المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زوجُ البلابل ..•


مرجانة
09-18-20, 12:09 AM
زوجُ البلابل ..•


وضعت الطفلةُ رنا أدواتَ الرسمِ في حديقةِ المنزل .. لوح الرسم و الأوراق .. و بعض الفرش و الألوان ، و حينَ تجهزت للرسم ، نظرت حولها .. كانت قد عزمت على رسم عصفور .. فأخذت تجول بناظريها في الأنحاء ؛ علها تجدُ عصفوراً لترسمه .
وقعتْ عيناها على عصفورٍ قد حط على سياج المنزل
فابتسمت ابتسامةً واسعة .. و دبّ بها الحماس الشديد .. و ما أنْ همّت بالرسمِ حتى طار العصفور .
استاءت الطفلة .. و لكن لم يطل بها الاستياء ؛ فقد حلّ عصفوران هذه المرة .. فأسرعت و بدأت ترسم .
لم يكن العصفورين ساكنين الحركة .. بل كانا يتحركان بسرعةٍ و رشاقة .. و يتنططانِ بخفة ، مما أزعجَ رنا و جعلها تصرخ مخاطبةً العصفور :

- آه .. ألا يمكنكَ أن تقفَ ثابتاً لدقيقة ؟!

جاءها صوتُ والدتها قائلاً :

- ما بالكِ تصرخينَ يا رنا ؟

التفتت الطفلةُ إلى حيث والدتها و أجابت بحزن :

- أرغب في رسم عصفورٍ يا أمي ، و لكنّ العصافيرَ لا تبقى .. سرعان ما تطير .

جلست الأم بالقرب من رنا ضاحكةً ، و قالت :

- ليسَ من السهلِ أن ترسمي شيئاً يتحرك باستمرار ، لمَ لا ترسمي النخلة ؟

نظرت رنا للنخلةِ مفكرة ، و يبدو أنها لم تقتنع بالفكرة .
في هذه اللحظةِ حطّ بلبلٌ على سعفِ النخلة ، فصرخت رنا بسعادة :

- جاء عصفورٌ جديد !

ابتسمت الأم و قالت :

- إنه بلبل ، البلابلُ تختلفُ عن العصافير .. إنّ لها تغريدٌ عذبٌ و جميل .

و سرعانَ ما غادر البلبل أيضاً .
فقالت رنا بيأس و هي تنظر للنخلة :

- يبدو أني سأرسم النخلةَ في النهاية ، كنتُ عازمةً على رسمِ عصفورٍ جميل .
- هل تحبينَ العصافيرَ كثيراً يا رنا ؟

ابتسمت الطفلة و أجابت و هي تنظر لوالدتها :

- نعم كثيراً .

ابتسمت والدتها و قالت :

- يجبُ إذاً أن اشتري لكِ قفصاً و زوجاً من البلابل لتستمتعي بهما .
- لا يا أمي ، أريدُ زوجاً من العصافير !

ضحكت الأم و قالت :

- سآخذكِ لمحل الطيور .. و اختاري ما تحبين و سأشتريه لك .. لقد كنتُ منذ زمنٍ أمتلكُ قفصاً و أنثى بلبلٍ جميلة .
- حقاً !؟
- نعم .
- و أينَ هي الآن ؟.. هل ماتت ؟
- لقد أطلقتُ سراحها .. و طارت بعيداً .

صمتت رنا و الدهشةُ ارتسمت على محياها .. ابتسمت الأم و قالت :

- لقد أطلقتُ سراحها لتجدَ سعادتها .
- ماذا ؟!
- نعم .. لم تكن تغرّد كثيراً تلك البلبلة .. و لكن عندما أخرجها للحديقةِ في الصباح .. كانت تغرد بعذوبة ، كنت استمتعُ بتغريدها الذي ينفذ إلى مسامعي من خلال النافذة .. فقد كنت أتركها هنا و أعود للداخل لاستكمال اعمال المنزل .. صرتُ آخذها للحديقةِ كل صباح ، و حينَ أدخل إلى الداخل أسمعها تتبادلُ التغريد مع البلابل الأخرى .. بعد فترةٍ ليست بطويلة ، توقفتُ عن أخذها للحديقة .. و لاحظتُ كم تغيرت البلبلة .
- تغيرت !؟
- نعم .. لقد أصابها الحزن ، لم تكن تتحرك كالسابق ، كانت تجلسُ في صمتٍ مطبق و الحزنُ ظاهرٌ عليها .

حزنت رنا و قالت :

- المسكينة ..
- قدْ تنبهتُ بعدها أنّ التغيّر قد طرأ عليها حينَ توقفتُ عن أخذها للحديقة .. فقررتُ أنْ أعود بها كل صباحٍ للحديقة .
- و هل تحسنت ؟!

ابتسمت الأم و أجابت :

- نعم .. في الواقع كانت تفتقدُ صديقها .
- صديقها ؟!
- نعم .. لاحظتُ أنّ بلبلاً كان يقتربُ منها كل صباحٍ و يتبادلانِ التغريد .. كان تغريدهما عذباً جداً يا رنا .. لذلك أطلقتُ سراحها لتسعد مع صديقها البلبل .

ثم نظرت الأم إلى السماء و قالت بصوتٍ هادئٍ عميق :

- لقد أحبته ، كان يجبُ أن تلحقَ به لأجل أن تعيش بسعادة .. و إلا كانت ستموت حزناً بوحدتها .

لمحت رنا دموعاً تلمع في أحداق والدتها .. فتساءلت بقلق :

- ما يبكيكِ يا أمي ؟

نظرت الأم إلى رنا و أخذت نفساً و قالت و هي تقاوم دموعها بابتسامة :

- تذكرتُ أباكِ الراحل يا صغيرتي .
- أبي ؟!..

أومأت الأم بهدوء .. ثم أصدرت تنهيدةً عميقة و نهضت لتعود إلى الداخل .. بينما ظلّت رنا تحدق في صمتٍ و حيرة في لوحتها البيضاء .



بقلم مَرجانة

عطاء دائم
09-18-20, 07:39 AM
قصة جميلة ومعبرة
الله يسعدك غاليتي ويرزقك ما تتمني
يختم ل3 ايام مع التقييم

مرجانة
09-21-20, 05:27 PM
شكراً عطاء
مرورك الجميل
و رزقكِ كلّ ما تتمنينَ يا رائعة

التوليب لقلبك
دمتِ بخير

ضمير الحب
11-11-20, 09:19 AM
قصة فيها الكثير من العبرة

كانت البداية جميلة للقصة

وانتهت بدموع الفقدان للاب

فقد الاب شىء محزن للغاية

النهاية بصدق وجعت قلبي

قصة جميلة يامرجانة تنم عن فكر متقد

خلال كتابتها

يعطيك الف عافية

أثير الصمت
12-14-20, 10:33 PM
رائعة هذة الكلمات

تقبلي مروري :ah11:


SEO by vBSEO 3.6.1