المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغريدات د.طارق هشام مقبل


امانى يسرى
07-23-23, 05:44 AM
المواساة بنقيض الحال=من أسباب تفريج الكرب؛ بمعنى أنّ تمد يدك للآخرين لتخرجهم من حال أنت واقع فيه.. كمن يشعر بالوحدة ولكنه يؤنس غيره.. تأمل "شيئا" من هذا في: (ومن قدر عليه رزقه [أي: ضُيّقَ عليه] فلينفق مما آتاه الله ... سيجعل الله بعد عسر يسرا).. وكأن الإنفاق—في الضيق—سبب للتيسير.



الوصول لمستوى التوازن النفسي المشار إليه في قوله ﷻ ﴿لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾.. ليس سهلا.. وأحسب أنه نتيجة عمل دؤوب وتمرين طويل للروح.. لا حزن على ما فات.. ولا قلق من المستقبل.. ولكنها حالة عالية من الشعور.. تستحقّ كل ما يبذل فيها.. يا رب بلغنا..



كريم النفس قد يسكت أحيانا.. ولا يرد التطاول بمثله.. بل ويسمح للطرف الآخر بأن يقول ما شاء.. وأن يشعر بأنه "انتصر".. كل ذلك من أجل حفظ أواصر العلاقات.. والصداقات.. هذه بعض دروس ﴿وعزّني في الخطاب﴾.. الآية التي مرت علينا الليلة في التراويح.. وكأنها المرة الأولى التي أسمعها!

الآية التي أضعها بين عيني.. عند المواقف التي تمر بي في التعامل مع بعض أصناف الناس.. ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة؛ أتصبرون؟﴾.. ولا أجد عزاء أبلغ من تلك الكلمات.. ولا نصا أدلّ على سنة الحياة..

هناك شخص يدعمك ويقف معك ﴿اشدد به أزري﴾.. وهذا عظيم.. والأجمل من لا يكتفي بدعمك كي تنجح.. ولكن أيضا يشاركك اهتمامك.. ﴿وأشركه في أمري﴾.. تأمل كيف جمع موسى ﷺ بين الأمرين: ﴿اشدد به أزري، وأشركه في أمري﴾.. . سعادة الحياة أن يكون شريكك داعما لك.. مولعا بما أنت مولعٌ به..



إقبال المرء عليك ﴿أقبل ولا تخف﴾.. إنما هو بمقدار الأمان الذي يشعر به وهو معك ﴿إنك من الآمنين﴾.. الأمان قبل الحب.. الأمان سر نماء العلاقات الوثيقة.. منه يتدفق الشعور.. هو أساس استمرار الصداقات..





تفتتح سورة العنكبوت بقوله ﷻ ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾.. وتختتم بقوله سبحانه ﴿لنهدينهم سبلنا﴾.. وما بين الآيتين—البدء والختام—مشوار طويل من الصبر.. والعمل.. والدموع..

﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على الدين.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على المبدأ.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على الهدف والحلم.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾.. الوفاء بالعهد.. والثبات على الحب..

اللحظات التي يشعر فيها المرء بأنه "خير من" ﴿أنا خير منه﴾؛ هي لحظات المراجعة والتوقف.. ففي مقابل خطابات تمجيد الذات—السائدة في عصرنا هذا—أحب أن أتأمل وصفه ﷺ لنفسه في القرآن: ﴿إنما أنا بشر مثلكم؛ يوحى إلي﴾.. خطاب مليء بالجلال والنبل.. وبعيد كل البعد عن الإشارة للتميز والتفوق..

صفة غض البصر من أكثر ما يثير إعجابي ويلفتني في الإنسان.. ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾.. ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾.. فهي—مع الامتثال للأمر الشرعي—دليل على رقي أخلاقي.. سيطرة على النفس.. هدف واضح.. رضى وقناعة.. احترام مساحة الآخر.. حياء جميل.. تركيز، ومعرفة الوجهة..



يتحدث القرآن عن "كراهية الذات" باعتبارها عقوبة أخروية.. ويعبر عنها بمقت النفس—والمقت أشد البغض—كما في غافر: ﴿لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم﴾.. بعيدا عن سياق الآية.. تأملت هنا في هذا البلاء الذي يمر به البعض في هذه الحياة—ويصنف من أعراض الاكتئاب—وواجبنا تجاه من يمر بهذا الشعور..

يبدو لي أن آسية—إن صحّ أنه اسمها—لها نصيب من الأصل (أ-س-ي) الذي يدل على الحزن.. وكذلك من الأصل (أ-س-و) الذي يعني الإصلاح والمداواة.. فقد كانت حزينة وحيدة ﴿رب ابن لي عندك بيتا﴾.. ولكنها كانت مُصلِحةً ﴿قرت عين لي ولك؛ لا تقتلوه﴾.. آسية—رضي الله عنها—عظيمة.. وملهمة..

تأمّل كيف كانت السّكينةُ سببا لزيادة الإيمان ﴿هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا﴾.. فزيادة الإيمان من "آثار" السكينة.. ولاحظ كيف ينزل الحب "بعد" حصول السكينة ﴿لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة﴾.. لا عجب إذن أن طلبَ الخليلُ السكينةَ ﴿ولكن ليطمئن قلبي﴾..

هذه الآية الجليلة تصلح شعارا يذكر به المرء نفسه كل يوم ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾.. خطوة واحدة لها آثار ممتدة.. إنها رمز للذين يعملون حسب وسعهم.. للذين اتقوا ما استطاعوا.. للذين لا يجدون إلا جهدهم.. لمَن شاء منا أن يتقدم.. رغما عن الظروف..



في حياتنا اليومية= تأسرنا المفاجآت.. ونجد في المسرات التي لم تخطر علينا= جمالا من نوع آخر.. من هنا نفهم سرّ الرزق الذي يأتي من حيث لا نحتسب ﴿ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾.. يقول البقاعي معللا الحكمة في الآية: "أحْلى الهِباتِ ما جاءَ مِن مَكانٍ لا يُرْجى"..



لاحظ الصفات التي وُصف بها سيدنا يحيى.. الحكمة/الفهم/العقل.. الحنان.. الزكاة [= البركة؟].. والتقوى.. ولكن الصفة الوحيدة التي جعلت من عند الله—"من لدنا"—هي الحنان [=الرحمة والعطف].. ولعل هذا يفسر لماذا تأسرنا وتؤثر بنا مواقف الحنان والرحمة والحب.. إنها قريبة من أخص الصفات الإلهية.

يباغتنا الحب فجأة.. نقع فيه من حيث لم نشعر.. حتى القلب الحصين تخترقه المحبة.. لأن الحب "وقوع".. وقوع مفاجئ—يربط القرآن بين فكرة الحب وبين مفهوم الوقوع.. قلوبٌ تهوي.. ﴿فاجعل أفئدة من الناس "تهوي" إليهم﴾..

يلفت نظري كيف يعبر القرآن عن "إلقاء" الحق.. ﴿إن ربي "يقذف" بالحق﴾.. أحسب أن هذه الحياة ليست سوى "محاولة" لالتقاط ذاك الحق وهو يُلقى ويقذف.. اللحظة التي نلمس فيها بعض الحق بشكل مفاجئ= لحظة مركزية في حياتنا.. تغيرها بشكلٍ لم نحتسبه..

كنت أستمع للإذاعة قبل قليل—وأنا "ماسك الخط" في السيارة!—وإذا بالشيخ عبد المحسن القاسم يقرأ ﴿فاستقِم كما أمرت، ومن تاب معك، ولا تطغوا﴾؛ فخطر لي أن مجيء "ولا تطغوا" بعد الأمر بالاستقامة= قد يشير إلى التحذير من "شعور الاستعلاء"، والتقليل من الآخرين، الذي قد يحصل لبعض المتدينين..

وقع في روعي هذه الليلة—والإمام يقرأ في المغرب بسورة الشرح—وجها من وجوه الارتباط، والله أعلم، بين التطمين الإلهي ﴿إن مع العسر يسرا﴾ وبين الآية التالية ﴿فإذا فرغت فانصب﴾؛ وهو أن الاشتغال بعمل ما قد يساعد على تجاوز القلق.. بمعنى آخر؛ الانشغال بالعمل—أيًا كان—قد يخفف الهم..

يتساقط الزيف.. تتلاشى الدعاوى.. ويبقى الصادق.. الحقيقي.. والجميل.. ﴿فأما الزبد؛ فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس؛ فيمكث في الأرض﴾..

﴿فاصفح الصفح الجميل﴾.. قيل في تعريف الصفح الجميل: "مواساة المذنب برفع الخجل عنه، ومداواة موضع آلام الندم فى قلبه"..

كثيرا ما أجدُ النّظمَ الكريم يختصر—في كلمات يسيرة—عشرات الصفحات من كتب ما يُعرف بتطوير الذات.. مثلا.. فكرة اختيار البيئة المحفزة، وإحاطة النفس بأصحاب الطموح والكفاءة العالية= لخصها القرآن في جملة: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم﴾..

الرحمة هي السياج الذي يحمي العلاقات الإنسانية—بشتى أنواعها—حين تتنحى المشاعر جانبا، يغيب الحب، ويختفي الود.. ومن هنا أفهم مجيء الرحمة بعد الود في: ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.. وكأن الرحمة هي السياج وخط الدفاع الأخير..

سارع إخوة يوسف إلى وصف محبة يعقوب ليوسف وأخيه بالضلال: ﴿إنا أبانا لفي ضلال مبين﴾، ويتكرر الوصف نفسه مع النسوة؛ إذ وصفن حب زليخا بقولهن: ﴿إنا لنراها في ضلال مبين﴾.. يبدو أنها حالة عامة عند الناس—المسارعة إلى تأطير المشاعر المعقدة بإطار سلبي.. بدل محاولة فهم الدوافع والأسباب..

لما دعا إبراهيم ﷺ لبنيه، وأراد أن يقصد الناس البيت الحرام؛ دعا أولا بأن يحبهم الناس ﴿فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم﴾—أي: قلوبا محترقة بالأشواق، كما يعبر البقاعي—ثم بعد ذلك دعا بالرزق ﴿وارزقهم من الثمرات﴾.. لأنه إذا وُجِدَ الحب فكل شيء بعده هين.. لابد أن تهب رياح الحب أولا..

هذه الكلمات الجليلة: ﴿والله غالب على أمره﴾؛ هي مفتاح سورة يوسف.. بل لعلها تكون "سر" السورة.. وأكثر من ذلك.. هي بوابة فهمك لقصتك الخاصة في هذه الحياة..!

وصف القرآن المحسنين في هذه الدنيا بأنهم ﴿أصحاب الجنة﴾، رغم أنهم لم يروها بعدُ، وإنما يرونها في المستقبل، ومن هنا استنبط بعض المفسرين "أن الصحبة لا تستلزم الرؤية".. ومن هنا نفهم كذلك المقولة النبوية الخالدة—المرء مع من أحب..

أحيانا يعجز الواحدُ منّا عن فَهم ما في نفسه.. ويحتار في تحديد دوافعه ونواياه.. فكيف إذن يتجاسر على تأويل ما في نفوس الآخرين وتحديد نواياهم.. نوح ﷺ قدّم درسا للتاريخ، يستحق أن تحفظه العيون، حين قال: ﴿الله أعلمُ بما في أنفسهم﴾.. هذا اللي وهو نبي يُوحى إليه..

قد يصمد الإنسان كثيرا حين يتعلّقُ الأمرُ به هو.. ولكنه يتهاوى ويتنازل كثيرا حين يتعلّق الأمرُ بِمن يُحب؛ إنه معنى أشار له القرآن -والله أعلم- حين قال: ﴿لا تُضارّ والدة بولدها، ولا مولودٌ له بولَده﴾.. إذْ إن الولد "نقطة ضعف" للوالدين..

هناك علاقة بين منزلتك في قلب الشخص.. وبين أثر كلماتك عليه؛ فكلمة خاطفة منك ربما أضاءتْ له سنوات عمره.. وكلمة قصيرة لم تُلْقِ لها بالا ربما جرحته وآلمته.. ولو قالها غيرك لما أحزنته.. لأنك -أنت- تعني له الكثير؛ تأمل هذا المعنى في حكمة قول الله ﷻ: ﴿فلا تقلْ لهما أفّ﴾..

لا أعرف شعور سيدنا الخضر وموسى ﷺ يسأله ويوقفه كل مرة: ﴿أخرقتها﴾؛ ﴿أقتلت نفسا زاكية﴾؛ ﴿لو شئت لاتخذت عليه أجرا﴾.. ولا أستطيع الكلام نيابة عن الخضر..! . ولكن لو كنت مكانه لكنت سعيدا جدا.. فكم هو رائع أن يجد المعلم ذاك التلميذ الذي يراجعه ويتحداه—بأدب—ويدفعه للبحث والنظر..

يهاب المرءُ الإقدام؛ لأنه يخشى الرفض.. تأمل كيف يعلمنا القرآن على التّكيف مع الرفض، ومواجهة ال "لا".. ﴿وإن قيل لكم: "ارجعوا"؛ فارجعوا﴾.. يكتب البقاعي في تفسير الآية: "ولا تستنكفوا من أن تواجهوا بما تكرهون من صريح المنع".. وأما ابن عاشور فيخبرنا أن الآية فيها "تعليم قبول الحق"..

في خضم الفوضى، وفي ظل تسارع الأحداث ﴿ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونا﴾.. قد لا تدرك الصورة الكلية.. ولا النتيجة النهائية.. ولذلك تحتاج إلى إيمان.. يقين بأن خلف هذه الفوضى الظاهرة= انتظام واستقرار وسكون ﴿فالتقى الماء على أمر قد قدر﴾..

يستوقفني وصف القرآن للخلافات الأسرية بالشقاق: (شقاق بينهما).. فالشقاق—في أحد القولين—مشتق من الشِّق، أي الناحية؛ لأن كل طرف يكون في ناحية.. وكأن الآية تشير—بالمفهوم—إلى أن الأصل في العلاقات الناجحة أن يكون الطرفان "في ناحية واحدة".. أو بتعبير البقاعي: أن يكونا "شيئا واحدا"..

ثنائية الحبيب المصطفى ﷺ وأبي بكر الصديق ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار﴾.. وثنائية موسى ﷺ ويوشع ﴿وإذ قال موسى لفتاه﴾.. المهمات الكبيرة تحتاج لصحبة.. لرفيق يؤمن بما تؤمن به..

﴿ويطعمون الطعام—على حبه—مسكينا ويتيما وأسيرًا﴾.. يحدثنا النظم الجليل هنا—في أحد أوجه التفسير—عن الذين يطعمون غيرهم حال كونهم "يحبون" هذا العطاء.. وهذه المرحلة، في رأيي، هي متأخرة.. تأتي بعد أن يُجبر المرء نفسه على العطاء.. فيصبح بعدها سجية.. وأخيرا يتحول إلى حب للبذل والعطاء..

المشاعر كالحزن=ليست، غالبا، مما يقع تحت سيطرة المرء، بمعنى أنها تغلبه؛ فكيف، إذن، نفهم النهي عن الحزن في قوله ﷻ ﴿ولا تحزنوا﴾؟ إما أن نقول إن حقيقة النهي غير مرادة—كما عند الألوسي—وإما أن نقول—كما يرى ابن عاشور—أنّ النهي هنا هو نهي عن "سبب" الحزن، وهو الاعتقاد الذي يؤدي إليه..

الإنسان الواثق بربه ﷻ.. الذي يقف على أرضية صلبة من العلم والمعرفة=لا تغره المظاهر.. لا يهمه أن يتصدر المجلس.. ولا أن يذكر اسمه أولا.. أو أن يتقدم الصفوف.. بل إن غناه في قلبه.. تأمل كيف قالوا لموسى ﴿إما أن تلقي، وإما أن نكون أول من ألقى﴾؛ فرد عليهم بيقين العارف: ﴿بل ألقوا﴾..





https://akhawat.islamway.net/forum/applications/core/interface/imageproxy/imageproxy.php?img=https://scontent.fcai2-2.fna.fbcdn.net/v/t1.0-9/54462431_804679873218634_8028026803803127808_n.jpg ?_nc_cat=109%26_nc_ht=scontent.fcai2-2.fna%26oh=e87bd8f9256e43d861b9622bac802955%26oe=5 D09EFE4&key=3f675574ae2aeb5de7e013d491ab3aa0d81164395fd9a0 f8eb0205bb7cb5d952

وعندي—والله أعلم—ملمح آخر في تفسير صنيع موسى.. وبيانه؛ أنهم لما عرضوا عليه أن يلقي أولا=كان في عرضهم ذلك نوعُ أدب.. فلم يشأ موسى أن يتفوقوا عليه أخلاقيا.. بل قابل أدبهم بأدب جم.. لكي يكون نصره—في النهاية—نصرا ماديا/تقنيا (بإبطال السحر)، ونصرا أخلاقيا.. بالغا أعلى مقامات الأدب..

النجاح في أمر ما يعتمد على أمرين—انتفاء أسباب الفشل، ثم تحقق أسباب النجاح.. في الرؤية القرآنية يتقدم الأول على الثاني.. مثلا، قوله ﷻ ﴿قلنا: لا تخف؛ إنك أنت الأعلى﴾ يمثل انتفاء أسباب الفشل—وهي الاعتقادات التي تؤدي للخوف—ثم تأتي بعدها خطط البناء الإيجابية: ﴿وألق ما في يمينك﴾..

السيطرة على المشاعر والانفعالات=من الخصال الحميدة في الإنسان.. وقد تحتاج لتدريب طويل.. في سورة طه يعبر القرآن عن خوف موسى ﷺ بقوله: ﴿فأوجس—في نفسه—خيفةً، موسى﴾.. بمعنى أنه خاف ولكنه لم يُظهر خوفه؛ قال ابن عاشور: "لم يظهر أثرها [أي: الخيفة] على ملامحه".. يثبت الله الذين آمنوا..

التجارب الصعبة قد تصنع الإنسان وتصقله وتعدّه للأحداث الكبرى، ولكن بشرط—وهو ما نغفل عنه أحيانا—أن يعقب تلك الصعوبات مرحلة لاستعادة النفس.. تأمل كيف جاءت ﴿يا أيها المدثر﴾ بعد صعوبات بدء الوحي، وكيف جاءت ﴿وأنبتنا عليه شجرة﴾ بعد ظلمات الحوت.. والجامع بينهما شيء واحد.. الاحتواء..

أحب هذا الدعاء.. "يا فتاح يا عليم".. هكذا.. من غير تحديد.. "يا فتاح يا عليم".. وهو مستلهم من النظم الكريم: ﴿وهو الفتاح العليم﴾.. يفتح الأبواب المغلقة.. ويفتح عليك النور والعلم.. وكل ذلك بعلمه وحكمته.. أنت أدرى يا رب.. إنك كنت بنا بصيرا..

كانت شجرة وحيدة—فيما يظهر من إفرادها—وإذا بها تصبح محل الرضوان ﴿لقد رضي الله﴾.. واجتماع الكلمة ﴿إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾.. كيف لحدث واحد أن يخلد تلك الشجرة.. من وحدتها ووحشتها.. إلى قرآن يتلى.. من الوحدة إلى الجمعية.. وربك يخلق ما يشاء ويختار..

بعد النجاة من الغم.. بعد الخروج من الضيق والظلمات.. بعد كل حدث صعب ﴿فالتقمه الحوت وهو مليم﴾.. أنت بحاجة لشيء يحتويك حتى تعود إليك نفسك ﴿وأنبتنا عليه شجرة من يقطين﴾.. ولربما كان هذا الاحتواء على هيئة كلمة.. من قلب محب ﴿يا أيها المدثر﴾..

يتحقق ليوسف ما كان يصبو إليه—الحرية—ولكن النتيجة تحققت له بغير الصفة التي أرادها؛ فقد خطط للخروج بقوله للساقي: (اذكرني عند ربك).. ولكن الخطة فشلت؛ فنسي الساقي (فأنساه الشيطان ذكر ربه).. وكان لابد من تدخل أمر آخر لم يخطر على بال يوسف حتى تتحقق له الحرية—إنها رؤيا الملك.

لما سافر موسى ومساعده ووصلا ﴿مجمع البحرين﴾= نسيا السمكة ﴿نسيا حوتهما﴾، ولكن "ضياع"السمكة كان علامة الوصول للمقصد، بل وكأن "فقدانها" كان مرادا: ﴿ذلك ما كنا نبغ﴾.. ولعل في الآية حكمة كبرى—من الضروري أن "تضيع" منا بعض الأشياء.. "فقدانها" هو دليلٌ على أننا على الطريق الصحيح..

يمر بك في الحياة.. من هو كالسراب.. يلمع من بعيد ﴿كسراب بقيعة﴾.. فتنجذب له وتقصده ﴿حتى إذا جاءه﴾.. ثم يخذلك ﴿لم يجده شيئا﴾.. ومنهم من تسمع عن جمال روحه ﴿وقال الملك ائتوني به﴾.. فإذا اقتربت منه رأيت لمعانه فوق ما كنت تتصور.. وقلت: "هو هذا الشخص".. ﴿إنك اليوم لدينا مكين﴾..



مهما حققَ المرء من نجاحات.. وكان مؤثرا في الناس.. وذا قبول بينهم.. إلا أنه تبقى في قلبه غصة.. ويظل فيه جرح لا يندمل= إذا زهد فيه أقرب الناس إليه.. ولكن يأتي عزاء القرآن: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾..

المواهب الإلهية تختلف من شخص لآخر.. فالأكثر من الناس لابد أن ينظر ويعيد النظر كي يفهم: ﴿فارجع البصر؛ هل ترى من فطور؟ ثم ارجع البصر كرتين﴾.. ومن الناس—من نور الله قلبه—من لا يحتاج إلا لتأمل يسير لينهمر عليه الفتح: ﴿فنظر "نظرة" في النجوم﴾.. نظرة واحدة وأتاه الإلهام.. فضل الله..



يعلمنا القرآن العظيم أن الأشياءَ الثمينة والشريفة ﴿إنه لقرآن كريم﴾.. من حقها علينا أن نصونها ﴿في كتاب مكنون﴾.. وألا نبذلها إلا لِمَن يستحقها ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾.. فإذا كان القلبُ هو أغلى ما نملك.. فواجب على المرء أن يصون قلبه.. ويحفظه جيدا.. ولا يبذله إلا لمن يستحقه..



https://akhawat.islamway.net/forum/applications/core/interface/imageproxy/imageproxy.php?img=https://scontent.fcai2-2.fna.fbcdn.net/v/t1.0-9/48403877_749301258756496_6113359464469889024_n.jpg ?_nc_cat=109%26_nc_ht=scontent.fcai2-2.fna%26oh=1a25c794b19477ae06a27fcd7fa0a0b6%26oe=5 D2DEBBF&key=e0e062dc9ce0b91131be3c5614f1dbc4b30c4c5fecec2b b6bfdd4c15a251a32a

إام راسس يآابسس
07-25-23, 12:36 AM
بارك الله فيك

غير مهتم
08-02-23, 12:52 PM
جزاك الله خيرا
وجعل هذا في ميزان حسناتك


SEO by vBSEO 3.6.1