المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع شعر الرثاء


الشيخ حكيم
07-05-20, 02:06 PM
إذا قلتُ أسْلو عنه هاجت بلابلٌ ... يُجدِّدها فِكْر يُجدِّده ذِكْر
وأنظر حَوْلي لا أرى غير قَبْرِه ... كأنّ جَمِيعِ الأرْض عندي له قَبر
أفَرْخ جِنَان الخُلْد طِرْتَ بمُهْجتي ... وليس سِوى قَعْرِ الضَّريح له وَكْر

وقالت أعرابيّة تَرْثي ولدها:
يا قَرْحة القَلْب والأحْشاء والكَبِدِ ... يا ليت أمَّك لم تَحْبَل ولم تَلِدِ
لما رأيتًك قد أدْرِجْت في كَفن ... مُطَيَّباً للمَنايا آخرَ الأبد
أيقنتُ بعدكَ أنِّي غيرُ باقيةٍ ... وكيف يَبْقى ذراعٌ زال عن عَضُد

تُوفي ابنٌ لأعرابيّ فَبكى عليه حينا، فلما هَمّ أن يَسْلُو عنه تُوفيِّ له ابن آخر، فقال في ذلك:
إنْ أُفِقْ مِن حَزَنٍ هاج حَزَنْ ... فَفُؤادي ما له اليومَ سَكَنْ
وكما تَبْلَى وُجوهٌ في الثَّرى ... فَكذا يَبْلَى عليهنّ الحَزَن
وقال في ذلك:
عُيون قد بَكَيْنَك مُوجَعاتٍ ... أضرَّ بها البُكاء وما يَنِينَا
إذا أنْفَذْن دَمْعاً بعد دمْعٍ ... يُرَاجِعْن الشُؤونَ فيستقينا

أبو عبد الله البَجَلي قال: وقفتْ أعرابيةٌ على قبر ابن لها يقال له عامر، فقالت:
أقمتُ أَبْكِيه على قَبْرِه ... مَنْ ليَ مِن بَعْدك يا عامرُ
تَرَكْتَني في الدّار لي وَحْشَةٌ ... قد ذلَّ مَن ليس له ناصِر
وقالت فيه:
هو الصَّبْرُ والتَسْلِيم للِهّ والرضّا ... إِذ نَزلتْ بي خُطَّة لا أَشاؤُهَا
إذا نحنُ أُبْنا سالمِينَ بأنْفُسٍ ... كِرَام رَجَتْ أمْراً فَخاب رجاؤُها
فأنْفَسُنا خير الغنيمة إنَّها ... تَؤُوب ويَبْقَى ماؤُها وحَياؤُها
ولا برَّ إلا دون ما بَرَّ عامِرٌ ... ولكنَّ نفساً لا يَدُوم بقاؤها
هو ابنىَ أَمْسى أجره " لي " وعَزَّني ... على نَفْسِه رَبُّ إليه وَلاَؤُها
فإنْ احْتَسِب أوجَر وإن أبكِه أكنْ ... كباكيةٍ لم يُحْي مَيّتَاً بُكاؤُها

الشَيبانيّ قال: كانت امرأة من هُذَيل لها عَشرة إخْوة وعَشْرَة أعمام، فَهَلكوا جمعياً في الطاعون، وكانت بِكْراً لم تَتزوّج، فَخَطبها ابن عمّ لها فتزوّجها، فلم تَلْبث أنْ اشتملت على غُلام فولدتْه، فنَبت نباتاً كأنما يُمد بناصِيَته، وبلغ، فزوّجتْه وأخذتْ في جَهازه، حتى إذا لم يَبْق إلا البِنَاء " بأهْله " أتاه أجلُه فلم تَشُقِّ لها جَيْباً ولم تَدْمَع لها عَين، فلما فَرغوا من جَهازه دُعِيت لتوديعه، فأكبَّت عليه ساعةَ، ثم رَفعت رأسَها ونظرت إليه وقالت:
ألا تلك المَسَرَّة لا تَدُوم ... ولا يَبْقَى على الدَّهر النَّعيمُ
ولا يبقى على الحَدَثان غُفْر ... بشَاهِقَةٍ له أمٌّ رءُوم
ثم اكبَّتْ عليه أخرى، فلم تقطع نَحيبها حتى فاضت نَفسُها، فَدُفِنا جميعاً.
خَليفة بن خَيّاط قال: ما رأيت أشدَّ كَمَداً من آمرأة من بني شَيبان قُتِل ابنها وأبوها وزَوجُها وأمّها وعَمَّتها وخالتُها معِ الضَّحّاك الحَرُورِيّ، فما رأيتُها قطُّ ضاحكةً ولا مُتَبَسِّمَةَ حتى فارقت الدنيا، وقالت ترثيهم:
مَنْ لِقَلْبٍ شَفَّه الحَزَنُ ... ولنَفْس ما لها سَكَن
ظَعَنِ الأبرًارُ فآنْقلَبُوا ... خَيْرَهم من مَعْشر ظَعَنُوا
مَعْشر قضَوْا نُحوبهم ... كل ما قد قدَّموا حَسَن
صَبَرُوا عند السّيُوف فلم ... يَنْكلُوا عنها ولا جَبُنُوا
فِتْيةٌ باعُوا نًفوسَهُم ... لا وَرَبِّ البَيْتِ ما غُبِنُوا
فأصاب القومُ ما طَلَبوا ... مِنَّةً ما بعدها مِنَن

وقال عبدُ الله بن ثَعلبة يَرْثي ولداً له:
أأخْضِب رَأسي أم أطَيِّبُ مَفْرِقي ... ورَأْسُك مَرْموسٌ وأنتَ سلِيبُ
نَسِيبُك من أمْسى يُناجِيك طَرْفُه ... وليس لمن تحت التراب نَسِيب

المصدر: كتاب العقد الفريد

يّوِسًسًـفُ
07-05-20, 02:20 PM
ما اجمل لغتنا ******* وتاريخنا المجيد

شكرا لك حكييييييم


SEO by vBSEO 3.6.1