المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نقرأ التاريخ؟


الشيخ حكيم
09-14-20, 08:37 PM
ما هو التاريخ؟
التاريخ لغة: هو الإعلام بالوقت، واصطلاحًا: اختلفت عبارات العلماء المسلمين في تحديد تعريف له ولعل ذلك راجع إلى سعة الموضوعات التي تدخل في مفهوم التاريخ.

قال خليفة بن خياط "هذا كتاب التاريخ. وبالتاريخ عرف الناس أمر حجهم وصومهم وانقضاء عِدَدْ نسائهم ومَحِلّ ديونهم[1].

وقال عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته: إن التاريخ - في ظاهره - لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى. تنمو فيها الأقوال، وتضرب فيها الأمثال، وتطرف بها الأندية إذا غّصها الاحتفال. وتؤدي لنا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال، واتسع للدول فيها النطاق والمجال. وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال، وحان منهم الزوال، وفي باطنه نظرٌ وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق، وعِلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة وعريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق[2].

لقد نظر ابن خلدون إلى علل الحوادث وأسبابها، وحاول اكتشاف السنن التي تنتظمها، وأكد على بداية الحوادث وقيام الدول وتعليل سقوطها، كما عّرف المؤرخ الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي التاريخ بقوله: "هو التعريف بالوقت الذي تُضبط به الأحوال، من مولد الرواة والأئمة ووفاة وصحة، وعقل وبدن، ورحلة وحج، وحفظ وضبط، وتوثيق وتجريح، وما أشبه هذا مما مرجعه الفحص عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهم، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة من ظهور ملحمة، وتجديد فرض وخليفة ووزير وغزوة وملحمة وحرب وفتح بلد، وربما يتوسع فيه لبدء الخلق وقصص الأنبياء وغير ذلك من أمور الأمم وأحوال القيامة ومقدماتها"، وقال: "أما موضوعه فالإنسان والزمان"[3].
فالحاصل كما يقول محمد بن صامل السلمي: إن التاريخ علم نظري إنساني، يبحث فيه عن حوادث الزمان من حيث التعيين والتوقيت والتفسير والتعليل. ويشمل جانبين هما:

1. نقل الحدث بالرواية أو المشاهدة.

2. تعليل الحدث[4].

والتاريخ فرع من فروع العلم، وقد صنفه العلماء الذين كتبوا في مراتب العلوم ضمن العلوم التي تخدم الشريعة الإسلامية. قال سفيان الثوري: "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"[5]، ولذلك اعتنى كبار المحدثين مثل البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وابن زرعة وأبي حاتم والترمذي بجوانب من علم التاريخ، وصنفوا كتبًا في ذلك.

ما دام علم التاريخ بهذه المنزلة من عناية العلماء به، وخدمته للشريعة الإسلامية فإنه ينبغي على دارسه أن يتحرى الإفادة منه، وأن يتلقى تعليمه على منهاج سليم، ولقد ازدادت أهمية التاريخ في العصر الحديث، واستخدامه كأداة لتوجيه الشعوب وتربيتها، كما استعان به أصحاب المذاهب الفكرية في فلسفة مذاهبهم وتأييدها ومحاولة إيجاد سند تاريخي لها. بل إن الاوروبيين ينظرون له نظرة تقديس وإجلال، ويطلبون منه تفسير الوجود وتعليل النشأة الإنسانية.

ولما كان المرء المسلم لا يطلب العلم إلا لغاية وهدف يخدم دينه وعقيدته، فلا بد أن يحدد ما هي الأهداف والثمرة المرجوة من دراسة التاريخ. وهل يكون ذلك لمجرد المعرفة أو التسلية، أو حفظ الحكايات والأخبار أو إشباع رغبة وغريزة حب الاستطلاع.

إن دراسة التاريخ بوجه عام _ وتاريخ الأمة المسلمة على وجه الخصوص - لا ينبغي أن يكتفى في دراسته بتحقيق هذه الرغبات والحاجات القريبة، لأنه علم أجلّ من أن ينظر له هذه النظرة.

ثمرات دراسة التاريخ
إن لدراسة التاريخ ثمرات وفوائد متعددة:

1. الأهداف التربوية

2. معرفة السنن الربانية. وأنواع السنن: سنن خارقة وسنن جارية. نماذج من السنن الجارية:

أ. سوء عاقبة المكذبين

ب. أن البشر يتحملون مسؤوليتهم في الرقي والانحطاط

ج. مداولة الأيام بين الناس

د. زوال الأمم بانتشار الترف والفساد

هـ. هلاك الأمم بتفشي الظلم وترك العدل

و. انهيار الأمم وزوالها له أجل

ز. استحقاق المؤمنين لنصر الله

ح. الابتلاء للمؤمنين سنة جارية (وللإنسان على وجه العموم كذلك)

ط. سنة التدافع أو الصراع بين الحق والباطل

3. التعرف على معالم تاريخ الإنسانية ومنها:

أ. معرفة تاريخ الأنبياء عليهم السلام (منهج الأنبياء في مواجهة تحديات العصر)

ب. التعرف على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم (منهجه في مواجهة تحديات العصر)

ج. التعرف على تاريخ الخلفاء الراشدين (منهجهم في مواجهة التحديات)

د. الاطلاع على سير العلماء والمجاهدين والمصلحين (دورهم في مواجهة التحديات)

هـ. التعرف على تاريخ دول الإسلام: الأموية والعباسية والعثمانية وعلاقتهم بالدول الأخرى وتاريخ الإنسانية

ز. معرفة أثر الإسلام في حياة البشرية

4. تأكيد جملة من الحقائق الهامة في حياة البشرية وهي:

أ. أن توحيد الله عز وجل وإفراده وحده بالعبادة، أول ما عرفت البشرية

ب. أن الإنسان مستخلف في هذا الكون لغاية

ج. أن الإنسان خلق خلقًا سويًا من أول لحظة

د. إن الإنسان بحاجة دائمة إلى من يذكره

هـ. أن الأمة المسلمة هي صاحبة الدور المؤثر في حياة البشرية

5. ومن ثمرات دراسة التاريخ الصبر على المشاق

6. لدراسة التاريخ قيمة مادية نفعية

7. ويعطي حصانة ضد الخرافات والبدع

8. ولدراسة التاريخ فضائل أخلاقية.

9. ودراسة التاريخ تساعد على فهم الحاضر

10. وتمكن من معرفة القرون الفاضلة


إسلام ويب
[1] خليفة بن خياط: تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق: دكتور أكرم ضياء العمري، دار القلم، مؤسسة الرسالة، دمشق، بيروت، الطبعة الثانية، 1397هـ، ص49.
[2] ابن خلدون: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، تحقيق: خليل شحادة، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1408هـ= 1988م، 1/ 6.
[3] السخاوي: الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، ص4، 5.
[4] محمد بن صامل السلمي: منهج كتابة التاريخ الإسلامي، دار طيبة، 1986م، 52.
[5] السيوطي: الشماريخ في علم التاريخ، تحقيق: عبد الرحمن حسن محمود، مكتبة الآداب، ص18.

الشيخ حكيم
09-16-20, 11:01 PM
من يكتب التاريخ؟

يقال إن المنتصر هو من يكتب التاريخ، ويبدو للوهلة الأولى أن هذه العبارة صحيحة، وربما أنها كانت صحيحة وصادقة. خلال الفترات الماضية من ينتصر في معركة أو حرب هو من يدون في الكتب والمقررات الدراسية ما يريد ذكره من أحداث وبيانات ومعلومات، في حين يغفل عمداً معلومات أخرى ذات أهمية وقيمة في اكتمال الصورة بشأن الحدث، فلو قدر أن دولة من الدول دخلت حرباً مع دولة أخرى، واستخدمت الدولة المنتصرة في هذه الحرب أسلحة محرمة دولياً - هذا إذا كان هناك شيء محرم - فما يذكر بشأن هذه الحرب يبعد منه ذكر هذه الأسلحة، وعدد القتلى، والمصابين، ولا يظهر إلا الجانب الإيجابي، وما يمكن أن يلمع صورة الدولة المنتصرة. هذا على مستوى الدول، أما على مستوى الأفراد والزعماء فالأمر كذلك صحيح بالنسبة لهم إذ لا يذكر بين تاريخهم إلا ما هو جميل، أما ما هو سيئ فيطمر في عالم النسيان، وإن قدر وذكر فيذكر داخل الأوراق وفي الملفات، وذلك بهدف المحافظة على الصورة المشرقة البراقة لهذا الزعيم أو القائد، ولا تظهر هذه الحقائق إلا بعد ذهاب صاحبها، وهذا يتسق مع المقولة المتداولة بين الناس إن التاريخ الحقيقي لا يظهر إلا بعد ذهاب أو زوال صاحبه فرداً كان أو دولة. تأملت في بعض كتب التاريخ وتساءلت: هل كل ما ورد في هذه الكتب صحيح ويعكس الحقيقة أم أن جزءاً مما ورد مزور، وتتبرأ منه الحقيقة؟! لو فتشنا في تاريخ الشعوب وفي ذاكرتها وفي سجلاتها لوجدنا الكثير مما يحار المرء بشأنه، ويجد نفسه محتاراً بين التصديق والتكذيب لأحداث أقرب ما تكون إلى الخيال، وذلك لضخامة الأحداث الواردة في الوثيقة أو السجل الذي وردت فيه هذه الأحداث، أو لقلة ما ورد، وعدم وضوحه وغموضه. هل تدوين التاريخ وكتابته ونقله بصورة صحيحة وصادقة في الوقت الراهن مثله مثل العصور السابقة حين لا وجود للكاميرا والتسجيل الصوتي، والمرئي، والتقنيات الحديثة كافة؟ بلا شك أن ثورة التقنية أحدثت، بل فرضت واقعاً جديداً في آلية كتابة التاريخ وتدوينه مما يقربه بصورة كبيرة إلى الواقعية والموضوعية، وقلة التحيز في نقله وعرضه على الناس. في التاريخ المعاصر حدثت حروب ووجدت أحداث جسام تمثل جزءاً مهماً من تاريخ الأمم، والعلاقات فيما بينها، ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر حرب أمريكا الأخيرة على العراق، وما فعلته في مدنها وشعبها، لوجدنا أن التقنية الحديثة كشفت كثيرا مما أراد قادة أمريكا إخفاءه والتستر عليه، حتى أنهم عمدوا إلى منع الإعلاميين من تغطية الحرب، وإن سمح لهم فيسمح لهم بمقدار وبشروط، وبأماكن دون أخرى، بل إن الأمر وصل إلى حد قتل الإعلاميين. الحرب على الفلوجة كانت مثالاً حياً على محاولة تزوير التاريخ وإظهار جانب هامشي منه، وإخفاء الجزء الأكبر والمهم منه، لكن الأمر لم يعد وفق ما يريد القادة السياسيون والميدانيون، إذ إن الوفيات والتشوهات التي حدثت للمواليد الجدد، وكذلك الدمار الشامل للمدن، والبنى التحتية أمثله حية شاهدة للعيان لا يمكن لمؤرخ مهما كانت قدرته أن يخفي ما حدث. كما أن ما حدث من أحداث في بعض دول العالم العربي كما حدث في تونس، مصر، ليبيا، اليمن، وسورية، كشف ما هو مستور طوال هذه السنين، وتبينت للناس داخل هذه الدول وخارجها حقائق مريرة كان البعض يعرفها لكن البعض الآخر، والكثير يجهلها، فمن كان يدري عن ثروات زعماء هذه الدول؟! ومن كان يعلم بالأدوار التي كانوا يمارسونها ضد مصالح شعوبهم وأمتهم. إن المناقشات والمراجعات التي تحدث في تلك الدول بشأن تاريخها الذي انقضى تحت إدارة هؤلاء الرؤساء يؤكد أن هناك من امتهنوا تزوير التاريخ وتزييفه طمعاً في منصب أو مكسب مادي، لكن هؤلاء المزورين للتاريخ، وما أكثرهم، يتجاهلون أن التاريخ لهم بالمرصاد، ولن يرحمهم، كما أن أبناء أوطانهم يدركون ويعلمون بالأدوار التي يمارسونها من تزييف للحقائق، وعرض مبالغ فيه للأمور، وتحسينها بدلاً من العرض الموضوعي الدقيق الذي يكشف الإيجابي والسلبي على حد سواء، وذلك خدمة للمصلحة العامة التي يفترض أن يشترك الجميع في تحقيقها بدلاً من التضليل واللعب بالكلمات والصور. ترى هل سيكتب التاريخ بشأن الأحداث المعاصرة والثورات العربية بشكل صحيح، وسليم، لماذا حدثت؟ وكيف كانت مجرياتها؟ وما الألاعيب التي حكيت لإجهاضها؟ وماذا انتهت إليه؟ هذه الأسئلة وغيرها تمثل الإجابة عنها بصورة دقيقة، وموضوعية تاريخاً من تاريخ أمتنا يحق للأجيال الحالية والقادمة أن تقرأه بصورته الصحيحة، لذا فإن مؤسسات التربية والتعليم معنية بكتابة تاريخ هذه الحقبة، خاصة تاريخ ثوراتها، لأن ما حدث يشكل درساً قيماً ليس لأجيال أمتنا، لكن للمجتمعات كافة. لأن من عملوا هذه الثورات غيروا في مسيرة التاريخ، لذا لا بد من معرفة مقدار ما أحدثوه من تغيير .. فهل نشهد كتب تاريخ مختلفة تدرس لأبنائنا؟!

د. عبد الرحمن الطرطيري

عطاء دائم
09-19-20, 07:26 AM
رغم كتب التاريخ التي تتحدث عن كل انجازات الشعوب سواء الجيدة منها او السيئة الا انها لم يكن لها دور في التعليم
داخل المدارس الا الكتب التي يريدونها هم ان تظهر للعلن حتى وان كانت مزيفة

مقالة جيدة
شكرا لك اخي
ربي يحفظك

يختم ل3 ايام مع التقييم

الشيخ حكيم
09-22-20, 08:39 PM
رغم كتب التاريخ التي تتحدث عن كل انجازات الشعوب سواء الجيدة منها او السيئة الا انها لم يكن لها دور في التعليم
داخل المدارس الا الكتب التي يريدونها هم ان تظهر للعلن حتى وان كانت مزيفة

مقالة جيدة
شكرا لك اخي
ربي يحفظك

يختم ل3 ايام مع التقييم

وهذا لا يعني سوى أن هناك مسائل مشكوك بها وصلتنا، قد يكون تم تلميعها وتأليف مجرياتها حسب معتقدات كاتبها.. أو ما أُملي عليه في كتابتها!
كل الشكر لمرورك..
دمتِ بخير


SEO by vBSEO 3.6.1