المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في سطور


عطاء دائم
08-27-21, 08:10 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

https://www10.0zz0.com/2021/08/27/05/378595117.jpg

أمهات المؤمنين في سطور ...... )

(( مقدمة ))

( فى هذه السلسلة بإذن الله سنتحدث عن أمهات المؤمنين رضى الله عنهن، زوجات النبى صلى الله عليه وسلم
و الراجح من أقوال العلماء أنه صلي الله عليه وسلم كان له أحد عشرة زوجة
وهن على التوالى :

( خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
( سودة بنت زمعة رضي الله عنها
( عائشة بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنها
( حفصة بنت عمر رضي الله عنها
( زينب بنت خزيمة رضي الله عنها
( أم سلمة رضي الله عنها
( زينب بنت جحش رضى الله عنها
( جويرية بنت الحارث رضى الله عنها
( صفية بنت حي رضى الله عنها
( رملة بنت أبى سفيان (أم حبيببة ) رضى الله عنها
( ميمونة بنت الحارث رضى الله عنها

ولقد توفى عليه الصلاة والسلام وتحته تسع زوجات فقط ، فلقد توفت السيدة خديجة رضى الله عنها والسيدة زينب بنت خزيمة فى حياته ،،،

ولقد خص الله رسوله صلى الله عليه وسلم عن بقية الأمة بهذا العدد من الزوجات ، وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم )
ولقد ذكر العلماء أن زواجه بهذا العدد من الزوجات كان له حكما عديدة ،منها :

1 ) ⃣الحكمة التعليمية والتبليغية

فلقد كان من الحكمة البالغة أن تكثر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لينقلن الخاص والعام من أقواله وأحواله وأفعاله التشريعية إلى الأمة !

2 ) ⃣الحكمة الإجتماعية والسياسية

وذلك أن زواجه بهذا العدد أتاح له الفرصة لتوثيق صلته ببطون قريش العديدة ، مما جعل القلوب تلتف حوله وتنصره توآزره ..

وغيرها من الحكم العديدة ، كما أن العديد من الأنبياء كان لديهم أكثر من زوجة ، فلقد كان لداود عليه السلام مئة زوجة

بل لقد كان تعدد الزوجات لاكثر من هذا العدد شئ طبيعى و مقبول ومحمود لدي العرب ، إلى أن جاء الإسلام فحدد عدد الزوجات بأربع ..

وقبل البدء فى سرد سيرة أول زهرة فى بيت النبوة ، السيدة خديجة رضى الله عنها، سنذكر الرد على شبهة يثيرها أعداء الإسلام وهى :

أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج الكثير من النساء )

والرد على شبهتهم فى عدة نقاط :

أولا ) قبل بعثته عليه الصلاة والسلام وقبل زواجه الأول لم يرتاد أماكن اللهو والفجور فى مكة وعصمه ربه وحماه من هذه الأعمال

ثانيا ) تزوج عليه الصلاة والسلام بالسيدة خديجة وكان عمره خمس وعشرين ربيعا بينما كان عمرها أربعين عاما وكانت ثيبا( ليست بكر) ورغم ذلك عاش معها خمسة وعشرين عاما لم يفكر خلالها فى أن يتزوج عليها ، بل عاش معها فى سعادة وحزن عليها حين توفت حزنا شديدا حتى سمى عام وفاتها عام الحزن .. ))

ثالثا ) أنه لم يتزوج بكرا إلا السيدة عائشة رضي الله عنها ، فجميع زوجاته لم يكن أبكارا

ولو كان كما يدعون لحرص على الزواج من الأبكار ؟؟
ولنا لقاء متجدد بإذن الله

( المراجع )
كتاب صفة الصفوة
ابن الجوزي
كتاب امهات المؤمنين
محمود المصري
موقع قصة الإسلام
د / راغب السرجاني

========================
السيدة خديجة رضي الله عنها ..... (1 ) ..... ))

سنبدأ مع أول سيدة من سيدات بيت النبوة ، السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها .. )!!

هى السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية رضي الله عنها ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب ، ويلتقى نسبها بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الخامس ، وهي أقرب أمهات المؤمنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم في النسب، وهى أول من تزوجها عليه الصلاة والسلام وأول من آمن على الإطلاق ،،،

( ولقد نشأت على التخلق بالأخلاق الحميدة وكان من صفاتها العفة والحزم والعقل ، وكانت تدعى فى الجاهليه والإسلام بالطاهرة لشدة عفافها وشرفها وكمالها ، وكانت تسمى أيضا بسيدة نساء قريش .. )

.. ولقد تزوجت السيدة خديجة رضي الله عنها برجلين قبل النبى صلى الله عليه وسلم ، فلقد تزوجها أبو بكر التيمى (أبو هالة ) فولدت له هندا وهالة وهما ذكران ، وقد أسلما ، وقيل بل ولدت له هالة فقط ، ثم بعد وفاته تزوجها عتيق بن عائذ فولدت له جارية اسمها هند وقد أسلمت هى أيضا ، ثم توفى عنها زوجها الثانى ..)

وبعد وفاة زوجها الثانى انصرفت السيدة خديجة رضي الله عنها عن الزواج ورفضت أن تتزوج أحدا ممن تقدم لخطبتها، ولقد تقدم لخطبتها الكثير من أشراف مكة ، فلقد كانت من أوسط قريش وأكثرهم مالا، وكل قومها حريص على نكاحها لوقدروا على ذلك ، ولكنها رفضتهم جميعا لأنهم كانوا يطمعون فى ثروتها ..
.. و كانت رضى الله عنها امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال وتجارة تبعث بها إلى الشام وكانت تستأجر الرجال وتدفع إليهم المال .. ،

.. ولما آن وقت خروج رحلات التجارة إلى الشام طلب أبو طالب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على خديجة رضى الله عنها للخروج فى تجارتها
ولما بلغ السيدة خديجة رضي الله عنها قول أبى طالب للنبى صلى الله عليه وسلم سارعت إلى الإرسال إليه وعرضت عليه الخروج فى مالها تاجرا وتعطيه ضعف ماكانت تعطي غيره من التجار ، وذلك لما بلغها عن امانته وصدقه ، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم وخرج فى تجارتها مع غلامها ميسرة .. !

ولمس ميسرة فى هذه الرحلة الكثير من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته وأمانته ، ورأى تظليل الغمام له صلى الله عليه وسلم فى مسيره ..
.. ، وسمع قول الراهب الذي نزلوا بالقرب من صومعته والذي رأي النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فى ظل شجرة قريبة من صومعته فسأل عنه ميسرة وأخبره انه مانزل تحت هذه الشجرة

إلا نبي رأي ميسرة وسمع كل ذلك ووعاه ، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ماكانوا يربحون وعادوا بربح وفير، ورجعوا مكة فدخلوا فى ساعة الظهيرة وخديجة رضى الله عنها فى غرفة عالية لها ، فرأت النبي صلى الله عليه وسلم يظلله الغمام وتكسوه المهابة والجلال فعجبت لذلك

ودخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرها بخبر التجارة وماربحت فسرت لذلك سرورا عظيما ، كما أخبرها ميسرة بما سمع ورأي خلال رحلته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإزاداد إعجابها به ومحبته فى قلبها ..

( ولنا لقاء متجدد بإذن الله )

عطاء دائم
08-28-21, 08:05 AM
سيرة أمهات المؤمنين ..... ))

السيدة خديجة رضي الله عنها .... ( 2) ..... ))

كانت السيدة خديجة رضي الله عنها قد سمعت عن جميل صفات النبي صلى الله عليه وسلم ، وتأكدت من ذلك بعد أن عمل لها في تجارتها ولمست عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ، مما أوقع محبته في قلبها وجعلها ترغب فى الزواج منه .. )

وتتحدث كتب السيرة عن حادثة وقعت للسيدة خديجة رضي الله عنها ، فقد روى الإمام ابن إسحاق في المغازي قال:

كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد الحرام حول الكعبة المشرفة، فاجتمعن يوماً في يوم العيد فيه، فجاء يهودي فقال: أيا معشر نساء قريش ..!
إنه يوشك فيكن نبي قرب وجوده، فأيتكن استطاعت أن تكون فراشاً له فلتفعل
فحصبنه النساء (رمينه بالحصباء ) وأغلظن له القول ، ويقال أن هذ الكلام من اليهودي وقع فى قلب السيدة خديجة رضي الله عنها ..

وسواء أكان هذا الكلام أثر فيها أم لا ، فمن المؤكد أن ما سمعته ورأته من صفات النبي صلى الله عليه وسلم كان العامل الأساسي الذي دفعها إلى أن تعرض عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها ،

.. ولندع صديقتها تحكي لنا عن ذلك عن نفيسة بنت منية رضي الله عنها قالت :- أرسلتني خديجة دسيسا إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع من الشام ، فقلت : يامحمد (صلى الله عليه وسلم ) مايمنعك أن تتزوج ؟

قال : مابيدي ما أتزوج
قلت :فإن كنت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ، ألا تجيب ؟
قال : فمن هى ؟ قلت :خديجة

قال : وكيف لى بذلك ؟
قلت : على ، قال : فأنا أفعل
فذهبت فأخبرتها وأرسلت إليه أن يأت فى ساعة كذا وكذا ، وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها ..

واختلفت الروايات فى من تولى تزويجها فمنهم من قال والدها ومنهم من قال عمها ، لأن والدها توفى في حرب الفجار، والأرجح أن عمها هو من تولى تزويجها ...

وأعلمت السيدة خديجة رضي الله عنها أهلها فوجدت منهم قبولا وترحيبا ، وحددت للنبي صلى الله عليه وسلم وأهله موعدا يحضرون فيه ..
.. ، وحضر النبي صلى الله عليه وسلم ودخل في عمومته وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة في زواج الأشراف من أهل مكة ، حيث تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة ابنهم في الزواج من العروس ويسمون المهر ،

.. وتذكر المصادر أن أبا طالب هو الذي خطب يومئذ ، ثم يرد أهل العروس بخطبة أخرى يوافقون فيها ويباركون الزواج ، وتم الزواج الميمون ..
والمشهور عند المؤرخين أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها وعمره خمسة وعشرين عاما وعمرها أربعين عاما ..
ولقد واست السيدة خديجة النبي صلى الله عليه وسلم بالنفس والمال ورزقه الله سبحانه وتعالى منها البنين والبنات

فولدت له السيدة خديجة رضي الله عنها كل أولاده ، ما عدا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية ، وكان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة : القاسم ، وبه يكنى ، ثم ولد له زينب ، ثم رقية ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة وهى أصغر بناته وولدت قبل البعثة بخمس سنين
ثم ولد له في الإسلام : عبد الله فسمى الطيب والطاهر رضي الله عنهم جميعا ..
( فأما أولاده الذكور فقد ماتوا جميعا ، وكان أول من مات من ولده القاسم ثم عبد الله ثم إبراهيم مات في المدينة )

وأما الإناث فقد عشن حتى تزوجن وكلهن توفين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا فاطمة رضي الله عنها فقد توفت بعده بستة أشهر ..
ولم يتزوج عليه الصلاة والسلام على السيدة خديجة رضي الله عنها في حياتها أحدا ..
ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
08-29-21, 07:58 AM
سيرة أمهات المؤمنين ... ))
السيدة خديجة رضي الله عنها .. ( 3 ) ..... ))

واست السيدة خديجة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمالها ونفسها وولدت له البنين والبنات ، وعاشوا حياة سعيدة هادئة ،وعندما اقترب رسول الله صلى الله عليه وسلم من اﻷربعين من عمره ،حبب له الخلاء وكان يختلى بنفسه في غار حراء يتزود لذلك تزوده السيدة خديجة رضى الله عنها بما يلزمه ، ثم يرجع اليها فتزوده بمثلها ، إلى أن جاءه الوحي وهو في غار حراء ...

وحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء
(اقرأباسم ربك الذي خلق) [العلق: 1] ، رجع يرجف فؤاده وضلوعه حتى دخل على السيدة خديجة رضي الله عنها فقال :

"زملوني زملوني،" فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وهنا قال لخديجة رضى الله عنها :
“أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي“، وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة رضى الله عنها بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:
كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق“ ..

يرجف فؤاده : يضطرب من الخوف
زملونى : غطونى
الروع :الخوف
تحمل الكل : تنفق على الضعيف وذو العيال
تكسب المعدوم : تسبق إلى فعل الخير فتبادر إلى إعطاء الفقير فتكسب حسنته قبل غيرك
تقري الضيف : تكرمه
تعين على نوائب الحق : بمعنى اذا وقعت نائبة أو مصيبة لأحد أعنت فيها


ثم انطلقت به حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عم خديجة رضي الله عنها ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له رضي الله عنها:
يا ابن عم ،اسمع من ابن أخيك ،فقال ورقة :
يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآى
فقال له ورقة : هذا الناموس (جبريل عليه السلام) الذي أنزل
على موسى ، ياليتني فيه جذعا ،ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أو مخرجي هم "
قال : نعم ، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا .. )

وبذلك كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرج الله عنه بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس رضي الله عنها ..

.. فلقد أمنت به وآزرته ونصرته في أشد اللحظات ، في اللحظات الأولى للرسالة ، حين كفر به الناس ، وصدقته حين كذب الناس ، وواسته بالنفس والمال ، وانتقلت معه من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبا له وتحديا وإصرارا على الوقوف بجانبه والتفاني في تحقيق أهدافه ..

ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بني هاشم وبني عبد المطلب إلى شعاب مكة في عام المقاطعة، لم تتردد رضي الله عنها في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها على الرغم من تقدمها بالسن، وأقامت في الشعب ثلاث سنين وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى“

ولقد أجهدت فى فترة الحصار نتيجة كبر سنها رضى الله عنها ، وتوفيت رضى الله عنها ،وكان ذلك قبل هجرته صلى الله علبه وسلم إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة ..

وكان ذلك في السنة العاشرة فقد توفي أبو طالب، وكان عمره بضعا وثمانين سنة، ثم توفيت بعده السيدة خديجة رضى الله عنها ، ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون، ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ ،

.. وأنزلها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، وكان مقامها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوجها أربعا وعشرين سنة ..

ولقد تزامن وقت وفاتها والعام الذي توفي فيه أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أيضا يدفع عنه ويحميه بجانب السيدة خديجة رضي الله عنها، فلقد حزن الرسول صلى الله عليه و سلم ذلك العام حزنا شديدا حتى سُمي بعد العلماء هذا العام بعام الحزن، وحتى خُـشى عليه صلى الله عليه وسلم ومكث فترة بعدها بلا زواج ..

وفضائلها رضى الله عنها لاتحصى

فهي خير نساء الجنة
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
“خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة“ ( الصحيحبن )

ومن فوق سبع سموات، يقرؤها ربها السلام:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “ يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب“ الصحيحين ..

و لم ينساها رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته وبعد وفاتها ، إذ كان يكثر ذكرها ويتصدق عليها، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :

ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: “إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد“ الصحيحين .. !)!

ولنا لقاء متجدد بإذن الله مع زهرة جديدة من زهرات بيت النبوة ..

جودي
08-30-21, 03:14 AM
جزاك الله خيرا
تقبلي خمس نجوم

عطاء دائم
08-30-21, 07:25 AM
جزاك الله خيرا
تقبلي خمس نجوم

واياكِ يا رب خير الجزاء غاليتي جودي
شكرا على كرم الحضور

عطاء دائم
08-30-21, 07:27 AM
أمهات المؤمنين في سطور ....... ( 4 ) ....... ))

السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها ( 1 )

كان رحيل السيدة خديجة رضي الله عنها مثير لأحزان كبرى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصَّة أن رحيلها تزامن مع رحيل عمِّه أبي طالب ))
وفي هذا الجو المعتم حيث الحزن والوَحدة، وافتقاد مَنْ يرعى شئون البيت والأولاد، أشفق عليه أصحابه رضوان الله عليهم، فبعثوا إليه خولة بنت حكيم رضي الله عنها، امرأة عثمان بن مظعون تحثُّه على الزواج من جديد.

فجاءته خولة رضي الله عنها، فقالت: يا رسول الله، ألا تتزوَّج؟

فقال: "ومَنْ؟"
قالت: إنْ شئتَ بكرًا، وإنْ شئتَ ثيِّبًا.
فقال: "ومَنِ الْبِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّبُ؟"

قالت: أمَّا البكر فابنة أحبِّ خلق الله إليك، عائشة رضي الله عنها، وأما الثيِّب فسودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك.

قال: "فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ".
فانطلقت السيدة خولة رضي الله عنها إلى السيدة سودة، فقالت: ما أدخل الله عليك من الخير والبركة!

قالت: وما ذاك؟
قالت: أرسلني رسول الله أخطبك إليه.

قالت: وَدِدْتُ، ادخلي إلى أبي فاذكري ذلك له. وكان شيخًا كبيرًا قد أدركه السنُّ قد تخلَّف عن الحجِّ، فدخلت عليه، فحيَّته بتحية الجاهليَّة، فقال: مَنْ هذه؟
قالت: خولة بنت حكيم.
قال: فما شأنك؟
قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة.
فقال: كفء كريم، ما تقول صاحبتك؟
قالت: تحبُّ ذلك.
قال: ادعيها إليَّ. فدعتها.

قال: أيْ بُنَيَّة، إنَّ هذه تزعم أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبكِ، وهو كفء كريم، أتحبِّين أنْ أزوِّجَكِ به؟
قالت: نعم.
قال: ادعيه لي.
فجاء رسول الله فزوَّجها إيَّاه.

فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحجِّ، فجعل يحثو التراب على رأسه ، فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة )!

فمن هي السيدة سودة رضي الله عنها
هي أمُّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية ، وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو، بنت أخي سلمى بنت عمرو بن زيد أمِّ عبد المطلب ، وهي أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنه ..
ولقد أسلمت قديما وبايعت ، وكانت عند ابن عم لها يقال له : السكران بن عمرو بن عبد شمس ، وأسلم هو أيضا،وكان لها منه خمسة أولاد ، ولقد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارا بدينهما

ولم يلبث أن شعر المهاجرون هناك بضرورة العودة إلى مكة ، فعادت هي وزوجها معهم .. ))

ولقد رأت في المنام كأن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل يمشى حتى وطئ على عنقها ، فأخبرت زوجها بذلك ، فقال : لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك رسول الله، فجعلت تنفي عن نفسها ذلك ، وتدعو لزوجها بالبركة وطول العمر ..
ثم إنها رأت في المنام ليلة أخرى كأن قمرا انقض عليها من السماء وهي مضطجعة ، فأخبرت زوجها

فقال : لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت ، وتتزوجين من بعدي ، وصدق تأويل السكران لرؤيا زوجته فمرض مرضا شديدا ، ولم يلبث إلا قليلا حتى مات في مكة وحزنت السيدة سودة رضى الله عنها على فراق زوجها حزنا شديدا .. !!
وأمست السيدة سودة رضي الله عنها بين أهلها وأهل زوجها المشركين وحيدة لا عائل لها ولامعين ، فأبوها شيخ كبير ومازال على كفره وضلاله ، وأخوها عبد بن زمعة مازال على دين آبائه ...

وتحققت الرؤيا وخطبها الرسول صلى الله عليه وسلم وتزوجها ، وهي أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها ، وكانت قد بلغت من العمر حينئذ الخامسة والخمسين ، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره )

ولما سمع الناس في مكة بأمر هذا الزواج عجبوا ، لأن السيدة سودة رضى الله عنها كانت كبيرة في السن، ولامطمع فيها للرجال ، وقد أيقنوا أنه إنما ضمها رفقا بحالها، وشفقة عليها ، وحفظا لإسلامها ، وجبرا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة ..

ودخلت السيدة سودة رضى الله عنها بيت النبوة وأصبحت زهرة من زهراته وبقيت رضي الله عنها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين لم يتزوج معها أحد ، حتى دخل بالسبدة عائشة رضي الله عنها ... )!!

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
08-31-21, 07:01 AM
أمهات المؤمنين في سطور ..... ( 5 ) ...... ))

السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها ( 2 )

دخلت السيدة سودة رضي الله عنها بيت النبوة واجتهدت قدر طاقتها لإرضاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ورعاية بناته ، وإدخال السرور على قلبه صلى الله عليه وسلم

فقد كانت تتميز بلطافةً في المعشر ، ودعابةً في الروح ؛ مما جعلها تنجح في إذكاء السعادة والبهجة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قبيل ذلك ما أورده ابن سعد في الطبقات أنها صلّت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرّة في تهجّده ، فثقلت عليها الصلاة ،،،

.. فلما أصبحت قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " صليت خلفك البارحة ، فركعتَ بي حتى أمسكت بأنفي ؛ مخافة أن يقطر الدم ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تضحكه الأحيان بالشئ" .. ))

ولقد بقيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين أو أكثر ، لم يتزج معها أحد ، حتى دخل بالسيدة عائشة رضي الله عنها ، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة كانت السيدة سودة ترعاها وتحبها وعندما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم ببقية زوجاته ، ظلت السيدة سودة تؤثر السيدة عائشة وتحبها ، حتى إنها تنازلت لها عن يومها لما كبرت .. )

فقد وهبت رضى الله عنها يومها للسيدة عائشة رضي الله عنها ، ففى صحيح مسلم أنها " لما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة (رضي الله عنها) ، قالت :

"يارسول الله ، قد جعلت يومي منك لعائشة ، فكان رسول الله يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة "
وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول عنها : " ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها (أي جلدها ) من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة" مسلم

ومعناه تمنت أن تكون في مثل هديها و طريقتها ، ولم ترد السيدة عائشة رضي الله عنها عيب السيدة سودة بذلك ، بل وصفتها بقوة النفس ..

فقد آثرت بيومها السيدة عائشة رضي الله عنها محبة وتقربا لرسول صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضاه ، فقد كانت تعلم محبته للسبدة عائشة رضي الله عنها ، فأثرت رضاه ومحبته على نفسها ، ورضيت بأن تبقى معه و لا يقسم لها فقط لتبعث في أزواجه صلي الله عليه وسلم ، فأي إيثار هذا !!

أن تعطي يومها لزوجة أخرى حبا للنبي صلى الله عليه وسلم
ولقد جمعت شخصيتها رضي الله عنها ملامح عظيمة وخصالا طيبة ، كان منها أنها معطاءة تكثر من الصدقة ، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بعث إليها يوما بغرارة ( وعاء توضع فيه الأطعمة ) من دراهم ، فقالت : ماهذه ؟ ، فقالوا : دراهم
قالت : في غرارة مثل التمر ؟ ففرقتها بين المساكين
( بسند صحيح عن ابن سيرين )

ولقد كان لها موقف مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : "خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها ، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ، فرآها عمر بن الخطاب فقال : ياسودة ، أما والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين ؟

قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله في بيتى وإنه ليتعشى وفي يده عرق ، فدخلت فقالت : يارسول الله إني خرجت لبعض حاجتي ، فقال لي عمر : كذا وكذا

قالت : فأوحى الله إليه ثم رفع عنه ، وإن العرق قي يده ما وضعه ، فقال :
"إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن "
رواه البخاري ومسلم

ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحجت نسائه في عهد عمر رضي الله عنه ، لم تحج معهم ، وقالت : "قد حججت واعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنا أقعد في بيتي كما أمرني الله "

وظلت كذلك حتى توفيت في آخر زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقيل بل توفيت في شوال سنة 54 هجرية بالمدينة ، في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (ابن حجر /الإصابة في تمييز الصحابة )
أسكنها الله فسيح جناته

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

المراجع
كتاب صفة الصفوة
ابن الجوزي
كتاب أمهات المؤمنين
محمود المصري
قصة الإسلام
د / راغب السرجاني

عطاء دائم
09-01-21, 06:41 AM
أمهات المؤمنين في سطور ..... ( 6 ) ........... ))

السيدة عائشة رضي الله عنها ( 1 )

حديثنا اليوم عن ثالث زهرة في بيت النبوة ، عن أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المبرأة من فوق سبع سموات الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضي الله عنها )))

تنتمي السيدة عائشة رضي الله عنها إلى بني تيم وهم بطن من قريش، فهي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، فيلتقي نسبها مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب. وأبوها هو أبو بكر الصديق خليفة النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبه في رحلة هجرته من مكة إلى يثرب، وأمها أم رومان بنت عامر من بني مالك بن كنانة أسلمت وهاجرت . !!

ولعائشة رضي الله عنها من الإخوة عبد الرحمن وهو أخوها لأمها وأبيها، وعبد الله وأسماء وأمهما قتيلة بنت عبد العزى العامرية، ومحمد وأمه أسماء بنت عميس، وأم كلثوم وأمها حبيبة بنت خارجة.، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تُكنّى بأم عبد الله بابن أختها عبد الله بن الزبير ..

ولقد رأها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه قبل أن يتزوجها ، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أُرِيتُكِ في المنامِ مَرَّتَيْنِ ، إذا رجلٌ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ من حريرٍ ، فيقولُ : هذه امرأتُكَ ، فأَكْشِفُها فإذا هي أنتِ ، فأقولُ : إن يَكُنْ هذا من عندِ اللهِ يُمْضِه" البخاري ومسلم

ولقد ذكرنا أن خولة بنت حكيم رضي الله عنها عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها ،كلا من السيدة سودة والسيدة عائشة ليتزوجهما، ولقد وافق الرسول صلى الله عليه وسلم وأمرها أن تخطبهما له .. )

فانطلقت من عنده فدخلت على السيدة سودة فاخبرتها وخطبتها للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم خرجت من عندها فدخلت على أم رومان أم السيدة عائشة رضي الله عنها ، ولندع خولة تخبرنا بما جرى بينها وبين أم رومان رضي الله عنهما .. )

قالت: "فأتيتُ أمَّ رومانَ فقلتُ: يا أمَّ رومانَ ماذا أدخلَ اللَّهُ عليْكم منَ الخيرِ والبرَكةِ
قالت: ماذا ؟
قلت: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ يذكرُ عائشَةَ
قالتِ: انتظري فإنَّ أبا بَكرٍ آتٍ
فجاءَ أبو بكر فذكرت ذلك لهُ. فقال أوَ تصلُح لَهُ وَهيَ ابنةُ أخيهِ /
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ " أنا أخوهُ وَهوَ أخي وابنتُهُ تصلحُ لي"
قالت: وقامَ أبو بَكرٍ

فقالت لي أمُّ رومانَ : إنَّ المطعِمَ بنَ عديٍّ قد كانَ ذَكرَها على ابنِهِ ، واللَّهِ ما أَخلفَ وعدًا قطُّ تعني أبا بَكرٍ

قالت فأتى أبو بَكرٍ المطعمَ فقالَ : ما تقولُ في أمرِ هذِهِ الجاريةِ /
قالَ فأقبلَ على امرأتِهِ فقالَ لَها: ما تقولينَ

فأقبلت على أبي بَكرٍ فقالت: لعلَّنا إن أنْكحنا هذا الفتى إليْكَ تُصبئْهُ وتدخلْهُ في دينِكَ

فأقبلَ عليْهِ أبو بَكرٍ فقالَ: ما تقولُ أنتَ؟ فقالَ: إنَّها لتقولُ ما تسمعُ /
فقامَ أبو بَكرٍ وليسَ في نفسِهِ منَ الموعدِ شيءٌ ، فقالَ لَها: قولي لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فليأتِ
فجاءَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فملَكَها َ" الذهبي

وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة وكان ذلك في شهر شوال سنة عشرة من من النبوة وقبل الهجرة بثلاث سنبن وهي يومئذ بين السادسة والسابعة من عمرها ، ثم دخل بها في المدينة بعد ذلك وهي بنت تسع سنبن ، في شوال من السنة الثانية للهجرة .. ))

فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :" تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين ، فقدمنا المدينة فنزلنا في بنى الحارث بن الخزرج ، فوعكت فتمزق شعري ، فأتتنى أمي أم رومان ، وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لى ، فصرخت بي فأتيتها ما أدري ما تريد منى ؟

فأخذت بيدي حتى أوقفتنى على باب الدار ، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسى ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهى ورأسى ، ثم أدخلتنى الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت /

فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائر ، فأسلمتنى إليهن فأصلحن من شأنى

فلم يرعنى إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ، فأسلمننى إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين" رواه البخاري ومسلم )

ولما أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة ، هاجر هو وأبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة ، وتركا خلفهما أهلهما فلما قدما المدينة واستقر بهما المقام ، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع في صحبة عبد الله بن اريقط ليأتى ببناته أم كلثوم وفاطمة وزوجته سودة وأم أيمن وابنها أسامة بن زيد رضى الله عنهم جميعا ، وكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان واختيه عائشة وأسماء رضى الله عنهم جميعا ، فخرجوا جميعا مهاجرين إلى المدينة المنورة

تابعونا .....

عطاء دائم
09-02-21, 08:01 AM
أمهات المؤمنين في سطور ......... ( 7 ) ............ ))

( السيدة عائشة رضي الله عنها ( 2 ) )

حملت السيدة عائشة رضي الله عنها إلى الدار التى أعدت لها ،دار النبي صلى الله عليه وسلم التى كانت ملتصقة بالمسجد النبوي الشريف ..!

ومن الجدير معرفته ، أن حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات قد ضمت إلى المسجد النبوي ،إﻻ حجرة أمنا عائشة رضي الله عنها ،ففيها دفن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر و عمر رضي الله عنهما ))

ولقد خطبت السيدة عائشة رضي الله عنها وتزوجت في شهر شوال ، فكانت رضي الله عنها تبارك ما عاشت هذا الشهر الذي خطبها فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبنى بها فيه وكانت تستحب أن تزوج النساء من أهلها في شوال وتقول :

"تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلمفي شوال وأدخلت عليه في شوال فأي نسائه كن أحظى عنده مني ؟"
( مسلم )

ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها ، وهو شرفٌ استأثرت به على سائر نسائه ، وظلّت تفاخر به طيلة حياتها ، وتقول للنبي صلى الله عليه وسلم - :

" يا رسول الله ، أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها ، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها ، في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ " قال : ( في التي لم يرتع منها ) ، وهي تعني أنه لم يتزوج بكراً غيرها "
(رواه البخاري)

وتقول أيضاً : " لقد أُعطيت تسعاً ما أُعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران - ثم قالت - لقد تزوجني رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بكراً ، وما تزوج بكراً غيري "
واحتلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، مكانا خاصا في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان عليه الصلاة والسلام يراعى صغر سنها ،فعنها رضى الله عنها قالت :

"كنت ألعبُ بالبنات (اللعب)ِ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحبُ يلعبْنَ معي، فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا دخلَ يتَقَمَّعْن منه(يستخفين منه رهبة) فيُسَرِّبُهُن إليَّ فيلْعبْن معي"
(البخاري)

وعنها أيضا رضى الله عنها قالت :
" أنَّ النَّبيَّ صلي الله عليه وسلم قالَ لها يومًا : ما هذا ؟ قالَت : بَناتي( لعبي)
قال : ما هذا الَّذي في وسْطِهِنَّ ؟ قالَت : فرس
ٌ قال : ما هذا الَّذي علَيهِ ؟ قالَت جَناحانِ

قال : فرَسٌ لها جَناحانِ ؟ قالَت : أوَ ما سمِعتَ أنَّهُ كانَ لسُلَيمانَ بنَ داودَ خيلٌ لَها أجنِحَةٌ فضحِكَ رسولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم حتَّى بدَت نواجِذُهُ"
(اﻷلباني)

وقد كان عليه الصلاة والسلام يلاطفها ويغدق عليها حبه، فقد قالت :
" رأيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ِ يسترُني بردائِهِ ، وأَنا أنظرُ إلى الحبَشةِ يلعَبونَ في المسجِدِ ، حتَّى أَكونَ أَنا أسأمُ ، فاقْدُروا قَدرَ الجاريةِ ، الحديثةِ السن الحريصة على اللهو"
(صحيح النسائي)

وكانت لها مكانتها الخاصة التى لم تكن لسواها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إنّه لم يكن يخفي حبّها عن أحد ، وبلغ من حبّه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي تشرب منه ، ويأكل من المكان الذي تأكل منه
وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه : " أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ "
قال له : "عائشة "
(متفق عليه )

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداعبها ويمازحها ، وربّما سابقها في بعض الغزوات ، فقد قالت رضي الله عنها :

" سابقَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فسبقتُهُ ، وذلِكَ قبلَ أن أحمِلَ اللَّحمَ ، ثمَّ سابقتُهُ بعدَ ما حملتُ اللَّحمَ فسبقَني ، فقالَ : هذِهِ بتلكَ"
( عمدة التفسير )

وهكذا عاشت السيدة عائشة رضي الله عنها بداية حياتها مع الرسول صلى الله عليه وسلم مستأثرة بحبه وملاطفته لها ، ثم بدات زهرات جديدات يدخلن بيت النبوه وبدات السيدة عائشة رضي الله عنها تكبر وبدأت الغيرة علي رسول الله صلى الله عليه .. !))

ولنا لقاء متجدد بإذن الله ..
تابعونا ..

اسية
09-02-21, 03:42 PM
السيدة خديجة رضي الله عنها .... ( 2) ..... ))

كانت السيدة خديجة رضي الله عنها قد سمعت عن جميل صفات النبي صلى الله عليه وسلم ، وتأكدت من ذلك بعد أن عمل لها في تجارتها ولمست عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ، مما أوقع محبته في قلبها وجعلها ترغب فى الزواج منه .. )

وتتحدث كتب السيرة عن حادثة وقعت للسيدة خديجة رضي الله عنها ، فقد روى الإمام ابن إسحاق في المغازي قال:

كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد الحرام حول الكعبة المشرفة، فاجتمعن يوماً في يوم العيد فيه، فجاء يهودي فقال: أيا معشر نساء قريش ..!
إنه يوشك فيكن نبي قرب وجوده، فأيتكن استطاعت أن تكون فراشاً له فلتفعل
فحصبنه النساء (رمينه بالحصباء ) وأغلظن له القول ، ويقال أن هذ الكلام من اليهودي وقع فى قلب السيدة خديجة رضي الله عنها ..

وسواء أكان هذا الكلام أثر فيها أم لا ، فمن المؤكد أن ما سمعته ورأته من صفات النبي صلى الله عليه وسلم كان العامل الأساسي الذي دفعها إلى أن تعرض عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها ،

عطاء دائم
09-03-21, 07:47 AM
أمهات المؤمنين في سطور .... ( 8 ) ................... ))

السيدة عائشة رضي الله عنها ( 3 )

وكما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تغير من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، كن كذلك يغرن منها ،فلقد كان الناس يتحرون اليوم الذي يكون فيه النبي صلى الله عليه وسلم عند السيدة عائشة ،دون سائر الأيام ليقدموا هداياهم وعطاياهم ،وذلك لعلمهم بمكانة عائشة رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم )
(متفق عليه)

ولقد أثار ذلك غيرتهن ،فأرسلن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إبنته السيدة فاطمة رضي الله عنها تكلمه في ذلك ،ولندع السيدة عائشة رضي الله عنها تحكي لنا ماحدث
أرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فاطمةَ ، بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فاستأذنت عليه وهو مضطجعٌ معي في مِرْطي . فأذنَ لها

فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلْنَني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، وأنا ساكتةٌ . قالت :فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:
" أي بنيةِ ! ألستِ تُحبين ما أحبُّ ؟ "

فقالت : بلى ، قال :" فأحبِّي هذه "
قالت :فقامت فاطمةُ حين سمعت ذلك من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فرجعت إلى أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبرتهُنَ بالذي قالت ، وبالذي قال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلن لها : ما نراكِ أغنيْتِ عنا من شيٍء
فارجعي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقولي له : إنَّ أزواجكَ ينشدْنُكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ

فقالت فاطمةُ : واللهِ ! لا أُكلِّمُه فيها أبدًا .. )
قالت عائشة رضي الله عنها ُ : فأرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ زينبَ بنتَ جحشٍ ، زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزلةِ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ،

ولم أرَ امرأةً قط خيرًا في الدِّينِ من زينبَ . وأتْقَى للهِ وأصدقَ حديثًا . وأوصلَ للرحمِ . وأعظمَ صدقةً . وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العملِ الذي تصدق به ، وتقرب به إلى اللهِ تعالى . ما عدا سَوْرَةً من حِدَّةٍ كانت فيها . تسرعُ منها الفيئة ..!
قالت ، فاستأذنتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مع عائشةَ في مِرْطها . على الحالةِ التي دخلت فاطمةُ عليها وهو بها ، فأذن لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ

فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، قالت ثم وقعت بي ، فاستطالت عليَّ )
وأنا أرقبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأرقب طرفَه ، هل يأذنُ لي فيها ،قالت : فلم تبرح زينبُ حتى عرفتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يكرَه أن أنتصرَ ،قالت فلما وقعتُ بها لم أنشأها حين أنحيتُ عليها ( أي أثخنتها وغلبتها)
قالت: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبسم :" إنها ابنةُ أبي بكرٍ "
( مسلم )

عاشت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حياتها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كأسعد ماتكون، لقد عاشا في سعادة وهناء وراحة بال ،ولم يكدر صفوهما ويعكره إلا ذلك الإبتلاء العظيم وتلك المحنة الكبيرة التي حلت بهما ..
تلك هي قصة الإفك التي كشفت عن كيد الكائدين للإسلام في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الأطهار ............

وهذا ملخص للقصة
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه رضي الله عنهن ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فاقرعَّ بينهم في غزوة غزاها فخرج سهم أم المؤنبن عائشة رضي الله عنها، فخرجت معه وكان ذلك بعد نزول آية ( الحجاب )

وبعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته، توجه راجعا ، حتى إذا كان قريبا من المدينة ، نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم آذن في الناس بالرحيل ،
فارتحل الناس،و مشت السيدة عائشة رضي الله عنها مبتعدة عن الجيش حتى قضت حاجتها، ثم عادت إلى راحلتها، فافتقدت عقد لها كان في عنقها ،

فعادت تلتمسه. فأقبل الموكلون براحلتها، فأخذوا الهودج وهم يظنون أنها فيه ،فاحتملوه فشدوه على البعير،ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ،وهم يعتقدون أنها بداخله ..

وبعد فترة، عادت السيدة عائشة رضي الله عنها لتجد الجيش قد رحل، فانتظرت في موضعها، ظنًا منها أنهم سيفتقدونها فيرجعون لها، ثم غلبها النوم فنامت.
ثم مر الصحابي الجليل صفوان بن المعطل السلمي، وكان على ساقة الجيش يلتقط مايسقط من متاع المسلمين حتى يأتيهم به ،فرأى سواد إنسان نائم ،فأقبل حتى أتاها فرآها فعرفها .. )!)!

فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فاستيقظت السيدة عائشة رضي الله عنها على استرجاعه ،فأناخ راحلته، حتى ركبت، وانطلق بها حتى بلغا الجيش
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها : (ووالله ! ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه )

وبعد ذلك، انطلقت الأحاديث حول تلك الحادثة، وتكلم الناس وطعنوا في السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان على رأس هؤلاء عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين

ولنا لقاء متجدد بإذن الله.
تابعونا ...

عطاء دائم
09-04-21, 06:21 AM
أمهات المؤمنين في سطور ...... ( 9 ) ......... ))

السيدة عائشة رضي الله عنها (4 )

لقد كان يعلم صلي الله عليه وسلم مدى محبتها له ومدى غيرتها عليه ، وكان يراعى ذلك، ولقد عبّرت هي عن ذلك بقولها له : " وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ "
( رواه مسلم )


فهاهي رضي الله عنها تضع ثيابها عليها وتخرج في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ،حينما وجدته خرج من عندها فجأة ولم يلبث لديها ،ولندعها رضي الله عنها تحكي لنا ؟؟

" لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع

، فلم يلبث إلا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره ..

حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعتُ، فهرول فهرولتُ، فأحضر فأحضرتُ، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل ..

فقال: ""مالك يا عائش حشيا رابية؟"
قلت: لا شيء، قال: "لتخبريني أو ليخبرنّي اللطيف الخبير"
قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرتُهُ
فقال: "فأنت السواد الذي رأيت أمامي" ؟
قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني
ثم قال:" أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله" ؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال: "نعم"

قال: "فإن جبريل أتاني حين رأيتِ، فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعتِ ثيابك، وظننتُ أن قد رقدتِ، فكرهتُ أن أوقظكِ، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم"

قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون "
( رواه مسلم )

لقد خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها خلف الرسول صلى الله عليه وسلم، مدفوعة بحرارة الغيرة لتقفو أثره وتعلم خبره ،فوجدته ذهب الى البقيع إلى قبور أصحابه رضى الله عنهم ،ليدعوا لهم ويستغفر لهم

،ويعود فتعود تجري كى لا يدركها وتصل قبله صلي الله عليه وسلم ،وتستلقي علي فراشها ،ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم ،وتفضحها أنفاسها المتلاحقة من شدة الجري ،ويحاصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسئلة وتعترف فيدفعها بكفه في صدرها معاتبا لها علي فعلها، ويخبرها بالخبر ..

وهنا نستوقف عند الرقة المتناهية للرسول صلى الله عليه وسلم وحسن معاشرته ،فقد خشى أن يوقظ السيدة عائشة رضي الله عنها وحرص على الخروج بهدوء ، ونتوقف عند ذكاء أمنا رضي الله عنها فقد حولت الموقف من عتاب إلي سؤال واستفسار عن السنة القولية عند زيارة القبور )

وفي يوم من الأيام شعرت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث عند السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها مدة أطول مما يمكث عند بقية زوجاته ، وعرفت أنه يمكث عندها لأنه يشرب عندها العسل وكان عليه الصلاة والسلام بحب العسل ،وهاهى رضي الله عنها تروي لنا القصة ..

كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يشرَبُ عسلًا عِندَ زينبَ بنتِ جحشٍ، ويمكُثُ عِندَها، فواطَيتُ أنا وحفصَةُ على : أيَّتُنا دخَل عليها فلتقُلْ له : أكَلتَ مَغافيرَ، إني أجِدُ منك رِيحَ مَغافيرَ، قال : ( لا، ولكني كنتُ أشرَبُ عسلًا عِندَ زينبَ بنتِ جحشٍ، فلن أعودَ له، وقد حلَفتُ، لا تُخبِري بذلك أحدًا)
( البخاري )

المغافير: صمغ حلو المذاق كريه الرائحة
ولنا لقاء متجدد بإذن الله
تابعونا ...

عطاء دائم
09-05-21, 07:49 AM
أمهات المؤمنين في سطور .... ( 10 ) ................... ))


السيدة عائشة رضي الله عنها ( 5 )

وكما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تغير من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، كن كذلك يغرن منها ،فلقد كان الناس يتحرون اليوم الذي يكون فيه النبي صلى الله عليه وسلم عند السيدة عائشة ،دون سائر الأيام ليقدموا هداياهم وعطاياهم ،وذلك لعلمهم بمكانة عائشة رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم )
(متفق عليه)

ولقد أثار ذلك غيرتهن ،فأرسلن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إبنته السيدة فاطمة رضي الله عنها تكلمه في ذلك ،ولندع السيدة عائشة رضي الله عنها تحكي لنا ماحدث

أرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فاطمةَ ، بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فاستأذنت عليه وهو مضطجعٌ معي في مِرْطي . فأذنَ لها

فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلْنَني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، وأنا ساكتةٌ . قالت :فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:
" أي بنيةِ ! ألستِ تُحبين ما أحبُّ ؟ " فقالت : بلى ، قال :" فأحبِّي هذه "
قالت :فقامت فاطمةُ حين سمعت ذلك من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فرجعت إلى أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبرتهُنَ بالذي قالت ، وبالذي قال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلن لها : ما نراكِ أغنيْتِ عنا من شيٍء
فارجعي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقولي له : إنَّ أزواجكَ ينشدْنُكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ

فقالت فاطمةُ : واللهِ ! لا أُكلِّمُه فيها أبدًا .. )
قالت عائشة رضي الله عنها ُ : فأرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ زينبَ بنتَ جحشٍ ، زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزلةِ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ،

ولم أرَ امرأةً قط خيرًا في الدِّينِ من زينبَ . وأتْقَى للهِ وأصدقَ حديثًا . وأوصلَ للرحمِ . وأعظمَ صدقةً . وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العملِ الذي تصدق به ، وتقرب به إلى اللهِ تعالى . ما عدا سَوْرَةً من حِدَّةٍ كانت فيها . تسرعُ منها الفيئة ..!
قالت ، فاستأذنتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مع عائشةَ في مِرْطها . على الحالةِ التي دخلت فاطمةُ عليها وهو بها ، فأذن لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ

فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، قالت ثم وقعت بي ، فاستطالت عليَّ )

وأنا أرقبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأرقب طرفَه ، هل يأذنُ لي فيها ،قالت : فلم تبرح زينبُ حتى عرفتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يكرَه أن أنتصرَ ،قالت فلما وقعتُ بها لم أنشأها حين أنحيتُ عليها ( أي أثخنتها وغلبتها)

قالت: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبسم :" إنها ابنةُ أبي بكرٍ "
( مسلم )

عاشت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حياتها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كأسعد ماتكون، لقد عاشا في سعادة وهناء وراحة بال ،ولم يكدر صفوهما ويعكره إلا ذلك الإبتلاء العظيم وتلك المحنة الكبيرة التي حلت بهما ..
تلك هي قصة الإفك التي كشفت عن كيد الكائدين للإسلام في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الأطهار ............

وهذا ملخص للقصة
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه رضي الله عنهن ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فاقرعَّ بينهم في غزوة غزاها فخرج سهم أم المؤنبن عائشة رضي الله عنها، فخرجت معه وكان ذلك بعد نزول آية ( الحجاب )

وبعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته، توجه راجعا ، حتى إذا كان قريبا من المدينة ، نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم آذن في الناس بالرحيل ،
فارتحل الناس،و مشت السيدة عائشة رضي الله عنها مبتعدة عن الجيش حتى قضت حاجتها، ثم عادت إلى راحلتها، فافتقدت عقد لها كان في عنقها ،
فعادت تلتمسه. فأقبل الموكلون براحلتها، فأخذوا الهودج وهم يظنون أنها فيه ،فاحتملوه فشدوه على البعير،ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ،وهم يعتقدون أنها بداخله ..

وبعد فترة، عادت السيدة عائشة رضي الله عنها لتجد الجيش قد رحل، فانتظرت في موضعها، ظنًا منها أنهم سيفتقدونها فيرجعون لها، ثم غلبها النوم فنامت.
ثم مر الصحابي الجليل صفوان بن المعطل السلمي، وكان على ساقة الجيش يلتقط مايسقط من متاع المسلمين حتى يأتيهم به ،فرأى سواد إنسان نائم ،فأقبل حتى أتاها فرآها فعرفها .. )!)!
فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فاستيقظت السيدة عائشة رضي الله عنها على استرجاعه ،فأناخ راحلته، حتى ركبت، وانطلق بها حتى بلغا الجيش
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها : (ووالله ! ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه )

وبعد ذلك، انطلقت الأحاديث حول تلك الحادثة، وتكلم الناس وطعنوا في السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان على رأس هؤلاء عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين
ولنا لقاء متجدد بإذن الله.
تابعونا ...

عطاء دائم
09-06-21, 06:51 AM
أمهات المؤمنين في سطور ...... ( 11 ) ..... ))

السيدة عائشة رضي الله عنها ( 6 )

وبعد العودة إلى المدينة، اشتكت السيدة عائشة رضي الله عنها من المرض شهرًا، والناس يخوضون في الحديث ،وهي لا تدري مايحدث حولها ، ولكنها استغربت من تغير معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لها )!)
وبعد أن نقهت، علمت بما يقول الناس، فازداد مرضها ، ثم استأذنت النبي صلي الله عليه وسلم أن تلحق ببيت أهلها، فأذن لها، ثم إن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها في بيت أبويها وقال - بعد أن تشهد –:

أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله عز وجل وإن كنتِ ألممت بذنب فاستغفري الله عز وجل وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ...)

فقالت عائشة رضي الله عنها لابويها وقد قلص دمعها : ألا تجيبان عني رسول الله ؟
فقالا : والله لا ندري بما نجيبه ؟ .
فاستعبرت السيدة عائشة رضي الله عنها وبكت ثم قالت : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت ابدًا والله إني لاعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم إني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني وإني والله لا اجد لي ولكم إلا قول أبي يوسف: ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )
وقد قالتْ رضي الله عنها كما في الصحيحين:

"... ثُمَّ تحولتُ واضطجعتُ على فِراشي، والله يعلم أنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وأنَّ الله مُبرِّئي ببراءتي، ولكن واللهِ ما كنتُ أظنُّ أنَّ الله منزلٌ في شأني وحيًا يُتْلَى، لشأني في نفْسي كان أحْقرَ مِن أن يتكلَّم الله فيَّ بأمْر، ولكن كنتُ أرْجو أن يرَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في النومِ رُؤيَا يُبرِّئني الله بها، فواللهِ ما رام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مجلسَه، ولا خرَج أحدٌ مِنْ أهل البيت حتَّى أُنزِل عليه، فأخَذَه ما كان يأخُذُه من البُرَحَاء، حتى إنَّه ليتحدَّر منْه مِن العَرَق مثل الجُمَان، وهو في يومٍ شاتٍ مِن ثِقَلِ القوْل الذي أُنزِل عليه ...

قالت: فَسُرِّي عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يَضْحَك، فكانتْ أوَّل كَلمةٍ تَكلَّم بها أنْ قال: ((يا عائشةُ، أمَّا اللهُ فقدْ بَرَّأكِ))، قالت: فقالتْ لي أُمِّي: قُومِي إليه، فقلتُ: واللهِ لا أقومُ إليه، فإنِّي لا أحْمَدُ إلاَّ اللهَ - عزَّ وجلّ
قالت: وأنزَل الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ ( النور: 11 ) الآيات...".
قال ابنُ كثير: "فغار اللهُ لها وأنْزَلَ براءتَها في عشْر آياتٍ تُتلى على الزمان، فسَمَا ذِكْرُها، وعلا شأنُها؛ لتسمعَ عفافَها وهي في صِباها، فشَهِدَ الله لها بأنَّها مِنَ الطَّيِّبات، ووعدَها بمغفرةٍ ورِزق كريم".

ومَع هذه المنزِلَةِ العالية، والتبرِئة العالية الزكيَّة مِنَ الله تعالى، تَتَواضَعُ وتقول: "ولَشَأنِي في نفْسي أهونُ مِن أن يُنزِل الله فيَّ قرآنًا يُتْلَى "!

لقد أبى الله عز وجل إلا أن يظهر الحق ويزهق الباطل فحفظ بيت نبيه صلي الله عليه وسلم من أن يشك في طهارته أو نزاهة إحدى زوجاته أمهات المؤمنين فأنزل الحق تبارك وتعالى براءة أم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنهما من فوق سبع سموات بآيات تتلى إلى يوم القيامة فانقلبت تلك المحنة التي اكتوت بنارها وتجرعت آلامها إلى مفخرة لها إلى يوم الدين وزاد من حبها إلى رسول الله وارتفعت مكانتها عند المؤمنين ...!

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فخطبهم وتلى عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك ثم أمر النبي بالذين رموا عائشة رضي الله عنها بالإفك فجلدوا بحد القذف ثمانين جلدة ...

وعادت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى مكانها في بيت النبوة تحف بها هالة من آيات النور نصرًا إلهيًا جعل براءتها من الافك الاثيم قرآنًا يتعبد به المسلمون إلى يوم أن يرث الله الارض ومن عليها ...
عاشت السيدة عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة ،تقتبس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتتعلم منه وتشاركه ،فقد شاركت رضي الله عنها في غزوة أحد ،فكانت تسعف الجرحى وتحمل إليهم الماء لتسقيهم وتصلح شؤونهم........

و كانت رضي الله عنها تحب أن تكنى كما تكنى النساء ،فقالت:
( يا رسولَ اللهِ، كلُّ صواحبي لهن كُنى، قال : "فاكتني بابنك عبدِ اللهِ "– يعني ابنَ أختِها، عبدَ اللهِ بنِ الزبيرِ – فكانت تكنى ب : أمَّ عبدِ اللهِ)
( الألباني )

وعندما غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من نسائه ،لاكثراهن عليه في طلب النفقة ،واعتزلهن لمدة شهر كامل ، دخل اول مادخل على السيدة عائشة رضي الله عنها ،وبدء بها يخيرها كما أمره الله تعالى ، فقالت رضي الله عنها :
(أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جاءَهَا حينَ أَمَرَ اللهُ أنْ يُخْيِّرَ أزواجَهُ ، فبَدَأَ بي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ : " إنِّي ذاكِرً لَكِ أمرًا ، فلا عليكِ أنْ لا تسْتَعجِلي حتَّى تَسْتَأْمِري أبَويكِ " . وقدْ علِمَ أنَّ أبويَّ لمْ يكونَا يأْمُرَاني بفِراقِهِ ، قالتْ : ثمَّ قالَ : " إنَّ اللهَ قالَ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ } " إلى تمامِ الآيتينِ ، فقلتُ لهُ : فَفِي أيِّ هذا أستَأْمِرُ أبوَيَّ ؟ فإنِّي أريدُ اللهَ ورسولَهُ والدارَ الآخرةَ
( البخاري )

إختارت رضي الله عنها الله ورسوله والدار الآخرة على الدنيا الفانية ،وفعلت بقية أمهات المؤمنين مثلها واخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، اختارت محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحملت في سبيل ذلك هى وبقية أمهات المؤمنين صعوبة العيش ،،،

فلقد كان يمر الشهر والشهرين على بيت النبوة لا توقد فيه النار على طعام ، وهاهي رضي الله عنها تحكى لابن أختها عروة بن الزبير عن هذه الفترة فتقول :
"ابن أُخْتي، إنْ كنا لننظرُ إلى الهلالِ، ثم الهلالِ، ثلاثة أهِلَّةٍ في شهرينِ، وما أوقِدَتْ في أبْياتِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نارٌ . فقُلْت : يا خَالَةُ، ما كان يُعِيشُكم ؟ قالتْ : الأسودانِ التمرُ والماءُ، إلا أنه قد كان لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جيرانٌ من الأنصارِ، كانت لهم منائِحُ (الشاة او الناقة ) وكانوا يَمنحونَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من ألبانِهِم فيَسْقينا"
( البخاري )

مرت الأيام سريعة ، وحانت لحظة الفراق ، فلقد مرض الرسول صلى الله عليه وسلم واشتد عليه المرض و كان عليه الصلاة والسلام في مرضه يسأل:"أين أنا اليوم ؟ أين أنا غدا" استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها )
( مسلم )

ثم استأذن عليه الصلاة والسلام زوجاته في أن يكون في بيت عائشة رضي الله عنها تمرضه فأذن له ،وانتقل عليه الصلاة والسلام إلى حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها ، تمرضه وتعتنى به

وكان النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا اشتكى يقرأُ على نفسِه بالمعوِّذاتِ . وينفثُ . فلما اشتدَّ وجعُه كانتُ رضي الله عنها تقرأُ عليهِ . وتمسحُ عنهُ بيدِه . رجاءَ بركَتِها ...
( مسلم )

واشتد المرض على حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتوفى بين يدي حبيبته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهاهي تقول :

" إن من نعم الله علي : أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توفي في بيتي، وفي يومِي، وبين سحري ( صدري ) ونحري ( أسفل الرقبة ) ( أي توفى مستندا إلى صدرها ) وأن الله جمع بين ريقي وريقه عِندَ موته، دخل علي عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقُلْت : آخذه لك ؟ فأشار برأسه : ( أن نعم ) .
فتناولته، فاشتد عليه، وقُلْت : الينه لك ؟ فأشار برأسه : ( أن نعم ) . فلينته، فأمره، وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، يقول : ( لا إله الإ الله، إن للموت سكرات ) . ثم نصب يده، فجعل يقول : ( اللهم في الرفيق الأعلى ) . حتى قبض ومالت يده"
( البخاري )

وقالتْ السيدة عائشة رضي الله عنها :"فلمَّا خَرجتْ نَفْسُهُ لمْ أجِدْ ريحًا قطُّ أَطْيَبَ منِها"
( ابن كثير )

ودفن عليه الصلاة والسلام في حجرتها في المكان الذي توفي فيه ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ،ملأت رضي الله عنها الأرض علما لأنها أكثر من روى عنه من النساء ،،،

وبعد رحلة طويلة من العلم والعبادة توفت رضي الله عنها في سنة سبع وخمسين من الهجرة وقيل ثمان وخمسين ، في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ، بعد أن عمرت ما يزيد عن الثلاث والستين سنة ،،،

وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه ودفنت في البقيع ولم تدفن في حجرتها فقد آثرت به عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قتل رضي الله عنها وأرضها ...
ويروي سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

" رأيت كأن ثلاثة أقمار سقطت ؟

في حجرتي، فسألت أبا بكر رضي الله عنه ، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ودفن، قال لي أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا»
(المستدرك للحاكم)

ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار .. ))

ولنا لقاء متجدد بإذن الله
تابعونا ....

عطاء دائم
09-07-21, 07:32 AM
أمهات المؤمنين في سطور......

السيدة عائشة رضي الله عنها( 7 )

فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كثيرة جداً ، وهي تعتبر من أكثر الصحابيات فضلاً ، فيكفيها فضلاً أنه نزل في براءتها قرآن يتلى إلى يوم القيامة ، ويكفيها فضلاً أنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ،وأنها أحب نسائه إلى قلبه ،فقد قال صلى الله عليه وسلم :
"عائشة زوجي في الجنة" الألباني
وأنه مات في دارها ودفن فيها ، وأنه مات بين سحرها ونحرها .


و من فضائلها ،ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليها فقد قالَ عليه الصلاة والسلام -: ((كَمَلَ منَ الرِّجال كثيرٌ، ولم يَكْمُلْ منَ النِّساءِ إلاَّ مريمُ بنتُ عِمرانَ، وآسِيةُ امرأةُ فِرعونَ، وفضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْل الثَّرِيدِ على سائرِ الطعام))؛ صحيح البخاري


وعَنْها رضِي الله عنها قَالَتْ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَوْمًا: ((يا عائِشَ، هَذا جبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَم))، فَقُلْتُ: وَعليه السلام ورحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، تَرَى ما لا أَرى - تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم؛
رواه الشيخان - البخاريُّ ومسلم.


ومن فضائلها ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم لام سلمة رضي الله عنها :
" يا ام سلمة ، لا تؤذيني في عائشة، فانه والله ما نزل علي الوحي وانا في لحاف امرأة منكن غيرها "
البخاري

ومن بركتها رضى الله عنها أنها قالت :" لقد توُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وما في بَيتي مِن شيءٍ ، يأكلُهُ ذو كَبدٍ ، إلَّا شَطرُ شَعيرٍ ، في رفٍّ لي ، فأَكَلتُ منهُ ، حتَّى طالَ علَيَّ ، فَكِلْتُهُ ففَنيَ"
الألباني

ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها آية التيمم ، وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت منها ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،بعض أصحابه ليبحثوا عنها ، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة : " جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة "
متفق عليه


وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - امرأة أعلم منها بدين الإسلام .

ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً "
رواه الترمذي .



ولنا لقاء متجدد بإذن الله

المراجع
كتاب صفة الصفوة
ابن الجوزي
كتاب أمهات المؤمنين
محمود المصري
قصة الإسلام
د.راغب السرجاني

عطاء دائم
09-07-21, 07:35 AM
أمهات المؤمنين في سطور....

السيدة عائشة رضي الله عنها (8 )

تعتبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من أفقه نساء هذه الأمة ، فكيف لا تكون فقيهة وهي التي تربت في بيت النبوة وأخذت العلم مباشرة من معلم هذه الأمة عليه الصلاة والسلام .
فقد روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً ، وبلغ مسندها رضي الله عنها ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ، وكانت أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث ، روى عنها الرواة من الرجال والنساء

وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما قال ابو موسى الأشعري



وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض "
رواه الحاكم .
وقال الزُّهري : لو ُجمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ "
رواه الطبراني .

ولقد كانت رضى الله عنها صاحبة معرفة بأنساب العرب ،وكان لها معرفه بالشعر ، فقد قال عروة : ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها."
البخاري
وقال بن عبد البر: إن عائشة كانت وحيدة عصرها من ثلاثة علوم : علم الفقه ، وعلم الشعر ، وعلم الطب .


وقد كانتْ أُمُّ المؤمنين كثيرةَ الصيام، حتى ضعُفت، كما جاء في السِّيَر للذهبي - حمه الله تعالى - عن عبدِالرحمن بن القاسِم، عن أبيه: أنَّ عائشةَ كانتْ تصوم الدَّهْر.
كما كانتْ زاهدةً في الدنيا، فعَنْها قالت:"ما شَبِع آلُ محمَّد يومَيْن من خُبزِ بُرٍّ إلا وأحدهما تَمْر"؛
متفق عليه.

وعن عطاء: أنَّ معاويةَ بعَث إلى عائشةَ بقِلادةٍ بمائةِ ألْف، فقسمتْها بيْن أمَّهات المؤمنين، وعن عُروةَ، عن عائشة: أنَّها تصدَّقتْ بسَبْعِين ألفًا; وإنَّها لتُرقِّع جانبَ دِرْعها - رضي الله عنها.

وعن أُمِّ ذَرَّة، قالت: بعَث ابنُ الزبير إلى عائشةَ بمالٍ في غِرَارتَيْن، يكون مائة ألْف، فدَعَتْ بطَبق، فجعَلتْ تقسم في الناس، فلمَّا أمسَت، قالت: هاتِي يا جاريةُ فُطوري، فقالت أمُّ ذَرَّة: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدِرْهم؟! قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذْكْرِتني لفعلت


. وحان وقت الرحيل بعد عمر طويل من العبادة والعطاء ، وجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنه يستأذن على أم المؤمنين عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، فأكب عليها فقال : هذا عبد الله بن عباس يستأذن ، وهي تموت ، فقالت : دعني من ابن عباس . فقال : يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك . فقالت :

ائذن له إن شئت . قال : فأدخلته ، فلما جلس قال ابن عباس : أبشري . فقالت أم المؤمنين : بماذا ؟ فقال : ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد ، وكنت أحب نساء رسول الله إليه ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً ، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء ،

فأنزل الله آية التيمم ، فكان ذلك في سببك ، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات ، جاء بها الروح الأمين ، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني منك يا ابن عباس ، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً .


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-08-21, 06:41 AM
أمهات المؤمنين في سطور...

السيدة حفصة رضي الله عنها ( 1 )

موعدنا اليوم مع زهرة جديدة من زهرات بيت النبوة السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ،الزوجة الرابعة للرسول صلى الله عليه وسلم


هي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، ولدت في مكة قبل البعثة بخمس سنوات ، وهو العام الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة



وأمها هي زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب أخت الصحابي الجليل عثمان بن مظعون رضي الله عنهما ، وكانت رضي الله عنها أكبر من أخيها لأبيها وأمها عبد الله بن عمر رضي الله عنه بست سنوات

وقد نشأت رضي الله عنها في مكة في عز أبيها ابن الخطاب فقد كان من رجالات قريش المعدودين وساداتها البارزين وشجعانها المعروفين وهذا ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلميدعوا الله عز وجل أن يعز الإسلام بأحد العمرين : عمرو بن هشام ( أبي جهل ) او عمر بن الخطاب فأختار الحق تبارك وتعالى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لإعزاز دينه فكان إسلامه فتحًا مبينًا فرق الله عز وجل به بين الحق والباطل وكان مددًا عظيمًا لجند الله فازداد المسلمون به منعةً ووقعت في نفوس الكافرين منه حسرة !



أسلم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأسلم معه أهل بيته ومنهم حفصة رضي الله عنها
وبلغ مسامع المهاجرين من المسلمين إلى أرض الحبشة أن مكة قد أسلمت ، وأنه بإسلام الفاروق عمر بن الخطاب وأسد الله حمزة بن عبد المطلب عم النبي رضي الله عنهما أصبح الإسلام في قوة ومنعة فرأى أغلب المهاجرين العودة إلى مكة بلد الله الحرام كي يكونوا في صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
وعلى أعتاب مكة تبينت لهم الحقيقة المرة وأن أهل مكة قد أزدادوا غضبًا وحنقًا على المسلمين عندما علموا بإسلام عمر وحمزة رضي الله عنهما فتفننوا في تعذيب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بألوان من العذاب لم تشهدها جزيرة العرب من قبل !



وكان من بين هؤلاء العائدين إلى بيت الله الحرام خنيس بن حذافة بن قيس والذي كان من السابقين الاولين إلى الإسلام فقد أسلم قبل دخول رسول الله صلي الله عليه وسلم دار الأرقم كما كان من المهاجرين الأولين إلى ارض الحبشة

وقد خطب خنيس السيدة حفصة إلى أبيها رضي الله عنهم جميعًا فزوجها له وتم تأسيس بيت مسلم بني على الإسلام والطاعة .

ولما أذن الله للمؤمنين بالهجرة ، لحقت حفصة وزوجها رضي الله عنهما بركاب المؤمنين المتّجهة صوب المدينة ، حتى استقرّ بهم الحال هناك ، وعاشا في رحاب الأنصار في سعادة غامرة ،وازدادت هذه السعادة بعد ان لحق بهما الرسول صلى الله عليه وسلم



وما هو إلا قليلٌ حتى بدأت مرحلة المواجهة بين المؤمنين وأعدائهم ، فكان خنيس من أوائل المدافعين عن حياض الدين ، فقد شهد بدراً ، وأبلى فيها بلاء حسنا ، لكنّه خرج منها مثخناً بجراحات كثيرة ، ولم يلبث بعدها إلا قليلا حتى فاضت روحه ، وقيل أنه توفى بعد أحد بعد أن أبلى فيها بلاءا حسنا سنة ثلاث للهجرة ، وخلف وراءه السيدة حفصة رضي الله ولم يتجاوز عمرها الثامنة عشر ....


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-08-21, 06:46 AM
أمهات المؤمنين في سطور......

السيدة حفصة رضي الله عنها ( 2 )


ترملت السيدة حفصة رضي الله عنها قبل ان تكمل العشرين من عمرها وحزنت لموت زوجها الشهيد حزنًا كاد أن يمزق قلبها . وتألم الفاروق رضي الله عنه لحزن ابنته وأوجعه أن يلمح الترمل يغتال شبابها ويمتص حيويتها ويختنق صباها .

فبدا له بعد تفكير عميق أن يختار زوجًا لحفصة رضي الله عنها تأنس إلى صحبته ويعوضها خيرًا عن زوجها الذي فقدته في سبيل الله .



فعن عبد الله به عمر رضي الله عنهما: أنّ عمر رضي الله عنه حين تأيمت حفصة من (خنيس بن حذافة) وكان شهد بدراً وتوفي بالمدينة لقي عثمان رضي الله عنه فقال: إن شئت أنكحتك حفصة؟ قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي، فقال: قد بدا لي لا أتزوج، قال عمر: فقلت لأبي بكر إن شئتَ أنكحتك حفصة، فصمتَ، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه.

فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت عليّ حين عرضتَ عليّ حفصة، فلم أرجع إليك شيئاً؟ قلت: نعم، قال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك إلاّ أني علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها. «فلم أكن لأفشي سرّه، ولو تركها لقبلتها».البخاري



ونال عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم ،كما نالها قبله أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، وتزوج الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالسيدة ـ حفصة رضي الله عنها في السنة الثالثة للهجرة على صداق قدره أربعمائة درهم‏ ،وسنها يومئذ عشرون عاما

وعاشت السيدة حفصة رضي الله عنها في بيت النبوة‏,‏ وكانت ذكية عاقلة‏,‏ تعلمت القراءة والكتابة علي يد صحابية جليلة هي السيدة الشفاء بنت عبدالله وقد شجعها الرسول صلي الله عليه وسلم علي ذلك‏.

دخلت السيدة حفصة رضي الله عنها بيت النبوة وكان هناك تقارب شديد بينها و بين السيدة عائشة رضي الله عنها ، و كانت السيدة حفصة رضي الله عنها تراجع النبي صلى الله عليه و سلم ففي احد الايام قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "لا يدخل النار ان شاء الله اصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها "
قالت حفصة رضي الله عنها : بلى يا رسول الله
فانتهرها فتلت الاية الكريمة ( و ان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا)
فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" قد قال الله عز و جل( ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثيا)

و لما عرف عمر رضي الله عنه انها تراجع رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل عليها و قال لها : اتراجعين رسول الله قالت : نعم
قال : و تهجره احداكن اليوم الى الليل قالت : نعم
قال : قد خاب من فعل هذا منكن وخسر أفتأمن احدكن ان يغضب الله عليها لغضب رسول الله فاذا هي قد هلكت ؟ لا تراجعي رسول الله و تسأليه شيئا و سليني ما بدا لك و لا يغرنك ان كانت جارتك هي أوسم و احب الى رسول الله صلى الله عليه و سلم منك (يريد عائشة رضي الله عنها)
مسند أحمد



وفي يوم من الأيام طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها فانكسر قلبها وأظلمت الدنيا في عينبها ،وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله أن يراجعها وقال له : أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة
شهادة صادقة من أمين الوحي حبريل عليه السلام وبشارة محققة


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-09-21, 06:21 AM
أمهات المؤمنين في سطور......

السيدة حفصة رضي الله عنها ( 3 )


عاشت السيدة حفصة رضي الله عنها في بيت النبوة حياة سعيدة تقتبس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتتعلم منه ويغمرها بحنانه صلى الله عليه وسلم ، وكانت تربطها بالسيدة عائشة رضي الله عنها علاقة وثيقة ، وهما اللتان قال الله فيهما (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } فقد كانتا سببًا لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ما يحبه، فعرض الله عليهما التوبة، وعاتبهما على ذلك، وأخبرهما أن قلوبهما قد صغت أي: مالت وانحرفت عما ينبغي لهن، من الورع والأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، واحترامه


و قد روي أن سبب نزول هذه الآيات أن السيدة حفصة رضي الله عنها أفشت سرا أسره إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم و تعددت الروايات عن هذا السر الذي نبأت به السيدة حفصة رضي الله عنها و في اسباب نزول ايات التحريم و منها ان السيدة حفصة رضي الله عنها علمت ان النبي صلى الله عليه و سلم قد خلا بالسيدة مارية رضي الله عنها في بيت السيدة حفصة رضي الله عنها فبكت السيدة حفصة رضي الله عنها فاسترضاها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فحرم السيدة مارية رضي الله عنها على نفسه موصيا السيدة حفصة رضي الله عنها بالكتمان و لكن السيدة حفصة لم تستطع ان تكتم السر عن السيدة عائشة رضي الله عنهما



وقيل أن السبب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ السيدة زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً. فَتَوَاصَت السيدة عائشةو َالسيدةحَفْصَةُ رضي الله عنهما أَنَّ أَيَّتَهما دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ! أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ! فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ: (بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُوْدَ لَهُ). فَنَزَل قوله تعالىَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ...} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوْبَا} -يَعْنِي: حَفْصَةَ وَعَائِشَة رضي الله عنهما َ-. {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} قَوْلَهَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.



و لما أعتزل الرسول صلى الله عليه وسلم نسائه دخل عمر رضي الله عنه على السيدة حفصة رضي الله عنها وهي تبكي فقال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلقك إنه كان قد طلقك مرة ثم راجعك من أجلى فإن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا .

وعت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها الدرس جيدًا كما وعته بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجعت إليها طمأنينتها بعد أن كادت تهلك من الحزن و الندم ، ولم تفعل بعد ذلك شيئًا يكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته وظلت مثالًا للزوجة الوفية الصادقة التي لا تدخر جهدًا في سبيل إسعاد زوجها صلى الله عليه وسلم



وما زالت السعادة تخيم على هذا البيت النبوي المبارك إلى أن جاء اليوم الذي أظلم فيه الكون كله بوفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فاعتصر قلب أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها من الحزن على وفاة زوجها وحبيبها ونبيها صلى الله عليه وسلم

وظلت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهدها عابدة لله عز وجل صائمة قائمة وعرفت بالعلم والفقه والتقوى ، وكثيرًا ما كان يرجع أبوها الفاروق رضي الله عنه إلى آرائها وأحكامها الفقهية وكانت لها مكانة عظيمة عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم



ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-09-21, 06:24 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة حفصة رضي الله عنها ( 4 )

عرفت السيدة حفصة رضي الله عنها بالعلم والفقه والتقوى، وعاشت رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حياتها عابدة تحيي ليلها بالعبادة وتلاوة القرآن والذكر

ومن أعظم مناقبها رضي الله عنها ، اختيارها لتحفظ نسخة المصحف الأولى ، والتي جمعها أبوبكر رضي الله عنه من أيدي الناس بعد أن مات أكثر القرّاء ، وظلت معها حتى خلافة عثمان رضي الله عنه ،فهي حارسة القرآن الكريم



فبعد ان توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان ما كان من حروب الردة و استشهاد الكثير من الصحابة من حملة القران ، استقر رأي المسلمين على جمع القران و تدوين المصحف و كلف الصديق رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه بجمعه و كتب في صحيفة ،ولما توفى الصديق رضي الله عنه كانت الصحيفة عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الذي أوصى بها إلى ابنته ام المؤمنين حفصة رضي الله عنها واستأمنها عليها ، فصارت حارسة القران الكريم

وظلت الصحيفة عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها حتى كانت خلافة امير المؤمنين عثمان بن عفان وحدث ما لم يكن في الحسبان !
فقد كان الصحابي الجليل حذيفة بن اليمانرضي الله عنه يغزو ويجاهد مع أهل العراق وقد اجتمع في ذلك الغزو اهل الشام واهل العراق فتنازعوا في القرآن الكريم حتى سمع حذيفة رضي الله عنه من أختلافهم ما يكره


فانطلق حتى اتى خليفة المسلمين وقال له : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في كتبهم !!

ففزع لذلك أمير المؤمنين عثمان بن عفانرضي الله عنه فأرسل إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما : أن أن أرسلي إلي بالصحيفة فأمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان : زيد بن ثابت وسعد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم جميعًا أن ينسخوها بالمصاحف ففعلوا حتى كتبت المصاحف ، ثم رد عثمان بن عفان رضي الله عنه الصحيفة إلى السيدة حفصة رضي الله عنها وظلت عندها إلى أن توفاها الله ،وأوصت بها إلى أخيها عبد الله رضي الله عنه

وأرسل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسله إليهم وحفظ الله عز وجل كتابه الكريم من الإختلاف والتحريف

تلك هي الوديعة الغالية التي أودعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عند ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها فحفظتها بكل أمانة ورعتها بكل صون فحفظ لها الصحابة والتابعون وتابعوهم من المؤمنين إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ذلك الذكر الجميل الذي تذكر فيه كلما تذاكر المسلمون جمع المصحف الكريم



علمها و فقهها رضي الله عنها :
لقد عاشت رضي الله عنها في بيت النبوة و ذاقت من نبيل شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وكريم خصاله ، مما دفعها إلى نقل هذه الصورة الدقيقة من أخلاقه وآدابه ، سواءٌ ما تعلّق منها بهديه وسمته ، أو أحوال عبادته ، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستون حديثا

وكانت رضي الله عنها مرجعا لاكابر الصحابة الذين عرفوا لها علمها و فضلها حتى ان اباها عمر رضي الله عنه سألها عن اقصى مدة تحتمل فيها المرأة غياب زوجها عنها فاجابته رضي الله عنها بانها اربعة اشهر

ولقد قضت رضي الله عنها بقية عمرها عاكفة على العبادة صوامة قوامة تعلم الناس أمور دنيهم ودنياهم وتروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى أن توفيت رضي الله عنها في أول عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة إحدى وأربعين بالمدينة عام الجماعة



انتقلت أم المؤمنين حفصة بنت عمر الخطاب رضي الله عنهما إلى جوار ربها لتلحق بزوجها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الفردوس الاعلى ولها من السن يومئذ قرابة الثلاثة والستين عامًا ، وقد صلى عليها أخوها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وشيعتها المدينة إلى مثواها الاخير بالبقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .

وكان مروان بن الحكم والي المدينة ممن حمل سريرها من عند دار آل حزم إلى دار المغيرة بن شعبة وحمله الصحابي الجليل أبو هريرة رضى الله عنهمن دار المغيرة إلى قبرها ، ونزل في قبرها عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر رضي الله عنهم جميعًا .



وكانت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قد أوصت إلى أخيها عبد الله رضي الله عنه بما أوصى إليها أبوها وتصدقت بمال لها وقفته ،وورث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بيتها الذي عاشت فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجًا وأمًا للمؤمنين وعندما أرادوا توسعة مسجد رسول الله بضم بيوت نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه لم يرض عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يأخذ فيه ثمنًا وجعله هبه وهدم بيت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها وأدخل في المسجد .

رض الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن الله مع زهرة جديدة من زهرات بيت النبوة

عطاء دائم
09-10-21, 06:56 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها ( 1 )
(أم المساكين )


موعدنا اليوم مع زهرة جديدة من زهرات بيت النبوة مع أم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها أو أم المساكين كما كانت تلقب

هي السيدة زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن
صعصعة الهلاليـة ، أم المؤمنين زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت أخت أم المؤمنيـن ( ميمونة بنت الحارث ) لأمها ، ولِدَت قبل البعثـة في مكة بثلاث عشرة سنة تقريباً



وكانت تدعى في الجاهلية ( أم المساكين ) وذلك لطيبتها وكرمها وعطفها الشديد على الفقراء والمساكين في الجاهلية والإسلام ، ولا يكاد اسمها يذكر في أي كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم (أم المساكين )

سمعت رضي الله عنها بالإسلام فأسرعت بالدخول فيه ولم تتردد ، وقد اختلفوا فيمن كان زوجها قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل إنها كانت عند الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف رضي الله عنه فطلقها ، فتزوجها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه فقتل عنها يوم بدر شهيدا

وقيل وهو أقرب الأقوال في زواجها والأرجح أنها كانت زوجة للصحابي عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، فاستشهد في أحد وتزوجها بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم



وكان للسيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها دَوْرٍ بارز مع نساء المسلمين في موقعة بدر، في خدمة الجرحى وتضميدهم، وتقديم الطعام والماء لهم

وفي غزوة أحد توفى عنها زوجها عبد الله بن جحش رضي الله عنه، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بترمُّلها، فرقَّ لحالها ،وأرسل اليها بعد انقضاء عدتها يخطبها الى نفسه ،وما أن يصل الخبر الى المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها ،حتى تمتلئ نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها ، فهي ستكون إحدى زوجاته عليه أفضل الصلاة والسلام وإحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن لله

عطاء دائم
09-10-21, 06:57 AM
أمهات المؤمنين في سطور......

السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها ( 2 )


واختلف فيمن تولى زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم ،فذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه ، فتزوجها وأصدقها أربعمائة درهم ، وأَوْلَمَ عليها جزوراً ، وقيل إن عمّها قبيصة بن عمرو الهلالي هو الذي تولّى زواجها .


وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها في رمضان من السنة الثالثة للهجرة بعد زواجه بالسيدة حفصة وقبل زواجه بالسيدة أم سلمة رضي الله عنهما ، فلم يمض على دخول السيدة حفصة رضي الله عنها بيت النبوة وقت قصير حتى دخلته السيدة زينب رضي الله عنها فكانت بذلك خامسة أمهات المؤمنين.



وعاشت رضي الله عنها في رحاب بيت النبوة أجمل أيام عمرها ،ملازمة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تتعلم منه وتنهل من علمه ورحمته فتزداد ايمانا يوما بعد يوم ، ولم تذكر المصادر التي ترجمت سيرتها إلا القليل من أخبارها ، خصوصاً ما يتناول علاقاتها ببقية زوجاته عليه الصلاة والسلام ، ولعل مردّ ذلك إلى قصر مدة إقامتها في بيت النبوة .

والقدر المهم الذي حفظته لنا كتب السير والتاريخ ، هو ذكر ما حباها الله من نفس مؤمنة ، امتلأت شغفاً وحبّاً بما عند الله من نعيم الآخرة ، فكان من الطبيعي أن تصرف اهتماماتها عن الدنيا لتعمر آخرتها بأعمال البر والصدقة ، حيث لم تألُ جهداً في رعاية الأيتام والأرامل وتعهّدهم ، وتفقّد شؤونهم والإحسان إليهم ، وغيرها من ألوان التراحم والتكافل ، فاستطاعت بذلك أن تزرع محبتها في قلوب الضعفاء والمحتاجين ، وخير شاهد على ذلك ، وصفها بـ" أم المساكين " ، حتى أصبح هذا الوصف ملازما لها إلى يوم الدين



ولم تمكث رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً ، فما هي إلا شهور قليلة حتى توفاها الله عز وجل ، ففي بعض الروايات أنها لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة وماتت ، وفي روايات أخرى أنها أقامت عنده ثمانية أشهر وماتت في ربيع الآخر سنة أربع للهجرة

والراجح أنها ماتت في الثلاثين من عمرها كما ذكر "الواقدي" ونقل "ابن حجر" في الإصابة.ورقدت في سلام كما عاشت في سلام. وصلى عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ودفنها بالبقيع في شهر ربيع الآخر سنة أربع ، وفازت بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ودعائه لها ، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن. و كانت ثاني زوجاته وفاة في حياته صلى الله عليه وسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها ، ولم يمت في حياته إلا السيدة خديجة والسيدة زينب بنت خزيمة أم المساكين رضي الله عنهن جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-11-21, 07:25 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة أم سلمة رضي الله عنها (1 )

"هند بنت أبي أمية رضي الله عنها "

ابنة زاد الراكب ..
هي أم المؤمنين ، هند بنت أبي أمية حذيفة بن المغيرة المخزومية القرشية المشهورة بكنيتها أم سلمة رضي الله عنها ، ولدت رضي الله عنها لأسرة عريقة ، فوالدها أبو أمية سيّد من سادات قريشٍ المعدودين ، وكان مشهوراً بالكرم وشدّة السخاء حتى لُقّب بـ " زادُ الراكب " ، إذ كان يمنع من يرافقه في سفره أن يتزوّد لرحلته ويكفيه مؤونة ذلك
وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة الكنانية من بني فراس ،وهي بنت عم خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وبنت عم أبي جهل بن هشام .



وقد تزوجت السيدة أم سلمة رضي الله عنها من ابن عمها عبد الله بن عمر المخزومي رضي الله عنه ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ،و أحد العشرة السابقين إلى الإسلام فقد أسلم مع أبي عبيدة الجراح وعثمان ابن عفان والأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنهم جميعًا في يوم واحد، وأسلمت رضي الله عنها مع زوجها فكانت هي الأخرى من السابقات إلى الإسلام أيضًا .


وما إن شاع نبأ إسلام أبي سلمة وزوجه أم سلمة رضي الله عنهما حتى هاجت قريش وماجت وجعلت تصب عليهما من العذاب والأذى الشديد ، فلم يضعفا ولم يهنا ولم يترددا ، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء قال لهم :" لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه"
الألباني


فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرار إلى الله بدينهم فكان أول هجرة في الإسلام وكان أول من هاجر من المسلمين أحد عشر رجلًا واربع نسوة انتهوا إلى البحر ما بين ماش وراكب فاستأجروا سفينة بنصف دينار إلى الحبشة .. وكان في طليعة هؤلاء المهاجرين : أبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة بنت أمية رضي الله عنهما .

مضت السبدة ام سلمة وزوجها رضي الله عنهما إلى ديار الغربة وتركت وراءها بمكة بيتها الباذخ وعزها الشامخ ونسبها العريق محتسبة هذا كله عند الله عز وجل طمعًا في مرضاته وطلبًا لجناته .
وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة فكانوا بها منهم من خرج بأهله ومنهم من خرج بنفسه بدون أهله .



وأمن المسلمون بأرض الحبشة وحمدوا جوار النجاشي ملك الحبشة وعبدوا الله تعالى لا يخافون على دينهم ولا على أنفسهم من احد وقد أحسن النجاشي جوارهم ووفادتهم .
فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله  قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة وأنهم أصابوا بها دارًا وقرارًا اجتمعوا وعقدوا بينهم مؤامرة ...

تروى أحداثها السيدة أم سلمة رضي الله عنها فتقول : "لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئًا نكرهه فلما بلغ ذلك قريش ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منهم الأدم فجمعوا له أدمًا كثيرًا ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلا أهدوا له هدية و بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم وقالوا لهما :
ادفعًوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم اسألوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم !

ففعل عمرو بن العاص وصاحبه ذلك حتى إذا دخلا على النجاشي قالا له :
أيها الملك إنه قد لجأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع ،وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه .

فقالت بطارقة الملك من حوله :
صدقًوا أيها الملك قومهم أعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهم فليرداهم إلى بلادهم وقومهم
فغضب النجاشي وقال : لا والله لا أسلمهم إليهما حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني .

ثم أرسل النجاشي إلى المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم وكلمهم فيما ذكره عمرو بن العاص وصاحبه وسمع منهم آيات من كتاب الله عز وجل فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وقال : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاه واحدة ..انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما .

ثم قال النجاشي للمسلمين : اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي من سبكم غرم فما أحب أن لي جبلًا من ذهب وأني آذيت رجلًا منكم .
ثم أمر النجاشي برد الهدايا التي قدم بها عمرو بن العاص وصاحبه فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءا به وأقام المسلمون عنده بخير دار مع خير جار "
الألباني

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-11-21, 07:27 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة ام سلمة رضي الله عنها (2 )


تتابعت الأخبار على المهاجرين إلى أرض الحبشة بأن المسلمين في مكة قد كثر عددهم وأن إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب، عم النبي صلي الله عليه وسلم والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قد شد من أزرهم وكف شيئًا من أذى قريش عنهم .

فعزم فريق منهم على العودة إلى مكة المكرمة يحدوهم الشوق إلى بيت الله الحرام ويدعوهم الحنين إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وكانت السيدة أم سلمة وزوجها رضي الله عنهما في طليعة العائدين ، لكن سرعان ما اكتشف العائدون أن ما نمى إليهم من أخبار كان مبالغًا فيه وأن اظطهاد قريش للمسلمين وتعذيبهم قد فاق كل الحدود !



فقد بالغ المشركون في تعذيب المسلمين وترويعهم وأذاقوهم من بأسهم ما لا عهد لهم به من قبل ، عند ذلك أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار وقال : "إن الله قد جعل لكم إخوانًا ودارًا تأمنون بها" .


فخرجوا إليها أرسلًا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه عز وجل في الهجرة والخروج إلى المدينة .



وكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش من بني مخزوم : أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد رضي الله عنه وكانت هجرته إليها من قبل بيعة العقبة بسنة حين آذته قريش بعد مرجعه من الحبشة .


إن قصة خروج السيدة أم سلمة وزوجها رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة لم تكن سهلة ميسرة وإنما كانت شاقة مرة خلفت وراءها مأساة عنيفة أليمة الوقع تهون دونها كل مأساة .. تروي أحداثها السيدة أم سلمة رضي الله عنها



فتقول : لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل بعيرًا له ثم حملني عليه وجعل معي ابني سلمة في حجري ثم خرج بي يقود بعيره فلما رآه رجال بني المغير ة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا :
هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير فيها بالبلاد ؟!.. ونزعوا خطام البعير من يده وأخذوني منه .

فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد – رهط أبي سلمة – وأهووا إلى أبي سلمة وقالوا : والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم !!

وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريبًا منها حتى مر بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما في وجهي فرق لحالي ورحمني فقال لبنــي المغــيرة : ألا تخرجون هذه المسكينة ؟!.. فرقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها !


وما زال بهم حتى قالوا لي : الحقي بزوجك إن شئت ِ .. ورد على بنو الأسد عند ذلك ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي احد من خلق الله . فقلت : أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة –أخا بني عبد الدار ـــ فقال : إلى أين يا بنت أبي أمية ؟
قلت : أريد زوجي بالمدينة .
فقال : هل معك أحــــد ؟
فقلت : ما معي أحــد إلا الله وابني هذا .
فقال : والله ما لك من مترك .. فأخذ من خطام البعير فانطلق معي يقودني.

فو الله ما صحبت رجلًا من العرب قط أراه كان أكــرم منه إذا يلغ المنزل أناخ بي ثم يستأخر عني حتى إذا نزلت استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في شجرة ثم تنحى إلى شجرة أخرى فاظطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخر عني وقال : اركبي .. فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ننزل .


فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي إلى المدينة فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : إن زوجك بهذه القرية وكان أبو سلمة نازلًا بها ، فادخليها على بركة الله تعالى ثم انصرف راجعًا إلى مكة فكانت السيدة أم سلمة رضي الله عنها أول امرأة هاجرت إلى المدينة كما كانت من المهاجرات الأوائل إلى الحبشة .


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-12-21, 06:57 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....


السيدة أم سلمة رضي الله عنها ( 3 )


بعد طول افتراق اجتمع زوجين وثق الحب بين قلبيهما ووحد الإسلام كيانهما وما كانت الهجرتان إلا بوتقة صهرت هذا الكيان ، وقرت عين السيدة أم سلمة رضي الله عنها بزوجها وسعد أبو سلمة رضي الله عنه بزوجته وأبنائه ، وفي يوم وبينه ما هما جالسان يتحدثان إذ قالت السيدة ام سلمة رضي الله عنها لزوجها : بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تتزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرجل بعدها فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي ولا أتزوج بعدك !
فقال أبو سلمة رضي الله عنه: أتطيعنني ؟؟
فقالت أم سلمة رضي الله عنها : نعم فما أستأمرتك إلا وأنا أريد أن أطيعك!
فقال أبو سلمة رضي الله عنهفي تضحية وإيثار : إذا مت فتزوجي !
ثم قال أبو سلمة رضي الله عنه متوجهًا إلى الله عز وجل بالدعاء : اللهم أرزق أم سلمة بعدي رجلًا خيرًا مني لا يحزنها ولا يؤذيها .



عكفت السبدة أم سلمة رضي الله عنها على تربية صغارها وكان لها ثلاثة أبناء هم : سلمة وعمر وزينب ، وتفرغ زوجها للجهاد في سبيل الله فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر وعاد منها مع المسلمين وقد نصرهم الله عز وجل نصرًا عزيزًا مؤزرًا .

وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي العشيرة استخلف على المدينة ابا سلمة رضي الله عنه ، ثم انطلق أبو سلمه رضي الله عنه ليخوض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة أحد و أبلى فيها بلاء حسنًا إلا أن أحد المشركين رماه في عضده بسهم فمكث شهرًا يداوي جرحه الشديد .



وبينما كانت الزوجة الوفية بجوار زوجها تمرضه إذ قال لها :
لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها إلا أبدله الله خيرًا منها "
فحفظت منه ذلك أم سلمه رضي الله عنها ، ثم قال أبو سلمه رضي الله عنه : اللهم اخلفني بأهلي بخير مني .


وفي المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من الهجرة النبوية الشريفة بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طليحة الأسدى وأخاه سلمه ابن خويلد قد جمعا حلفاء من بني أسد لمهاجمة الرسول صلى الله عليه وسلم في دار هجرته .

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة رضي الله عنهوقد تماثل جرحه للشفاء وقال له : "اخرج في هذه السرية فقد استعملتك عليها " وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء وقال له : "سر حتى تأتي أرض بني أسد فأغر عليهم " .. ثم أوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا .



وخرج مع أبي سلمة رضي الله عنه في تلك السرية مائة وخمسون رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى إلى القوم فلما سمع به أعداء الله ممن اجتمعوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا وتركوا نعمًا كثيرًا لهم من الإبل والغنم فأخذ ذلك كله أبو سلمة رضي الله عنهوأسر منهم ثلاثة وأقبل راجعًا إلى المدينة سالمًا غانمًا بعد أن غاب عنها تسعًا وعشرين ليلة فأعطى الغنائم كلها لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقسمها .


وما أن عاد أبو سلمة رضي الله عنه إلى المدينة حتى انتفض جرحه القديم فمات في الثامن من جمادى الآخرة سنة أربع من الهجرة .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتاه يعوده فوافق دخوله عليه خروج نفسه ، فدخل عليه وقد شقَّ بصرُه . فأغمضَه . ثم قال : " إنَّ الروحَ إذا قُبِض تبِعه البصرُ " فضجَّ ناسٌ من أهلِه . فقال: " لاتَدْعوا على أنفسِكم إلا بخيرٍ . فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون " ثم قال : " اللهمَّ اغفِرْ لأبي سلمةَ وارفَعْ درجتَه في المَهديِّينَ واخلُفْه في عَقِبِه في الغابرين . واغفرْ لنا وله يا ربَّ العالَمينَ . وافسَحْ له في قبرِه . ونَوِّرْ له فيه "
مسلم


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-12-21, 06:59 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة أم سلمة رضي الله عنها (4 )

لما توفي أبو سلمة رضي الله عنه جاءت أم سلمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله إن أبا سلمة قد مات
قال : "قولي :اللهم اغفر لى وله وأعقبني (عوضتي ) منه عقبى حسنة ."
قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لى منه محمدا صلى الله عليه وسلم
مسلم

وفي الصحيح أنها رضي الله عنها تذكرت ما حدثها به زوجها الراحل من أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله :" إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها" إلا أخلف الله له خيرا منها"
فقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي
ثم سكتت ولم تكمل الدعاء و قالت في نفسها : أني أعاض خيرا من أبي سلمة ؟ أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟
وذلك لحبها الشديد له ، ثم ألهمها الله أن تكمل الدعاء فقالت : "واخلف لي خيرا منها"
فأخلف الله عليها بمن هو خير منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فكانت تقول : وأنا أرجو أن يكون الله قد أجرني في مصيبتي



وشعر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصاب أم سلمه رضي الله عنها العظيم وحقها عليهم فما كادت تنتهي عدتها بعد وفاة أبي سلمه رضي الله عنه، حتى أرسل إليها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يخطبها لنفسه فأبت أن تستجيب لطلبه ثم أرسل إليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطبها فردته كما ردت الصديق
إلا أن الله عز وجل عزى حزنها وجبر مصيبتها وأبدلها خيرًا منها فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها لنفسه .

أرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعه رضي الله عنه إلى أم سلمه رضي الله عنها ليخطبها إليه فقالت : مرحبًا برسول الله صلي الله عليه وسلم وبرسوله ، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أني كبيرة السن و أنا امرأة شديدة الغيرة وأخاف أن يرى مني رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئًا يكرهه فيعذبني الله به وأنا امرأة ذات عيال يشغلونني عنه وأنا امرأة ليس لي ها هنا أحد من أوليائي شاهد فيزوجني
فقال صلي الله عليه وسلم :" أنا أكبر منك ،وأما الغيرة فأدعوا الله فيذهبها عنك ،وأما العيال فإلى الله ورسوله واما الأولياء فليس أحد منهم إلا سيرضى بي"



عندئذ تهللت أم سلمة رضي الله عنها ولم تستطيع إلا أن توافق وقد جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعز الدنيا والآخرة فقالت لإبنها سلمه : قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال سنة أربع من الهجرة...


وكانت أم سلمة رضي الله عنها قد ولدت طفلة اسمها زينب من زوجها أبي سلمة رضي الله عنه ، فعندما تزوجها صلى الله عليه وسلم جعل يأتيها، فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان صلى الله عليه وسلم حيياً كريماً يستحي فيسلم و يرجع، ففعل ذلك مرارا



وفطن عمار بن ياسر رضي الله عنه لما تصنع أم سلمة رضي الله عنها ، وكان أخاها من الرضاعة ، فأطلق قدميه نحو بيت أخته أم سلمة رضي الله عنها ، فأخذ ابنة أخته ليسترضعها في بيته أو عند أحد النساء

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم -فقال: ( أين زناب ؟ )
فقالت ام سلمة رضي الله عنها : جاء عمار فذهب بها
فقال صلى الله عليه وسلم - : إني آتيكم الليلة..

وكانت لفتة حانية، وتكريما رفيعا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تزوج أم سلمة رضي الله عنها ، فقد أصبحت بعد وفاة زوجها رضي الله عنه من غير زوج يعيلها، أو أحد يكفلها، رغم ما بذلت هي وزوجها من جهد لهذه الدعوة المباركة، وهي مع ذلك كان لها من الأيتام ثلاثة ، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الزوج لها والكفيل لأبنائها .


لقد أوى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمه رضي الله عنها إليه إشقاقًا عليها ورحمة بأيتامها وإكرامًا لزوجها الشهيد وأخيه من الرضاعة ،فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وقام على تربية أيتامها ووسعهم قلبه الكبير حتى أصبحوا لا يشعرون بفقد الأب إذا عوضهم الله عز وجل أبا أرحم من أبيهم ، وبذلك يكون الله عز وجل قد استجاب لدعاء أم سلمه رضي الله عنها فأخلفها خيرًا من أبي سلمه رضي الله عنه .. إنه الرسول الرحيم صلى الله عليه وسلم وكفى به سيدًا ورحيمًا .

ولما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمه رضي الله عنها قال لها:" يأم سلمه إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأوقى من مسك وإني لا أراه إلا قد مات وما أرى الهدية التي أهديت إليه إلا سترد إلي فإن ردت علي فهي لك "
فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات النجاشي وردت إليه الهدية فأعطى كل زوجة من أزواجه رضي الله عنهن أوقية من مسك وأعطى أم سلمة رضي الله عنها بقية المسك والحلة .


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-13-21, 06:52 AM
أمهات المؤمنين في سطور....

السيدة أم سلمة رضي الله عنها ( 5 )

عاشت السبدة أم سلمة رضي الله عنها في بيت النبوة ،تنهل وتتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم ، وذات يوم وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها نزل عليه قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنك الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا ) الأحزاب 33
فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا رضي الله عنهم فجلَّلَهُم (غطاهم ) بِكِساءٍ وعلي رضي الله عنهٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: "اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا"
قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ:" أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ"
الألباني



وكانت- رضي الله عنها- من النساء العاقلات الناضجات ، يشهد لهذا ما حدث يوم الحديبية ، بعد كتابة الصلح ، فقد أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة واصطحب معه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، وخرج معه عدد من الصحابة رضوان الله علبهم بلغ عددهم قريب من ألف وأربعمائة ، ولما بلغ الخبر قريش خرجت لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأقمست ألا يدخل بلدهم مسلم

وبدأت المفاوضات بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش ،والمسلمون ينتظرون أن تفتح لهم أبواب مكة فيطوفوا ويسعوا ،ووضع صلح الحديبية ووافق علي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يبق إلا أن يسجل في وثيقة يمضيها الفريقان ، إلا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم أمر وحزن عظيم حين بلغهم شروط الصلح ظنا منهم أنه بخس المسلمون حقهم

وكان الصلح فيه : وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض ،على أنه من آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بغير أذن وليه رده عليهم ، ومن جاء قريش من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه ،وأن يرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عامهم هذا فلا يدخلوا مكة على أن يعودوا إليها للعمرة في العام المقبل

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتحلل من نسكهم ، وحثّهم على النحر ثم الحلق ، فشقّ ذلك على الصحابة الكرام ، ولم يفعلوا ، حتى قالها النبى صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات
فلم يقم من المسلمين أحد



فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة رضي الله عنها مغضباً ، فذكر لها ما كان من أمر المسلمين وإعراضهم عن أمره ، وكانت رضي الله عنها عاقلة حسنة الرأي والفهم ، ففطنت إلى سبب إعراضهم وعدم امتثالهم ، فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أتحب أن يمتثلوا لأمرك ؟ اخرج فلا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنتك وتدعو حالقك فيحلقك ، فقام وخرج ، ولم يكلم أحداً حتى نحر بدنته ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأى الناس ذلك قاموا مسرعيت فنحروا هديهم وجعل بعضهم يحلق بعضاً
الإمام أحمد

وثاب المسلمون إلى عقولهم ببركة رأي السيدة أم سلمة رضي الله عنها ،قال الإمام ابن حجر : " وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها "



وكانت السيدة أم سلمة رضي الله عنها ذات شخصية قوية متميزة ورأى صائب جريء ودور قيادي وسط أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وكان لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب الله عز وجل عنها الغيرة أثرة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكن يتحاكمن إليها لعلمهن ببراءتها من الغيرة .

وعندما علم الفاروق عمر رضي الله عنه، ان نساء النبي يراجعنه في القول دخل على اينته حفصة رضي الله عنها أولا ،ثم دخل على السيدة أم سلمه رضي الله عنها فقال لها : يا أم سلمه تكلمين رسول الله وتراجعنه في شيء ؟!
فقالت السيدة أم سلمه رضي الله عنها : عجبًا لك يا ابن الخطاب !! دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين الرسول وأزواجه ؟!...أي والله إنا لنكلمه فإن حمل ذلك كان أولى به وإن نهانا كان أطوع عندنا منك .
فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عندها نادمًا على كلامه لنساء النبي صلى الله عليه وسلم


صحبت السيدة أم سلمه رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وشهدت غزوة الطائف وخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة ، وجاء أخوها عبد الله بن أبي أمية يتلمس الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه أمامه وذلك قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا ، فكلمت أم سلمه رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه واستشفعت له فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدخول عليه فأسلم .

وفي يوم من الأيام كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعرابيٌ فقال: ألا تُنْجِزْ لي ما وعدتني ؟ فقال له: " أبشرْ "
فقال: قد أكثرتَ عليَّ من أبشرْ ، فأقبلَ على أبي موسى وبلالٍ كهيئةِ الغضبانِ ، فقال:
" رَدّ البُشْرى ، فاقْبَلا أنتما " قالا : قَبِلْنا ، ثم دعا بقَدَحٍ فيه ماءٌ ، فغسل يدَيْه ووجهَه فيه ومجَّ فيه ، ثم قال: "اشْرَبا منه ، وأفْرِغا على وجوهِكما ونُحورِكما وأبْشِرا "
فأخذا القَدَحَ ففعلا ، فنادت أُمُّ سلمةَ رضي الله عنها من وراءِ ستارٍ: أن أفْضِلا لأُمِّكُما ، فأفْضَلا لها منه طائفةً.
البخاري


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-13-21, 06:54 AM
أمهات المؤمنين في سطور....


السيدة أم سلمة رضي الله عنها ( 6 )


كانت السيدة أم سلمه رضي الله عنها من أشرف النساء نسبًا ولدت في بيت يضرب به المثل في الكرم وعندما أكرمها الله عز وجل بالانتساب إلى بيت النبوة وجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر ، ولقد سألت أم سلمه رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لي أجر في بني سلمه أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا فإنما هم بني ؟
فقال لها رسول الله : "نعم لك أجر فيما أنفقت "

وقد جلست إليها جاريتها ذات يوم فأتت نساء فقيرات يسألنها الصدقة ولم يكن لديها شيء فقالت لهن الجارية : اخرجن.. اخرجن ، فقالت أم سلمة رضي الله عنها : ما بهذا أمرنا يا جارية ردي كل واحدة ولو بتمرة تضعينها في يدها



و لما أنزل الله توبة أبو لبابة رضي الله عنه على رسوله صلى الله عليه وسلم ،من آخر الليل وهو في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فجعل يبتسم فسألته أم سلمة رضي الله عنها فأخبرها بتوبة الله على أبي لبابة ،فاستأذنته أن تبشره فأذن لها فخرجت فبشرته فثار الناس اليه يبشرونه وأرادوا أن يحلوه من رباطه فقال والله لا يحلني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى صلاة الفجر حله من رباطه رضي الله عنه وأرضاه

وعن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اشترتني أم سلمة رضي الله عنها وأعتقتني واشترطت علي ان أخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عشت، فقلت: أنا ما أحب أن أفارق النبي صلى الله عليه وسلم ما عشت.


وروى البخاري في صحيحة أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله عنها، فاجتمع أزواجه صلى الله علبه وسلم إلى أم سلمة رضي الله عنها وقلن لها : قولى له يأمر الناس أن يهدوا له حيث كان ، فقالت أم سلمة رضي الله عنها فلما دخل على قلت له ذلك فأعرض عنى ، ثم قلن لها ذلك فقالت له فأعرض عنها ، ثم لما دار إليها قالت له فقال : " يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فانه والله ما نزل علي الوحي في بيت وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها"



ولقد شهدت السبدة أم سلمة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوادع سنة عشرة من الهجرة ، ولكنها مرضت وشكت وجعًا فلم تستطيع الخروج والطواف بالبيت الحرام فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا اقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك من وراء الناس وأنت راكبة" .
ففعلت أم سلمه رضي الله عنها ذلك وكان هذا بابًا للتوسعة رخص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لغير القادرين أن يحملوا في الطواف ومن باب أولى في السعي بين الصفا والمروة .


كما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمه رضي الله عهنما في رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس ليلة النحر ثم مضت فأفاضت إلى منى ، ثم لم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع إلا قليلًا حتى توفاه الله عز وجل فأصيب المسلمون بمصيبة قالت عنها أم سلمه رضي الله عنها : "فيالها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه وسلم "



عاشت السبدة أم سلمه رضي الله عنها في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمًا للمؤمنين تتعلم وتنهل من معين النبوة وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت تعد من فقهاء الصحابيات تروي احاديث النبي صلى الله عليه وسلم واخباره وعباداته وبلغ ماروته من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثًا

وقد أخذت أم سلمة حظّاً وافراً من أنوار النبوّة وعلومها ، حتى غدت ممن يُشار إليها بالبنان فقها وعلماً ، بل كان الصحابة يفدون إليها ويستفتونها في العديد من المسائل ، ويحتكمون إليها عند الاختلاف ، ومن ذلك أن أبا هريرة وبن عباس رضي الله عنهما ، اختلفا في عدة المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حملها ، فقال أبو هريرة رضي الله عنه : لها أن تتزوج ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بل تعتدّ أبعد الأجلين ، فبعثوا إلى أم سلمة رضي الله عنها فقضت بصحّة رأي أبي هريرة رضي الله عنهم.


ولما عزمت السيدة عائشة رضي الله عنها على الخروج إلى وقعة الجمل أرسلت إليها ناصحة تطلب منها لزوم بيتها، ومما قالته لها: لو قيل لي يا أم سلمة ادخلي الجنة لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتكة حجاباً ضربه علي، فاجعليه سترك وقاعة بيتك حصنك.


وفي عام تسع وخمسين للهجرة فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها ،وكانت قد بلغت الرابعة والثمانين من العمر ، ولقد آثر فيها استشهاد الحسين بن على رضي الله عنهما .،فلما بلغها الخبر وجمت لذلك وغشي عليها ،وحزنت عليه حزنا شديدا ، ولم تلبث بعده إلا يسيرا حتى انتقلت إلى جوار ربها ،وصلى عليها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ،وكانت آخر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم موتا ، وشيع المسلمون جثمانها الطاهر إلى البقيع ليدفن مع بقية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-14-21, 06:27 AM
أمهات المؤمنين في سطور...


السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها ( 1 )

حديثنا اليوم عن زهرة جديدة من زهرات بيت النبوة ،حديثنا عمن كان زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من الله من فوق سبع سموات ،عمن نزلت في يوم عرسها آية الحجاب ،عن أطول أمهات المؤمنين يدا ، وأسرعن لحوقا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عن السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها

هي السيدة زينب بنت جحش بن رئاب وتكنى "بأم الحكم " ،وكانت تسمى برة فسماها الرسول صلى الله عليه وسلم زينب بعد زواجه منها ، فعن زينب بنت أم سلمة قالت :" كان اسمي برة فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ،ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة فسماها زينب بعد زواجه منها" مسلم



وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمها هي أميمة بنت عبد المطلب ،وأخوالها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه الملقب بأسد الله وسيد الشهداء في غزوة أحد ، والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وخالتها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية ، أم حواري النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام رضي الله عنه

ولها إخوان هما عبد الله بن جحش الأسدي رضي الله عنه صاحب أول راية عقدت في الإسلام وأحد الشهداء ، والآخر أبو أحمد واسمه عبد بن جحش الأعمى ، وهو أحد السابقين الأولين ومن المهاجرين إلى المدينة ، و أختها حمنة بنت جحش رضي الله عنها من السابقات إلى الإسلام



ولدت السيدة زينب رضي الله عنها في مكة المكرمة في السنة الثالثة والثلاثين قبل الهجرة ،وقد نشأت في بيت شرف ونسب وحسب ، وأنعم الله عليها بالجمال والحسب الرفيع فكانت من علية نساء قريش ، وهي متمسكة بنسبها ، ومعتزة بشرف أسرتها ، وكثيرا ما كانت تفتخر بأصلها ، وقد قالت مرة :"أنا سيدة أبناء عبد شمس".

وما أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسلم أخوها عبد الله رضي الله عنه ودعاها وإخوتها للإسلام فأسلموا ودخلوا جميعا في دين الله ،و تحملوا الأذى في سبيل الله حتى أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم بالهجرة فهاجروا إلى المدينة و تركوا بيتهم في مكة خاليا فأخذه أبو سفيان فذكر عبد الله بن جحش رضي الله عنه ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : "الا ترضى يا عبد الله ان يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها"



وحتى هذا الوقت كان التبني لايزال مشروعا في الإسلام ،وقد تبني النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وسماه زيد بن محمد وهذا كله قبل إبطال التبني ،وكان زيد من أعظم وأحب الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حبه، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه من زينب رضي الله عنها

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على زينب رضي الله عنها ليخطبها لزيد رضي الله عنه فقالت: لستُ بناكحته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بَلْ فَانْكِحِيهِ".
قالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي؟ فبينما هما يتحدَّثان، أنزل الله تعالى قوله على رسوله : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [الأحزاب: 36]
فقالت رضي الله عنها: رضيتَه لي يا رسول الله منكحًا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم"
قالت: إذن لا أعصي رسول الله ، قد أنكحته نفسي.



وبهذه الواقعة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحطِّم الفوارق الطبقيَّة الموروثة في الجماعة المسلمة، فيردَّ الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلاَّ بالتقوى، وكان الموالي (وهم الرقيق المحرَّر) طبقة أدنى من طبقة السادة، ومن هؤلاء زيد بن حارثة رضي الله عنه ،فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحقِّق المساواة الكاملة بتزويجه من شريفة من بني هاشم، قريبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها ؛ ليُسقط تلك الفوارق الطبقيَّة بنفسه في أسرته، وكانت هذه الفوارق من العمق والعنف بحيث لا يحطِّمها إلاَّ فعل واقعيّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم تتَّخذ منه الجماعة المسلمة أسوةً، وتسير البشريَّة كلها على هداه في هذا الطريق


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-14-21, 06:28 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها ( 2 )

قبلت السيدة زينب رضى الله عنها الزواج من زيد رضي الله عنه على مضض لانها كانت تراه دونها في الشرف والنسب فهو مولى وهي شريفة من شريفات بني هاشم ، وكانت الحياة بينهما غير مستقرة تخلو من المحبة والصفاء ،وكان زيد رضي الله عنه يشكوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويشتكي له من عدم استطاعته البقاء معها

وجاء زيد رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يأذن له في طلاِّق زينب رضي الله عنها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّه، وقال له: "اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ". فأنزل الله تعالى قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاس وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37]



فالله تعالى قد أخبر نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن زينب رضي الله عنها ستكون زوجةً من زوجاته، وأنه لابد لزيد رضي الله من مفارقتها وأن الله تعالى سيزوجه اياها ليبطل عادة التبني ،وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستحى من أن يقال عليه صلى الله عليه وسلم تزوج زوجة ابنه وخاف المنافقين وأقوالهم؛ فعاتبه الله تعالى على خشيته من الناس في شئ قد أباحه الله له ؛ ليكون لزواجه من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها حكمة تشريعية عظيمة، وهي إسقاط التبني، هذه العادة الجاهلية المستحكمة في نفوس الناس والتي تؤدي إلى اختلاط الأنساب وضياع الحقوق.



وأول من يُطبِّق هذه الحكمة هو النبي صلى الله عليه وسلم على مَنْ تبنَّاه؛ إذ كان زيد رضي الله عنه منسوبًا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يُقال له: زيد بن محمد. ثم أُسقط التبني فنُسب لاسمه الحقيقي زيد بن حارثة رضي الله عنه

ولقد كان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها إحدى دلائل نبوته ، وذلك لما تضمنه هذا الزواج من معاتبة الله له صلى الله عليه وسلم ، وهي معاني لو لم يكن عليه الصلاة والسلام نبياً لأخفاها عن الناس ، حفظا لسمعته وصونا لهيبته ، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يكتمها ، بل بلغها ، وبلاغه لها صلى الله عليه وسلم دليل صريح على أنه رسول الله حقاً، والمبلغ عن الله صدقاً .

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئا مما أُنزل عليه ، لكتم هذه الآية : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } ) ( مسلم )



نزل أمر الله بزواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها لتصحيح المفاهيم الخاطئة وهدم العادات الجاهلية ، وقد ظهر في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين زينب رضي الله عنها ، فضل كلا من زيد والسيدة زينب رضي الله عنهما

ففي قول الله تعالى : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا } منقبة عظيمة لزيد رضي الله عنه ،فقد انفرد رضي الله عنه وحده دون الصحابة بذكر اسمه في القرآن الكريم، إذ لم يذكر اسم أحد في القرآن الكريم، إلا لنبي من الأنبياء ولزيد بن حارثة رضي الله عنه

فلما حرم زيد رضي الله عنه من أن يقول : أنا زيد بن محمد، لما نُزِع عنه هذا الشرف وهذا الفخر، أكرمه الله وشرفه بخصوصية لم يخص بها أحدا من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهي أنه ذكره باسمه في القرآن الكريم، وفي ذلك تأنيس له ، وعوض من الفخر بأبوة محمد صلى الله عليه وسلم له .

أما السيدة زينب رضي الله عنها فكان زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه، وهو الذي زوَّجه إياها، قال تعالى: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } (الأحزاب: من الآية37)، وفي هذا شرف عظيم ومنقبة جليلة للسيدة زينب رضي الله عنها ، ومن ثم كانت تفاخر بذلك ..
فعن أنس رضي الله عنه قال: ( كانت زينب بنت جحش رضي الله عنها تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول : زوَّجكن أهاليكن، وزوَّجني الله من فوق سبع سماوات ) البخاري


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-15-21, 06:47 AM
أمهات المؤمنين في سطور...

السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها (3 )

شاءت حكمة الله تعالى أن لا يتوافق زيد وزينب رضي الله عنهما في زواجهما ، وأذن الله بالطلاق فطلقها زيد رضي الله عنه بعد أن مكث معها مايقرب من سنة

ومن فوق سبع سموات أمر الله سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يتزوج بالسيدة زينب رضي الله عنها بعد طلاقها من زيد رضي الله عنه فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وقيل سنة خمس من الهجرة .. وأنزل الله في ذلك قوله: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } (الأحزاب:37) ..



وكان خاطِبُ السيدة زينب رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم هو زوجها الأول زيد رضي الله عنه، ليقطع بذلك ألسنة المتقولين ، وما قد يزعمونه من أن طلاقها وقع بغير اختيار منه ، وأنه قد بقي في نفسه من الرغبة فيها شيء ، وفي هذا يقول ابن حجر : " هذا من أبلغ ما وقع في ذلك ، وهو أن يكون الذي كان زوَّجها هو الخاطب ، لئلا يظن أحد أن ذلك وقع قهراً بغير رضاه .. "

فلما انقضت عدتها رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: "فاذكرها علي" فانطلق زيد رضي الله عنه إلى السيدة زينب رضي الله عنها حتى أتاها و هي تخمر عجينها قال : فلما رأيتها عظمت في صدري ،حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرها ، فوليتها ظهري و نكصت على عقبي فقلت : يا زينب ! أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرك ، فقالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي ، فقامت الى مسجدها
فأنزل الله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37]. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن " مسلم



ولمَّا نزل قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا...} [الأحزاب: 37] كانت السيدة زينب رضي الله عنها تفتخر على بقيَّة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقول لهنَّ: "ُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ " البخاري

وكانت تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك إمرأة تُدل بهن :
إن جدي وجدك واحد ،وإني أنكحنيك الله من السماء , وكان جبريل السفير في أمري.

و كانت حقا كما قالت رضي الله عنها : أنا أكرمكن وليا و أكرمكن سفيرا زوجكن أهلكن و زوجني الله من فوق سبع سماوات فكانت رضي الله عنها وليها الله تعالى و سفيرها جبريل عليه السلام



وما أَوْلَمَ رسول الله على امرأةٍ من نسائه أكثر وأفضل ممَّا أولم على زينب، وقد أطعمهم خبزًا ولحمًا حتى تركوه(شبعوا) ،فعن انس رضي الله عنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب فانه ذبح شاة

وكان من كراماتها رضي الله عنها أن آية الحجاب نزلت بسببها وفي صبيحة يوم عرسها ،فعن أنس رضي الله عنه قال :" بني على النبي صلى الله عليه و سلم بزينب بنت جحش بخبز و لحم فأرسلت على الطعام داعيا ، فيجيء قوم فيأكلون و يخرجون ، ثم يجيء قوم فيأكلون و يخرجون ، فدعوت حتى ما أجد أحدا ادعوا ، فقلت : يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه قال : "ارفعوا طعامكم" وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت ، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فقال :" السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله". فقالت:و عليك السلام و رحمة الله، كيف وجدت أهلك بارك الله لك ؟ ، فتقرى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما قال لعائشة و يقلن له كما قالت عائشة رضي الله عنها

ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون ،و كان النبي صلى الله عليه و سلم شديد الحياء ، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة ، فما أدري :آخبرته ام أخبر ان القوم خرجوا ، فرجع حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة و أخرى خارجة ، أرخى الستر بيني و بينه و أنزلت آية الحجاب " البخاري



فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً }(الأحزاب:53)
ووعظ القوم بما وعظوا به ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : (أنا أحدث الناس عهدا بهذه الآيات، وحُجِبْن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ) مسلم


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-15-21, 06:48 AM
أمهات المؤمنين في سطور...

السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها ( 4 )


دخلت السيدة زينب رضي الله عنها بيت النبوة ، وأصبحت أما من أمهات المؤمنين ،وكانت رضي الله عنها لها مكانة عالية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : "لم تكن واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تناصيني غير زينب "(و تناصيني أي تنافسني) ،ولما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اسمها برّة فسماها زينب

وهي صاحبة قصة العسل التى ذكرنها سابقا ، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :" ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنها و يشرب عندها عسلا فتواصيت انا و حفصة أيتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فلتقل : اني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير؟ فدخل على احدهما فقالت له ذلك فقال : "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش و لن أعود له "



ورغم هذا التنافس على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم الا ان السيدة عائشة رضي الله عنها تذكر موقف السيدة زينب رضي الله عنها، النبيل في قضية الافك هذه المحنة العصيبة التي تعرضت لها السيدة عائشة رضي الله عنها، فتروي السيدة عائشة و تقول : (و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل زينب بنت جحش عن أمري
فقال لزينب: "ماذا علمت او رأيت ؟ "
قالت : يا رسول الله أحمي سمعي و بصري و الله ما علمت الا خيرا
قالت عائشة رضي الله عنها : و هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فعصمها الله بالورع)
البخاري



وكانت السيدة زينب رضي الله عنها عابدة خاشعة قوامة صوامة قانتة كثيرة التصدق لوجه الله تعالى ، وقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أوَّاهة، فقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : "إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ". فقال رجل: يا رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال: "الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75]"

وقد اشتركت رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الطائف بعد حنين، وغزوة خيبر، ثم حجة الوداع، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ظلَّت رضي الله عنها محافِظةً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لازمة بيتها؛ ففي حجة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن : "هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الحُصُرِ".(بمعني هذه الحجة ثم لزوم البيت ) فكن كلهن يحججن إلاَّ السيدة زينب بنت جحش والسيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنهما ، وكانتا تقولان: والله لا تحرِّكنا دابَّة بعد أن سمعنا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم



وقد لقبت رضي الله عنها بألقاب عديدة منها: أم المساكين، ومفزع الأيتام، وملجأ الأرامل.وكانت ورعة تديم الصيام والقيام ،كثيرة التصدق وبذل الخير ،قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها- : "ما رأيتُ امرأة خيرًا في الدّين من زينب؛ أتقَى لله وأصدَق حديثًا وأوصَل للرّحم وأعظم صدقة" .


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-15-21, 06:50 AM
أمهات المؤمنين في سطور.....

السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها ( 5 )


وكانت السيدة زينب رضي الله عنها من صناع اليد ، تصنع و تدبغ وتخرز ،وتبيع ماتصنعه ثم تتصدق بثمن ذلك ، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة تصدقها وأخبر أنها أول أزواجه وفاة بعده، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: " أسرعكن لحاقاً بي أطولكنَّ يداً " قالت: فكنَّ يتطاولن أيتهنَّ أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب ، لأنها كانت تعمل بيدها وَتَصَدَّق )( البخاري ).

وفي رواية أخرى قالت السيدة عائشة رضى الله عنها : "فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد طول اليد بالصدقة، وكانت زينب امرأة صناع اليدين (أي تعمل بيديها الشريفتين) ، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله."



وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :" كانت زينب تغزل الغزل وتعطيه سرايا النبي صلى الله عليه وسلم يخيطون به ويستعينون به في مغازيهم"

وقد ظلت رضي الله عنها جوادة كريمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولقد أرسل إليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه اثني عشر ألف درهم، كما فرض لنساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت رضي الله عنها :" غفر الله لعمر لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني" ، قالوا : هذا كله لك ، قالت:" سبحان الله" ، تقول برزة بنت رافع رضي الله عنها-: واستترت منه بثوب وقالت : "صبوه واطرحوا عليه ثوباً" ، وأخذت تفرقه في رحمها وأيتامها ، وأعطتني ما بقي فوجدناه خمسة وثمانين درهما ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: "اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا أبدا "

فماتت بعدها فعلاً وكانت حقا أول أزواجه صلى الله عليه وسلم لحوقا به ،حيث توفيت سنة عشرين للهجرة وقد جاوزت الخمسين عاما ، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصنع لها نعش وكانت أول امرأة يفعل معها ذلك ،ودفنت بالبقيع


ولقد بلغ من حبها للعطاء أنها أوصت حين حضرتها الوفاة بقولها: " إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا "

تقول عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : "لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى و الأرامل"
، و تقول عنها ايضا : "يرحم الله زينب بنت جحش لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ان الله عز و جل زوجها نبيه صلى الله عليه و سلم في الدنيا و نطق بها القران"

قال ابن سعد رحمه الله :ماتركت زينب بنت جحش رضي الله عنها درهما ولا دينارا ،وكانت تتصدق بكل ماقدرت عليه ،وكانت مأوى المساكين ، فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-16-21, 06:37 AM
أمهات المؤمنين في سطور...

السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها (1 )

هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية ، كانت تحت ابن عم لها يقال له مسافع بن صفوان المصطلقي ، وقد قُتل في يوم المريسيع

كانت سيدة نساء قومها، وكان أبوها زعيم بني المصطلق ، الذين كانوا يجمعون للنبي صلى الله عليه وسلم ،فقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث رضي الله عنها



فقد تسلل الشيطان إلى قلوب بني المصطلق وزين لهم بأنهم أقوياء يستطيعون التغلب على المسلمين، فأخذوا يعدون العدة ويتأهبون لمقاتلة المسلمين ،فتجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقيادة سيدهم الحارث بن أبي ضرار

فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،خرج إليهم في سنة خمس او ست للهجرة حتى لقيهم على ماء لهم يقال له "المريسيع" ، فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق، وقتل من قتل منهم ، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيًا كثيرًا قسمه في المسلمين


وكانت جويرية رضي الله عنها ضمن سبي بني المصطلق ، وكان قد قتل زوجها في هذه الغزوة، ووقعت في سهم ثابت بن قيس الأنصاري رضي الله عنه ، فكاتبت على نفسها لكونها أبية وسيدة نساء قومها، ولم يكن معها ما كاتبت عليه فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعينها على ذلك، فرد عليها بما هو أفضل؛ إذ عرض عليها الزواج منها وقضاء مكاتبتها، فأجابت بالقبول وأسلمت وحسن إسلامها.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: " لما سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن وقفت على باب الحجرة فرأيتها كرهتها، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل ما رأيت، فقالت جويرية: يا رسول الله، كان من الأمر ما قد عرفت فكاتبت نفسي فجئت رسول الله أستعينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أو ما هو خير من ذلك؟" فقالت: وما هو؟ قال: "أتزوجك وأقضي عنك كتابتك"، فقالت: نعم، قال: "قد فعلت".

قالت عائشة رضي الله عنها : فبلغ المسلمين ذلك قالوا: أصهار رسول الله ! فأرسلوا ما كان في أيديهم من سبايا بني المصطلق، قالت: فلقد عتق بتزويجه مائة أهل بيت من بني المصطلق، قالت: "فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها".



وزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وقع في السنة الخامسة للهجرة ، وكان عمرها إذ ذاك عشرين سنة ، وكانت قد رأت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا ،فتقول رضي الله عنها :
"رأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر به أحداً من الناس، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجني، والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذي أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني الخبر، فحمدت الله تعالى "


وغيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها ، فعن زينب بنت أبي سلمة قالت: ( كان اسم جويرية بنت الحارث برة ، فحوّل النبي صلى الله عليه وسلم اسمها ، فسماها جويرية ، وكان يكره أن يقال خرج من عند برة) صحيح على شرط الشيخين

وروى ابن سعد في الطبقات أنه لما وقعت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها في السبي ، جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنتي لا يُسبى مثلها ؛ فأنا أكرم من ذاك ، فخل سبيلها ، فقال : "أرأيت إن خيّرناها ، أليس قد أحسنّا ؟"، قال : بلى ، وأدّيت ما عليك . ، فأتاها أبوها فقال : إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا ، فقالت : "فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأسلم أبوها


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-16-21, 06:38 AM
أمهات المؤمنين

السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها (2 )

ولقد عاشت رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم و تأثرت به ، فكانت رضي الله عنها ذات صبرٍ وعبادة ، كثيرة الذكر لله عزوجل ، فقد ورد أنها كانت تذكر الله من بعد الفجر وحتى شروق الشمس

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في مصلاي، فرجع حين تعالى النهار وأنا فيه فقال: "لم تزالي في مصلاك منذ خرجت؟", قلت: نعم، قال: "قد قلت أربع كلمات ثلاث مرات لو وزن بما قلت لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".


وكانت رضي الله عنها تكثر من الصيام والنوافل ،فعنها رضي الله عنها قالت : ( دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم جمعة وأنا صائمة فقال لي : أصمت أمس ؟ ، قلت : لا ، قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ ، قلت : لا ، قال فأفطري )

وكانت رضي الله عنها حليمة تعتق من حر مالها ، فعن مجاهد عن جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا نبي الله، أردت أن أعتق هذا الغلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بل أعطيه أخاك الذي في الأعراب يرعى عليه؛ فإنه أعظم لأجرك".



ولقد اشتكت رضي الله عنها ذات مرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أزواجك يفخرن عليّ، يقلن: لم يتزوجك رسول الله إنما أنت ملك يمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألم أعظم صداقك؟ ألم أعتق أربعين رقبة من قومك ؟ "

ولقد توفيت رضي الله عنها في شهر ربيع الأول سنة خمسين وقيل سنة ست وخمسين وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة ،في إمارة معاوية، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة ، فرضي الله عنها ، وعن أمهات المؤمنين أجمعين.


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

Ameera .2000
09-16-21, 09:56 AM
شكرا لك ع المعلومات الجميله

عطاء دائم
09-17-21, 07:00 AM
شكرا لك ع المعلومات الجميله

الشكر موصول لك على جميل الحضور
ربي يحفظك

عطاء دائم
09-17-21, 07:03 AM
أمهات المؤمنين في سطور..

السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها (1 )

هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب ، أبوها سيد بني النضير ، من سبط لاوي بن نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، ومن ذرية نبي الله هارون بن عمران أخى موسى عليهما السلام ، وأمها برة بنت سموءل من بني قريظة إخوة بني النضير .


وكان يهود بني قريظة وبني النضير يسكنون ضواحي المدينة ويعيشون في حصونهم على الزراعة ،ولقد ولدت رضي الله عنها ونشأت وتربت في عز أبيها سيد بني النضير وزعيمهم ،والذي كان ذا مال وشرف في قومه فلما نضجت صفية رضي الله عنها وتأهلت لأن تصبح عروسًا تزوجها سلام بن مشكم القرظي ،وكان فارس قومها ومن كبار شعرائهم ،إلا أنه ما لبث أن فارقها فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري وكان من شعراء اليهود أيضًا وزعمائهم .



هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزل بقباء ، وتسامع اليهود بنزوله إلى جوارهم فتسابقوا لمعرفة حقيقته وصفته ليتأكدوا من شخصه ونبوته ويقارنوا بينه وبين ما سجلته كتبهم عن نبي آخر الزمان . .

وكان أول المشاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد بني النضير حيي بن اخطب وأخوه أبو ياسر بن أخطب ، وتروي السيدة صفية رضي الله عنها ذكرياتها عن تلك المشاهدة فتقول :
" كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، غدا عليه أبي وعمي مغلسين ( في أول الصباح ) فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس فأتيا كالين(مجهدين) كسلانين فهششت إليهما كما كنت اصنع فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم !! وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي:
أهو هو ؟!..
فقال أبي : نعم والله
فقال عمي : أتعرفه وتثبته ؟!
فقال أبي : نعم .
فقال عمي : فما في نفسك منه ؟!
فقال أبي : عداوته والله ما بقيت !! "



وكانت مع أبيها وابن عمها بالمدينة ، فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير ساروا إلى خيبر ، وقتل أبوها مع من قتل من بني قريظة ثم قتل زوجها يوم خيبر ، وأخذت هي مع الأسرى

و جاء الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: أعطني جارية من السبي .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اذهب فخذ جارية ".

فذهب دحية رضي الله عنه وأخذ صفية بنت حيي رضي الله عنها وكانت اجمل بنات قومها ، إلا أن أهل الرأي والمشورة من الصحابة رضوان الله عليهم قالوا : يا رسول الله إنها سيدة قريظة وبني النضير ما تصلح إلا لك !

فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم من دحية رضي الله عنه ، وأعطاه بها ما رضي وقال له : "خذ جارية من السبي غيرها " ، واصطفاها عليه الصلاة والسلام لنفسه ، وخيرها بين الإسلام والبقاء على دينها قائلا لها:
" اختاري ، فإن اخترتِ الإسلام أمسكتك لنفسي (أي تزوجتك ) ، وإن اخترتِ اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك "
فقالت صفية رضي الله عنها :
أختار الله ورسوله ، فقد هويت يا رسول الله الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني ، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب ، وما لي فيها لا والد ولا أخ ، وخيرتني الكفر والإسلام ، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي "



فأسلمت صفية بنت حيي رضي الله عنها وحسن إسلامها ولم يشب دينها شائبة فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه وأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها

لقد استحسن النبي الرحيمصلى الله عليه وسلم رأي أصحابه من أهل الرأي والمشورة ،فأبى أن تذل هذه السيدة الشريفة في قومها بالرق والعبودية ،فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقها وتزوجها ، وكان هدفه عليه الصلاة والسلام أعزازها وإكرامها ورفع مكانتها ، إلى جانب تعويضها خيرا ممن فقدت من أهلها وقومها ، ووصل بهذا الزواج قومها الذين دأبوا على مخاصمته طوال حياتهم ، ولقد أحسن الرسول صلى الله عليه وسلم اليها وأكرمها وتلطف بها حتى أصبحت تفضله على أهلها وعشيرتها


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-17-21, 07:04 AM
أمهات المؤمنين في سطور...

السيدة صفية بنت حي رضي الله عنها (2 )

ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه صفية رضي الله عنها أثر خضرة قريبًا من عينها فسألها عنها وقال : "يا صفية ما هذه الخضرة ؟!"
فقالت صفية رضي الله عنها : يا رسول الله رأيت في منامي كأن قمرًا أقبل من يثرب، فسقط في حجري !! فقصصت رؤياي على زوجي وابن عمي كنانة بن أبي الحقيق فضرب وجهي ضربة أثرت فيه وقال: أتتمنين ملك يثرب محمدًا أن يصير زوجك ؟! فهذه من لطمته


وانقضت عدة صفية بنت حيي رضي الله عنها قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر فألقى عليها رداءه وضرب عليها الحجاب بعد أن صارت أمًا للمؤمنين ، فلما قرب البعير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج، ثنى لها النبي صلى الله عليه وسلم ركبته لتضع قدمها على فخذه فتركب على البعير ، فأجلت صفية رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبت أن تضع قدمها على فخذه بل وضعت ركبتها فركبت



فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع يقال له (تبار) على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها (يدخل بها) ، فأبت فوجد(غضب) النبي صلى الله عليه وسلم عليها في نفسه من ذلك وشق عليه تمنعها ورفضها .

فاستأنف ميسره نحو المدينة ،فلما كان بالصهباء نزل لإراحة الجيش ،ودفع صفية رضي الله عنها إلى أم سليم رضي الله عنها ،فجملتها ومشطتها وعطرتها وأصلحت من أمرها فكانت من أضوأ ما يكون من النساء وأوصتها قائلة : إذا أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فقومي إليه



فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت إليه ، فسر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وبات عندها في قبة له ، وسألها : "ما حملك على الامتناع من النزول أولا؟! "
فقالت : يا رسول الله خشيت عليك من قرب اليهود .
فزال ما كان يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه من جفوة نحوها ،وزادت مكانتها عنده

وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم وقد بني بها (دخل بها) ،فقال :" من كان عنده شئ فليأت به " ،فجعل الرجل يجئ بالتمر ، آخر يجئ بالسمن ، وثالث بالسويق ، فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية رضي الله عنها . ثم ارتحلوا إلى المدينة


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-18-21, 06:51 AM
أمهات المؤمنين في سطور....

السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها (3 )


قدمت السيدة صفية رضي الله عنها بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى المدينة وكان يعاملها في غاية الرفق ووجدت منه رقة ولطفا فقالت :" مارايت قط أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"

و دخلت رضي الله عنها بيت النبوة ،وكان عمرها على أصح الأقوال سبعة عشر عاما ،وكانت تكنى أم يحي ، وكانت طاهرة القلب ،صافية الروح، من وصولها قدمت هدايا لأزواج النبي عليه الصلاة والسلام للتودد لهن ، وأهدت السيدة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقًا من ذهب كان في أذنيها وأحبتها حبا شديدا



وكانت رضي الله عنها رقيقة المشاعر صافية النفس تقية زكية ،ذات عين باكية خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر له فلما كان بعض الطريق برك بها( سقط) جملها بسبب ضعفة وإعيائه فبكت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك فجعل يمسح دموعها بيده الشريفة وبردائه .

وكانت رضي الله عنها شريفة ، عاقلة ، ذات حسب أصيل ، وجمال ورثته من أسلافها ، وكان من شأن هذا الجمال أن يؤجّج مشاعر الغيرة في نفوس أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ففي يوم دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدها تبكي فقال لها : "ما يبكيك ؟! "
فقالت له : إن نساءك يتفاخرن علي ويقلن : نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فنحن أزواجه وبنات عمه !
فطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطرها وقال لها : "ألا قلتِ لهن : كيف تكن خيرًا مني وأبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد  ؟! "



ولما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم تأثّرت رضي الله عنها لمرضه ، وتمنت أن لو كانت هي مكانه ، فعن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال: " اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفى فيه، واجتمع إليه نساؤه، فقالت صفية بنت حيي : إني والله يا نبي الله لوددتُ أنّ الذي بك بي ، فتغامزت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "والله إنها لصادقة ".



ومن مواقفها الدالة على حلمها وعقلها ، أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين ، فقالت : إن صفية تحب السبت ، وتصل اليهود ، فبعث عمر رضي الله عنه يسألها ، فقالت :" أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحماً فأنا أصلها" ، ثم قالت للجارية: "ماحملكِ على ما صنعت ؟" قالت : الشيطان قالت : "اذهبي فأنت حرة" .

ولم تكن رضي الله عنها تدّخر جهداً في النصح وهداية الناس ، ووعظهم وتذكيرهم بالله عز وجل ، ومن ذلك أن نفراً اجتمعوا في حجرتها ، يذكرون الله تعالى ويتلون القرآن ، حتى تُليت آية كريمة فيها موضع سجدة ، فسجدوا ، فنادتهم من وراء حجاب قائلة : " هذا السجود وتلاوة القرآن ، فأين البكاء ؟ " .



و كانت رضي الله عنها من أكثر النساء عبادة و وورعًا وزهدًا وبرًا وصدقة فكانت لها دار تصدقت بها في حياتها ، وعاشت أمنا رضي الله عنها بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم قرابة اربعين سنة في طاعة الله

ولقد عايشت رضي الله عنها عهد الخلفاء الراشدين ، حتى أدركت زمن معاوية رضي الله عنه ، ثم كان موعدها مع الرفيق الأعلى سنة خمسين للهجرة ، لتختم حياة قضتها في رحاب العبادة ، دون أن تنسى معاني الأخوة والمحبة التي انعقدت بينها وبين رفيقاتها على الدرب ، موصيةً بألف دينار لعائشة بنت الصدّيق رضي الله عنها ، وقد دفنت بالبقيع ، فرضي الله عنها وعن سائر أمهات المؤمنين.


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-19-21, 06:24 AM
أمهات المؤمنين في سطور....

السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها (1 )

هي أم المؤمنين السيدة رمله بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشية الأموية رضي الله عنها ،ولدت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو سبعة عشر عامًا ، أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية ،وأخوها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كاتب وحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كانت تكنى أم حبيبة ، نسبة إلى ابنتها


نشأت رضي الله عنها في نعمة وغذيت ، فأبوها : أبو سفيان بن حرب كان يشغل المقام الرفيع في قومه في الجاهلية فهو عريض الجاه وافر الثراء سابغ النعمة ، ولما بلغت رضي الله عنها سن الزواج عبيد الله بن جحش من بني أسد بن خزيمة وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم : أميمه بنت عبد المطلب ،وأخو أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها



وكان عبيد الله بن جحش قد اجتمع سرًا مع ثلاثة نفر هم : ورقة بن نوفل وعثمان بن الحويرث وزيد ابن عمرو ابن نفيل فقالوا : - بعد ان تعاهدوا على أن يكتم بعضهم سر الآخر – تعلموا والله ما قومكم على شيء !! لقد اخطئوا دين أبيهم إبراهيم !! ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر ؟!.. يا قوم التمسوا لأنفسكم دينًا فإنكم ما انتم على شيء. ثم تفرقوا جميعًا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام .


وعاد عبيد الله بن جحش إلى مكة وقد اتبع دين النصرانية حتى بعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام ، فسارع عبيد الله وزوجته رمله بنت أبي سفيان رضي الله عنها إلى اتباعه وكانوا ممن أسلم مبكرا في مكة



وعاشت هي وزوجها تلك التجربة القاسية التى لاقاها المؤمنين في بدايات الدعوة إلى الإسلام واحتملت في سبيل دينها المتاعب والأهوال ، فقد آمنت رضي الله عنها على الرغم من كفران أبيها سيد مكة المطاع وزعيمها الذي تدين له بالطاعة والولاء .

ولم يستطع أبو سفيان بكل ما أوتي من بأس وقوة أن يثني أبنته عن عزمها ، و ثبتت رضي الله عنها على دينها ، و لما ضاق الخناق عليها وعلى زوجها وخشيت رضي الله عنها بطش أبيها وأذاه هاجرت فرارًا بدينها مع زوجها عبيد الله بن جحش في الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة وكانت مثقلة بحملها وتركت أباها وقد عظم غيظه أن اسلمت أبنته وليس له إليها سبيل !
وفي أرض الحبشة استقر الزوجان ووضعت رمله رضي الله عنها ابنتها حبيبه فصارت تدعى أم حبيبة .



بينما كانت ام حبيبة رضي الله عنها تعاني الآم الغربة والوحشة من أجل ربها ودينها وتكتم حنينها وشوقها إلى الوطن والأهل والأحباب وتحاول أن تجد في زوجها عوضًا عما فارقت من أهل وعشيرة شاءت إرادة الحق سبحانه وتعالى تباركت حكمته أن يمتحن إيمان ام حبيبة رضي الله عنها امتحانًا شديدًا !!

فقد استيقظت رضي الله عنها ذات ليلة من نومها فزعة مذعورة !! .. وتقص رؤيتها فتقول : "رأيت في النوم عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهها .. ففزعت وقلت : تغيرت والله حالة !! فإذا هو يقول حين أصبح : - يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أرى دينًا خيرًا من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم أسلمت و دخلت في دين محمد ، ولكني الآن أرجع إلى النصرانية .

ففزعت رضي الله عنها من قوله وحاولت أن تثنيه ضلاله وتعيد إليه رشده فقالت له ناصحة : والله ما هو خير لك ، وأخبرته بالرؤيا التي رأتها له ، فلم يحفل عبيد الله بن جحش بنصيحة زوجته وأكب على الخمر وكان يمر بالمهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: فتحنا أعيننا فأبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد !!
وظل عبيد الله بن جحش على تلك الحالة من الضلال المبين حتى مات نصرانيًا بأرض الحبشة .


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-19-21, 06:25 AM
أمهات المؤمنين في سطور

السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها (2 )


ثبتت رضي الله عنها على الإسلام ،ثبتت رغم كفر أبيها وتنصر زوجها ،ثبتت لما أراد الله بها من الخير ،ولما أعد لها من الخير في الدنيا والآخرة

و هاهي رضي الله عنها تحكى ما أصابها ، فتقول :"لما تنصر عبيد الله وتوفى على النصرانية أصابني من ذلك همٌّ وغمٌّ عظيمين ، إلى أن رأيت فيما يرى النائم من يناديني قائلاً : "يا أم المؤمنين " ، فأوّلتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني ، فما هو إلا أن انقضت عدّتي ، حتى أتاني رسول النجاشي يستأذن الدخول عليّ ، فإذا هي جاريةٌ له يقال لها أبرهة ، كانت تقوم على ثيابه ودهنه

فدخلتْ عليّ فقالت : إن الملك يقول لك : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوجك إيّاه ، ففرحت وقلت : "بشّرك الله بخير " ، فقالت لي : يقول لك الملك وكّلي من يزوّجك ، فأرسلت إلى خالد بن سعيد ابن العاص رضي الله عنه فوكّلته ، وأعطيتُ الجارية ما عندي من حليٍّ وجواهر مكافأةً لها على ما بشّرتني به .



فلما كان العشي أمر النجاشي بحضور جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ، فخطب النجاشي فقال : الحمد لله الملك القدوس السلام ، المؤمن المهيمن العزيز الجبار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنّه الذي بشر به عيسى بن مريم عليه السلام ، أما بعد : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فأجبته إلى ما دعا إليه ، وقد أصدقتها أربعمائة دينار . ثم سكب الدنانير بين يدي القوم

فتكلم خالد بن سعيد رضي الله عنه فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، أما بعد : فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوّجته أم حبيبة ابنة أبي سفيان ، فبارك الله لرسوله . ثم قام ودفع إليّ الدنانير ، ثم أرادوا أن يقوموا ، فقال لهم النجاشي : اجلسوا ؛ فإنّ سنّة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعامٌ على الزواج ، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا ".



وتواصل رضي الله عنها سرد قصتها قائلةً : " فلما وصل إليّ المال أرسلتُ إلى الجارية التي بشّرتني ، فقلت لها :" إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذٍ ولا مال بيدي ، فهذه خمسون مثقالا فخذيها واستغني بها" ، لكنها رفضت و ردّت إليّ كل ما أعطيتها سابقا ، وقالت : عزم علي( حلف على )ّ الملك ألا آخذ منك شيئا ، وإني قد تبعت دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله ، فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله مني السلام ، وتعلميه أني قد اتبعت دينه ، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ماعندهن من العطر ،فلما كان الغد جاءتني بعود وعنبر

وكانت هي التى جهزتني ، وكانت كلما دخلت على تقول :لا تنسي حاجتي إليك ،فلما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة أخبرته كيف كانت الخطبة ، وما فعلت بي الجارية ، وأقرأته منها السلام ، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( وعليها السلام ورحمة الله وبركاته) .


لقد احتفلت المدينة بهذا الحدث العظيم سنة 7هـ ، وكان عمرها يومئذٍ 36سنة ، وأنزل الله تعالى في شأن هذا الزواج المبارك قوله : {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } ( الممتحنة : 7 ) ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما : " ..فكانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها ، فصارت أم المؤمنين ، وصار معاوية خال المؤمنين " .

هذا وقد شهد لها القريب والبعيد بالذكاء والفطنة ، والفصاحة والبلاغة ، ، وكانت فوق ذلك من الصابرات المجاهدات ، ويظهر جهادها وصبرها من خلال هجرتها إلى الحبشة مع زوجها ، تاركة أهلها وقومها ، ثم صبرها على الإسلام عندما تنصّر زوجها ، مما أدى إلى انفصالها عنه ، فصارت وحيدة لا زوج لها ولا أهل ، وفي غربة عن الديار ، لكن الإسلام يصنع العجائب إذا لامس شغاف القلوب ، فثبتت في موطن لا يثبت فيه إلا القليل ، مما رفع قدرها ، وأعلى منزلتها في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراد مواساتها بزواجه منها .

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-20-21, 06:21 AM
أمهات المؤمنين في سطور

السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها (3 )

تزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة أمَّ حبيبة رضي الله عنها، وأصبحت أما للمؤمنين، وكان زواجه منها تكريمًا لها على ثباتها في دين الله ، وبعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلَّتْ مخلصةً له ولدينه ولبيته

وكان لها مع والدها أبي سفيان وقفة براءٍ من الشرك وأهله ، فإنه لمّا قدم المدينة راغباً في تمديد الهدنة ، دخل على ابنته أم حبيبة رضي الله عنها ، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه ، فاستنكر والدها ذلك وقال : " يا بنيّة ، أرغبتِ بهذا الفراش عنّي؟ ، أم رغبتِ بي عنه ؟ "، فأجابته إجابة المعتزّ بدينه المفتخر بإيمانه :"بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت امرؤ نجسٌ مشرك " ، فقال : لقد أصابك بعدي شرٌّ
فقالت: "بل هداني الله للإسلام، وأنت -يا أبتِ- سيِّد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر؟!" فقام من عندها...



وكانت رضي الله عنها مع غَيْرتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تحبُّ أن تشاركها فيه أختها عزَّة بنت أبي سفيان؛ فقد سمِعَتْ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم همَّ أن يتزوَّج دُرَّة بنت أمِّ سلمة

فعن زينب بنت أبي سلمة أن أمَّ حبيبة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان. قال: "وَتُحِبِّينَ؟"
قلتُ: نعم، لست لك بمُخْلِيَةٍ( تاركة ) ، وأحبُّ مَن شاركني في خيرٍ أُختي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لِي"
قلتُ: يا رسول الله، فوالله إنَّا لنتحدَّث أنك تريد أن تنكح دُرَّة بنت أبي سلمة
قال: "بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟" ، فقلتُ: نعم
قال: "فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي؛ إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ"



وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ظلَّت السيدة أمُّ حبيبة رضي الله عنها مستمسِّكة بسُنَّته ؛ ولمَّا جاء نعي أبي سفيان من الشام دعتْ أمُّ حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث، فمسحتْ عارضيها وذراعيها، وقالت: إني كنتُ عن هذا لغنية، لولا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"

و عاشت السيدة أمُّ حبيبة رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وثلاثين سنة ، متمسِّكة بهدية، سائرة على سُنَّتِه، عميقة الصلة بالمؤمنين جميعًا، كما كانت حسنة الصلة بأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعًا، حريصةً على وُدِّهن واسترضائهن



ولما أحسّت بقرب رحيلها دعت السيدة عائشة رضي الله عنها وقالت لها : " قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر ، فهل لك أن تحللينني من ذلك ؟ " ، فحلّلتها واستغفرت لها فقالت لها : " سررتِني سرّك الله " ، وأرسلت إلى أم سلمة رضي الله عنها بمثل ذلك ، ثم ماتت رضي الله عنها سنة أربع وأربعين للهجرة بالمدينة عن ثمانٍ وستين سنة، في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، فرضي الله عنها و عن أمهات المؤمنين جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-20-21, 06:23 AM
أمهات المؤمنين في سطور..

السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها


هي أم المؤمنين ، ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية رضي الله عنها ، وأمها هند بنت عوف ، وهي آخر امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي من السابقات إلى الإسلام ، وأخوات السيدة ميمونة رضي الله عنها لأبيها وأمها هم:
أم الفضل لبابة الكبرى زوجة العباس بن عبد المطلب وأول من أسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها وتبعها بعد ذلك اخواتها فأسلمن جميعا
و لبابة الصغرى زوجة الوليد بن المغيرة و أم خالد بن الوليد
فالسيدة ميمونة رضي الله عنها خالة عبد الله بن عباس ، وخالد بن الوليد رضي الله عنهم .


أما أخواتها لأمها فهم :
أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم
وسلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهم
وسلامة بنت عميس زوجة عبد الله بن كعب بن منبّه رضي الله عنهم


وقد وصفها الرسول وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : "الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ"
صححه الألباني



تزوجت في بداية حياتها بمسعود بن عمرو الثقفي ،ثم طلقت منه ،فتزوجها ابو رهم بن عبد العزى ولكن بعد فترة مات وبقيت وحيدة.


وفي صلح الحديبية نص الصلح على أن يرجع المسلمون في العام المقبل ويدخلون مكة ثلاثة ايام ،يقومون بها بشعائر العمرة ويخرجون ،وسميت بعمرة القضاء.

وصل المسلمون وراحوا يطوفون ويهللون وقضوا عمرتهم ، وعرض العباس رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من السيدة ميمونة رضي الله عنها ، وشجعه على الزواج بها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصدقها اربعمائة درهم ، وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع للهجرة بعد فراغه من عمرة القضاء ، وهي آخر أزواجه صلى الله عليه وسلم



بعد أن أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عمرته ، أراد أن يعمل وليمة عرسه في مكّة ، وإنما أراد تأليف قريشٍ بذلك ، فأبوا عليه ، وبعثوا إليه حويطب بن عبد العزى بعد مضي أربعة أيام يقول له : " إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا "

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع فنادى بالرحيل ، فخرج إلى "سرف"، وهو موضع قرب التنعيم يبعد عن مكة عشرة أميال ، وبنى بها (دخل بها) هناك ، وكان عمرها عندئذٍ 26 عاما ، وقد أولم عليها بأكثر من شاة

وكان اسمها في السابق بَرَّة ، فغيّره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ميمونة ، شأنها في ذلك شأن أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها ، والتي كان اسمها " برّة " ، فغيّره عليه الصلاة والسلام إلى جويرية



ولقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة رضي الله عنها مصلحة كبيرة ، وهي أنه بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا

ووصلت رضي عنها المدينة ، و عاشت في غرفتها المتواضعة التي امتلأت حباً وطاعةً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،تنهل من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام ، وبانضمامها رضي الله عنها إلى ركب آل البيت ، وإلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان لها كما لأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن دور كبير في نقل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأُمَّة



وكانت رضي الله عنها من سادات النساء ، مثلاً عالياً للصلاح ورسوخ الإيمان ، تشهد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على ذلك بقولها : ".. أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم " ، وقد روت عدداً من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان منها صفة غسله عليه الصلاة والسلام .


وبعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ظلت رضي الله عنها عاكفة على عبادة الله عزوجل حتى تاقت نفسها للقاء الله ، و قدّر الله أن تكون وفاتها في الموضع الذي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زواجه منها في "سرف" ، وذلك سنة 51 للهجرة ، وكان عمرها إذ ذاك ثمانين سنة ، وصلّى عليها ابن عباس رضي الله عنهما ، ودخل قبرها هو ويزيد بن الأصم وعبد الله بن شداد بن الهادي ، وهم بنو أخواتها ، فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعا


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-21-21, 06:32 AM
السيدة مارية القبطية رضي الله عنها

هي ماريا بنت شمعون رضي الله عنها ، ولدت رضي الله عنها في صعيد مصر وقد أمضت رضي الله عنها شبابها الباكر في قريتها إلى أن انتقلت إلى بيت المقوقس عظيم القبط و ملك مصر


وهي ليست من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم و لكن من سراريه هي والسيدة ريحانة رضي الله عنهما



قدمت مارية رضي الله عنها إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة ، وذكر المفسرون أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، فبعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه و سلم وبين المشركين في مكة، بدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام

وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة و خبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، و كسرى ملك فارس،و المقوقس ملك مصر و النجاشي ملك الحبشة

تلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوا عليها رداً جميلا، ما عدا كسرى ملك فارس، الذي مزق الكتاب فدعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمزق الله ملكه



ولقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، وكان حاطبا رضي الله عنه معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته.

فأخذ حاطب كتاب الرسول صلى الله عليه و سلم إلى مصر وبعد ان دخل على المقوقس الذي رحب به. واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة وسأنظر"


و أخذ المقوقس كتاب النبي صلى الله عليه و سلم وختم عليه، وكتب إلى النبي صلى الله عليه و سلم بأنه قرأ كتابه وأكرم رسوله وبعث إليه بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وبعث أيضا بألف مثقال ذهب وعشرين ثوبا ،وبغلة ليركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بغلته "دلدل"



وكانت جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين. وفي طريق عودة حاطب رضي الله عنه إلى المدينة، عرض على ماريه رضي الله عنها وأختها الإسلام ورغبهما فيه، فأكرمهما الله بالإسلام.

وفي المدينة، أختار الرسول صلى الله عليه و سلم مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه ، و كانت ماريه رضي الله عنها جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس السيدة عائشة رضي الله عنها وأزواج النبي رضي الله عنهن ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان رضي الله عنه ،بالقرب من بيوت أزواجه رضي الله عنهن ، ثم حولها إلى العالية(منطقة في المدينة المنورة)، وكان يذهب إليها هناك



وبعد مرور عام على قدوم السيدة مارية رضي الله عنها إلى المدينة، حملت رضي الله عنها بإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرح النبي صلى الله عليه وسلم لسماع هذا الخبر ، وولدت مـارية رضي الله عنها في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة"، طفلاً جميلاً ، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام" وبهذه الولادة أصبحت مـارية حرة .

وعاش إبراهيم رضي الله عنه ابن الرسول صلى الله عليه و سلم سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه و سلم وحبه ، ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ، ثم دخل عليه وهو ينازع فرفعه إليه ، ومات إبراهيم بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فبكى عليه ودمعت عيناه ، وكان معه عبد الرحمن بن عوف فقال له : أتبكي يارسول الله؟
فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنها رحمة " ثم قال : " إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون "
(البخاري)



ومات إبراهيم رضي الله عنه وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، ودفن بالبقيع وحزن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا ،وحزنت السيدة مارية رضي الله عنها عليه حزناً شديداً


وخسفت الشمس يوم ان مات واعتقد الناس ان ذلك كان لموت ابراهيم فخرج عليهم النبى صلى الله عليه وسلم قائلا :" ان الشمس والقمر من آيات الله ، وإنهما لاينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فاذا رأيتموهما فكبروا ، وادعوا الله وصلوا وتصدقوا حتى يكشف عنكم " وصلى بهم صلاه الخسوف
البخاري ومسلم



وقد توفي الرسول صلى الله عليه و سلم وهو راض عن السيدة مـارية رضي الله عنها ،والتي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله، وكانت رضي الله عنها شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول صلى الله علية وسلم، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.


ولقد عاشت رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، ثم توفيت في السنة السادسة عشر من محرم. ولقد دعا عمر رضي الله عنه الناس وجمعهم للصلاة عليها ، و كان يجمعهم ويحشرهم بنفسه لحضور جنازتها . فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم ، ليشهدوا جنازة مـارية القبطية رضي الله عنها ، وصلى عليها عمر رضي الله عنه ودفنت رضي الله عنها في البقيع، إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

عطاء دائم
09-21-21, 06:34 AM
السيدة ريحانة بنت شمعون رضي الله عنها


هى السيدة ريحانة بنت شمعون رضي الله عنها، وقيل : هي من بني النضير إلا أن الأرجح أنها من بني قريظة .


كانت رضي الله عنها ذات جمالٍ وذات عقلٍ راجحٍ وكانت من قومها بحسبٍ ونسبٍ ،تزوج منها رجلٌ يهودي من بني قريظة يُدعى ( الحكم ) ، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعلى أبواب غزوة الخندق وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدرة اليهود عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع يهود بنى قريظة حلفًا أن لا يكونوا مع قريش عليهم



إلا أن يهود بني النضير انطلقوا إلى كعب بن أسد القرظى سيد بني قريظة وصاحب الكلمة فيهم وكان قد عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب لكن كعباً نقض عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت يهود بنو قريظة بعمليات الحرب ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعقب انتصار المسلمين على الأحزاب سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه بأمر الله ، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ : بأن تقتل الرجال وتسبى الذرية وتقسّم الأموال . وقُتل الحكم زوج السيدة ريحانة رضي الله عنها فيمن قتلوا من رجالات بني قريظـة ، فلما علمت السيدة ريحانة رضي الله عنها بذلك قالت : لا أستخلف بعده أبداً .



وكانت السيدة ريحانة رضي الله عنها من السبي ، و اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه و عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب . فقالت : يا رسول الله بل تتركني في ملكك فهو أخف عليّ وعليك ، فتركها ، وقيل أنه تزوجها ولكن الأرجح والأثبت عند أهل العلم أنها من سراريه وإمائه


و كانت حين سباها تعصّبت على الإسلام وأبت إلا اليهودية ، فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد (حزن) في نفسه ، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه ، فقال : " إن هذا لثعلبة بن سَعْيَة يبشرني بإسلام ريحانة " فجاءه فقال : يا رسول الله أسلمت ريحانة ، فسرّه ذلك منها ، وكان إسلامها عام 6 هـ .

وعاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل انها ماتت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توفيت بعد ما رجع من حجة الوداع في آخر السنة العاشرة من الهجرة ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع ، وقيل أنها توفيت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم

انتهى
اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين


SEO by vBSEO 3.6.1