المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (فتنة العلم (موسى والخضر)) د.رقية العلواني


امانى يسرى
05-20-23, 06:30 AM
قصة موسى مع رجل صالح آتاه الله من لدنه علماً.


هذه القصة هي في حد ذاتها تكشف لي عن قصص أخرى أو عن فتن أخرى وقعت في قصة موسى مع هذا الرجل الصالح، كيف؟


موسى أراد أن يتعلم، ذكرت كتب التفاسير أنه قد قال أنا من أكثر الناس علماً فأراد الله أن يعلمه ويؤدب أنبياءه ويؤدب موسى عليه السلام من خلال هذا التأديب الرباني ولكل الأمم بمن فيها من تقرأ القرآن نحن اليوم. فموسى عليه السلام قال له الله سبحانه وتعالى وأخبره بأن هناك رجل صالح سيأتي في المكان المحدد عليك أن تتعلم منه.


انظر إلى أدب النبوة من جديد والتواضع لل الإنسان لا ينبغي مهما أوتي من علم أن ينسب اي نوع من أنواع العلوم مادية علمية كل شيء لا ينبغي أن ينسبه لنفسه لا ينبغي أن ينسب الفضل، من جديد توقظني سورة الكهف علي أن أنسب الفضل لخالقي سبحانه وتعالى.
موسى عليه السلام وصل إلى المكان المحدد


(فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا)


كانت هي هذه العلامة التي يريد موسى من خلالها أن يلتقي الرجل الصالح، الشاهد بدأ (فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا)


وصلوا إلى المكان والفتى أخبره أنه قد نسي الحوت عند ذلك المكان


وذهب الحوت وقال من جديد
(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)


موسى عليه السلام اتخذ قراراً أن يسير نحو التعلم لذلك قال


(لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا)


فإذن قد حدد الكلام.


(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)


العلم مهما كان حتى وإن كان فيه أشياء مكتسبة أنا أتعلمها أقوم بتعلمها ذهاباً إلى مدرسة أو إلى جامعة أو اطلاعاً على كتب، لكن من هو العليم الذي علمني؟


ولذا جاء في سورة أخرى (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) العلق) هو الذي يعلم سبحانه! هو الذي يهدي كل شيء ويعلمه، بل نقول أكثر من ذلك من الذي علمك أن تمشي؟! هب أنك أنت تعلمت من كتاب أن تقرأ وأن تكتب وتعلمت العلوم وصعدت إلى القمر القمر واكتشفت واكتشفت كما هي فتنة العالم المعاصر اليوم باغترار الإنسان بما توصل إليه من علوم، إفترض أنك قد حصلت على كل ذلك لكن نجب على سؤال بسيط: من الذي علمك أن تمشي؟! من الذي علمك أن تأكل؟! من الذي علّمك كيف تأكل؟! الأشياء البسيطة التي لا ننتبه إليها هل قرأتها في كتاب؟ هل أحد من الناس ألّف كتاباً علّم الناس كيف يأكلون؟! علمهم كيف يشربون؟! من علمك كيف تتنفس؟ من علمك كيف تجعل قلبك ينبض؟ من علمك؟!

الأشياء التي نتصور ونعتقد أنها بشريه لا يمكن أن نكون قد تعلمناها إلا من عند الله سبحانه الذي خلق كل شيء وهداه، الذي علم كل شيء وعلم الإنسان ما لم يعلم.


اتفق الرجل الصالح مع موسى عليه السلام على الصبر





(قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)

وتدبروا معي كم مرة تتكرر الكلمة:


رشد، مرشد، رشداً؟


لماذا هذه التصاريف؟


لا يُخرج من الفتنة إلا الرشاد


(قال إنك لن تستطيع معي صبرا 67 وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا 68)

موسى عليه السلام وافق على هذا الشرط وقال
(قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا)
اتفقا على أن لا يسأله عن شيء أبداً إلى أن تنتهي فترة الاختبار.


وهنا لنا وقفة:
لا تسأل عن شيء، كل شيء يتم أمام عينيك لا تفكر، نحن اليوم كبشر أحياناً أريد أن أعرف ما الحكمة مما حدث لي؟
أصابني مكروه، فُقِد مني لا سمح الله ولد، مال، لم أُعطَ شيئاً، أريد أن أعرف الحكمة، نفسي البشرية بطبيعتها تريد أن تعرف لماذا حدث هذا؟

الرجل الصالح والآيات بطبيعة الحال هنا تريد أن تعلمني أدباً معيناً عليك أن تنتظر، لا تسأل، هناك أشياء ثق أن الله سبحانه طالما تؤمن بأنه الحكيم وتؤمن بأنه العليم وتؤمن بأنه رحمن رحيم إذن اترك الأمر لخالقك، توكل على الله، لاتسال عما هي الحكمة؟

لأن علمك كبشر محدود ولأن نظرتك أنت كبشر وتقديرك للأمور قد يكون ضيقاً محدوداً لا تستطيع أن تُدرك عواقب الأمور، من الذي يُدرك؟
ربي سبحانه.
إذن أنزل حاجتك به سبحانه وتعالى وتوكل عليه.





تأملات حول قصة سيدنا موسى مع الخضر




أول حادثة أنهم ركبوا في سفينة كانت لمساكين، عمال مساكين يمتلكونها فإذا بهذا الرجل الصالح يخرِق هذه السفينة


موسى عليه السلام بفطرة الإنسان الصالح اعترض على القضية مباشرة فقال
(أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا)
تريد أن تغرق أهل هذه السفينة المساكين الذين يعملون في البحر؟!
بطبيعة الحال السؤال لن نجيب عليه إلا مع تسلسل الآيات، ولكن الرجل رأساً أجاب موسى عليه السلام


(قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)


أنت لا تصبر، أنت تحكم على الشيء من بدايته، أنت لم تنظر وتنتظر ما هي النتيجة؟

(قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)
وهنا أدب رفيع تعلّمني إياه سورة الكهف، النسيان، آفة العلم النسيان، والنسيان فيه حكمة عظيمة أن الله سبحانه وتعالى يعلّم الإنسان الذي ما سُميَ في بعض الأقوال إنساناً إلا لكثرة نسيانه أن من علّمك قادر على أن ينسيك أنت تغتر بعلمك إن كنت تغتر فإن من علمك وحفّظك قادر على أن ينسيك ما حفظت ولذلك لا حفظ إلا بحفظ الله

إنطلقا إلى موقف آخر مر بهما، الموقف أنهما لقيا غلاماً فإذا بهذا الرجل الصالح يمسك بهذا الغلام ويقتل الغلام، إعترض موسى عليه السلام بطبيعة الحال كيف تميت نفساً بريئة؟ كيف تجترئ وتقتل نفساً بريئة لا ذنب لها لم تفعل شيئاً؟!


بمعنى آخر كيف تسمح لنفسك أن تأخذ الحياة والحياة بيد الله سبحانه من إنسان فتى صغير لا ذنب له، لم يفعل شيئاً؟

(قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا(74)).
(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)
وهنا أُسقط في يد موسى عليه السلام، قرر موسى عليه السلام أن ينسحب من الإمتحان واستشعر أنه لم يتمكن من المواصلة إلا بإعطائه هذه الفرصة الأخيرة فقال


(قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا)
هذه آخر فرصة لا تعطيني فرصة بعدها!

(فَانطَلَقَا)


ذهبا


(حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا)
ولكن أهل هذه القرية كان حين ينزل بهم الضيوف قد بلغوا درجة من البخل واللؤم بحيث أنهم لا يضيّفون من ينزل بهم ضيفاً


(فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا).

ولكن عندما وجدا فيها جداراً يريد أن يقع وينقضّ إذا بهذا الرجل الصالح يقيم الجدار، وهنا توقف موسى عليه السلام وقال
(قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)
كيف من لا يسدي إليك أي معروف كيف يكون نظير عدم إسداء المعروف إلينا كيف يكون النظير أنك تتعب وتقدم له خدمة بالمجان فتقيم هذا الجدار وتعدّله كيف؟!

أمور حدثت أمام موسى عليه السلام لم يستطع أن يدركها ببشريته.
موسى هنا عليه السلام والقرآن في سورة الكهف في هذه الآية والقصة بالذات يريد أن يعلمني خُلُقاً جديداً وأداة جديدة أستطيع أن أجابه الفتن من خلالها، ما هي هذه الأداة؟
الحكم السريع على الأشياء، الحكم على الأشياء والحوادث من مقدماتها دون الصبر على نتائجها وإنتظار نهاياتها.

ما يحدث أمامي في الحياة كل ما يحدث قد يكون ظاهره شر ولكن فيه الرحمة وقد تكون الأمور ظاهرها الخير ولكن في باطنها شر فعليك أن تنتبه من الذي يعصمني وينقذني من الشر؟ من؟
خالقي سبحانه، إعتمادي وتوكلي عليه. هذه القصة تضع الإنسان في جانب التوكل والرضا عن الله سبحانه، الإيمان، الرضا بالقضاء والقدر




بدأ الرجل الصالح يحدِّث موسى عليه السلام عن الحِكَم كيف؟
السفينة كانت لمساكين يعملون في البحر فأنا لما أردت أن أعيبها كان وراءهم ملك يأخذ السفن الصالحة للاستعمال فأنا لما أحدثت العيب في السفينة إنما أنا في حقيقة الأمر فعلت خيراً لأصحاب السفينة المساكين الذين قاموا بمساعدتنا أيضاً في بداية القصة هذا كان لأجلهم.

وأنا أنساءل ونتساءل جميعاً هنا كم من مرة أنا بادرت بالحكم على الأشياء السيئة التي في ظاهرها كانت سيئة وحكمت على أنها أسوأ ما حدث لي في حياتي؟! ثم إكتشفت أنها أفضل ما حدث لي في حياتي كم موقف؟! بكل تأكيد في بداية ما يقع الشيء علي أن أشعر بالإنزعاج بالضيق بالألم، لكن الإنزعاج والضيق والألم عليه أن يتبدد حين أطمئن إلى رحمة الله وعفوه. وهنا نحن نتحدث عن الأشياء الخارجة عن إرادتي، هذا لا يلغي إرادتي أنا كإنسان ولا أخذي بالأسباب، لا، ولكن حين تجري الأشياء والأحداث والأمور على غير ما أحبّ وأشتهي عليّ أن أُحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، عليّ أن أؤمن أنه عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، قاعدة.



ولذلك ما حدث من خرق للسفينة كان في صالح أهل السفينة المساكين ولم يكن ضد مصلحتهم. وما يحدث من خرق لسفننا في حياتنا ومن عدم تلبية لبعض مطالبنا قد يكون في صالحنا، المهم أن تتوكل على الحيّ القيوم

وقد لا يكون هناك حكمة تظهر لي أنا كإنسان، سواء ظهرت لي الحكمة كما في هذه القصة أو في هذا الموقف أم لم تظهر يبقى الإيمان والتسليم بحكم الله عز وجل هو الذي يعزز الرضى والتسليم والقضاء بقدره سبحانه وهو ما تريد أن تبنيه في نفسي هذه القصة العظيمة.


اسلاميات

غير مهتم
05-28-23, 09:29 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز، وفي انتظار جديدك الأروع والمميز.. لك مني أجمل التحيات، وكل التوفيق لك يا رب.


SEO by vBSEO 3.6.1