المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهداية من الله والأسباب من العباد ..


قيثارة
03-04-20, 11:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التوفيق والهداية بيد الله عز وجل
من شاء الله أن يهديه هداه ، ومن شاء أن يضله أضله
قال الله تعالى :
( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/73
وقال جل وعلا : ( مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الْأَنْعَامِ/59
وقال سبحانه : ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) الْأَعْرَافِ/178 .

والمسلم يدعو في صلاته : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) الفاتحة .
لعلمه أن الهداية بيد الله تعالى ، ومع ذلك ؛ فالعبد مطالب بالأخذ بأسباب الهداية
مُطالَب بالصبر والثبات والبدء بطريق الاستقامة ، فقد وهبه الله عز وجل عقلا منيرا
وإرادة حرة ، يختار بها الخير من الشر ، والهدى من الضلال
فإذا بذل الأسباب الحقيقية ، وحرص على أن يرزقه الله الهداية التامة جاءه التوفيق من الله تعالى .
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الْأَنْعَام/153 .

وقد أطال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان هذه المسألة
التي تشكل على بعض الناس ، فقال :
" إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى ، وأن الأمر كله بيده ، فما طريق
الإنسان إذن
وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قَدَّر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
فنقول :
الجواب عن ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدي من كان أهلاً للهداية
ويضل من كان أهلاً للضلالة
ويقول الله تبارك وتعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) الصف
ويقول تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) المائدة/13 .
فبين الله تبارك وتعالى أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ،
والعبد لا يدرى ما قَدَّر الله تعالى له ، لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور .
فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟
فما باله يسلك طريق الضلال ، ثم يحتج بأن الله تعالى قد أراد له ذلك !
أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول :
إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم .
أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة ، وقدريا عند الطاعة ! كلا
لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية ، فإذا ضل أو عصى الله
قال : هذا أمر قد كُتب علي وقُدِّر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله تعالى .

فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار ، وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق
والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قُدِّر له ما قُدِّر من الرزق
ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً
لا يجلس في بيته ويقول : إن قُدِر لي رزق فإنه يأتيني ، بل يسعى في أسباب الزرق
مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذا الرزق أيضا مكتوب ، كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب
فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لرزق الدنيا
ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم !!
إن البابين واحد ، ليس بينهما فرق ، فكما أنك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك
فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوي مرضك ،
ومع ذلك فإن لك ما قُدِّر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا
وتقول : أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قُدِّر الله لي أن يمتد الأجل امتد .
بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى
أنه أقرب الناس أن يُقَدِّر الله الشفاء على يديه .
فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ؟
وقد سبق أن قلنا : إن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه .
فأنت الآن بين طريقين :
طريق يؤدى بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة .
وطريق يؤدى بك إلى الهلاك والندامة والمهانة .
وأنت الآن واقف بينهما ومخير ، ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين
ولا من سلوك طريق الشمال ، إذا شئت ذهبت إلى هذا
وإذا شئت ذهبت إلى هذا .
بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً
وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة
يسير سيراً اختيارياً ، بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا
لأن مبين طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
فلا بد أن تكون طرق الآخرة أكثر بيانا وأجلى وضوحا من طرق الدنيا .
ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها
ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة
لأنها ثابتة بوعد الله ، والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد .

بعد هذا نقول : إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا
وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره ، وأنه يقول كما يريد
ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته .
ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته
وأنه سبحانه وتعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ، ولكنها مشيئة تابعة لحكمته
لأن من أسماء الله تعالى الحكيم ، والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً
ويحكمها عملاً وصنعاً ، والله تعالى بحكمته يقَدِّر الهداية لمن أرادها
لمن يعلم سبحانه وتعالى أنه يريد الحق ، وأن قلبه على الاستقامة .
ويقَدِّر الضلالة لمن لم يكن كذلك ، لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء
فإن حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين
إلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب إرادته إلى إرادة أخرى
والله تعالى على كل شيء قدير ، ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب
مربوطة بها مسبباتها

هكذا يفهم المسلم قضية الإيمان بالقضاء والقدر مع قضية العمل الذي كلف به الإنسان
وترتب عليه سعادته أو شقاؤه ، فالهداية ودخول الجنة سببها العمل الصالح .
قال الله تعالى عن أهل الجنة : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأعراف/43
وقال تعالى : ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل/32 .
والضلال ودخول النار سببه العمل بمعصية الله والإعراض عن طاعته
قال الله تعالى عن أهل النار :
( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) يونس/52
وقال تعالى : ( وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) السجدة/14 .

وحينئذ يضع المسلم خطوته الأولى في الطريق الصحيح
فلا يضيع لحظة واحدة بغير عمل أو سعي في طريق الله عز وجل
وفي الوقت نفسه ، يتواضع لربه ، ويدرك أنه عز وجل بيده مقاليد السماوات والأرض
فيستشعر الفقر إليه دائما وأبدا ، والحاجة إلى توفيقه وتسديده .
نسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم الهداية وأن يوفقنا لكل خير .

والله أعلم .

مساحة قلم
03-05-20, 12:20 AM
جزاك الله كل الخير
نعم فالهدايه من الله سبحانه وتعالى
ان شاء هدى اعتى كافر على وجه الارض
يعطيك العافيه

قيثارة
03-05-20, 09:24 PM
منور اخوي
وانت من اهل الجزاء ان شاء الله
اسعدني مرورك الكريم
مشكور

عطاء دائم
03-06-20, 08:59 AM
الله يجزيكِ الخير
ويجعله في ميزان حسناتك اختي الغالية
ربي يحفظك
:MonTaseR_11:

قيثارة
03-06-20, 11:35 PM
الله يجزيكِ الخير
ويجعله في ميزان حسناتك اختي الغالية
ربي يحفظك
:montaser_11:

منورة عطائنا الغالية
وانتِ من أهل الجزاء ان شاء الله
ربي يسعد قلبك ويحفظك
مشكورة ع المرور الطيب

المحور
03-07-20, 10:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله نبينا محمد وعلي اله وصحبه



الحمد لله علي نعمه الاسلام



اللهم علمني مانفعني ونفعني بما علمتني وزدني علما
بالله نستعين



الهدايه لا تسقط عليك من السماء لبد تسعي لها



منها بذل السبب



مقولت ان الله هو الذي يهدي هذا لايريد ان يهتدي .

الدعاء مهم






فإذا كان الدعاء في شيء ليس للعبد فيه اختيار فإن عدم الإجابة خير لصاحبه، ولن يضيع عند الله دعاء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها مأثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يستجيب له دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثلها، أو يدخر له من الأجر مثلها. قالوا يا رسول الله: إذا نكثر قال الله أكثر. رواه الحاكم وغيره وأصله في موطإ الإمام مالك.


وأما إن كان الدعاء في شيء في متناول العبد كفعل الطاعة أو ترك المعصية فإن دعاءه في هذه الحالة ينبغي أن يكون لطلب العون على الطاعة والتوفيق للاستقامة على طريق الخير، لأن الله تعالى هداه أصلا ببيان الطريقين (طريق الهدى والضلالة) وهو في هذه الحالة مخير بين الفعل والترك وبين سلوك طريق الخير وطريق الشر كما قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ. {البلد:10}. أي بينا له طريق الخير وطريق الشر.


والاحتجاج بعدم الهداية من أبواب الشر التي يفتحها الشيطان على الإنسان ، فلا يجوز للعبد أن يؤخر التوبة أو يترك الطاعة ويقول حتى يهديني الله؛ لأن الله تعالى هداه وبين له الطريقين وجعل الاختيار بيده.


الهدايه تحتاج التوبه والاستغفار فكيف تريد الهدايه وانت لا زلت عندك بعض المعاصي .
وكذلك
والعلم النافع والموصِّل للهداية، هو العلم المُستمَد من الله ومن وحي الله لبد تعرف وش معني الهدايه


قال الأخضري المالكي في مقدمته: ولا يحل له أن يؤخر التوبة ولا يقول حتى يهديني الله فإنه من علامة الشقاء والخذلان وطمس البصيرة.



والله اعلم .

اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّمَا قْضَيْتَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ
سبحانك اللهم اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك


ا

قيثارة
03-07-20, 09:33 PM
منور اخوي
اسعدني مرورك المميز
مشكوور


SEO by vBSEO 3.6.1