عطاء دائم
01-22-21, 08:48 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لابد للقارئ - للوهلة الأولى - أن يستغرب بعض الشيء عنوان هذا المقال، بل نحسب فوق هذا، أن يثيره و يشد إنتباهه للتعرف على مضمونه، و ما يحتويه من معان و أفكار، ترتبط بكيفية التعامل مع كتاب الله عز و جل.
و الحق فإن الحديث عن تثوير القرآن، حديث ليس بالهزل، و إنما هو الفيصل و الفصل، بل هو الأصل ... و إذا كان الأمر كذلك، فإننا نسعى من خلال هذا المقال إلى لفت إنتباه من يعنيه الأمر، للقراءة و التأمل في هذه السطور ...
و نبادر فنقول: إن مادة ثار يثور ثورة، من حيث اللغة، تفيد الهياج وحدَّة الغضب؛ تقول: ثار الدخان و الغبار و غيرهما، يثور ثورًا و ثورانًا: ظهر و سطع ... و في التنـزيل قوله تعالى: {و أثاروا الأرض ...} (الروم: 9)
أي قلبوها للزراعة و الحرث؛ و في الحديث - كما في الصحيحين - جاءه رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسأله الإيمان؛ أي منتشر شعر الرأس؛ و كل ما إستخرجته أو هجته، فقد أثرته. و ثوَّرتُ الأمر: بحثته؛ و ثوَّر القرآن: بحث عن معانيه و عن علمه و مقاصده ...
و جاء في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (من أراد خير الأولين و الآخرين فليثوِّر القرآن، فإن فيه خير الأولين و الآخرين). و في لفظ: (علم الأولين و الآخرين) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" و في رواية: (من أراد العلم فليثوِّر القرآن).
قال بعض أهل العلم: تثوير القرآن قراءته و مفاتشة العلماء في تفسيره و معانيه.
إذا تبين أصل الكلمة و معناها لغة، و ما جاء من آثار فيما نحن بصدد بيانه، ننتقل خطوة أخرى، لنقول: إن الثورة التي - نحن المسلمين - بحاجة إليها اليوم، هي ثورة القراءة و العلم و الفهم، و من ثَمَّ العمل و التطبيق؛ إنها ثورة "تثوير القرآن" و تفعيله بعد أن أصبح مهجورًا بكثير من أنواع الهجران:
{و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا} (الفرقان: 30).
- لقد هجرنا القرآن أولاً بهجر قراءتنا له؛ و هذا أبسط أنواع الهجران.
- ثم هجرناه ثانيًا بهجر التفكر و التفاكر في معانيه و مقاصده و مراميه، فشغلتنا الحروف و الألفاظ، عن المعاني و الأهداف.
- ثم هجرناه ثالثًا بالإشتغال و الإهتمام بآيات الأحكام فحسب، و تركنا - و ربما أعرضنا - عن الإشتغال بآيات الأنفس و الآفاق، و نحوهما.
- ثم هجرناه رابعًا بتطويعه لأغراض عارضة، و إسقاط معانيه الأصلية الواسعة الشاملة، على قضايا ظرفية آنية فانية.
و يُلَخِّصُ أنواع الهجران هذه، العمل ببعض آيات الكتاب و ترك العمل بالبعض الآخر؛ و لا نقول هنا في حق بعض المسلمين الغافلين، ما قاله سبحانه في حق اليهود الظالمين: {أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض} لأن حسن الظن بالمسلمين واجب شرعًا، لكنه التنبيه و التذكير و النصح.
لقد آن للمسلم المعاصر - و قد بلغ الإنسان من العلم ما بلغ، و إمتلك من أدوات البحث و وسائله ما إمتلك - أن يثوِّر القرآن، ليستخرج منه معانيه الكلية، و أهدافه السامية، ليضبط بها سير وجهته، و يحدد من خلالها وجهة مقصده؛ و هذا على مستوى الفرد، و الأمر على مستوى الأمة آكد و أوجب.
ثم إن المسلمين اليوم، بقدر ما هم بحاجة إلى تثوير القرآن، ليفهموا آيات الله المسطورة، فهم بحاجة أيضًا - لا تقل عن الحاجة الأولى - إلى تثوير البصائر، ليروا آيات الله المنشورة، ليكون ذلك تصديقًا لما هو مسطور، و تفعيلاً لما هو مقروء؛ و ليتحقق فيهم قول الله سبحانه: {سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} (فصلت:53).
نسأل الله أن يجعلنا ممن {ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها و كان الله بكل شيء عليمًا} (الفتح: 26).
لابد للقارئ - للوهلة الأولى - أن يستغرب بعض الشيء عنوان هذا المقال، بل نحسب فوق هذا، أن يثيره و يشد إنتباهه للتعرف على مضمونه، و ما يحتويه من معان و أفكار، ترتبط بكيفية التعامل مع كتاب الله عز و جل.
و الحق فإن الحديث عن تثوير القرآن، حديث ليس بالهزل، و إنما هو الفيصل و الفصل، بل هو الأصل ... و إذا كان الأمر كذلك، فإننا نسعى من خلال هذا المقال إلى لفت إنتباه من يعنيه الأمر، للقراءة و التأمل في هذه السطور ...
و نبادر فنقول: إن مادة ثار يثور ثورة، من حيث اللغة، تفيد الهياج وحدَّة الغضب؛ تقول: ثار الدخان و الغبار و غيرهما، يثور ثورًا و ثورانًا: ظهر و سطع ... و في التنـزيل قوله تعالى: {و أثاروا الأرض ...} (الروم: 9)
أي قلبوها للزراعة و الحرث؛ و في الحديث - كما في الصحيحين - جاءه رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسأله الإيمان؛ أي منتشر شعر الرأس؛ و كل ما إستخرجته أو هجته، فقد أثرته. و ثوَّرتُ الأمر: بحثته؛ و ثوَّر القرآن: بحث عن معانيه و عن علمه و مقاصده ...
و جاء في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (من أراد خير الأولين و الآخرين فليثوِّر القرآن، فإن فيه خير الأولين و الآخرين). و في لفظ: (علم الأولين و الآخرين) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" و في رواية: (من أراد العلم فليثوِّر القرآن).
قال بعض أهل العلم: تثوير القرآن قراءته و مفاتشة العلماء في تفسيره و معانيه.
إذا تبين أصل الكلمة و معناها لغة، و ما جاء من آثار فيما نحن بصدد بيانه، ننتقل خطوة أخرى، لنقول: إن الثورة التي - نحن المسلمين - بحاجة إليها اليوم، هي ثورة القراءة و العلم و الفهم، و من ثَمَّ العمل و التطبيق؛ إنها ثورة "تثوير القرآن" و تفعيله بعد أن أصبح مهجورًا بكثير من أنواع الهجران:
{و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا} (الفرقان: 30).
- لقد هجرنا القرآن أولاً بهجر قراءتنا له؛ و هذا أبسط أنواع الهجران.
- ثم هجرناه ثانيًا بهجر التفكر و التفاكر في معانيه و مقاصده و مراميه، فشغلتنا الحروف و الألفاظ، عن المعاني و الأهداف.
- ثم هجرناه ثالثًا بالإشتغال و الإهتمام بآيات الأحكام فحسب، و تركنا - و ربما أعرضنا - عن الإشتغال بآيات الأنفس و الآفاق، و نحوهما.
- ثم هجرناه رابعًا بتطويعه لأغراض عارضة، و إسقاط معانيه الأصلية الواسعة الشاملة، على قضايا ظرفية آنية فانية.
و يُلَخِّصُ أنواع الهجران هذه، العمل ببعض آيات الكتاب و ترك العمل بالبعض الآخر؛ و لا نقول هنا في حق بعض المسلمين الغافلين، ما قاله سبحانه في حق اليهود الظالمين: {أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض} لأن حسن الظن بالمسلمين واجب شرعًا، لكنه التنبيه و التذكير و النصح.
لقد آن للمسلم المعاصر - و قد بلغ الإنسان من العلم ما بلغ، و إمتلك من أدوات البحث و وسائله ما إمتلك - أن يثوِّر القرآن، ليستخرج منه معانيه الكلية، و أهدافه السامية، ليضبط بها سير وجهته، و يحدد من خلالها وجهة مقصده؛ و هذا على مستوى الفرد، و الأمر على مستوى الأمة آكد و أوجب.
ثم إن المسلمين اليوم، بقدر ما هم بحاجة إلى تثوير القرآن، ليفهموا آيات الله المسطورة، فهم بحاجة أيضًا - لا تقل عن الحاجة الأولى - إلى تثوير البصائر، ليروا آيات الله المنشورة، ليكون ذلك تصديقًا لما هو مسطور، و تفعيلاً لما هو مقروء؛ و ليتحقق فيهم قول الله سبحانه: {سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} (فصلت:53).
نسأل الله أن يجعلنا ممن {ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها و كان الله بكل شيء عليمًا} (الفتح: 26).