...

أسلم بشر كثير من أهل المدينة ..
وحينئذ دخل عبد الله بن أبي - المنافق - وأصحابه في الإسلام ( ظاهرا ).


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:20 PM
ولما نزل النبي ï·؛ بالقرب من بدر .. قال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله هذا المنزل أمنزلا أنزلك الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
أي : هل هذا المنزل الذي نزلت فيه هو أمر من الله سبحانه وتعالى لا يجوز لنا أن نتقدم أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
فقال النبي ï·؛ : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ..
فقال يا رسول الله : فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله .. ثم نغور وراءه من القلب ..
نغور : أي ندفن .

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:21 PM
ولما أمسى رسول الله ï·؛ .. بعث [عليا ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص] ومعهم نفر من أصحابه إلى ماء بدر .. يلتمسون الخبر ..
فأصابوا إبلا عليها ماء لقريش فيها غلامان فأتوا بهما رسول الله ï·؛ ...

فقال لهم رسول الله ï·؛ : ما عدتهم..؟
قالا : لا ندري ..
قال : كم ينحرون كل يوم .. ؟
قالا : يوما تسعا ، ويوما عشرا ...
فقال رسول الله ï·؛ : القوم في ما بين التسعمئة والألف ...

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:22 PM
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

وهذا هو الدرس التاسع من دروس السيرة النبوية من كتاب :
م€ٹإسعاد البرية في السيرة النبويةم€‹

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:24 PM
فخرج بعض الناس وبقي آخرون وذلك لأنهم لم يظنوا أن النبي ï·؛ سيلقى قتالا ...

ولما دنا أبو سفيان من الحجاز تخوف على تجارته .. فكان يتجسس الأخبار حتى قيل له إن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ...

هنا حذر أبو سفيان فأرسل إلى قريش يخبرهم بهذا الخبر ليمنعوه من محمد ï·؛ وأصحابه ...

ولما علمت قريش بهذا .. خرجوا جميعا سوى أبي لهب بعث مكانه العاص بن هشام .. ولم يخرج أيضا معهم بنو عدي ...

ولما تجهز الكفار لملاقاة رسول الله ï·؛ تذكروا الحرب التي كانت بينهم وبين بني بكر بن كنانة ...
فقالوا : إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا .. فكاد ذلك أن يثنيهم عن الخروج ..

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:25 PM
وكان أمام رسول الله ï·؛ رايتان سوداوان :
إحداهما مع علي .
والأخرى مع سعد بن معاذ .
وجعل على الساقة .. وهم الذين يكونون خلف الجيش قيس بن أبي صعصاع ...

ودفع النبي ï·؛ الراية يومئذ إلى [ مصعب بن عمير ] رضي الله عنه .. وكان لواء أبيضا ...

المنتهى ليموزين
12-27-19, 04:26 PM
فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى ملائكته : أني معكم .. فثبتوا الذين ءامنوا .. سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب .. فاضربوا فوق الأعناق .. واضربوا منهم كل بنان ..

وخرج رسول الله ï·؛ إلى الناس وقال لهم : والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ...

وقال ï·؛ لأصحابه : قوموا إلى جنة عرضها

السموات والأرض ...
وقاتل الملائكة مع المسلمين ...

ولما اشتد القتال ورأى إبليس جند الله قد نزلت من السماء فر ونكص على عقبيه وقالوا له : إلى أين يا سراقة ..؟
ألم تكن قلت : إنك جار لنا لا تفارقنا..؟

عطاء دائم
01-15-20, 07:59 AM
فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى ملائكته : أني معكم .. فثبتوا الذين ءامنوا .. سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب .. فاضربوا فوق الأعناق .. واضربوا منهم كل بنان ..

وخرج رسول الله ï·؛ إلى الناس وقال لهم : والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ...

وقال ï·؛ لأصحابه : قوموا إلى جنة عرضها

السموات والأرض ...
وقاتل الملائكة مع المسلمين ...

ولما اشتد القتال ورأى إبليس جند الله قد نزلت من السماء فر ونكص على عقبيه وقالوا له : إلى أين يا سراقة ..؟
ألم تكن قلت : إنك جار لنا لا تفارقنا..؟

جزاك الله خيرا على كرم الحضور

عطاء دائم
01-16-20, 08:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
.

وهذا هو الدرس العاشر من دروس السيرة النبوية من كتاب :
《إسعاد البرية في السيرة النبوية》


فرض الله عز وجل على المسلمين زكاة الفطر قبل العيد بيومين ...

وخطب ﷺ قبل الفطر بيوم في الناس .. يعلمهم زكاة الفطر ...

وقد فرض الله سبحانه وتعالى زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على :
[ العبد ، والحر ، الذكر ، والأنثى ، والصغير والكبير ، من المسلمين ] .

وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ...

يعني يجب على كل مسلم :
[ ذكرا كان أو أنثى ، صغيرا كان أو كبيرا] صاع من طعام في زكاة الفطر ...

الصاع : أربعة أمداد ..
والمد : ملء كفي الرجل المعتدل ليس الكبير وليس الصغير .

ويجب أن تؤدى قبل الخروج إلى صلاة العيد .

وفرض الله سبحانه وتعالى :
[[ الزكاة ذات النصب ]] وهي : زكاة الأموال ...

وذلك بعد ظهور القوة والغنى في المسلمين .

فإذا بلغ الذهب خمسة وثمانين جراما عيار أربعة وعشرين ، [ وجب ] أن يؤدى [ ربع العشر ] منه ...

وإذا بلغ المال المعد للتجارة ، أو المال المدخر .. ستمائة جرام فضة عيار ألف .. [ وجب ] أن يؤدى منه [ ربع العشر ]
أي [ خمسة وعشرون ] عن كل ألف .

وهكذا في باقي الأموال التي تجب فيها الزكاة .

والزكاة لا تصرف إلا في الأصناف الثمانية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى :
في قوله :
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَه وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَه وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.

وعند مرجع رسول الله ﷺ من بدر توفيت رقية بنت رسول الله ﷺ ..
وهي زوجة عثمان رضي الله عنه .

وقد جاء النبي ﷺ فوجد عثمان رضي الله عنه واقفا على قبرها يدفنها ..

وكان تمريضها منعه عن شهود غزوة بدر .. وذلك أن عثمان استأذن رسول الله ﷺ في التخلف عن خروجه إلى بدر لمرض ابنته رقية ...

وكان عثمان رضي الله عنه تزوج رقية بمكة في الجاهلية .. وهاجر معها إلى الحبشة كما تقدم ...

وكان بعض اليهود يؤذون النبي ﷺ ويحرضون عليه ومنهم :
امرأة اسمها [ عصماء بنت مروان ]
فكانت تؤذي النبي ﷺ وتقول شعرا تعيب فيه الإسلام وأهله ..

فجاءها [ عمير بن عدي ] رضي الله عنه في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وقتلها .. ثم صلى الصبح مع النبي ﷺ بالمدينة ...

فقال له رسول الله ﷺ : أقتلت ابنة مروان ..؟
قال : نعم ...
قال : فهل علي في ذلك من شيء ؟
قال ﷺ : لا ينتطح فيها عنزان ..
أي إن شأنها هين لا يكون فيه طلب ثأر ولا اختلاف ...

وسماه النبي ﷺ [ عميرا البصير ] وكان رضي الله عنه ضرير البصر ...

وشرع الله سبحانه وتعالى للمسلمين صلاة العيد في الفضاء ...

خرج رسول الله ﷺ بالناس إلى الفضاء ليصلي بهم صلاة العيد .. يهللون ويكبرون ويعظمون الله سبحانه وتعالى ...

وصلى النبي ﷺ من غير أذان ولا إقامة .. ركعتين .. ثم خطب بعدهما خطبة العيد ...

وفي شوال من السنة الثانية من الهجرة قتل [ سالم بن عمير ] رضي الله عنه [ أبا عفك ] اليهودي ...
وذلك لأن أبا عفك كان يحرض على رسول الله ﷺ .. ويقول شعرا في ذم الإسلام وأهله ...

فقال سالم بن عمير رضي الله عنه : علي نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه .. ثم ذهب إليه فقتله ..

ولم يقم رسول الله ﷺ كثيرا في المدينة بعد غزوة بدر بل نهض بنفسه ﷺ إلى [[ غزو بني سليم ]] ...

وخرج النبي ﷺ حتى بلغ موضع ماء يقال له [ الكدر ] فقام ﷺ عليه ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة .. ولم يلق حربا ...

وكان من أسرى بدر أبو العاص بن الربيع .. وهو زوج زينب بنت رسول الله ﷺ .

?

?فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله ﷺ في فداء أبو العاص بن الربيع بمال .. وبعثت بهذا المال بقلادة لها كانت خديجة رضي الله تعالى عنها أعطتها لها حين تزوجت ...

فلما رأى النبي ﷺ القلادة رق لها رقة شديدة ...
وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ...
يعني أبا العاص بن الربيع .
وتردوا عليها مالها .. فافعلوا ...
فقالوا : نعم يا رسول الله ...
فأطلقوه وردوا عليها الذي لها ...

وبعث رسول الله ﷺ [ زيد بن حارثة ] ورجلا من الأنصار .. ليأتيا بزينب رضي الله عنها ...

ولما قدم أبو العاص مكة .. أمرها باللحوق بأبيها .. فخرجت .

وكان هذا بمقتضى ما شرط أبو العاص للنبي ..

وتزوج علي رضي الله تعالى عنه بفاطمة رضي الله عنها ...

وذلك بعد سنة من الهجرة ..
وابتنى بها بعد ذلك بسنة أخرى ...

وهي أول زوجة تزوجها رضي الله عنه ولم يتزوج عليها حتى توفيت .

وجهز النبي ﷺ فاطمة في خميل وقربة ووسادة حشوها إذخر ...
والخميل هو : القطيفة
والإذخر :حشيشة طيبة الرائحة .. كانت البيوت تسقف بها فوق الخشب .

وقد ولدت فاطمة لعلي
[ الحسن ، والحسين ، ومحسن ] وتوفي صغيرا ...

كما ولدت [زينب ، وأم كلثوم ]
وأم كلثوم هذه تزوجها عمر رضي الله عنه ..

وذات يوم جلس [ عمير بن وهب الجمحي ] مع [ صفوان بن أمية ]
في حجر الكعبة بعد غزوة بدر بيسير ..

وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش وكان يؤذي رسول الله ﷺ وأصحابه إيذاء شديدا ..

وكان ابنه وهب بن عمير في أسرى بدر .. فذكر أصحاب القليب ما أصابهم ..
فقال صفوان : والله ليس في العيش خير بعدهم ..
فقال عمير : صدقت والله .. أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله ...

فاغتنم صفوان هذه وقال : علي دينك أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا ...
فقال له عمير : اكتم شأني وشأنك ...
قال صفوان : أفعل ...
ثم أمر عمير بسيف فشحذ له وسم ...
شحذ : أي حدد .
وسم : أي وضع السم فيه .
ثم انطلق حتى قدم المدينة ...

فبينما عمر رضي الله عنه في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر .. إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف ...

فقال عمر : هذا عدو الله عمير بن وهب .. والله ما جاء إلا لشر .. وهو الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر ...
حرش : أي أفسد .
وحزرنا : أي قدر عددنا .

ثم دخل عمر على رسول الله ﷺ فقال : يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه ...
فقال النبي ﷺ فأدخله علي ...

فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها ..
أي لفه على عنقه وشده منه ...
وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله ﷺ فاجلسوا عنده .. واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ...

ثم دخل به على رسول الله ﷺ فلما .. رأى ذلك النبي ﷺ ...
قال : أرسله يا عمر .. ادن يا عمير ...
فدنا عمير ثم قال : أنعموا صباحا ...
وكانت هذه تحية أهل الجاهلية بينهم .
فقال النبي ﷺ : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير [ السلام ] .. تحية أهل الجنة ...
فقال عمير : أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد ...
فقال النبي ﷺ : فما جاء بك يا عمير ..؟
قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه ...
قال النبي ﷺ : فما بال السيف في عنقك ..؟
قال عمير : قبحها الله من سيوف ..
وهل أغنت عنا شيئا .. ؟
فقال النبي ﷺ اصدقني .. ما الذي جئتني له .. ؟
قال عمير : ما جئت إلا لذلك ..
فقال النبي ﷺ : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ..
ثم قلت : لولا دين علي ، وعيال عندي ، لخرجت حتى أقتل محمدا ..
فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له .. والله حائل بينك وبين ذلك ...
قال عمير : أشهد أنك رسول الله .. قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتنينا به من خبر السماء ، وما ينزل عليك من الوحي .. وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان .. فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله .. فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ...
ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ...

فقال النبي ﷺ : فقهوا أخاكم في دينه .. وأقرؤوه القرآن .. وأطلقوا له أسيره ...
ففعلوا ...

ثم قال : يا رسول الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل ، وأنا أحب أن تأذن لي فآتي مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله ﷺ ، وإلى الإسلام لعل الله يهديهم ..
وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أؤذي أصحابك في دينهم .. فأذن له النبي ﷺ فلحق بمكة ...

وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب يقول لأهل مكة : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر ...

وكان صفوان يسأل عن عمير الركبان حتى قدم راكب .. فأخبره عن إسلامه ...

فحلف ألا يكلمه أبدا ، ولا ينفعه بنفع أ

بدا .. فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام .. ويؤذي من خالفه أذى شديدا .. فأسلم على يديه ناس كثير ...

ولما انتصر رسول الله ﷺ على قريش يوم بدر .. وقدم المدينة .. جمع اليهود في سوق بني قينقاع ...

قال : يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا ...
قالوا : يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال .. إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا ...

فأنزل الله سبحانه وتعالى :
{ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ }.

واشتد غيظ اليهود على المسلمين .. وأظهروا البغي والحسد ، ونبذوا العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين ..
لأجل ما من به الله تعالى على المسلمين يوم بدر ..

فجعلوا يكيدون بالمسلمين مكائد للإيقاع بهم ، وصرفهم عما جاءهم من الحق ...

والسبب في جلاء يهود بني قينقاع عن المدينة :
أن امرأة من المسلمين قدمت سوق بني قينقاع فباعت متاعا لها ثم جلست إلى صائغ يهودي بالسوق ...
والصائغ هو : بائع الذهب .
فجعلوا بنو قينقاع يحاولون كشف وجهها فأبت المرأة .. فعقد الصائغ طرف ثوبها بشيء خلفها .. فلما قامت المرأة .. انكشفت سوأتها فضحكت اليهود .. فصاحت المرأة ..
فقام رجل من المسلمين فقتل الصائغ .. ثم قتلت اليهود الرجل المسلم .. فغضب المسلمون غضبا شديدا ...

وكان هذا أول غدر من اليهود .

فخرج رسول الله ﷺ لحصارهم يوم السبت .. فحارب بنو قينقاع وتحصنوا في حصنهم ..
فحاصرهم النبي ﷺ أشد الحصار [ خمسة عشر ] ليلة ..

حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله ﷺ :
أن لرسول الله ﷺ أموالهم ...
وأن لهم النساء والذرية ..
فأمر بهم فكتفوا ...
والذرية هي الأطفال .

فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول .. وألح على النبي ﷺ فأطلقهم النبي ﷺ له .. وكانوا سبعمائة مقاتل ..

وأمر رسول الله ﷺ بني قينقاع :
أن يجلوا من المدينة ، ولم يأمر بقتلهم ...
فلحقوا بأذرعات الشام .. وأخذ النبي ﷺ سلاحهم ...

ولما رجع المشركون إلى مكة منهزمين من غزوة بدر .. نذر أبو سفيان ألا يمس رأسه ماء حتى يغزو رسول الله ﷺ ..

فخرج في مئتي راكب حتى أتى طرف المدينة وقتل رجلا من الأنصار ثم رجع هاربا ...

⚙فنذر به رسول الله ﷺ .. فخرج في طلبه .. ولكنه لم يلحق به .. فطرح الكفار سويقا كثيرا من أزوادهم ليتخففوا فأخذها المسلمون ...
فسميت [ غزوة السويق ].
والسويق هو : قمح أو شعير يقلى .. ثم يطحن فيتزود به مخلوطا بماء أو سمن أو عسل ...

وفي ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه .. فبكى عليه رسول الله ﷺ ...
فقالت امرأة : هنيئا لك الجنة عثمان بن مظعون ...
فنظر إليها رسول الله ﷺ نظر غضبان فقال : وما يدريك .. ؟
قالت : يا رسول الله فارسك وصاحبك ..
فقال النبي ﷺ : والله إني رسول الله وما أدري ما يفعل بي ...

لما ماتت زينب ابنة رسول الله ﷺ ..
قال النبي ﷺ : الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون ...

وكتب النبي ﷺ كتابا بين المهاجرين والأنصار :
أن اعقلوا معاقلهم ..
وأن يفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين ..

ومعنى يعقلوا معاقلهم : أي يؤدوا دياتهم .
والمعاقل هي : الديات .
ومعنى أن يفدوا عانيهم : أي أسيرهم .
أن يسعوا في خلاصه بمال أو وغيره .

♦️ومعنى قوله : بالمعروف ..
أي بحيث لا يرتكبون في ذلك محرما ...

وكان هذا الكتاب معلقا بسيف رسول الله ﷺ .

وفي عيد الأضحى من هذه السنة .. ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين أقرنين .

ذبحهما بيده ﷺ .. وسمى وكبر .
وأملحين : مثنى أملح ، وهو : الأبيض الخالص البياض .
وأقرنين : أي لكل واحد منهما قرنان حسنان .

وقال النبي ﷺ عند ذبح الكبش الأول : [[ عن محمد وآل محمد ]] .
وقال عند الذبح الآخر : [[ عمن آمن بي وصدقني من أمتي ]] .

وهذا من خصائص رسول الله ﷺ ..
لأن الشاة لا تجزىء أكثر من واحد .. وإنما يجوز إشراك الغير في الأجر .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


SEO by vBSEO 3.6.1