المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " عندما ينتحر العفاف "


الفضل10
02-15-21, 07:05 AM
القصة الأولى /

يقول أحدهم :
كان لي صديق أحبه لفضله وأدبه ،
وكان يروقني منظره، ويؤنسني محضره،
قضيت في صحبته عهدا طويلا، ما أنكر من
أمره ولا ينكر من أمري شيئا حتى سافرت
وتراسلنا حينا ثم انقطعت بيننا العلاقات.

ورجعت :
وجعلت أكبر همي أن أراه لما بيني
وبينه من صلة، وطلبته في جميع المواطن
التي كنت ألقاه فيها أجدله أثرا، وذهبت
إلى منزله فحدثني جيرانه أنه نقل منذ عهد بعيد.

ووقفت :
بين اليأس والرجاء بغالب ظني
أني لن أراه بعد ذلك اليوم، وأني قد
فقدت ذلك الرجل.

وبينما :
أنا عائد إلى منزلي في ليلة
من الليالي دفعني جهلي بالطريق في الظلام
إلى سلوك طريق موحش مهجور يخيل للناظر
فيه أنه مسكن للجان إذ لا وجود للإنس فيه.

فشعرت :
كأني أخوض في بحر، وكأن أمواجه
تقبل بي وتدبر، فما توسطت الشارع حتى
سمعت في منزل من تلك المنازل أنة تتردد
في جوف الليل، ثم تلتها أختها.

فأثر :
في نفس هذا الأنين وقلت في نفسي
يا للعجب كم يكتم هذا الليل من أسرار؟
وكنت قد عاهدت الله أن لا أرى حزينا إلا وساعدته،
فتلمست الطريق إلى ذلك المنزل، وطرقت الباب
طرقا خفيفا، ثم طرقته طرقا أكثر قوة،
وإذا بالباب يفتح من قبل فتاة صغيرة.

فتأملتها :
وإذا في يدها مصباح، وعليها
ثياب ممزقة، وقلت لها هل عندكم مريض ؟
فزفرت زفرة كادت تقطع نياط قلبها، قالت :
نعم، افزع فإن أبي يحتضر.
والدها، ثم مشت أمامي وتبعتها حتى وصلت
إلى غرفت ذات باب قصير، ودخلتها
فخيل إلى أني أدخل إلى قبر وليس إلى غرفة،
وإلى ميت وليس إلى مريض.

ودنوت :
منه حتى صرت بجانبه، فإذا قفص
من العظام يتردد في نفس من الهواء،
ووضعت يدي على جبينه ففتح عينيه
وأطال النظر في وجهي، ثم فتح شفتي

وقال بصوت خافض :
أحمد الله لقد وجدتك يا صديقي.
فشعرت كأن قلبي يتمزق وعلمت أنني
قد عثرت على ضالتي التي كنت أنشدها
وإذا به رفيقي الذي كنت أعرفه، لكنني
لم أعرفه من مرضه وشدة هزاله.
وقلت له قص علي قصتك، أخبرني ما خبرك.

فقال لي أسمع مني :
ثم ساق القصة فقال منذ سنين كنت
أسكن أنا ووالدتي بيتا، ويسكن بجوارنا رجل
من أهل الثراء، وكان قصره يضم بين جنباته فتاة
جميلة ألم بنفسي من الوجد والشوق إليها ما
لم أستطع معه صبرا.

وما :
زلت أتابعها وأعالج أمرها حتى أوقعتها
في شباكي، وأتى في قلبها ما أتى إلى قلبي،
وعثرت عليها في لحظة من الغفلة عن الله
بعد أن وعدتها بالزواج فاستجابت لي
واسلست قيادها وسلبتها شرفها في
يوم من الأيام.

وما :
هي إلا أيام حتى عرفت أن في بطنها
جنينا يضطرب، فأسقط في يدي، وطفقت
أبتعد عنها، وأقطع حبل ودها، وهجرت ذلك
المنزل الذي كنت أزورها فيه، ولم يعد يهمني
من أمرها شيء.

ومرت :
على الحادثة أعوام، وفي ذات يوم
حمل إلي البريد رسالة مددتها وقرأت ما بداخلها
وإذا بها تكتب إلي (هذه البنت) تقول:

لو :
كان بي أن أكتب إليك لأجدد عهدا دارسا
أو حبا قديما ما كتبت والله سطرا ولا خططت
حرفا، لأنني أعتقد أن رجلا مثلك رجل غادر
وود مثلك ودا كاذبا يستحق أن لا أحفل به
وآسف على أن أطلب تجديده.
إنك عرفت كيف تتركني وبين جنبي نارا
تضطرب وجنينا يضطرب.

تلك :
للأسف على الماضي، وذاك للخوف
على المستقبل، فلم تبالي بي وفررت مني حتى
لا تحمل نفسك مؤنة النظر إلى شقاء وعذاب
أنت سببه، ولا تكلف يدك مسح دموعا أنت
الذي أرسلتها.

فهل :
أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف ؟
لا والله بل لا أستطيع أن أتصور مجرد أنك إنسان،
إنك ذئب بشري لأنك ما تركت خلة من الخلال
في نفوس العجماوات وأوابد الوحوش إلا
وجمعتها في نفسك.

خنتني :
إذ عاهدتني على الزواج فأخلفت وعهدك.
ونظرت في قلبك فقلت كيف تتزوج من امرأة مجرمة ؟
وما هذه الجريمة إلا صنعت يدك وجريرة نفسك،
ولولاك ما كنت مجرمة ولا ساقطة، فقد دافعتك
جهدي حتى عييت في أمرك وسقطت بين يديك
سقوط الطفل الصغير.

سرقت :
عفتي فأصبحت ذليلة النفس
حزينة القلب، أستثقل الحياة وأستبطئ
الأجل وأي لذة لعيش امرأة لا تستطيع أن
تكون في مستقبل أيامها زوجة لرجل ولا أما لولد،
بل لا أستطيع أن أعيش في مجمع من هذه
المجتمعات إلا وأنا خافضة الرأس مسبلة الجفن،
واضعة الخد على الكف ترتعد أوصالي وتذوب
أحشائي خوفا من عبث العابثين وتهكم المتهكمين.

سلبتني :
راحتي وقضيت على حياتي، قتلتني
وقتلت شرفي وعرضي بل قتلت أمي وأبي فقد
مات أبي وأمي وما أظن موتهما إلا حزنا علي لفقدي.
لقد قتلتني لأن ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك
بلغ من جسمي ونفسي وأصبحت في فراش
الموت كالذبابة تحترق وتتلاشى نفسا بعد نفس.

هربت :
من بيت والدي إذ لم يعد لي قدرة على
مواجهة بيتي وأمي وأبي وذهبت إلى منزل
مهجور وعشت فيه عيش الهوان، وتبت إلى الله
وإني لأرجو أن يكون الله قد قبل توبتي واستجاب
دعائي وينقلني من دار الموت والشقاء إلى دار الحياة والهناء.

وها :
أنا أموت وأنت كاذب خادع ولص قاتل ولا أظن أن الله تاركك
دون أن يأخذ لي
بحقي منك.

ما :
كتبت والله لأجدد بك عهدا أو أخطب لك ودا،
فأنت أهون علي من ذلك، إنني قد أصبحت على
باب القبر وفي موقف أودع فيه الحياة سعادتها
وشقائها فلا أمل لي في ودها، ولا متسع
لي في عهدها،

وإنما :
كتبت لك لأني عندي وديعة لك هي
أبنتك فإن كان الذي ذهب بالرحمة من قلبك
أبقى لك منها رحمة الأبوة فأقبلها وخذها إليك
حتى لا يدركها من الشقاء مثل ما أدرك من أمها من قبل.

طبعا :
هي ماتت وتركت البنت في هذا المكان
المهجور وليس لها عائل.
يقول هذا الرجل :

ما :
أتممت قراءة الكتاب حتى نظرت فرأيت
مدامعه تنحدر من جفنيه ثم قال:
إنني والله ما قرأت هذا الكتاب حتى
أحسست برعدة تتمشى في جميع أوصالي
وخيل إلي أن صدري يحاول أن ينشق عن قلبي
فأسرعت إلى منزلها الذي تراني فيه الآن
(هذا البيت الخرب).

ورأيتها :
في هذه الغرفة وهي تنام على
هذا السرير جثة هامدة لا حراك بها، ورأيت
هذه الطفلة التي تراها وهي في العاشرة من
عمرها تبكي حزنا على أمها.

وتمثلت :
لي جرائمي في غشيتي كأنما
هي وحوش ضارية هذا ينشب أظفاره وذاك
يحدد أنيابه، فما أفقت حتى عاهدت الله أن
لا أبرح هذه الغرفة التي سميتها غرفت الأحزان
حتى أعيش عيشة تلك الفتاة وأموت كما ماتت.

وها :
أنا ذا أموت راضيا اليوم مسرورا وقد تبت
إلى الله وثقتي بربي أن الله عز وجل لا يخلف
ما وعدني، ولعل ما قاسيت من العذاب والعناء
وكابدت من الألم والشقاء كفارة لخطيئتي.

يقول:
يا أقوياء القلوب من الرجال رفقا
بضعاف النفوس من النساء.
إنكم لا تعلمون حين تخدعوهن في شرفهن
أي قلب تفجعون، وأي دم تسفكون، وأي ضحية
تفترسون وما النتائج المرة التي تترتب على
فعلكم الشنيع.

ويا :
معشر النساء والبنات تنبهوا وانتبهوا
ولا تنخدعوا بالشعارات الكاذبة والعبارات
المعسولة التي تلوكها الذئاب البشرية المفترسة،
وتذكروا عذاب ربكم وقيمة أعراضكم،
وأعراض آبائكم وإخوانكم وأسرتكم
وقبيلتكم .

تذكروا :
الفضيحة في الدنيا، والعار
والدمار والهوان في الآخرة.
هذه القصة من واقع الحياة ولكم أن
تتصورون نتائجها المرة أيها الأخوة
على هذه الفتاة وعلى أسرتها من أم وأب
حينما فقدوا ابنتهم ولم يعرفوا أين ذهبت.

وعلى :
هذا الفتى حين فقد حياته وكان بالإمكان أن يسعد لو أنه سار في الطريق
المشروع وخطب هذه الفتاة من أهلها وتزوج بها أو بغيرها وعاش حياة
أسرية كاملة يعبد فيها ربه ، ويريح فيها قلبه، ويسعد فيها بدنياه وآخرته.

الفضل10
02-15-21, 07:09 AM
" القصة الثانية "

أشرقت :
شمس ذلك اليوم لتعلن عن ميلاد يوم
جديد حمل مع شعاع شمسه نهاية مأساوية
وقصة دموية تمادى أبطالها بالتمثيل حتى
أسدل عليهم الستار وخلفه آلاف وآلاف من الآلام .

في :
صباح ذلك اليوم وصل بلاغ إلى قسم الحوادث
في المرور عن وجود حادث مروري أدى إلى وفاة
رجل وزوجته، وعلى الفور انتقل الضابط ومعه
الجنود إلى مكان الحادث وعندما وصلوا إلى الموقع
وجدوا الحادث في سفح أحد الجسور المرتفع عن
مستوى الأرض ويصعب النزول إليه .

ولكن :
الضابط والفرقة تمكنوا من الوصول
ولكن هالهم المفاجأة ، وجدوا امرأة في العشرين
من عمرها وقد فارقت الحياة وهي على
صورة شبه عارية .

تردي :
بنطالا ضيقا إلى نصف ساقها يسمونه (استرتش)
يعني من هذه الملابس الضيقة التي تتمدد
وتصف الجسد، وتلبس قميصا ضيقا يغطي
نصف بطنها.

أما :
وجهها فقد اختلط جمالها مع الأصباغ التي
وضعتها على وجهها، أختلط مع تراب سفح ذلك الجسر،
وقد أخذت وضع القرفصاء وهي جامعة يديها إلى
نحرها مبرزة أظافرها الحمراء وكأنها تصارع ملك
الموت ، فاغرة فاها .

وكانت :
الفاجعة أعظم عندما انبعث من ذلك
الثغر رائحة الخمر، يا للهول! امرأة في العشرين
تسكر؟ أجل والله.

وقد اختلط شعرها الطويل وقصتها الغريبة اختلط بدمها.
غطاها رجال الأمن وذهبوا إلى الرجل الذي كانوا يظنون أنه زوجها.
وإذا بالمصيبة أدهى وأمر!

رجل :
في الخمسين من عمره قد خط الشيب في
عارضه وقد فارق الحياة أيضا ورائحة المسكر
تفوح من فمه، ووجه مشوه من هول الصدمة.

عاد :
رجال الأمن إلى سيارته وإذا بقارورة الخمر
وبعض الأطعمة التي تعد للجلسات الحمراء، وإذا
بجهاز التسجيل وهو يعطي شريطا غنائيا لأغنية ماجنة.
وإذ الحقيقة المرة الماثلة وهي أن الرجل أجنبيا
عن هذه المرأة، ولا تمت له بصلة.
وبالرجوع إلى خلفيات القصة، اتضح أن هذا الذئب
الذي بلغ من العمر عتيا قد أصطاد فريسته التي
ظن الكثير من شبابنا وشيبنا أنها غنيمة.

لقد :
أخذ فريسته وذهب بها وفي إحدى الاستراحات
ودارت رحى السهرة الحمراء، رقص وغناء وسكر
وعربدة وما خفي كان أعظم، فما ظنكم باثنين الشيطان
ثالثهما والخمر رابعهما والموسيقى والرقص خامسهما.

استمرا :
على ذلك جزء من الليل، وفي ساعة متأخرة
قضى كل نهمه وعاد الذئب بفريسته ليوصلها إلى منزلها
ولكنه أخطئ الطريق متأثرا بالسكر فسلك طريق آخر.

وفي :
الطريق ولأنه فاقدا لوعيه انحرفت سيارته بكل
سرعتها لتصطدم بالسياج الحديدي من الجسر ويخترق
السيارة من مقدمتها إلى مؤخرتها وتسقط في سفح ذلك
الجبل ليلقى الله وهو سكران، ولتلقى الله وهي سكرانة
في خلوة فاضحة وفي فضيحة مشينة ومن مات
على شيء بعث عليه.

فنعوذ بالله من سوء الخاتمة.

أنه :
العار والشنار في الدنيا والآخرة، فبدل أن
يترحم الأهل عليهما دعوا عليهما بالنار والعذاب
جزاء ما قدموه، والرجل كانت الصدمة شديدة
على أولاده الذين هم في سن الرجولة وكانوا
يقولون فضحه الله كما فضحنا.
أولاده يقولون :
( الله يفضحه كما فضحنا ).

أما :
المرأة فسارع أبوها إلى نفي التهمة عنها
حينما قيل له راجع المستشفى
قال:
ابنتي صالحة ، ابنتي مصحفه في جيبها
وسجدتها في شنطتها وأخذ يكيل لها من
المديح الذي أضر بها.

إنها :
الثـقة المفرطة التي توضع أحيانا في غير محلها،
والتي يوليها بعض الأباء لبناتهم، ولكنه اصطدم
بالحقيقة المرة، فلا تسأل عن حاله بعد ذلك.
من البنات من تمكر وتخدع والدها وتكيد لأسرتها
وتوهمهم أنها تذهب إلى المسجد وهي تذهب إلى البار،
ومنهم من توهمهم أنها تذهب إلى الحرم وهي
تذهب إلى الحرام.

ومنهم :
من تحمل حقيبتها المصحف وشريط
المحاضرة وسجادة الصلاة لمخادعتهم فينخدعون
ويثـقون وهنا تحصل الكارثة.

ولكم :
أن تتصوروا أيها الأخوة أبناء لطخ والدهم
عرضهم، وشوه سمعتهم وقضى على مستقبلهم،
وأيضا تصوروا رجلا فقد ابنته في زهرة الشباب
ومقتبل العمر في هذه النهاية البائسة التي أنتحر فيها العفاف.

من :
منا يحب أيها الأخوة أن تكون هذه نهايته؟
ومن منا يحب أن تكون هذه نهاية ابنته أو أخته؟
أذن لماذا التمادي ؟! أغرنا ستر الله علينا ؟!

إن :
كل من سار على الدرب وصل، وإن لم يتبادر
الإنسان نفسه ويتوب إلى اله من الخطأ وإلا
فإن الله له بالمرصاد.

أما سمعتم قول الله عز وجل:
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ".

أما :
سمعتم قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته).

هذه قصص :
" انتحر فيها العفاف " .

ليست :
" من نسج الخيال ولكنها من أرض
الواقع ولعل في سوقها عضة وعبرة " .

عطاء دائم
02-15-21, 08:58 AM
قصص حملت كل العبر.... نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
عسى لمن يقرأها أن تكون له فائدة منها
ربي يحفظك ويجزيك الخير اخي

يختم ل3ايام مع الفايف ستارز


SEO by vBSEO 3.6.1