المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا اعتنى الاسلام بالأمهات؟


مُحال
04-04-22, 11:27 PM
برّ الوالدين له فضل عظيم ومكانة عالية في الإسلام، ولهذا وصانا الله بهما وطالبنا بالإحسان إليهما، وقرن ذلك بعبادته سبحانه وتعالى مما يدل على عظمة هذا العمل، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا [العنكبوت: 8]، وفي موضع آخر جعله قضاءً وحُكمًا ربانيًّا بقوله: وَقَضَـى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وقد ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود أنّه سأل النبي يومًا، فقال له: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى الله؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي... وفي هذا النّصّ النبوي الكريم لطيفة كريمة، توضح لنا أن أفضل العلائق الإيمانية التي تربط الإنسان بربه وتشدّه إليه هي الصلاة؛ لما فيها من توجّه لله وحده، وكان أمثل الروابط الاجتماعية، وأولاها بتقدير الإنسان وعنايته، هي صلته بوالديه، فهما أحق الناس ببرّه.

بر الأمهات ومكانته فى الإسلام:

واذا كنا مطالبين ببر الوالدين جميعا ، فإن هناك عناية خاصة ببر الأمهات، لما لهن من خصوصية فى رعاية الأبناء وحرصهن الشديد على التقويم والتوجيه، وبهذا عنى الاسلام بهن، ومن يبر أمه يتنعم فى الجنة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: نِمْتُ، فَرَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ يَقْرَأُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَذَاكَ الْبِرُّ، كَذَاكَ الْبِرُّ " وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ.. [أخرجه أحمد في مسنده]، لأسباب كثيرة أشار إليها د. عادل هندي الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف.

أسباب عناية الإسلام بالامهات:

من أسباب عناية الإسلام بالامهات، ما يلي:
.زيادةُ حضّ الشَّريعةِ على الاهتمام بالأمّ خاصّة؛ لعظيم فضلها، وجميل أثرها، ولجميل عطائها، ولضعفها البنيانيّ، يقول تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14]. فهي الأم التي حملت ووضعت وأرضعت وتعبت وسهرت؛ فمضت أوقاتها كرها بعد كُرْه، قال عزّ وجلّ: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف: 15]. وفي الحديث كما عند البخاريّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».. فهي المُقَدَّمَةُ على غيرها.
.لكثرة ما يرد من شكاوى في عقوق الأبناء بالأمهات أكثر من الآباء، وهذا مما عظّمت الشـريعة جُرْمَه وعقوبته على فاعله؛ فقد ورد في الحديث: عند البخاري عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ".. وهي من أمّهات الكبائر؛ فعن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أكبر الكبائر عُقُوقُ الوالديْن"، قال: قيل: وما عقوق الوالدين؟، قال: "يَسبُّ الرجل الرجلْ فَيَسُبُّ أباه، ويسبُّ أُمَّه فيسبُّ أمَّه".
.لِعِظَم الثواب الذي أعدّه الله تعالى للبارّين بآبائهم وأمهاتهم في الدنيا والآخرة، ولا شك أننا أحوج ما نكون إلى كرم الله وعطفه علينا في زماننا الذي امتلأ بالكثير من الكُرُبَات، وقد قرأت قصصًا كثيرةً لبارِّين بأمهاتهم خاصة، قد منّ الله عليهم في الدنيا بالستر والعافية ومحبة الناس، فإذا عُدتُ إلى زماننا رأيت العجب العُجَاب بزيادة نسبة العقوق، وكثرة منكري الفضل للآباء والأمّهات.
.لأنّ البرّ بالأمّ سبب عظيم من أعظم أسباب دخول الجنّة، فعَنْ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ الله  فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَ: "وَيْحَكَ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "ارْجِعْ فَبَرَّهَا". ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَ: "وَيْحَكَ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا". ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَ: وَيْحَكَ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "وَيْحَكَ! الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ".
.البرّ يعني رضا الأبوين، ورضاهما سبب مؤكّد لرضا الرب العليّ جل في عُلاه، ففي الحديث: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ».
.الأم هي مناط التضحية، ومصدر الرحمة، ونبع الحنان، ولا أحد من الناس أشدّ رحمة، ولا أكثر خوفًا من الأُمِّ على ولَدِها، وفي قصة إسماعيل وأُمِّه -عليهما السلام- تظهر رحمة الأُمِّ وشفقتها حين نَفِد ماؤها، وجَفَّ لبنُها، وخشيتْ على رضيعها، ولم تُطِق النظرَ إليه وهو يتألَّم من الجوع، فهامتْ في جبال مكةَ تبحث عن الماء، وكانتْ في كلِّ صعود وهبوط على الصفا والمروة تعود لرضيعها؛ لتطْمَئِنَّ عليه.
.البر سبب رئيس من أسباب تفريج الكربات والشدائد، كما في حديث الثلاثة الذين اضطروا لدخول غار في يوم شديد المطر وانحدرت عليهم صخرة وأغلقت باب الغار، فلم يخرجهم إلا الدعاء واللجوء إلى الله بعمل صالح، وكان من بين العمل الصالح الذي قدّمه أحدهم بره بأبيه وأمّه.

عطاء دائم
04-05-22, 09:06 AM
موضوع مهم اخي
يعطيك العافية ويكتب لك الأجر
يختم ل3 ايام مع التقييم

مُحال
04-11-22, 11:58 PM
موضوع مهم اخي
يعطيك العافية ويكتب لك الأجر
يختم ل3 ايام مع التقييم


شكرا وأهلا وسهلا بك :رحيق:


SEO by vBSEO 3.6.1