المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصبحتُ بعدك في الحياة كفانِ.


أعيشك
09-08-20, 07:20 PM
https://e.top4top.io/p_1712g9a679.jpeg

.
.

أَصبحتُ بعدَك في الحياةِ كفَانِ

وقد اكتَفَيْتُ ولا أَقُول كَفَانِي

أَبْكِي فتَجْرِي مُهْجَتي في دَمْعَتي

فكأَنَّ ما أَجريتهُ أَجْرَاني

وتُحَمُّ أَنْفَاسِي ولمَّا يُنْجِهَا

دَمْعٌ هو البُحْرانُ بل بَحْرَان

مَسَخَتْ وفاتُكَ أَدْمُعِي فلَكَم جَرَت

كالدُّرِ وهِيْ اليَوْمَ كالمرْجَان

لاَ بَلْ هي العِقْيَانُ سَالَ وإِنَّمَا

أَبْكِي العزيزَ علي بالعِقْيَانِ

قَدْ سِلْنَ أَلوانًا ليُعلَمَ أَنَّني

في حَمْل فرْطِ الحُزْنِ غيرُ ألْوَانِي

وأفانِي النَّاعي لكي يَنْعَاكَ لي

ومضى على أَدْرَاجِةِ يَنْعَانِي

وغَزَا وجيشُ الحُزْن من أَعْوانِهِ

فبرزْتُ والإِعْوَالُ من أَعْواني

لا أَدّعي أَنَّ النَّعيَّ أَصمَّني

في من أَصَمَّ وإِنَّما أَصْمَاني

يا ثالثَ القَمرَيْنِ حُسنًا قد بكى

حُزنًا لأَجْل مُصابِكَ القَمَرَانِ

دينارُ وَجْهِكَ حين أُهْبِطَ في الثَّرى

كَادَتْ تَفِرُّ الشَمْسُ للمِيزَانِ

وسيُوفُ بَرْقِ الجوّ لما أُغْمِدتَ

صَفَحاتُ ذاكَ الوجهِ في الأَكْفَانِ

ودَّت لو انْغَمَدَتْ ولكن تَفْتَدِي

هَامَ الورَى بَدَلاً من الأَجْفَان

ورياضُ ذَاكَ الحسْن لمَّا صَوَّحَتْ

غَادَرْتُ فيهِ الدّمعَ كالغُدْرَانِ

يا تُرْبُ ما أَنصفْتَ نُضْرَةَ غُصْنِه

أَكذا صَنِيعُ التُّربِ بالأَغْصَانِ

غُصْنٌ فُنُونُ الثُّمْر في أَفْنَانِه

تَعْلُو على الجَانِي وهُنَّ دَوَانِ

تَسْتَوقِفُ الرّائي مَعانِي حُسْنِها

عجبًا بها فكأَنَّهُنَّ مَغَانِ

كم مَادَ من سُكْرِ الشَّباب فهل دَرَى

أَنَّا نَمِيدُ بسَكْرَةِ الأَشْجَان

قد كان يرفُلُ في ثِيَابِ شَبِيبَةٍ

أَردانُها طَهُرَتْ من الأَدْرَانِ

جمعت خلائِقُه له وصفَاتُه

حُلُمَ الكُهولِ ويَقْظَةَ الشُّبَّانِ

يا أَسعدًا شَقِيتْ جُنُوبٌ بَعْدَهُ

جعلت مفارِشَها من السَّعْدَانِ

أَصبحتُ بَعْدَك مُفْرَدًا مُتَغَرِّبًا

مُقْصىً عن الأَحبابِ والأَوطانِ

والفرقُ أَنَّك في الجِنَانِ وأَنَّني

من أَجل فقدك صِرْتُ في النِّيرَانِ

قد كُنْتُ أَحْمِلُ همَّ بَيْنٍ واحدٍ

فأَتَتْ وفاتُك لي بِبَيْنٍ ثَانِ

كيف اصْطِبَارِي من فراقٍ خَالدٍ

وقد افتضحتُ من الفِراقِ الفَانِي

وتسُوءُ فُرقَةُ من تحبُّ ولا ترَى

شيئًا يَسوءُ كفُرْقَةِ الإِخْوان

صبري وموتُك في حشايَ كلاَهُمَا

مُرَّان مِثْلُ أَسِنَّةِ المُرَّان

أَوْسَعْتُ فيك الدهرَ عَتْبَاً مُؤلِمًا

فأَجابَني بالبَهْتِ والبُهْتَانِ

قلبي يحاسِبهُ على إِجْرَامِه

ويعدُّها بأَنَامِلِ الخَفَقَانِ

غيري هو السّالِي وإِنِّي قائلٌ

ما أَقْبَحَ السُّلوَانَ بالإِخْوَانِ

فلئن سَلَوْتُك ناسيًا لا عامدًا

فالذَّنْبُ للنِّسْيَانِ لا السُّلْوَانِ

وعوائدُ النِّسبان فِينَا خَلَّةٌ

موروثةٌ من ذَلِكَ الإِنسان

يأَيُها المولَى السديدُ ومَنْ غدا

أَوْلَى الورَى بالصَّبْرِ والإِيمان

صبرًا جميلاً يَقْتَدي قَلْبي به

فهو المُعَنَّى بالهمومِ العَانِي

الله يَعلَمُ ما حَوَتْهُ جَوَانِحي

مما دَهاكَ وما أَجَنَّ جنَاني

ولئن غدا مني الرثاءِ مؤخَّرًا

من أَجل شغل القلب بالأَحزان

فلقد رَثَتْ عيني بِنَظمِ مَدَامعي

وأَرى الدموعَ مراثى الأجفان

لم يَرْثهِ عني لسانٌ واحدٌ

لكن رَثَتْ بمدامِعي عَيْنَان

خدِّي كطِرْسِي والمدامعُ فوقَه

شِعْرِي وإِنسانِي كمِثْلِ لِسَانِي

ولقد عَلمْتُ قُصورَ ما قد قُلْتُه

فأَرَدْتُ أَودِعُه حَشَا كِتْمَاني

حتى علمتُ بأَنَّ ما أَرْثي به

دُونٌ ولو رثَّيتُه بِقُرَان.

- ابن سناء الملك.

.
.

الفيفي2017
09-08-20, 08:58 PM
ابيات رائعة ومميزة
سلمت اناملك


SEO by vBSEO 3.6.1