المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمزة بن عبد المطلب


الفيلسوف
01-01-21, 02:29 PM
http://www.nabulsi.com/images/inside-arts/inside-arts-1/1888/ar-1888/09.jpg


كان سيدنا حمزة مرَّةً في فناء الكعبة، حيثُ سادة قريشٌ يتحادثون، فجلس معهم ليسمع ما يقولون، وكانوا يتحدَّثون عن محمد صلى الله عليه وسلم، ولأوَّل مرَّةٍ رآهم يقلقون على مصيرهم من هذه الدعوة الجديدة، ويُعبِّرون عن حقدهم وغيظهم وعن مرارة قلوبهم، كان هو متفائلاً معتدلاً واقعيًّا، فلم يبالغ هذه المبالغة، ولم ينطوِ على هذا الحقد، وهو ليس على دين محمد ، ولكن لا ينطوي على حقد على ابن أخيه، ولا على كُرهٍ للحق، هذا الذي أريده, هؤلاء الذين لم يقاتلوكم في الدين، قال الله عز وجل:

سيدنا حمزة رغم عدم إسلامه كان يعرف أن الرسول على حق



﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾



( سورة الممتحنة الآية: 8 )

لو أقمـتَ علاقةً مع إنسان لك ثقة بأخلاقه، لكن لا تراه ملتزِماً، هذا الذي أتمنَّى أن استنبطه من هذه القصَّة، فكان سيدنا حمزة كلما طُرِح موضوعُ النبي عليه الصلاة والسلام مع أنه لم يكن على دينه, كان يرى أنَّ ابن أخيه على حقٍّ، ولم يفكِّر أنْ يؤمن به، لكنه كان يدافع عنه، هؤلاء الحياديون ينبغي أن نقرِّبهم إلينا, لا أن نبعِّدَهم عنَّا، أحيانًا يكون أخٌ منا ملتزماً بالدين وله قريب متلبِّسٌ بمعصيةٍ أو مخالفة، فيكَفِّرُه بها، ويحاربه، هذا ليس من الحكمةِ إطلاقًا, هذا موقف غير حكيم، وغير إسلامي، ولا يُرْضي الله عز وجل، فهذا موقفٌ مُنَفِّر، إذْ إنه ما عاداك، وما هاجمك، ولا نال منك، ولكنه ليس على شاكِلَتِك، ليس على الْتِزامك، فأنت عليك أنْ تُحْسن إليه، وأنْ تصِله وتزوره وتُقَدِّم له بعض الخدمات، وتريه منكَ الكمال، وعليك أنْ تُرِيَهُ العِفَّة والإحسان ، حتى يُوازن فيقول: هذا إنسانٌ عظيمٌ .

2- حمزة لم يبخس قدر ابن أخيه على الرغم من تقارب العمر بينهما واختلاف الدين :
هناك اسْتِنباط آخر من هذه القِصَّة، فأكثر الأشْخاص عامِلُ السِنِّ حِجابٌ بينهم وبين الله, مثلاً إذا كان أكبر من هذا الذي يدْعو إلى الله سِناًّ, لا يسْتمع إليه، لذلك دائِماً عقدة الآباء مع أبنائِهم ، فالأب يقول: هذا ابني، أنَّى له أن يسْبِقَني، وقد يسْبِقُ الابن أباهُ، قال تعالى:

﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾

( سورة مريم الآية: 43 )

فَسَيِّدُنا حمزة مع أنه كان عمَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك عرف قَدْرهُ وصِدْقَهُ، وعرف أمانته وإخْلاصه وقيمته عند الله عز وجل، فالسُّعداء أيها الأخوة, لا يمْنعهم فارق السِّنِّ من أن يسْتمعوا وأن يتَّبِعوا .
أحْياناً يكون الشخْصُ مدير ثانويَّة لا يُمْكن أنْ يسْتجيب لِمُعَلِّمٍ عنده، كذلك طبيبٌ كبير لا يسْتجيب لِمُمَرِّض، مديرٌ عام لا يسْتجيب لِمُوَظَّف صغيرٍ عنده، ففارق المرتبة الاجتِماعِيَّة والسِّن أو فارق المستوى الاقتِصادي، هذا حِجابٌ بين العبد والحقّ، فَسَيِّدُنا حمزة وهو عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك عرف قَدْره، بل إن العباس رضي الله عنه لشدَّة أدبه مع رسول الله, سُئِلَ مرَّةً : أيُّكُما أكبر أنت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو أكبر مني، وأنا وُلِدْتُ قبله، أحْيانًا أنت تحمل شهادة، ويُلْقي الله في قلب إنسان أقلَّ منك عِلمًا، وتكون أنت من ذوي الشهادات العاليَة, يُنْطِقُهُ بالحِكمة، ويُلقي في قلبه السكينة، فلا يكون فارق السنِّ، ولا فارق الشهادة، ولا فارق المرتبة الاجتِماعِيَّة حِجاباً بينك وبين الحقّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمْ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ))

[أخرجه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك]

عطاء دائم
01-02-21, 08:16 AM
جزاك الله خيرا ونفع بك اخي
ربي يحفظك

رونق
01-09-21, 02:17 AM
أحسنت
وبارك الله فيك
وكتب الله اجرك


SEO by vBSEO 3.6.1