المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفس المطمئنة


الشيخ حكيم
12-08-20, 07:49 PM
ان النفس المطمئنة إذا أرادت أن تحقق التوازن والاستقرار، والثبات على ما هي عليه فإنها لا بد أن تتسم بعدة سمات، وتتصف بمجموعة من الصفات وهي:

أولها: الإخــلاص، وهو كما قال العز بن عبد السلام -رحمه الله-: “أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي“.

ومتى ظهرت علامات الإخلاص على النفس كان دليلا على طمأنينتها وسكينتها, وللإخلاص علامات منها: أن يكون العبد في عناية الله -تعالى- ومعيته, وأن يكون باذلًا المجهود في الطاعة، وحريصًا على إسرار الأعمال إلا على ما ينبغي إظهاره.

ثانيها: المتابعة لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن فصاحب النفس المطمئنة لا يزال متبعًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حذو القُذة بالقُذة، حتى تطغى محبته للنبي -صلى الله عليه وسلم- على كل محبوباته ومرغوباته, عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ“(متفق عليه).

ثالثها: الرضــا عن الله -تعالى-, وهذه الصفة من أهم صفات النفس المطمئنة؛ فالقلب عندما يذوق طعم الإيمان يمر عليه البلاء وهو مطمئنٌ ساكنٌ هاديء، عن العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا“(رواه مسلم)؛ والمعنى: أن المرء إذا أكرمه الله بنعمٍ كثيرة لا عد لها ولا حصر في الدنيا قد يتوهم أن هذا إنما كان إكرامًا له، وحينما يسلبه الله النعم لحكمة منه يتوهم أن الله أهانه, قال الإمام الجنيد -رحمه الله-: “الرضا هو العلم“.

رابعها: شدة محبة الله -تعالى- وتعظيمه؛ فالنفس المطمئنة قد صبغها حسن الظن بالله -تعالى-؛ فهي تصبر في الابتلاء، وترضى وتشكر في السراء، وتحمده على النعماء، فهو سبحــانه ربٌّ ودودٌ يتودد إلى عبــاده الصالحين، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا).

ومن علامات محبة النفس المطمئنة لله -تعالى-: الأنس به في الخلوة والجلوة، والتلذذ بتلاوة كلامه, والاستمتاع بعبادته، وإكثار اللهج بذكره، وموافقتها له فيما يُحب ويكره.

خامسها: الصدق؛ فالنفس تعلم أنه لن ينفعها في التعامل مع الله سوى الصدق، والصدق هو ما يجعلها تعيش مطمئنة؛ فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة“(رواه أحمد وصححه الألباني).

ويكون الصدق مع الله -تعالى- بالأقوال؛ فلا ينطق اللسان إلا صدقًا، وبالأحوال؛ فلا تراوغ ولا تتلوَّن، وبالأعمال؛ بأن تكون مُخلصة له -تعالى-، مُتبعة لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في أعمالها.

سادسها: التقوى، وهي علامة عظيمة من علامات النفس المطمئنة، قال الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)؛ وتقوى الله أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، قال الشاعر:

خل الذنوب صغيرها *** وكبيرها فهو التقى

واصنع كماش فوق *** أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى

وصول النفس البشرية إلى الاطمئنان هي غاية كل مؤمن، ومسعى كل مخلص، ومتى رأى الله من العبد جهدًا في علاج نفسه ومجاهدته، أعانه، وهداه السبل، ويسر له طرق الوصول إلى مراقي السعود، ومراتب القرب والأنس به؛ (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت: 69].

جودي
12-08-20, 09:04 PM
اللهم ات نفوسنا تقواها زكها انت خير من زكاها
جزاك الله خيرا حكيم
تقييمي

بسام البلبيسي
12-08-20, 11:04 PM
اسأل الله العظيم

أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنات.

وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

رونق
12-14-20, 01:24 AM
جزاك الله خير
عسى مثواك الجنه يارب
يعطيك الف عافيه

الشيخ حكيم
12-16-20, 12:43 AM
الشكر الجزيل لمروركم
دمتم بحفظ الله جميعا.


SEO by vBSEO 3.6.1