لبلبوني
06-18-23, 01:36 AM
أُحتُسِبتْ عَلَيَّ ضربةُ جزاء وعادة ما تأخذ المسميات معانيها عند صاحبها وما اختلجت في داخله من مرادفات ومناكفات أي اضطربت نفسه من الجزاءات المجهولة وتحركتْ لها بسرعة فائقة مشاعر حشوية مخبأة تبدو سرعتها كسرعة صاروخ وإذا تحرَّكتْ تحرَّكَ لها أراجوز خفي أعني ما صاحب المشاعر من ردة فعل تظهر فجأة فينبهر لها ويُسَرُّ أو يتنكر لها ويُغَمُّ وهي عادة كل خبر مفاجئ تستجيب المشاعر له وتتصفَّد وتظلُّ تلكُمُهَا الأخبار المباغتة والحقيقة لا أعرف كيف أعبر عن مشاعري فقد كسعتني من خلفي أي ضربتني في وَتَر وليس الضرب الذي يعقبه خَدَر وعجزت أفسِّر تحرَّشَها تأتي فجأة في وجه طفل فيستبشر ووجه عذراء فتتبسم ووجه رجل فيخجل ووجه أم فيتمخض جفنها ويحمل من الدمعات ما لا طاقة لحملها وتتموَّجُ الشَّفَةُ فتتزحلق عليه بانسيابية فيكتحل الخد فترتمي في مرمى الفم فتبدو حلاوتها أو مُرَّها هي ليست ألعوبة بين أيادي بشر أعني المشاعر لايتلاعب معها نِدٌّ أو مُحارِبٌ إلا سحقته ولا يطلب إفصاحَها أو كشْفَ وجْهِها مُتَطَفِّلٌ إلا كَوَتْهُ بنارها وكأنّ الهزيمةَ ابتدأت بكلمة ولا غرو في كلمات التهديد تسحق الخطط وكل استراتيجيات الحروب أعني الكلمة هي قوَّة ناعمة من حسناء قد تهزم عدوًّا شرسًا وتُبكي طاغية بآية قد تسحق متكبِّرًا بحديث قد تُطْفِئُ لهيبَ طائِشٍ وقد تتنفس السّمكة بها هي في مضمار إكسير اللَّذة وعلى غير عادتها أقصد المشاعر تضرب قنبلة هورشيما اليابان ويبكي لها غير اليابانيين هكذا تأتي مُنفردةً لمُبْتَلى واخْتِير لها وتأتي مُجتمعةً لبشر زلزلتهم أعاصير ينتظرها المشجعون في ركْلَةِ جزاءٍ فاصلة بين مركزين تُجَنِّدُ الحواسَّ وتختارُ العينَ مَنْقَبَ الوجهِ وَكَبِدَهُ أُرْجُوحةً لها كالمناجم يدرُسُ الفحّامون طبقاتِ الأرض مُتَآصِلَ الكربون يدُقُّونَ أوتادهم يثقبون الأرض بالشِّوَكِ الحديدية ضربًا يؤذي مَنْ حَوْلَهُ مِن شدَّتِهِ وتحنو عند لمعة برق الألماس يُدَبِّجُون به أصابع الغانيات والملبوسات وربما الحيطان وفي الوجه مثل ما فيها أعني المناجم من متآصلِ الحبِّ رجفةُ جفن وما نتج من اتساع الخدِّ فتنشقَّ من وسطه أخدودةٌ تحوّلت لغمّازةٍ ينخَرِطُ لها كلُّ قائمٍ من الرِّجال وينهمي منهم من انخرط أي تصنَّمَ وتجمَّدَ ومنهم من انجلط عقله عن دماغه وهام ومنهم من وأخشى إن قلت انفلط انفرطت عليَّ خرافة لغوية لكنّ بلدًا بصعيد مصر والوجه القبلي لها وُلِدُ منفلوطيٌّ أفْلَطَتهُ الكتابةُ أي فاجَأَتهُ مثلما فاجأتني فقد كَتَبَ المنفلوطيُّ في مياسم الثغر وجريان الدمع من الألحاظ وغيره من الشعراء المنغمسين في أحزانهم فقلت مرة في حزني :
من يستثر جرحي وليس طبيبه ** سيرى دماء الحزن كيف تُراقُ
ففي اختلاف حالاتك تجده متصنِّمًا أي حزنك لا ينفكّ عن جفنيك يرخِّيهما فيتجعَّدا وإذا انحدر إلى قلبك خدَّرَ نبضاتِ السعادة فيه وتتصلب له شرايين الأنس وتنسدُّ أنسام جلدك فيُلَيِّنَها حتى يغطس في دَمِكَ كما يُلَيِّنُ المفترس بلعابه جلد الفريسة ويرطبُها قبل غرس أنيابه فقد شاهدت الأسد أذهلتني لحسات لسانه جلد ضحيته كقطعة آيسكريم قبل تهشيمها بينما الأشد غرابة رؤية فراخ عقاب بدأ زغاب ريشه بالإنتاش بعد فترة سبات أقصد قارب نتقه من جلده وفجأة يدسُّ أحد أبويه فرخاً مثلَهُ ميِّتًا فريسةً التقمها بصِنَّارة منقاره المعكوف الحاد لُقْمَةً من عشٍّ خالٍ من مرصده أي العشّ الضّحيّة المرتقب للطيور الجارحة المارقة من حوله وعن أنظمة التوازن البيئي فتتعرض لمخلب عدو جائع وصغاره فالأكثر ذهولاً فرخ ما تفتقت عينه عن جفنها إلا سمعُهُ فيرفرف لِأُمِّه جاءت تهفو حانية فيلتقم من فمها فرخاً مثله وهذه المشاهد توفَّرت في الآونة الأخيرة بعدما ما ملَّ المشاهدون من مشاهد افتراس الحيوانات اللاحمة للعاشبة فاتجهت أنظار المصوِّرين الانتهازيين الرأسماليين محبي تغيير استثماراتهم لأجواء السماء وأكاد أجزم أنها ناتجة أي روعة هذه اللقطات من قلة مصوِّريها فمنها ما يندر تصويره لوعورة مكان تثبيت الكاميرات على أغصانٍ شاهقةٍ أعالي الأشجار وعلى قمم الجبال تنبس بخفة رشيقة تنطق في مهلة وخوف تُقطِّعُ النَّسَمَاتُ نَبِرَاتِهَا البالغةَ الأثر مشاعرية يحرِّك أوتارها الجوع فتكون آخِرَ نَبِرةٍ عُصَارةُ بطونها حتى لا تفيق بعدها فيتخلَّلَ عُشَّها نَمْلٌ فتَّاكٌ أشِرٌ قَرْصَةُ الواحدة منها تعدل قرصة صِلٍّ أسود فيتنمَّرُ بقيةُ النَّمل منتشيًا حمضَها الفولِّيك فيعرش من الفراخ كلَّما انجرد عظمٌ من لحمٍ هالَ على غيره وهكذا تبدو سلسلة غذائها مُتَجَرِّدَةٌ من العطاء إلا لأسرتها والإيثار إلا في قمائم الفطائس والرَّوث تبقيها الأسود للضباع والضباع للفهود والفهود للثعالب والحصاني ثم النُّسور ثمّ هُشَّام العظام وكُنَّاس الرَّوث ثم لا حياة في صراع البقاء .
محمد الشعلان
من يستثر جرحي وليس طبيبه ** سيرى دماء الحزن كيف تُراقُ
ففي اختلاف حالاتك تجده متصنِّمًا أي حزنك لا ينفكّ عن جفنيك يرخِّيهما فيتجعَّدا وإذا انحدر إلى قلبك خدَّرَ نبضاتِ السعادة فيه وتتصلب له شرايين الأنس وتنسدُّ أنسام جلدك فيُلَيِّنَها حتى يغطس في دَمِكَ كما يُلَيِّنُ المفترس بلعابه جلد الفريسة ويرطبُها قبل غرس أنيابه فقد شاهدت الأسد أذهلتني لحسات لسانه جلد ضحيته كقطعة آيسكريم قبل تهشيمها بينما الأشد غرابة رؤية فراخ عقاب بدأ زغاب ريشه بالإنتاش بعد فترة سبات أقصد قارب نتقه من جلده وفجأة يدسُّ أحد أبويه فرخاً مثلَهُ ميِّتًا فريسةً التقمها بصِنَّارة منقاره المعكوف الحاد لُقْمَةً من عشٍّ خالٍ من مرصده أي العشّ الضّحيّة المرتقب للطيور الجارحة المارقة من حوله وعن أنظمة التوازن البيئي فتتعرض لمخلب عدو جائع وصغاره فالأكثر ذهولاً فرخ ما تفتقت عينه عن جفنها إلا سمعُهُ فيرفرف لِأُمِّه جاءت تهفو حانية فيلتقم من فمها فرخاً مثله وهذه المشاهد توفَّرت في الآونة الأخيرة بعدما ما ملَّ المشاهدون من مشاهد افتراس الحيوانات اللاحمة للعاشبة فاتجهت أنظار المصوِّرين الانتهازيين الرأسماليين محبي تغيير استثماراتهم لأجواء السماء وأكاد أجزم أنها ناتجة أي روعة هذه اللقطات من قلة مصوِّريها فمنها ما يندر تصويره لوعورة مكان تثبيت الكاميرات على أغصانٍ شاهقةٍ أعالي الأشجار وعلى قمم الجبال تنبس بخفة رشيقة تنطق في مهلة وخوف تُقطِّعُ النَّسَمَاتُ نَبِرَاتِهَا البالغةَ الأثر مشاعرية يحرِّك أوتارها الجوع فتكون آخِرَ نَبِرةٍ عُصَارةُ بطونها حتى لا تفيق بعدها فيتخلَّلَ عُشَّها نَمْلٌ فتَّاكٌ أشِرٌ قَرْصَةُ الواحدة منها تعدل قرصة صِلٍّ أسود فيتنمَّرُ بقيةُ النَّمل منتشيًا حمضَها الفولِّيك فيعرش من الفراخ كلَّما انجرد عظمٌ من لحمٍ هالَ على غيره وهكذا تبدو سلسلة غذائها مُتَجَرِّدَةٌ من العطاء إلا لأسرتها والإيثار إلا في قمائم الفطائس والرَّوث تبقيها الأسود للضباع والضباع للفهود والفهود للثعالب والحصاني ثم النُّسور ثمّ هُشَّام العظام وكُنَّاس الرَّوث ثم لا حياة في صراع البقاء .
محمد الشعلان