المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " التطبيل الاجتماعي "


الفضل10
03-17-21, 08:01 AM
قال :
هل سيخلو العالم من المجاملات يوما ما ؟!
أم أننا سنظل نعيش مطبلين مجاملين للأبد .

أثبت التاريخُ :
أن الكل يلجأُ لدرء الشر عن نفسه وجلب المنافع والخيرات
بمجاملته من لديه منفعته وفي قلمه خفضه أو رفعه ،

أي :
كأنه حركات التشكيل نراها رافعة تارة وخافضة وناصبة
تارة أخرى فيا ليتنا لم ننسَ أن الكسرةَ في الممنوع من الصرف
لا يفرق إلا الحاذق بينها في حالتي النصب والخفض !

بل :
ليتنا لم نتناسَ أن الحقَّ سبحانه وتعالى هو الرافع الخافض ،
وهاتان الصفتان وما شابههما من السنة قراءتهما معا كالمعز والمذل.

قلت :
أن التأريخ أثبت ذلك؛
لأتساءل بعدها ما الدوافع التي تجعل بعضنا مطبلا مجاملا
اجتماعيا أيضا أمام شخص لا يملك نفعنا ولا ضرنا أبدا.

يعجبني :
بيت أحمد شوقي الذي قيل أن راقصة تابت فورَ سماعه :
خدعوها بقولهم حسناء * والغواني يغرهن الثناء

نعم :
غرّ بعض من يرين أنفسهن مغردات ، أو مثقفات ،
أو كاتبات أو جميلات تكالب بعضُ الشباب عليهم في
مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات كما غرَّ بعض الشباب
حسن صورهم ،وجمالهم وتطبيل أصدقائهم بما يمتلكونه من مميزات ،

أو :
سيارات أو مقلمة أظافر ؛ فين هذا وذلك اختلط الحابل بالنابل ،
وتبدلت المفاهيم وماتت القيم وصار الجميع يتغنون متباكين على
اللبن المسكوب ((وابكِ المنازل بعد الظاعنين دما..إن لم ترَ
الدمع يقضي عنك ما وجبا)).

والنتيجة ؛
رأينا أنفسنا مظلومين بنفس العين التي يرانا الطرف الآخر
بها بأننا ظالمين. حتى لا تتوقف عجلة الحياة عند منعطف خير ،
وتنتحر الآمال عند مصارع الحقيقة التي ندركها متأخرين ،

ولم :
يبقَ في البرواز إلا بلورا مهشما مكسورا.,
وقبل أن أختم أذكر قصة قرأتها أن شخصا سألوه عن صديقه
في مسألة زواج فقال :
لا أعرفه ، لم أصحبه في سفر ولم أجربه في خطر
أي أمر يثبت باطنه ومواقفه .والآن أطرح بين يديكم موضوعي هذا:

1- هل ترى كلامي بعيدا عن الواقع أو واقعا أو شيئا مبالغا فيه،
واقنعني لماذا؟

2- من وافقني أو خالفني هاتِ لي قصة تذهب بالنظرة
السوداوية التي أراها حاليا أو اشرق بها علي بأمل يعيد لي ما فات؟

3- هل تؤمن أن أعضاء القروب الواحد (في الواتساب ألخ)
متحابين متناصحين لا متناطحين رغم أن بعضهم ينسفنا نسفا
ويذكرنا بما لم يعلق بذاكرتنا من مواقف لأننا لم نقصد به شيئا ؟

4- هل تؤمن بعبارة الناجحون يبحثون دائما عن الفرص لمساعدة الآخرين ،
بينما الفاشلون يسألون ماذا سوف نستفيد نحن من ذلك؟

وجواب ذلك :
في ميدان الأخوة كان من المنطق والواجب أن يكون
حسن الظن هو المحافظ على أمشاج التلاقي واستمرار التواصل ،

وأن :
يكون استجلاب الملاطفة والتحفيز هو وقود العطاء ،
واستمطار المحبة والاخاء ،

وما نعيش واقعه في عالم التواصل وذاك التجانس والتداخل ،
والتشابك يحتم علينا :
التحري
و
الدقة
و
الحرص
على مراعاة المنطوق والمكتوب ، كي لا يَفرط منا "حرف طائش"
غير مقصود ،ليُحطم ويهدم قواعد البنيان لتلك الصداقة ،
والتعارف ، لنكون بذلك رهيني الأحزان والهموم والغموم ،

ما نلمسه :
هو ذاك الاحساس المرهف المبالغ فيه _ في غالب الأحيان _
والذي هو موهن لكل علاقة ، حتى يكاد من ضعفه ووهنه أن يكون
أوهن من خيط العنكبوت !

بحيث :
يجعل من الصداقة والأخوة قائمة على " جُرفٍ هارٍ"
يكاد أن ينقض ويسقط على رؤوس المتوادين !

من هنا :
لابد أن يكون لذاك الخطر من طوق نجاة ومن تسوير
ووسائل وقاية للحفاظ على مشعل الأخوة ،

ومن ذلك تلكم " المجاملة " التي تطفي نار الفرقة ،
وتُجلّي من القلب الشُقة ،

ولا أعني :
بذلك أن نجعل من نخالل ونوادد يهيم بوجهه في الخطأ !
ونحن نصفق له ونهتف على الأثر! فهناك من الأمور ما نداري
بها وما نقي أنفسنا بها الشر إذا ما تجاوزنا الأخوة والصداقة من ذلك الحد ،

ففي الحياة :
نواجه الكثير من صنوف البشر الذين يتمايزون في مشاربهم ،
وأخلاقهم وأحوالهم ، فكان لزاما أن يكون منا لذاك ومن ذاك على حذر .


تفكرت في فعل النبي _ علية الصلاة والسلام _
الذي جاء في هذا الحديث المروي عنه :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ :
((اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَقَالَ:
ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوْ ابْنُ الْعَشِيرَةِ,
فَلَمَّا دَخَلَ : أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ,
قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ, ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلَامَ,
قَالَ :
أَيْ عَائِشَةُ: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ
النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ)) .

إنسان شرير بطاش لا يرحم، فإذا داريته تلطفت معه ،
بششت في وجهه من أجل أن تدفع شره, فهذا من المداراة .

ولا يعني :
هذا هو الموافقة والمسايرة لظلمه وإعانته عليه .
( ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ
وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) .

المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) فلا يُضمِرُ الشر لأحد ،
ولا يسعى في أذية أحد في ظاهر ولا في باطن ،

ولكنه :
قد يظهر المحبة والمودة والبِشر وحسن المعاملة ليتألف
قلب صاحب الخلق السيء ،

أو :
ليدفع أذاه عنه وعن غيره من الناس ، ولكن دون أن يوافقه
على باطله ،أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل .

وهو عكس النفاق :
إذا أُطلق لفظ النفاق فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ،
ولم يكن النفاق يوما محمودا ولو من وجه ما ،

ويعرِّفُه :
علماء السلوك بأنه إظهار الخير للتوصل إلى الشر المضمر .

فالمنافق :
لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس
وخيانتهم وجلب الشر لهم ،
ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ،
ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .

هناك :
خيط رفيع بين " النفاق والمجاملة " وإن كان ذاك الخيط يحوي
بين ضفتيه معانٍ عظيمة تجعل ما بين المصطلحين
بوناً سحيقاً ،

وما :
عنيته ما بين هذا وذاك لكون البعض من الناس يرى بمنظوره ،
ولعل وقوده في ذاك الذي استقر في قلبه وفكره من معطيات تضافرت
ليكون الاستنتاج والنتيجة من خلال ذاك ،

من هنا :
كان لزاما علينا دراسة الوضع قبل الحكم
_ أتحدث بشكل عام _من أجل التفريق بين هذا وذاك .

تلكم :
المجاملة في نظري هي طب القلوب ومسكنة لما في القلب يمور ،
وإن كان في المقابل نُراعي " الكم والكيف " وظرفي " الزمان والمكان " ،
كي لا يزيد الأمر ,ويتجاوز بذلك حده " لينقلب ضده " !

ولا أنكر _ رأي شخصي _ :
أن يدخل في تلكم " المجاملة " هدف ومصلحة آنية
تخرج عن سياق الصداقة والأخوة حين تتحول لمشروع دنيوي دني ،
وفي أثناء ذلك يخرج الأمر عن معنى المجاملة الحميدة المحمودة ،

لتصل وتتصل بأطراف النفاق الذي من ضمن معناه هو :
" إضمار الشر وإطهار الخير من أجل الشر " !

لا :
أن تكون السريرة صافية ،
ومن تلكم المجاملة والمداراة استقطاب البعيد ،
وارجاعه لحوزة الصراط المستقيم .


وما :
على الواحد منا أن يكون نسيج نفسه ،
وأن يكون هو المحرك وهو الباعث لكل خير .

وتبقى :
الناس أجناس وخليط يحوي ويحتوي على :
الصالح ، والطالح ،
والوفي ، والخائن ،
والمنافق ، والموادد

الموادد :
ذاك الذي يسعي لتقريب البعيد ،
وزرع الخير ،ووأد الشر وقلع :
الشقاق
و
الجفاء
و
الهجر .

ودمتم بخير ...


الفضل10

قيثارة
03-17-21, 08:30 PM
طرح قيم
بارك الله فيك اخوي
وربي يعطيك العافية
يختم لمدة 3 ايام + الفايف ستارز


SEO by vBSEO 3.6.1