المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جداجد ليل إفريقية في بيتي الآسيوي


لبلبوني
06-07-23, 02:53 AM
بعد جولة ملأها الإجهاد كمن ملأت وجهَهُ لكماتُ خصمه فما أبقت لكمةٌ من فراغه بقعةً سالمةً فعزمت بعد جولتي مع جرذٍ بعثر لفائف دماغي بالدوران حول محوري وقد تنبهت مرة لشرح أستاذ عن المحور أي عامودٌ تدور حوله ومنه صنعت أيدٍ ماهرةٌ مِفْصَلَةَ بابٍ تسدُّ به أيَّ أذى كأذى الجرذ المجنون الذي لفّ بي أركان بيتي وما مررت بها بعد سكني طوال خمس سنوات حتى وجدت عنكبوتًا في رُكْنٍ متربِّعًا ناسجًا من لعابه خيوطَ الذُّلِّ ففي بيوت العناكب وَهَنٌ وَجَرَّنِي هذا الهوان لمقاتلة جرذٍ وَقِحٍ تَوَسَّدَ باحة بيتي يجول وسطه يأكل من خيراته وينعم ببراده فعزمت لما استنجدت ابنتي الصغيرة بهذا الوحش خَرْطَ سُبْطَانَتِي وحشوتها بِفُولاذَةٍ مدببة طالما أحببتُ مُسْتَدَقَّ الرَّأْسِ من الرَّصَاصِ فالذي صَنَعَها صَنَعَ الضَّرْبَةَ القاضِيَةَ وبعد إطلاق صافرة الإنذار من ابنتي جمعت أخواتها فتخَنْدَقْنَ وتجنَّدْنَ فرفعتُ البندقية المحشوَّة ببندقةٍ مُحَلَّاةٍ متيقِّظًا وعلى أهبةِ الاستعداد فأشرتُ لناحِيَةٍ وأُشيرتْ لي ناحيةٌ غيرها وأقول ويقلْنَ حتى تضاحَكْنَ فضحكت من جُرذٍ مُسَلٍّ اجتمعت فيه قذارة وتسلية ولا أعقِّبَ على أدوار الفكاهيين في المسارح الخارجين عن النصّ أو الذين يلبسون المرقعات من الألوان ففيه مفعولٌ كما فيهم مُسِمٌّ وكلّ جولة أستلهم قوتي فأعيد توزيع الأدوار وأذكّر الجميعَ بالإصرار على قتله فقتلته أخرجته فرحاً من بيتي ورميته من أمام قمامة بيتي وقد حزت شرف الجولة الأخيرة فرجعت القهقرى بعد رميه أتتبع صوت حشرة يُعبَّرُ الاسم العلمي لها بجندب الليل أي صرصور الليل فتعجبت من جداجد ليل إفريقية في بيتي الآسيويُّ الأنيق فذهبت للملحق وهو طِينِيُّ الجدران بُنِّيُ الألوان أتفقد هراوةً خَبَّأْتُهَا له أي الصرصور ولأي طارئٍ فوثبتْ على رأسي وَزْغَةٌ مندسَّةٌ فحدثت حركة سريعة اهتز لها شعر رأسي كاملاً فامْتُشِطَ وانكمش جلدي حتى وَثَبَتْ الثَّانيةَ عابرةً ناحية مكان لا أعرفه حتما تنوي الهروب فوثبتُ لأحضر بندقيتي الوفيَّة لطالما أجدها قبالتي تنتظرني بشغف فأحتضنها سميعة مطيعة ليس لها مثيل أعطيها نقطة رصاص فتعطيني سقطة عدو وعندما كِلْتَها بوزنها أي الرصاصة أطلقت على أبي بُرَيْصٍ فأرديته صريعًا وأكملت التمشيط فخرجت خنفساء سوداء أجهزت عليها وهي لطيفة وليست من عادتي إختراق حدود اللطفاء لكنني أبغض الشيء في غير مكانه واحتلال الأرواح من غير استئذان فلو أن إبليس استأذنني لأذنت له فقد لفت انتباهي تحركات ليس فيها راحة وأصوات لطنينها صدى عميق أشعر بحسيسه فبدا لي كلُّ شيءٍ ممسوسًا كأنما الكراسي تتراقص والمكان خالٍ والأنوار كالغيلان وتتخطف أنظارَ بناتي خيالاتٌ يتمثَّلُها شعاعٌ خاطفٌ أذَّنْتُ فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( وإذا تغوَّلَتْ لكم الغِيلانُ، فبادِروا بالأذانِ ) فاستكنَّ كلُّ الأشياء من حولنا فشعرنا براحة بعدها اشتريت ساعات مخصصة للأذان هذه تقفو إثر تلك خرجت بعد سهرٍ طويلٍ أصلِّي الفجر فسرت بسيارتي حتى استكانت تحت المنبر ومثلها استكنت خوفًا أحذر وكالعادة كم يومًا قررت أبقى حتى يتوافد المصلون عليّ ذنب أخاف لقاء الله به بكيت انتظرت طويلا أحاول إرضاء ربي من قلبي فهو حُبِّي شفائي وطِبِّي قررت أُلَبِّي تَرَجَّلْتُ دخلت فجاء كم مرةً يعتركني الشيطانُ في ساحتي لا غرابة فالذنبُ ذَنْبِي والله الله رَبِّي لا أشرك به شيئا ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) كرعتُ من الْعَبِّ أكلتُ القشرَ قبل اللُّبِّ تصنّجْتُ لها كبلورةٍ ثلجية أحيطت بهواءٍ عليل لا يذوِّبُها إلا هذا الدَّليل فالذي يُحَيِّي الناسَ لبيت الله حريٌّ به إذا حيَّا العربيدَ أدبًا ليس بأهلٍ أن يستهمَّ الصفَّ الأولَ وخمر الذنوب يتقاطر من لحيته ومع هذا كلِّه (وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ ) وأجزم أن لطف الله ليس بعده لطف عدا لطف النداء بالحيعلة اصطفى لها الله خيار عِبادهِ لأداء مهمة مضنية أكاد أجزم أن لفائف دماغهم تنبض بالثواني لحين الثانية الأخيرة فتُقذف الشياطينُ بنيازكهم فتترامى كالدمى تختفي في حديث هوى كل قرين شبع من الخوف حتى اكترع أو وسوسة أي نفس مسكينة فجأةً فتنقشع من أمامها سياجٌ من فولاذ وسوطٌ من سهمٍ أقذٍّ لا ريش فيه ليوقع الخنزبَ صريعًا هذا هو الأذان ياسادة غذاء الجائع والشبعان التائه الولهان أفقت بعد الصلاة من إغفاءةٍ اتضحتْ لي أنها ساعةٌ من ساعةٍ فخرجتُ أخطو تاركا سيارتي عدت الهوينا يعقب كلَّ خطوةٍ من خطواتي صوتٌ بغيض أعني ابتعادي عن رائحة المسجد وكأنَّ الطريق فيه وحشة تصيب السائر فيه بحسرة وضيق ورعشة خاصة أنّ الجرذ وعائلته المتشيطنة مصدر قلق في بيتي عنكبوت سوداء وجداجد ليل مسودة مع خنفس أسود مع أبي بريص مرقَّطٌ بنُقَطٍ صِغارٍ ما لفت نظري سوادها اشتدَّت لمعتها في عيني فسرت مقطِّعًا خيالاتي وآمالي أسترها فقد قيل إنَّ للشياطين قدرات خارقة لخرقها والتهكّر عليها فحملت خيالاتٍ وآمالاً غيرها أحدثها وتحدِّثني في الطريق كاستغماية عن تلك الملتهبة حتى بزغت نحلة تغيّرت لها سَحْنَةُ وجهي بابتسامة توافدن خلفها نحلات تجوب حول بابي يدخلن من أسفله ويخرجن ولا غرو فقد بقيتْ آثار قطرات ماء بعد وضوئي فاستبشرت خيرا وأزعم من دخولها بزوغ فجر جديد فاستهلّ وجهي السعيد .

محمد الشعلان

عطاء دائم
06-07-23, 06:45 AM
مقالة جميلة
مغامرة وجولة من نوع آخر
يعطيك العافية اخي
يختم ل3 ايام مع التقييم

الْياسَمِينْ
06-08-23, 11:18 AM
شدتني مقالتك واستمتعت جدا بقراءتها
مرة أبتسم وأخرى يقشعر بدني
من تلك المخلوقات الإفريقية
غير ذلك كله ..
أمامي قطعة أدبية تتألق ببلاغتها الناصعة
وخلوها من أي ذرة تراب ..
لاعدمتك أيها الأديب الأريب ..
ولك مني وقفة إكبار ..
وتحية تليق بقامتك المبهرة ... حتمــاً.:ah11:


SEO by vBSEO 3.6.1