المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحلةٌ وذبابة


لبلبوني
01-01-23, 01:39 AM
يؤخذ للعباد الحق من بعض في قنطرة مسافتها بين جنة ونار تقنطرت جالسا في مثلها متصنما متمسكا بمقود مدوّر تتمثل لي خيالاتٌ كأمطار من أفكار أنسجها فتتحرك في مخيلتي كأراجوز عجوز زهاءَ ألف كيل أخذتْ افتراراتها أي خيالاتي حول دماغي تقنّب الغدد الدمعية تجهّزها تشمّرها وتبلور دفقاتها فتنساب ولا أدلّ عليها إلا هضبتا خدَّيَّ تشكلت كدلتا انسابت عروقًا مائيةً أي جداولاً وفي كثرة تدفقها كشلالات بديعة شبّهها امرؤ القيس المشهد في حصان قال فيه : ( مِكرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدْبِرٍ معًا **كجُلمودِ صخرٍ حطّه السيلُ من علِ ) فمهما صعبت الحياة وتجلمدت بدمعة سحاب تزول الصعاب وتسهل الهضاب فما بال عينيّ لا ترعوي عن السَّحِّ أخالها تتساقط كثمار من عنقود هزَّها الطريق انشغلت بها فأشغلت يديَّ كمسّاحات الزجاج الأوتوماتيكية أشيح عن جفنيّ أنوار القادمين تبدو ودودةً من بعيد تقترب فيبيضّ وجهي وما تلبث كصاعقة مارقة انطلقت في استخفاءٍ ثمّ انسلَّتْ بتخفٍّ من أمامي فَيَسْوَدَّ وجهي بعد امتشاقه وجه السماء وارتداء وشاحه فيبدو المشهد كفكّي محارة تبرق من داخلها لؤلؤةٌ تتفتح كهمهمات وهمسات شفائفية تبدو مفترسةً لؤلؤةٌ تمكّنت واستحوذت على غِشَاءِ الدُّرِّ المتقعّر فنخرته أم التهمتْ الصَّدَفَةُ لؤلؤةً انبجست من شفتيها وانحبست فتظهر بعد عمليتي شهيق وزفير كضوءٍ مُبرِّقٍ كغمّازة لامعة ولا غرو في تجمع عوالق البحر داخلها ككنائس ناتجة من فضلات حوت مثلا وعلى الأشجار مثال آخر دودٌ ينخرُ لحائَهَا فيكثر بَرازَهَا وبالمناسبة أصل معنى بَراز فضاء وليس له علاقة بالتغوّط لكنّ أهل اللغة كَنُّوا به أي الفضاء لأنَّ الناتجَ من إخراج الأذى رائحةٌ خِلِّيَّةٌ أي رائحةُ خَلٍّ فيلزم لها فضاءٌ واسعٌ تنتشر فيه ولكن العجيبَ كلما انتشرتْ هذه الرائحة ازدادت رغبةُ الإنسان واتِّسَاعُ الجيوبِ لها أي لأوساخ الدُّود ومَبَالِهِ فتحلو شَمَّةُ الطِّيب وكلما جالتْ سيارة من أمامي بسرعة تهتز لها مقطورة ربطتها خلفي تحمل أمتعتي فيفرطَ منها هواءٌ عليل أعلل راحتي بصوتها وبسريانه فأعود أمقت حتفي وكلَّ حركةٍ تمرق من عيني ويشمها أنفي مع أنه لا علاقة له حتى مرّت من أمامي أو مررت من أمامها لا أعرف من مرّ أولا لكنني استهجنتها ( رافقتكم السلامة ) فهل السلامة ترافق المسافر ! ما وُفِّقَ في الصياغة كاتبُهَا فأمضاني ربي وبجانبي ابني جنَّدْتُهُ لدعك عِرقٍ نابضٍ يفسَّرُ في تعبير الطب الشعبي عند اشتداد ألمه ووخزاته الأبهر استمرت لكمات ابني تطرق في الليف العضلي المهتَّك يشتد الألم ويهدأ حتى استوقفتني ( مرحبًا ألف في عسير ) ونسائم الهواء العليل تدغدغ المحرك أعني محرك السيارة أما عن محرّك البحث فقد أَلَبَ على أمره كلُّ سكان الأرض ولم يعد للقاءاتهم فائدة فقلّ تعارفهم حتى بال على المثل المصري ( اللي يسأل ميتهوش ) الزمن وشرب ولأني أسأل مرةً تِلْوَ مرةٍ دارت عليّ الظنون وأوشكتُ أمرجحها على قفاي فأبدو كلَّ ما سلكتُ طريقًا أبدو متغابيًا فأسألَ حتى لا أثير الشُّكُوكَ حولي فقررت التجوال بمحرك البحث حتى نزلتُ مع أبنائي في فندق تتلألأ النجوم حوله من جماله وعادة كل خيَّالٍ يتلمس راحة فرسه فتعودت مثله أتلمس راحة أبنائي وسيارتي ونظافتها أبحث عن مغسلة أغسل حوافرها أعني كفراتها فوجدت من نواتج البحث ( مغسلة أموات ) أحسست ببرودة في أطرافي فتحرّكت لها قشعريرتي وأنسامي وغددي ونبضات قلبي كلها نواتج فزعة وإثارة لا أعرف كيف اجتمعت في لحظة خاطفة بحثت عن مخرج عن أفضية عن هواء ما شمَّهُ بشرٌ قبلي نواتج الكربون كلها تجمّعت في صدري حاولت أحرك عزائمي أنشِّطُهَا أُعزِّي المُتَبَلِّدَ منها وأمشِّطَ العِرقَ النابض فيها أَهَبُها قُبلَةً من فمي وهواءً من قفصي وصعقةً من منخري حتى اقشعر جسدي كلَّهُ ما عدت أحتملُ البلادة حتى رزَّتْ على جلدي ذَنَبَهَا نحلةٌ تبدو تائهة عن مرعاها أو مررت بجانب خليِّتِها لا أعرف فغرزتْ شوكَتَها تحته احتملتُ ألمها وبانتْ على شفتيَّ بسمةٌ لما نبا إلى علمي عن فوائدها الجمَّة أي الشَّوكة وحرف أي أصله اللغوي أعني صار بعد شقَّ وسطها ويستخدم أيضا غير أداة تفسير أداة تعبير عن الآلام ويندرج تحتها كل ناتج عنها من ضيق وكدر وعادة الألم إذا صاحبته دمعة انخرط أيْ سُوِّيَ برأسِ شَوْكَةٍ إذا انعكفت داخل الجلد أو انكسرت إن كانت يباسًا أمَّا اللَّيِّنَ منه أي الشَّوْك حريٌّ التَّخلصُ من سُمِّيَّتِهِ وحرف أيَّ تعدُّدِيًّا يأتي أصلها لُغَوِيًّا ويأتي جوابًا وإثباتًا بعد استفهام (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي ) وتأتي نداءً للبعيد إذا نودي أَيْ محمّد وتحلُّ محلَّ الألم فتنهمر الآهات تتوكأ على صدرها أَيَّاتٌ كثيرةٌ تُعَبَّرُ أحيانا كَآَهٍ وتأتي واسطةَ خيرٍ في مأمنةٍ من العذاب ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ ) والكلام حول أَيْ يطول فتجولَ حول معانيها متبعثراتٍ شتَّى عدا أني أَحْسَسْتُ بمنخفض جوي أَبْقَتْ على رأسي وَخْزَةُ النَّحلة تلك حتى انهمرت منها سحابة ارتسمتْ على إثْرِها شحنةٌ فانقدتُ ورائها كأنما في قدمي قيدٌ تسحبني رفرفة أجنحتها فظللتُ أبحث ورائها تعشب وأعشب مثلها ككائنين حيَّيْنِ تبحث عن أزهار وأبحث عن عسل وكلانا يبحث عن حلْوٍ كأنما حدثت حركة خوارزمية حتى حدثت حركة خاطفة سريعة منها كأنها تهشُّ على قمامة مرقنا من أمامها فيخرج منها أسراب من ذباب فسبحان من أذن للذُّبابِ خروجه من القمامة وأذن للنَّحل المكوث في خليَّتِهِ وإن دَخَلَ عليه عَدُوٌّ ترفرف الخلية بأجنحة النَّحل كافة حتى ترتجف فرائص العدو أو تظهر عليه علامات انحدار والذي لفت نظري أكثر مما ذُكر لما وصلت للخلية وجدت النَّحلة الشريفة تصطفّ تستعدّ معهن للاصطباح كلَّ ما أمسين مع الغروب بعكس الذباب الذي طالما يذكرني بهوى المائلات المميلات المثيلات به هواهنّ هواء ميل ليس فيه صلاة ليل .



محمد الشعلان

الْياسَمِينْ
01-01-23, 02:16 AM
ما قرأته يسمى الأدب اللامعقول
لأن هذا الأسلوب في الكتابة يحمل الكثير من العمق داخله
أحب هذا النوع من الأدب يحفز الذهن ويحث على إعمال العقل
هو فيه نوع من المجازفة من الكاتب لأن عليه أن يضمن بقاء القارئ
دون أن يشعر بملل أو أن يضيع منه داخل المتاهة التي يرسمها
الأخ العزيز لبلبوني
فتحت نافذة ألق جديدة في مسك الغلا
قرأت في هذا النوع من الأدب وللحق فهو جميل ورائع
وليس سهلا كما قد يعتقد البعض
فمهما بدت الحكاية عبثية،
تظل تحتوي بداخلها على نوع عميق من الإبداع
شكرا لك على هذه النافذة
وأظن أنني سأكرر الحضور

دمت متألقا

عطاء دائم
01-01-23, 08:06 AM
مقالة رائعة
يعطيك العافية اخي
يختم ل3 ايام مع التقييم

أمل.
01-01-23, 12:34 PM
وصف بديع وتسلسل الافكار
تداخل الاحداث
وصولاً للاقتباسات
لتعزيز رؤيتك
حقيقة مدهش بطريقة التصوير
وإيصال الفكرة


SEO by vBSEO 3.6.1