لبلبوني
02-26-22, 01:36 AM
دخل غرفته القاطنة في الملحق السطحي للعمارة...وكما تكون
ألآم النفس وانتفاض الجراحات كذلك حاله..كالجرح المندمل تصيبه
الضربة فيجتمع عليه ألم الضربة والجرح ...
دخل وردّ عليه الباب..علّقَ ثوبه على المشْجب وجلس..مضتِ الدقائق
العشر الأولى ولم يزلْ يردد كلما انخفض رأسه " إرفع رأسك فإنّ هذا
يوم هناء وفرح وسرور " .. ويردف يترنم طرباً " أنا أطيب قلب..
وأرقُّ من النّسيم " جملة ترنيمية يخلو بها لنفسه مع وردةٍ من
الياسمين كان يثق بها وما تمالك نفسه......فذابت ثقته بنفسه
فاضحة بكلام عميق لا يكاد أحد يسمع له جرسا حقيقيا " أمي ..
أمي .. أمي .... " .. وابتسم في هدوء ولا زال يصوّت بالغناء
وهو في مخاض حالة صاغها له طبيب نفسي بكلمة المعنى الحرفي لها
" العقل المجزوء " .. لايزال يدندن " أمي أطيب قلب .. أمي أطيب
أمي .. أمي ...." .
جلس عن يسار الوردة فبدرت حركة سريعة منه اهتزت لها وقد
احتجبت عنه قليلا فخاف أنْ يكون قد أطلعها على شيءٍ من أسراره
فتُلْفت النظر إلى سرّ تبسّمه .. تلجلج لسانه .. وأخذ يلاطفها وهو
يعرف مدى شعورها مدى رقَّتها هي أبدا ضارعة ساجدة ....المهم أنّه
يريد أنْ يشكو إليها ألمه وهو لا يدري أيّ الآلام تعتصره ......
وعاد مرةً أخرى وقد دسّ أنفه في حضنها يترنم من جديد .......
" وردتي أطيب قلب ... " وفجأة تَرَجْرَجَ صوتٌ ما بداخله وتَحَكَّم به
من بعيد إلى قريب .. إلى أقرب .. إلى الأقرب " بُني .. رفقاً
بالزهور .. رفقا بها .. في غرفتك بوحٌ رقيق .. إنها ستحيا
من سُقْيا مدامعك وستغرس جذورها في ضمير يرويه صفاء قلبك
يا أطيب قلب "
وتحت وطأة الصدمة ظلّ يبكي فرحا من فرط خياله ويقول لها بصوت
واهنٍ متقطّع " إنّكِ .. إنّكِ ...... " وقاطعته بحزنٍ يفوق التعقّل
" أتبكي بُني وأنت الرجل الكبير ؟ " .. " بل هناك من هو أكبر
وأصغر مني .. أما أنا فقد غدت الحياة كريهة في عيني " ..
" بأي مشاعر كاذبة تتحدث بها يا بُني .. أنت وهما قرَّة عيني
.. واسأل أباك عن هذا " .. " دعيه وشأنه فهو مشغول بغيرنا "
وهنا ذَرَفَتْ عيناه في عزلة قاسية هي أشدّ من عزلة الوحيد من الخلان
وقد تبدو جملته الأخيرة مثيرة للتساؤل والدهشة ولكنها الحقيقة
لا مماراة فيها .. فقالت له " بُني .. أعترف أن العاطفة قد
تقودني وراءك ولكنها لن تستطيع أن تعميني تماماً "
ولعل من المستحيل أن تفارق صورتها خياله .. ولكنها كانت
ليلةً دافئة .. اضطجع على أريكة مريحة وأمامه منضدة صغيرة
انتثرت عليها بضعة أشرطة .. وقد اختار أحدها من قبل ووضعه
في جهاز التشغيل .. وعندما أدار زر التشغيل .. تأمل طويلاً
فإذا هو صوتها يترنم " أنت أطيب قلب .. أنت أطيب قلب "
لبلبوني
ألآم النفس وانتفاض الجراحات كذلك حاله..كالجرح المندمل تصيبه
الضربة فيجتمع عليه ألم الضربة والجرح ...
دخل وردّ عليه الباب..علّقَ ثوبه على المشْجب وجلس..مضتِ الدقائق
العشر الأولى ولم يزلْ يردد كلما انخفض رأسه " إرفع رأسك فإنّ هذا
يوم هناء وفرح وسرور " .. ويردف يترنم طرباً " أنا أطيب قلب..
وأرقُّ من النّسيم " جملة ترنيمية يخلو بها لنفسه مع وردةٍ من
الياسمين كان يثق بها وما تمالك نفسه......فذابت ثقته بنفسه
فاضحة بكلام عميق لا يكاد أحد يسمع له جرسا حقيقيا " أمي ..
أمي .. أمي .... " .. وابتسم في هدوء ولا زال يصوّت بالغناء
وهو في مخاض حالة صاغها له طبيب نفسي بكلمة المعنى الحرفي لها
" العقل المجزوء " .. لايزال يدندن " أمي أطيب قلب .. أمي أطيب
أمي .. أمي ...." .
جلس عن يسار الوردة فبدرت حركة سريعة منه اهتزت لها وقد
احتجبت عنه قليلا فخاف أنْ يكون قد أطلعها على شيءٍ من أسراره
فتُلْفت النظر إلى سرّ تبسّمه .. تلجلج لسانه .. وأخذ يلاطفها وهو
يعرف مدى شعورها مدى رقَّتها هي أبدا ضارعة ساجدة ....المهم أنّه
يريد أنْ يشكو إليها ألمه وهو لا يدري أيّ الآلام تعتصره ......
وعاد مرةً أخرى وقد دسّ أنفه في حضنها يترنم من جديد .......
" وردتي أطيب قلب ... " وفجأة تَرَجْرَجَ صوتٌ ما بداخله وتَحَكَّم به
من بعيد إلى قريب .. إلى أقرب .. إلى الأقرب " بُني .. رفقاً
بالزهور .. رفقا بها .. في غرفتك بوحٌ رقيق .. إنها ستحيا
من سُقْيا مدامعك وستغرس جذورها في ضمير يرويه صفاء قلبك
يا أطيب قلب "
وتحت وطأة الصدمة ظلّ يبكي فرحا من فرط خياله ويقول لها بصوت
واهنٍ متقطّع " إنّكِ .. إنّكِ ...... " وقاطعته بحزنٍ يفوق التعقّل
" أتبكي بُني وأنت الرجل الكبير ؟ " .. " بل هناك من هو أكبر
وأصغر مني .. أما أنا فقد غدت الحياة كريهة في عيني " ..
" بأي مشاعر كاذبة تتحدث بها يا بُني .. أنت وهما قرَّة عيني
.. واسأل أباك عن هذا " .. " دعيه وشأنه فهو مشغول بغيرنا "
وهنا ذَرَفَتْ عيناه في عزلة قاسية هي أشدّ من عزلة الوحيد من الخلان
وقد تبدو جملته الأخيرة مثيرة للتساؤل والدهشة ولكنها الحقيقة
لا مماراة فيها .. فقالت له " بُني .. أعترف أن العاطفة قد
تقودني وراءك ولكنها لن تستطيع أن تعميني تماماً "
ولعل من المستحيل أن تفارق صورتها خياله .. ولكنها كانت
ليلةً دافئة .. اضطجع على أريكة مريحة وأمامه منضدة صغيرة
انتثرت عليها بضعة أشرطة .. وقد اختار أحدها من قبل ووضعه
في جهاز التشغيل .. وعندما أدار زر التشغيل .. تأمل طويلاً
فإذا هو صوتها يترنم " أنت أطيب قلب .. أنت أطيب قلب "
لبلبوني