المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع الآية (36)من سورة الإسراء


امانى يسرى
06-28-23, 06:03 AM
﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾




أولًا : الوقفات التدبرية :


﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ جُنَّة العالِم: (لا أدري)، ويَهتك حجابَه الاستنكافُ منها، وإذا كان نصف العلم: (لا أدري)، فنصف الجهل: (يُقال) و(أظنُّ)!

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ عن أَبِى مَسْعُودٍ قال: قال ﷺ: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» [أحمد 4/119، وصححه الألباني]، أي: يقولون؛ لأنها بداية الإشاعة وبوابة الكذب، وكان عبد الله بن عمر يقول: « (زعموا) مطية الكذب»، ومعني (بئس مَطيَّة الرجل زَعَمُوا): أنّ الرجُل إذا أرادَ المَسِير إلى بَلد وَالظْعنَ في حاجة ركِب مطيته، وسار حتى يقْضى أرَبَه.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ يقال: قفيته إذا اتبعت أثره، ومنه جاء اسم (القافة)، وهم الذين يتبعون آثار الأقدام، وقافية كل شي آخره، ومنه قافية الشعر، ومنه اسم النبي ﷺ المقفي، لأنه جاء آخر الأنبياء.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ دعوة إلى صون الجوارح والتحري والتثبت من الأمور قبل التحدث بها والخوض فيها، فذلك أسلم للذمة.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ قال ابن عثيمين: «لا يحل لأحد أن يفسر آية من كتاب الله وهو لا يعلم معناها، وإنما يفسرها بالظن والتخمين؛ لأن الأمر خطير، لأنك إذا فسرت آية إلى معنى من المعاني فقد شهدت على الله إنه أراد كذا وكذا، وهذا خطر عظيم».

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ جميل أن ترتقي بما تنشر، فأنت ترسل وغيرك يتداول، وما نشر عنك ستجده في صحيفتك؛ فأحسن ما يسرك أن تراه.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ وهذا أدب خُلقي عظيم، وهو أيضًا إصلاح عقلي جليل؛ يعلم الأمة التفرقة بين مراتب الخواطر العقلية؛ بحيث لا يختلط عندها المعلوم، والمظنون، والموهوم.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ لما كانت هذه الأعضاء الثلاثة هي أشرف الأعضاء وملوكها والمتصرفة فيها والحاكمة عليها؛ خصَّها سبحانه وتعالى بالذكر في السؤال عنها، فسعادة الإنسان بصحة هذه الأعضاء الثلاثة، وشقاوته بفسادها.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ من حافظ على هذه الأعضاء وصانها عما حرم الله سلم ونجا، ومن فرط خاب وخسر.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ من الآية نستنتج القاعده التالية: إما كلام بعلم أو سكوت بسلامة.



[36] ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ فحقيق بالعبد أن يعد للسؤال جوابًا، عما قال وفعل، ولا يكون ذلك إلا باستعمالها بعبودية وإخلاص لله.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ هذه هي رعاياك، وأنت راعيها، وكلٌّ مسئولٌ عن رعيَّته.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ هذه الجوارح أنت مسؤول عنها أمام الله تعالى، ولا يعرف قيمتها إلا من فقدها، فاستعملها في الطاعة.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ الجوارح كالسواقي توصل إلى القلب الصافي والكدر، فمن كفها عن الشر جلت معدة القلب بما فيها من الأخلاط، فأذابتها وكفى بذلك حمية، فإذا جاء الدواء صادف محلاًّ قابلًا، ومن أطلقها في الذنوب أوصلت إلى القلب وسخ الخطايا وظلم المعاصي.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ سعادة الانسان بصحة هذه الاعضاء الثلاثة، وشقاوته بفسادها: السمع والبصر والفؤاد.





ثانيًا : اللمسات البيانية :


﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ﴾ قدم السمع على البصر لأسباب، منها:



إنه الآلة التي تعمل دائماً ،حتى لو كان الإنسان نائماً ،فهو آلة التنبيه.
إن التبيلغ يكون بالسمع، والسمع يعمل في جسم الطفل قبل عمل العين.
إن الله لما ذكر نوم أهل الكهف، ذكر حاسة السمع، فقال تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾ [الكهف: 11]، فعطل آلة السمع لديهم.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ﴾ السمع مقدم على البصر في القرآن لماذا؟ الذي يوقظ النائم بشكل طبيعي هو الصوت؛ لأن الأذن مفتوحة، أما العين فمغلقة عند النوم،


إذا أوقدت ضوءًا لا يستيقظ، والإنسان يستقبل المواعظ والآيات من الرسل بالأذن أكثر من البصر،
ويسمع منهم، ثم ينظر في ملكوت الله.
﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ﴾ قدم السمع على البصر؛ لأنه يحصل من ضروب المعرفة عن طريق السمع ما لا يحصل عن البصر، فبشار بن برد كان أعمى، ومع ذلك كان صاحب البيت المشهور الذي يمتلئ بالبصيرة والإحساس: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوی کواكبه.




ثالثًا : الإسقاط :


﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ بم ستجيب، والسائل لا تخفي عليه خافية؟!

إذا كنت خاليًا لوحدك تقلب هذا الهاتف ولا أحد يراك؛ تذكر: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.




رابعًا : العمل بالآية :


﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ قل: (لا أعلم)، (لا أدري)، وعود لسانك هذه الكلمة فيما لا تعرفه.

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ لا تقل: رأيت ولم ترَ، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم، فإن الله سائلك عن ذلك كله!

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ نهي صريح عن متابعة كل الأمور الظنية، فلا تتلقف الشائعات وتنشرها.

احذر أن تغرق في موج الشائعات، بل تطوَّق بطوق النجاة في حديثك ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.

إذا كنت خاليًا وحدك تقلب هذا الهاتف ولا أحد يراك؛ تذكر: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.




خامسًا : التفاعل مع الآية :


﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾

قل دائمًا: اللهم احفظ سمعي وبصري وقلبي ولساني من الزلل .




الحفظ الميسر

غير مهتم
07-02-23, 11:24 PM
جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ
وجعل هذا في ميزان حسناتك


SEO by vBSEO 3.6.1