المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف أقرأ القرآن ؟


عطاء دائم
12-20-21, 08:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اجعل أصفى الأوقات لكلام ربك، وأعطه البكور من أيامك، والأولوية من قائمة مشاغلك، واعلم بأن هذا ( التعظيم) هو المقصود الأول الذي يسعى لتحصيله.

هيئ لهذه التلاوة نفسك، مراعيا جميع الآداب الشرعية، وفي مقدمتها فتح قلبك للتلقي؛ فإن هذا القرآن بقدر ما تُفتحُ له القلوب يَفتح لها من كنوزه .

ابدأ قراءتك بما أمرك به ربك:
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم}،
فإن الاستعاذة تعني الدخول في حمى الله قبل الشروع فيما هو أعدى أعداء الشيطان، ألا وهو: ( فهم القرآن) ، فهو يحشد لهذا الأمر خيله ورَجِله، ولهذا : لابد من حرارة اللجوء والاحتماء بالله، لتتحصن من العدو المانع لك من نور الفهم،، ثم ثنِّ بالبسملة.

انتبه لاسم السورة، فإن اسم السورة له دلالة في فهمها، وإليك هذا المثال الموضح لذلك:

سورة ( غافر) :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏هذا ‏الوصف ‏في مطلع ‏السورة ‏الكريمة ‌‏:{ غافر ‏الذنب ‏وقابل ‏التوب ‌‏} ‏وكرر ‏ذكر ‏المغفرة ‏في ‏دعوة ‏الرجل ‏المؤمن ‌‏: {‏وأنا ‏أدعوكم ‏إلى ‏العزيز ‏الغفار‏}،وهذه علاقة واضحة بين اسم السورة وموضوعها،
وكذلك لو نظرت لاسمها الثاني:
(سورة ‏المؤمن) ، فهو يشير ‏لقصة ‏مؤمن ‏آل ‏فرعون الذي جادل عن آيات الله، ودافع عنها، وقد أخذت قصته نصيبا كبيرا من مجموع آيات السورة .

اهتم بمطلع السورة، فإنك واجد أن كل سورة جماعها في مطلعها، حيث يذكر موضوعها (مجملا) ثم يأتي التفصيل في ثناياها، وإليك هذا المثال الموضح لذلك:
في سورة(غافر) :
ورد ذكر ( الجدال) في مطلعها:
{مايجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} ،

ثم ظهر من موضوعاتها أن موسى عليه السلام أتى بالآيات البينات، وأن فرعون جادل فيها، وأن مؤمن آل فرعون جادل عنها، وأن أهل النار وهم في النار يجادلون ليخرجوا منها، ثم يتجادلون فيما بينهم فيها .

لا تغفل عن أهم مافي السورة، ألا وهو : (الخبر عن الله) ، فإن المقصود من خلقك هو معرفة ربك لتحصل عبادته ،
وتتعرف على الله من عدة أمور، أهمها:
أفعاله سبحانه: (خلق - رزق - أنزل- سخر- علم- مهد-… . )، فإن أفعال ربوبيته سبحانه تحرك ألوهيته في قلبك، وهو المقصد الأعظم.

أسماؤه سبحانه وتعالى، خصوصا في خواتيم الآيات، فإنها كثيرا ماترتبط بالأحكام الواردة في الآية، وبالحكمة منها، أو بإظهار ماورد في الآيات من أدلة استحقاقه للألوهية والعبادة،

وفي سورة ( غافر) تجد أنها تميزت في مطلعها بالكثير من أسماء الله تعالى وصفاته، وتجد أن لكل اسم في مطلعها علاقة بماسيأتي في ثناياها من معانٍ وأحداث،
وتجد فيها الكثير من أفعاله المعرِّفة بأنه العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول، ،لايستحق الألوهية غيره سبحانه تقدس وتعالى، بل تكاد الأفعال في السورة تنطق بالدلالة على هذه الأسماء والصفات، المذكورة في مطلع السورة، وعلى الانفراد باستحقاقه لتوحيد الحب والتعظيم والعبادة، فمن ينصر كتابه ، ومن يري آياته، ومن يعز من آمن بها إلا العزيز العليم؟

ومن يغفر ذنوب عباده، ويتوب عليهم - إذا أقبلوا تائبين - إلا غافر الذنب و قابل التوب ؟

احذر أن تغفل عما يرد في السورة من بقية أركان الإيمان الستة :
( الإيمان : بالملائكة/ بالكتب/ بالرسل/ باليوم الآخر/ بالقدر ) ، بحيث تخرج من السورة وقد ازددت إيمانا بماورد فيها من الأركان، فإنها لم تسمّ أركانا إلا لقيام دينك عليها.

ففي غافر مثلا :
- عينك لا تخطئ الخبر عن الملائكة في مطلع السورة :
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) وما يلي ذلك من العلاقة العظيمة بين التائب السالك للطريق والملائكة المقربين .

- ولتسمع بقلبك عن أسماء يوم القيامة واختلافها من سورة إلى سورة بمايناسب موضوع تلك السورة، وكذلك ما تميزت به كل سورة من ذكر أحواله، وأهواله، ومشاهده، ففي غافر مثلا:
سمي يوم القيامة ب( الآزفة) ، فمادلالته؟
ووصف هوله بوصف غريب، فما سببه؟

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، وهكذا يزيدك توالي السور أخبارا عن هذا اليوم العظيم، فيقرب إليك ذلك منافع الإيمان باليوم الآخر - من الخشوع وكمال الانقياد- ويدني لك ثماره.


- والخبر عن الرسل الكرام، وأحوالهم مع أقوامهم، وطريقة كلامهم، ووظيفتهم ، وسنة الله فيهم، ففي سورة( غافر) تبين لنا مثلا سنة الله مع الرسل، وحدود وظيفتهم، كي لا يتمادى أهل الهوى المستكبرين عن قبول الحق، المجادلين فيه في غيهم، فيقترحون عليهم وعلى أتباعهم من دعاة الحق الشروط والاقتراحات، فالحق بيِّن أبلج، وماأتى به الرسل من الآيات كافٍ للصادق في إرادة الهدى:

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ).

يتبع..

أناهيد السميري

ومضة
12-20-21, 09:17 AM
جزاكِ الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك


SEO by vBSEO 3.6.1