المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تدبر ســـورة البروج لد.رقية العلواني 2 (المعركة بين الحق والباطل معركة محسومة)


امانى يسرى
06-04-23, 11:27 AM
المعركة بين الحق والباطل معركة محسومة لصالح من؟


لصالح أهل الحقّ، أهل الحق سواء انتصروا في الدنيا وظهر انتصارهم وأتاهم الفتح من عند الله سبحانه أو لم يأذن به، سواء أضرمت فيهم النيران أم قُتّلوا أم سُفكت دماؤهم أو هُدّمت عليهم بيوتهم الله ناصرهم، الفوز قد كُتب لهم، فازوا الفوز الكبير ولذلك ربي عز وجل في هذه السورة قال


(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)


الفوز قد تحقق، متى تحقق يا رب؟ الفوز في ميزان الله سبحانه وتعالى قد تحقق حين قام هؤلاء قاموا بالحق الذي آمنوا به، قاموا في وجه الظلم والطاغوت والعدوان وقالوا له توقف إن ربك لبالمرصاد، الحق والنصر قد تحقق، الفوز قد حدث، لا يهم المعركة التي كانت.


أصحاب الأخدود لم تذكر سورة البروج لهم كيف كانت نهاية الطاغية والحاشية التي كانت معه، لم تذكر أنهم قد أُهلكوا بالغرق كما في فرعون أو كما في ثمود بالريح لم تذكر لهم عقاباً دنيوياً، لم تذكر لهم نهاية مأساوية كما يُخيّل أو يظن البعض أو يتوقع دائماً.




ولكن الظالم سواء أكانت النهاية المحسومة المحتومة قد وقعت له بشكل يشفي غليل المؤمنين ويشفي صدور المؤمنين أم لم تقع فالخسارة في حقه قد حدثت، له نار جهنم يخسا فيها أبد الآبدين!


ما قيمة أن يعيش حفنة من الأزمنة أو من السنوات؟!


ما قيمة أن يعيش الدنيا طولاً وعرضاً ويزهو بها والنهاية الحتمية خلود إلى النار إلى جهنم وبئس المصير؟! المعركة محسومة.


نحن اليوم كبشر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه


“ولكنكم تستعجلون” أما اليوم الموعود فالجزاء فيه محسوم.


(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )8


(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )9


من هو الملك؟ من الذي بيده مفاتيح السموات والأرض؟ من الذي يُصرِّف الأمور؟ من الذي يغير الأحوال؟ من الذي يقول للشيء كن فيكون؟ من الذي إذا أراد نصراً تحقق؟ من الذي إذا أراد فتحاً فتح به على المؤمنين؟ من الذي إذا أراد أن يرفع البلاء رفع؟


الله سبحانه!


ولكنه سبحانه كل شيء عنده بمقدار والله على كل شيء شهيد.

لا تخشى شيئاً، أنت لست بحاجة إلى شهادة مراقبين، أنت لست بحاجة إلى شهادة موثّقة من مؤسسات أو منظمات دولية فالله شاهد وشهيد عليك.




الله قد شهد على كل شيء فهو الشهيد، هو العالم الذي يعلم بكل شيء يحدث في مملكته سبحانه وهو الحامد الحميد في أفعاله سبحانه، له في كل شيء حكمة.


ما يمر بك من محنة أو ابتلاء أو تجويع أو حصار أو تدمير أو هدم أو برد أو قسوة أو سطوة إنما هو ترقّي لك في سلّم الإيمان والتوحيد والنجاح فاصبر إن العاقبة للمحسنين الصابرين المرتقين في سُلّم التوحيد والإيمان الصادقين الثابتين على الحق.


ولذا جاءت الآية التي تليها



(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا)



وتأملوا معي رحمة رب العالمين، باب التوبة المفتوح لكل الناس لكل إنسان مهما طغى مهما تجبر إن رجعتَ عن الباطل والغيّ الذي أنت فيه فإن باب التوبة مفتوح ولكن عليك أن تُصحِّح، عليك أن تؤوب، عليك أن تتوب، عليك أن تعود إلى خالقك، تعود إلى نفسك، تعود إلى الروح التي خلقها الله عز وجل لتتأمل فيها لتتدبر في نفسك وأحوالك لترى ما أنت صانع في نفسك؟


(فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)
هو الحريق ولكن الحريق يختلف بين حريق الدنيا والنار التي أُضرمت في أصحاب الأخدود في أيّ زمن وفي أيّ وقت وبين ذاك الحريق الذي ينتظر المجرمين والطغاة والظالمين ممن لم يتوبوا ولم يعودوا إلى خالقهم أبد الآبدين.



كيف مكّن أهل الحق أهل الباطل من أن يسلطوا عليهم؟


معركة أصحاب الأخدود معركة محسومة، معركة طالما تكررت عبر التاريخ معركة الباطل والحق، معركة أهل الحق وأهل الباطل، النتيجة فيها محسومة


(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)


إنه الفوز، النتيجة محسومة لا تنتظر دائماً فقط العواقب أو النتائج التي نحن كبشر نرسمها لأنفسنا، النصر الذي نحاول نحن أن نخطط لهذا النصر، النصر والفوز إنما قد حُسِم لأهل الإيمان، لأهل الصدق، لأهل الحق.


الدنيا ساعة لا يهم فيها من ارتفع ومن كانت له الكلمة في نهاية الأمر ولكن الآخرة هي دار القرار اليوم الموعود يوم الفصل


هو ذلك اليوم الذي ستظهر فيه الحقائق


(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ).


ولكي يبقى دائماً الطغاة في كل زمان وفي كل مكان على علم ويقين بأن الله سبحانه وتعالى لن يفلت أحدٌ منه تأتي الآية العظيمة





(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ *وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )

كيف مكنا لأهل الباطل أن يعلوا علينا ويسلّطوا علينا؟


ولنكن صُرَحاء ولنكن في لحظة صدق مع أنفسنا ولحظة مراجعة وتوبة، قبل أن نتساءل ونقول لِمَ يُسلِّط الله سبحانه وتعالى أهل الباطل على أهل الحق؟


دعونا نعيد الكرة ونتساءل بطريقة مختلفة كيف مكّن أهل الحق أهل الباطل من أن يسلطوا عليهم؟!


هذا هو السؤال المشروع أما السؤال فهو سؤال غير مشروع!



نحن أهل الحق حين ضعفنا وتضاعفنا وانتكسنا وعجزنا عن نصرة الحق الذي نؤمن به، عن الدفاع عن القرآن الذي نحفظه في صدورنا، عن اتباع أوامره في جزئيات حياتنا اليومية مكّنا بذلك البعد عن منهج الله لأهل الباطل أن يرتفعوا فوق رؤوسنا! نحن الذي رفعنا بتقصيرنا في جنب الله وتفريطنا في جنبه وفي أوامره نحن من رفعنا على أعناقنا أهل الباطل.

ولذا ربي عز وجل في آيات أخر قال عن فرعون


(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ (54) الزخرف)


استخفّ أهل الباطل بأهل الحق رأوا فيهم ضعفاً، رأوا فيهم بُعْداً عن منهج الحق، رأوا فيهم عدم الثبات على القرآن، رأوا فيهم عجزاً وضعفاً وانتكاساً ورخوة ما كان لها أن تكون، تراخياً عن الحق والإيمان فتمكنوا منا فمُكِّنوا منّا!


ليس لنا إلا الرجوع والتوبة


ولذا يقول الله سبحانه وتعالى


(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)


غفورٌ لتفريطنا في جنبه فقد فرّطنا، غفورٌ لإسرافنا في جنبه وأوامره فقد أسرفنا على أنفسنا، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا.


ولذا من أعظم اسلحة من وقع في محنة وابتلاء وكل المؤمنين اليوم في محنة وابتلاء أن يعودوا إلى خالقهم بالتوبة، التوبة النصوح أن يعودوا بقلب مؤمن صادق مخبت لله أن يا رب قد ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.



ربي سبحانه يحبنا يتودد إلينا بالنعم، يتودد بالعطايا، بل يتودد إلينا حتى بالابتلاءات التي ينزلها بنا، لماذا؟


ليميز الخبيث من الطيبن ليميز القلوب المؤمنة الصادقة -وهو بها أعلم- من القلوب المنافقة الخبيثة الذليلة الضعيفة. هكذا نحن بالابتلاء.


ربي سبحانه وتعالى حتى في ابتلاءاته يتودد إلينا، لا يخرج الأمر عن ودّه، فهنيئاً لتلك القلوب التي استطعمت معنى الابتلاء ليس لأنها تريد الابتلاء ولكن لأنها تريد رضى الرحمن في سبيل تقديم هذه التضحية وذاك الابتلاء



اسلاميات

أورلينا
06-04-23, 06:28 PM
جزاك الله خير على الموضوع القيم

غير مهتم
06-05-23, 11:48 PM
الموضوع القيم والمميز، وفي انتظار جديدك الأروع والمميز.. لك مني أجمل التحيات، وكل التوفيق لك يارب


SEO by vBSEO 3.6.1