المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وافد من وراء الحدود


Mc Nabulsy
04-05-23, 08:43 PM
خلق الله سبحانه سيدنا آدم ومن ثم زوجه، وأنزلهما على الأرض واستخلفهم فيها. وتوالت المجتمعات المتنوعه وتطور مفهومها من قبائل ومدن ودول وامبراطوريات حتى وصلنا الى مفهوم الدولة الحديثة اليوم. لم يكن هناك حدٌ معروف للدول، فالدول العظمى تكون حدودها بمكان وجود جيشها والحكام الموالين لهم. فنجد تداخل في المناطق الخاضعه للامبراطوريات والدول العظمى. وبقي العالم دون معالم جيوسياسية محددة حتى الحرب العالمية الاولى. قبل 120 سنة لم يكن هناك مواطنة وجنسيات ووطنية بالمفهوم الموجود في ايامنا هذه.

كان اي كائن بشري يستطيع التوجه الى اي قطعة أرض فيسكن فيها، ويُكَنى بالمكان الذي قدم منه. القادم من بخارى يلقب بالبخاري والقادم من نابلس يلقب نابلسي والقادم من مصري يلقب بالمصري .. الخ. لم يكن هناك مصطلح "وافد" او "أجنبي" كما هو مفهومه اليوم.

توافد الاستعمار بعد الحرب العالمية الاولى على دول العالم ومنها الوطن العربي، وبدأ ترسيم الحدود السياسية وخلق مفهوم جديد للدول وأنظمة الحكم فيها. وبالنظر الى هذه الدول في يومنا هذا، نجد أنه يمكنك النقل اليها والتنقل بينها، وبعد فترة من الزمن ضمن شروط معينة يمكنك الحصول على الجنسية. تعتبر مواطن لهذه الدولة وتعامل معاملتها، مع ظهور "بعض" العنصريين هنا وهناك.

وحين نضع العدسة على الوطن العربي، نجد انه يمتص الأفكار التي زرعها الاستعمار كالاسفنجة فيأخذها ويحملها ويجعلها جزءاً منه. فعندما يلجأ او يتوجه مواطن عربي لبلدٍ عربي آخر، تبقى صفة "الوافد" او "الأجنبي" ملازمةً له ما بقى في هذه الدولة. بالاضافة الى ذلك، تجد الدول العربية تصدر قوانين تُحجم من غير المواطنين سواء من ناحية العمل او المعيشة.

ويبدأ المواطن العربي بعبارات عنصرية تجاه "الوافد" واتهامه بسرقة عمله، ومقاسمته اللقمة التي في فهمه .. الخ. فتقع مسؤولية فشل المواطن العربي في بلده على المواطن العربي الآخر القادم من دولة مجاورة "الوافد".

من يومين رأيت على تويتر فتاة كتبت عن قانون جديد في أحد الدول العربية يُحجم من المهن التي يستطيع اللاجئ في هذه الدولة ان يعمل بها. فقالت الفتاة عن تنوع اللاجئين في هذه الدولة وقدوم بعض المهن اليها عن طريق اللاجئين. مع العلم أن جد هذه الفتاة هو لاجئ ايضاً وعاش فيها منذ 70 سنة ونال الجنسية وورثها لابناءه واحفاده. إلا أن اغلبية التعليقات عليها من سكان هذا البلد كانت بالاستنكار وذم اللاجئين والوافدين واتهامهم مع عبارات مفادها مطالتبهم عودتهم لبلادهم الأصلية.

على الرغم من كون معظم الانبياء لاجئين ومهاجرين، ولم يطالبهم سكان الارض التي رحلوا اليها بالعودة من حيث أتوا. ويخطر على بالي الآية التالية: "قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا"

الأرض هي أرض الله والبشر هم خلفاء في هذه الأرض، وفكرة الدولة الحديثة والوطنية والانتماء الأعمى ما هي الا افكار غربية عنصرية نقلها الاستعمار الينا، وعمل على عكسها. فنجد معظم قادة وأئمة الاسلام مهاجرين وراحلين من ارض الى أخرى. تلك الحدود المرسومة على الخرائط في كتبكم المدرسية، وتلك الاسماء والأعلام، وتلك الانتماءات والتعصب الأعمى، ما هي الا وهم زرعه الاعداء ليشغلونا به ويفرقونا من خلاله وساعدناهم للأسف.

قضية رأيتها كثيراً في بلادنا العربية وحبيت أتكلم عنها.

والسلام ختام

طارق الموصللي
05-10-23, 08:12 PM
تفتحت آفاق جديدة في عقلي بعد قراءة موضوعك. رغم إيماني التام بأننا أمة واحدة، لكنك أضأت جوانب جديدة للموضوع :110:


SEO by vBSEO 3.6.1