المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " مدام الأذواق وثمالة العُشاق "


الفضل10
03-17-21, 08:35 AM
قال :
أحببت طرح موضوع هنا لمعشر إخواني من المفكريين الأعزاء ،
لا سيما ونحن في منتدى يسمى السبلة ، التي كانت تزخر
بمبدعيها وكتابها ورغم هجرة البعض إلا أن في البقية من الأقلام
ما تنوء به العصبة أولو الفكر السامق والإبداع الرائق.

وحتى لا أطيل عليكم :
تفكرت هذا المساء بما يتداوله معاشر الفضليات الفضلاء
ممن ينتسبون للتأمل ، وإن صدق بيني وبينهم قول من قال :
أنت تئق وأنا مئق فكيف نتفق.

ولأن :
من طبيعة المنتديات العملية التشاركية فسأبدأ على شكل محطات ،
راجيا ممن له توجه كهذا المشاركة ، فالفكر بالفكر يتقد وينقد .
بدايتي من فكر الإمام الجيلي وابن عربي رحمهما الله،ومنهما أرشف قائلا:

الإنسان الكامل :
هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من
أوله إلى آخره، وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين،
ثم له تنوعٌ في ملابس، ويظهر في كنائس، فيسمى به باعتبار لباسٍ،

ولا :
يسمَّى به باعتبار لباسٍ آخر، فاسمُه الأصلي الذي هو له محمد،
وكنيته أبو القاسم، ووصفه عبد الله، ولقبه شمس الدين....

واعلم :
أن الإنسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الوجودية بنفسه،
فيقابل الحقائق العلوية بلطافته، ويقابل الحقائق السفلية بكثافته..
ثم اعلم أن الإنسان الكامل هو الذي يستحق الأسماء الذاتية ،؟

والصفات:
الإلهية استحقاق الأصالة والملك بحكم المقْتَضَى الذاتي،
فإنه المعبر عن حقيقته بتلك العبارات، والمشار إلى لطيفته
بتلك الإشارات، ليس لها مستند في الوجود إلا الإنسان الكامل،

فمثاله للحق :
مثال المرآة التي لا يرى الشخص صورته إلا فيها،
وإلا فلا يمكنه أن يرى صورة نفسه إلا بمرآة الاسم (الله)
فهو مرآته، والإنسان الكامل أيضاً مرآته .

فقُلت :
كيف لنا طرق باب هذا الحديث الذي يحتاج لمتذوق
يدرك بتذوقه شهد تعبيره ، ويحتاج لذاك السلوك لمعرفة
حقيقته وماهيته ، وكنهه ، في خضم هذا الموج المتلاطم
من الشك ، وإلقاء الشبه حوله جزافا ، والتي لا تأتي إلا من جاهل لا يعلم
عن أمره شيء بعدما جعل هواه وعقله حكما على ما حواه !

من :
غير أن يرجع إلى أصول منبته ليعرف بذاك أصله وفرعه.

ونحن :
اليوم نعيش في عالم مادي والذي لا يؤمن
أصحابه بغير المحسوس والملموس ، بعد أن تملص أتباع
الدين عن ابسط أبجدياته وأصوله ، وبعدما أبتعدوا عن
صرخات الروح التي تئن ظمأ وهي تتوسل من يرويها بعدما
جف عودها ، وذبل زهرها.

فقد بتنا اليوم :
نراوح مكاننا بعدما استهلكنا قوانا، وأجهدنا
فكرنا ونحن ندور حول ذاك " الترف الفكري"
الذي كان ولا يزال عائقا بسببه تأخر تقدم الأمة بعدما
دخلت في معمعة الجدل العقيم الذي هز أركانها.

ما نحتاجه :
هو ذاك الغوص في تلكم النفس حتى يكون بها ومنها
مصافحة الروح واحتضانها، بعدما أشبعت هجرا ونكرانا
وتجاهلا.

فمن ذلك :
يكون التعرف على كنه الواحد منا ، ويكون
بذلك البذل والانطلاقة من أجل رفع شأنها ،
والسعي بذلك لكمالها.

هي :
تلك المراحل التي تزف عمر ذلك الانسان إلى مقاصل النهاية
التي باليقين بتلك النهاية تُحّتم عليه صياغة كيف تكون تلكم
النهاية إذا ما كان هناك مصير واحد من اثنين ليكون المصير الخالد ،

ذاك :
الشتات يعيشه من يسير في الحياة وهو لا يدري أين تأخذه القدم ،
مرتجلة تلك التصرفات التي تصدر ممن لا يُحسن العمل ،

فقلوبهم :
وأجسادهم تلازمت ليكون التيه والضياع هو طريق
اقدامهم واحجامهم ،

بمعادلة المفاجأة تسير حياتهم ،
وبذاك أسلموا وسلّموا !

أما :
عن ذاك الذي يُخالط الناس ويسعى للمعاش ،
ويزور هذا وذاك ،

فهو :
يعيش عيش الجسد الحاضر في المكان أما عن
القلب والعقل فهما في الملكوت طائر ومع الأملاك سابح ،
بعد أن تعلق قلبه وكله برب الأكوان ،

نفوسهم في الله لله جاهدت

فلم ينثنوا عن وجهه كيف كابدت

على نقطة الإخلاص لله عاهدت

لملة إبراهيم شادوا فشاهدوا الت

لفت للشرك الخفي متمما

تولاهم القيوم في أي وجهة

وزكاهم بالمد والتبعية

ولفاهم التوحيد في كل ذرة

فقاموا بتجريد وداموا بوحدة

عن الإنس روم الأنس فيها تنعما

محبون لاقى الكل في الحب حينه

نفوسهم ذابت به واصطلينه

فلم يبق منها الحب بل صرن عينه

بخلوة لي عبد وستري بينه


فما :
وصل أولئك إلى ذاك النقاء " إلا "
بعدما تجردوا من علائق الدنيا ،
وقاموا لرب الأرباب ،

بعدما صدقوا الله وأخلصوا له ،
وقد تهيئت بذاك قلوبهم وأرواحهم لذاك :
النور
و
الفيض
والمدد الرباني الذي يُنسيهم نصب وحوادث الدهر ،
ليغيبوا عن عالم الأشهاد ليُعرّجوا وينيخوا مطايا الحاجات ،
عند حضرة القدس يطرقون باب التواب .

ففي :
حالهم وأحوالهم الحصيف الحريص يتأمل ويسأل هل
هي محجوره لهم ؟

أم :
أنه باب مفتوح لمن شمر وسعى لينال بذلك
المطلوب ؟


وكم هناك من تساؤلات التساؤلات :
جوابها لا يستوعبه عقل وقلب من رزح وركن لملذات الغرور ،
وهو بذلك وفي ذلك يحبو على أرض التخاذل والدنيا تحضنه وهو
لها عاشق متشبث بتلابيبها يخشى مفارقتها ومن ذاك قلبه واجل !


ذاك السلام الداخلي :
نالوه بعدما جمعوا شتات الروح عن الجسد ليجعلوا ذاك الانسجام
بعدما عانقت وصافحت تلكم الروح ذاك الجسد ،

بعدما علموا :
حقيقة خلقهم وبهذا ساروا على " هدى من ربهم "
وفي ذلك الطريق ثبت أقدامهم .

حين :
نعبر ونمر على شذى ذكرهم لنتفكر في أمرهم لنغبطهم ونتمنى حالهم ،
فذاك بُشرى خير لكوننا نُزاحم غفلتنا بتلك الأمنيات ، فمصير الأماني أن
تتحقق إذا ما كان السعي والاقدام هو المحرك لبلوغ ذاك ،


والعجيب في الأمر :
أن معالم الطريق نقرأها ليل نهار ونسمعها من كتاب الله
ومع هذا نتعامى ونتصامم ! لنختار ذاك الشتات
الذي يُدمي القلوب ويُقسّيها !

" وما الصراخ إلا بقدر الألم "

الشعور بالراحة :
هو ذاك المأمول لذوي العقول ولكن فيه الناس يتمايزون ويتباينون
فكل له وجهة هو موليها فمنهم من يجدها في :

صرير أقلام ومنهم في
صوت فنان ،

والآخر :
في الغوص في الملذات الزائلة
التي لا تتجاوز الثواني من الأوقات !

فتلك التي :
سطرتها في الأعلى ما هي إلا خيالات يتخيلها
ويتوهمها من تعود معاقرة المسكنات !

كيف لا ؟!
والله قد جاء منه البيان بأن الراحة في :
" الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " .

الفضل10
03-17-21, 08:39 AM
في بداية حديثي حين قلت :
" في خضم هذا الموج المتلاطم من الشك ، وإلقاء الشبه حوله جزافا ،
والتي لا تأتي إلا من جاهل لا يعلم عن أمره شيء بعدما جعل هواه
وعقله حكما على ما حواه " !

فهنالك :
من يُنكر تلك التجليات التي تتنزل على المنقطع إلى الله ،
وبأنها تناقض اسباب خلق الانسان حينما اقتصر على " العبادة "
وغفل أو تغافل عن " الخلافة " الخلافة في الأرض وذلك بالسير
فيها واعمارها .

وأقول في هذا :
هناك من يسرف في الذهاب إلى القول
بتلك الخوارق التي تتجلى لذاك المريد
الذي يتقرب من باب الكريم !

ليقضي الواحد منهم ما يقضيه من وقت بحجة
" خدمة ربه " !

فمن :
وقع في ذاك فقد شذ ، وغفل عن معنى الانقطاع لله ، حيث جعلوا منه هو الانقطاع
عن كل لوازم الحياة من تواصل مع الأنام ، والسعي للرزق ، والقيام بشؤون الأسرة
والمجتمع بعد أن اعتكف في صومعته ، واسدل الستار عن كل متطلبات الحياة ،

ومن هنا :
غفل أن ذلك الأمر يخالف سنة الله في الخلق وعلى الخلق الذي كان في أصله
العبادة وعمارة الأرض ، لا ينفصل وينفك هذا عن ذاك .


لأن الاسلام :
" قد حرّم ونهى عن الرهبانية في الاسلام " .

ولنا :
أن نتفكر في حال النبي المصطفى _ عليه الصلاة والسلام _
وهو أعبد من في الأرض الذي تنام عينه وقلبه لا ينام ،
لكونه متعلق برب الأرض والسماء ،

فلم :
يتخذصومعة وينفرد بعبادته من دون الناس !
بل كان يخالط الناس ويقوم بحاجات أهله ورعيته .

ولنذكر :
حال وأحوال من ياتي من بعده من الأصفياء والاولياء ،
فلم ينقطعوا عن أعمالهم وشؤون معاشهم بحجة العبادة !

بل :
علموا بأن السعي في الرزق ، وتتبع حاجات الناس
هي من أكبر العبادات .

حال :
أولئك الأبدال أنهم يخالطون الناس ويقومون بواجياتهم التي
تفرضها عليهم الحياة , ومع هذا القلب فيهم ينبض بحب الله ،
ولسانهم يلهج :
بالذكر
و
الحمدلله
و
التهليل لله .

فإذا ما أسدل الليل سدول ظلمته ، وخلى الحبيب بحبيبه قام ذلك المشتاق
لينفرد بربه وحبيبه ، والناس منهم في غفلتهم لاهون ،وبعضهم نائمون .

" فلم يعطلوا بذاك الحقوق والواجبات التي عليهم " ،
ولم يغفلوا في ذات الوقت أن يغذوا أرواحهم بقربهم من الله " .

لتكون القاعدة :
" لا إفراط ولا تفريط " .

الفضل10
03-17-21, 08:45 AM
قال :
" ولكن قبل هذا وذاك جد لي من يلتزم في العبادة مخلصا لله
النية ناهيك عن هذه التخلقات بالآداب النبوية " .

وجوابه :
يبقى الإخلاص محله النية التي يحتوي القلب ، والتي لا يعرف حقيقتها غير عز وجل ،
لهذا لا يمكننا الحكم على شخوص الناس بالإخلاص والفناء في خدمة الرب الوهاب ،

نتفق :
أن الدنيا ملأت قلوب الكثير _ ولا نستثني أنفسنا من جملتهم
_ حتى باتوا لا يعرفون من الدين إلا اسمه ومن الكتاب إلا رسمه !

وفي المقابل :
في وضعنا الراهن لا يمكن بتر حبل تواصلنا بمن حولنا ، لكون الزمان والمكان تغيرت
أحواله ، ولن امعان النظر في حاله الذي يشي بتلك المآسي التي يئن منها القلب ،
وتكتوي الروح منها ألما !

أرجعتني :
لذاك المشهد حين كنت مع شيخي العالم الرباني ،
الذي منه أنهل ما يحيي قلبي وما يقربني من ربي ،
وكما هي عادتي اتحين الفرص كي أنال من فيض التجارب التي
هي رصيد شيخي التي استقاها من رحلة العمر
التي قضاها بين جنبات هذهِ الحياة ،

فسألت شيخي قائلاً :
بما تنصحني شيخي ؟
قال : " إلزم بيتك " !

فما كان مني :
الوقوف على أعداد حروف الإجابة ، ولا الإكتفاء بظاهر الإجازة بأن
يكون جلوسي في البيت لي عادة ،
بل تعمقت وغصت في المعنى لكوني أعرف الشيخ جيدا ،
فليس من المنطق أن يأمرني بترك الدعوة ، وطلب العلم ؛

وفعل الخير خارج نطاق البيت ليكون البيت لي مسقر و مستودع !
وعندما قلبت نظري فيما يجول من حولي من عبر
حري بمن يمر عليها أن يقف وقفة بصير ، فما عادت القلوب تتسع ،
وما عادت الناس تطيل حبل العذر لكل من وقع في الخطأ
وأتى بما به الصدر ينخلع _ الا ما رحم ربي _ حينها بحثت عن السلامة
التي بها أجني ثمار القرار الذي مني يصدر ويسثار ،

فقلت :
في " العزلة " الحل بها يصدق ، فبنيت عليه ورسمت ذلكَ الواقع الذي
بين أطواره أتقدم وأكبر ،
وما أربكني هو حكم " العزلة " ! أتكون إختيار ؟!
أم أنها نوع من الأقدار ؟! بعيدا عن التعمق في المعنى وجدت في
" العزلة " راحة الأبدان والأذهان ،
وسلامة القلب من الأضغان ، ومقربة من رب
الإنس والجان ،

غير أني :
رسمت بيت العزلة جاعلا له نوافذا كي أرى من خلالها ما يستجد في الكون ،
وأرمق نجوم الليل ، وأرى تعاقب الفصول وما يقع في نهار اليوم والليل ،
ومنها الحفاظ على _ الأكسجين _
كي لا يفرغ في مخدع " العزلة " ،
وتتجدد الحياة بنفس جديد ،
ومنها أستقبل طيور الأمل وأودعها بقلب مطمئن
ببزوغ فجر قريب ،

بعيداً :
عن أضواء الشهرة ، وبعيداً عن انتقاد رفاق العشرة ،
ومنها أبني وأقيم بنياني لأبعث خلقا آخر وقد أحاطت بي هالة الثقة بالنفس ،
وعرفت حقيقة الذات ، فقد خبرت الحياة وأنا بين هذا وذاك ، فانسلخ منها
غالب عمري بين جلاد يجلد الذات ، وبين جاحد يكفر بالثبات
في معمعة الحياة .

الفضل10
03-17-21, 08:51 AM
" سبحان الله وجدت في سيرك على صفحات الواصلين
تلك الدعوة لنسير معاً لنرتشف من ذات المعين
لنخرج منه بثمين الجمان بإذن الرحمن الرحيم " .


ونقول :
من اشتغل وشغل نفسه بما يمنيها ويداعب به
حلمه كان حارساً وحريصاً على نيل المُراد ،
والوصول لرجواه ،

وكم :
تدركنا الحاجة لذاك الفيض والمدد
الذي به يرسم ذاك الساعي معالم الطريق
لدمج الظاهر بالباطن ،وما تحتاجه الروح
وذاك الجسد البارز ،

ذاك :
الكامن في سرادق الغيب ،
والمحجوب عن ناظر العين ،
" يغلب عليه التناسي ، والتغافل ، والاهمال " ،

من ذاك :
يكثر علينا ذاك العويل وتشتت الأذهان ،
وضياع البوصلة التي تهدي ذلك الانسان ،
ليكون " الشتات " هو عنوان وواقع الحال !

فقلما :
يلتفت " أحدنا " لمطلب الروح
التي " تئن " من جفاف عروقها ،
وتصحر أرضها وهي " تجأر" ،
وتنادي من يرأف بها ، وفي غالب
أمرها يبقى الصدى يواسي صبرها ،


فصاحبها :
في " فلك التيه " يرتع ،
ولذاك النداء لا يسمع !

الاهتمام /
هو ذاك الذي يُشعر الواحد منا بوجوده ومدى حاجتنا إليه
لكون السائل لنا بذاك السؤال متعاهد ، يتحسس حوائجنا
ويرقب تحركنا ،

" ذاك في حالنا مع من نُقاسمهم أحوالنا " !

وما نتعجب منه :
أننا نتلمس ذاك الاهتمام من الغير ،
ونغض الطرف عن حاجة " الداخل منا "
وهو " الأولى " !

لأن :
به يكون الاستقرار والأمان .وهو الذي
به يكون إلمامنا ب " كنهنا " ، ومعرفتنا
بحاجاتنا ، وما نُسّكن به آلامنا .
لا أن نكون في هذه الحياة :
" ريشة تتقاذفها الريح " !

لتبقى :
تلكم المعاني والمصطلحات :

ك" الحب "
و
" العشق "
و
" الهيام "

و" قس على ذاك بما تشاء ولما تشاء
من قرابين يتقرب بها العبد لمولاه " .

منزوعة منها " الروح " مالم تُترجم
ليكون " الفعل ملازماً للقول " ،

فبذلك يكون :
" لها معنى لا يرادفه النقيض " ! .

ليبقى الأكيد :
أن الحاجة " مُلحة " أن نلتفت لأرواحنا
وما ترجو وتريد ".

فبذلك :
" يكون اللقاء بعد الفراق " ،
و
" الفرح بعد البكاء " ،
و
" الربيع بعد الخريف " .

الفضل10


SEO by vBSEO 3.6.1