عبدالله همام
08-17-23, 12:54 PM
حديث الذكريات
حديث كان يا ما كان، ايام ما كان في قصاصين وحكواتيه،
وناس تجتمع لتستمع الأحاديث الواقعية وقصص الحب والغرام .
اتذكر ذات يوم، ذهبت لاستمع، ولكن قبل أن أبدأ افتحوا لعقولكم باب التخيلات،
اشعروا وكأنكم معنا حتى تعيشوا قصتنا...
ها هو جاء القصاص.
هيئته ليست هيئة أبناء أوطاننا،
وكأنه من الغرب قادم..انتظروا واستمعوا معي
ها هو جالس في وسط الحشود وها أنا أجلس أمامه..
فتح قرطاس كان يحمله، وقبل أن يبدأ تنهد تنهيدة متعب، وكأن الأمر اكبر من قصة وكلام، ثم بدأ ب ....
يا سادة يا كرام، قصتنا قصة واقعية، ولم تكن من الخيال،
قصة شاب نشأ في قرى غروزني عاصمة الشيشان .
كان ذلك الشاب يعمل في رعي الأغنام ،وكان مثلا في العلم والاخلاق .
وفي تلك القرية كانت الأعمال توزع بين الاناث والذكران.
وكانت فتاة تعمل ليست بذاك الجمال، لكنها بقلب ترق له الجبال من حسنه ورقته الظاهر للعيان .
كانت تلك الفتاة ...
هنا أخذ الحكواتي تنهيدة أخرى، وذهب خارجا واتبعته وإذا العبرة تخنقه ثم عاد..
كانت الفتاة ايها الكرام تجمع العيون عليها، لإدبها وخلقها
الذي اشتهر في كل مكان.
وكان صاحبنا كلما نظر إليها اغمض عينيه حياءا،
ووجنتاه أصبحت كالجمر احمرارا وخجلا .
وكانت هي احيانا تجري مسرعة، وتراقب الأعين عليها،
ولكنها تتعجب من ذاك الإنسان..
وفي يوم ودون ميعاد تفاجأت الأعين بالتقائهما، والاعين لا تكذب حالهما...
وبقي على هذه الحال يراقبها، وينتظر الوقت والزمان ليفاتح
اهلها بما يريده صاحب القلب الولهان .
وفي لحظة القرار دق الباب وسأل والدها إياها في الحلال .
وهي جالسة مطرقة تجمع بين الاحمرار والابتسام .
وجاءه الجواب بالقبول ...
هنا لا زلت أتذكر كيف ابتسم الحكواتي وعيناه محمرتان...
ثم أكمل وبعد أشهر من الحب بينهما والحنان حتى تعلقت ارواحهما واصبحا كغصنان التفا على بعضهما وفيهما الحسن والكمال..
هنا يتحدث الحكواتي ونظراته شاخصتان، وكأن جسده معنا، وبصره يأخذ نظرة بعيدة وتنهيده تسمع الحاضرين...
ثم أكمل
و ذات يوم أصاب صاحبنا إعياء، وذهب للأطباء، فنصحوه بالتخلي عن فكرة الزواج،
فهو لا يستطيع الانجاب .
هنا كأن الحكواتي أصابه إلجام، وظهرت دموعه للعيان..
وبعد أخذ الأنفاس، عادت له روحه، وبدأ من جديد في الكلام..
فقرر صاحبنا بعد مدة، وتفكير، أن ينفصل ويبتعد عن قلبه وحبه الذي صاحبه أشهر بل سنين .
وفي تلك اللحظات صرخ الحكواتي :
وهل الحب الا الخوف والحرص على من نحب دون أنانية وتقصير..
ثم عاد اليه نفسه من جديد قائلا : لكن الشاب أخذ قرره، وبالكاد حملته أقدامه،
ومضى ومعه رسالة، فهو يعرف قدرات نفسه، فالموقف لا يستطيع أن يبوح به بلسانه، فجلس عندهم لحظة ثم خرج تاركا الرسالة خلفه .
خرج يحمل جسده، وكأنه ترك هنالك عقله وقلبه وفكره .
فما أنا خرج من الباب حتى سقط ثم أكمل طريقه يتوكأ الجدران والأبواب .
وما أن وصل بيته حتى سمع صوتا قادما كاد أن يهدم اركان البيت بل هدم وجده .
فخرج فإذا الصوت قادم من البيت الذي ترك فيه قلبه، وهيامه، وعشقه .
ثم خرج مسرعا وإذا ....
هنا تحشرجت انفاس الحكواتي ورفع نظاراته، فقد ملئت الدموع عينه، وكأنه قطعت احشاؤه، ثم قال متأتأً : ماتت الفتاة ....
وها أنا بعدها هائم بين البلدان اشتكي قسوة الأحوال ومآل الهيام .
نعم أنا ذلك الرجال، فلم أستطع أن ابقى اشاهد أركان الديار، فكل حجر هنالك يذكرني بها، وكل زاوية أو بستان .
نعم أنا ذلك الرجل ثم نشغ نشغة وخرج....
هنالك وقف جاري وكان جالس بجانبي وقال البنت لك تفاجأت فقد طلبتها منه مرات ومرات وكنت احبها لنفسها أكثر مما احبها لنفسي وهي كذلك احبتني
خاف والدها عليها بعد قصة الحكواتي، وها هي جنبي، كتفها بكتفي، وعلى كتفي الثاني عكازي،وكلما ذكرت القصة مسحت دمعتها بمنديلي وهي تبتسم .
وعندي منها الآن خمسة من الأبناء والبنات حفظهم الله .
لكن رحم الله الحكواتي، لم يعمر كثيرا بعد تلك القصة، فقد ذكرها مرة واحدة ثم مات.
حديث كان يا ما كان، ايام ما كان في قصاصين وحكواتيه،
وناس تجتمع لتستمع الأحاديث الواقعية وقصص الحب والغرام .
اتذكر ذات يوم، ذهبت لاستمع، ولكن قبل أن أبدأ افتحوا لعقولكم باب التخيلات،
اشعروا وكأنكم معنا حتى تعيشوا قصتنا...
ها هو جاء القصاص.
هيئته ليست هيئة أبناء أوطاننا،
وكأنه من الغرب قادم..انتظروا واستمعوا معي
ها هو جالس في وسط الحشود وها أنا أجلس أمامه..
فتح قرطاس كان يحمله، وقبل أن يبدأ تنهد تنهيدة متعب، وكأن الأمر اكبر من قصة وكلام، ثم بدأ ب ....
يا سادة يا كرام، قصتنا قصة واقعية، ولم تكن من الخيال،
قصة شاب نشأ في قرى غروزني عاصمة الشيشان .
كان ذلك الشاب يعمل في رعي الأغنام ،وكان مثلا في العلم والاخلاق .
وفي تلك القرية كانت الأعمال توزع بين الاناث والذكران.
وكانت فتاة تعمل ليست بذاك الجمال، لكنها بقلب ترق له الجبال من حسنه ورقته الظاهر للعيان .
كانت تلك الفتاة ...
هنا أخذ الحكواتي تنهيدة أخرى، وذهب خارجا واتبعته وإذا العبرة تخنقه ثم عاد..
كانت الفتاة ايها الكرام تجمع العيون عليها، لإدبها وخلقها
الذي اشتهر في كل مكان.
وكان صاحبنا كلما نظر إليها اغمض عينيه حياءا،
ووجنتاه أصبحت كالجمر احمرارا وخجلا .
وكانت هي احيانا تجري مسرعة، وتراقب الأعين عليها،
ولكنها تتعجب من ذاك الإنسان..
وفي يوم ودون ميعاد تفاجأت الأعين بالتقائهما، والاعين لا تكذب حالهما...
وبقي على هذه الحال يراقبها، وينتظر الوقت والزمان ليفاتح
اهلها بما يريده صاحب القلب الولهان .
وفي لحظة القرار دق الباب وسأل والدها إياها في الحلال .
وهي جالسة مطرقة تجمع بين الاحمرار والابتسام .
وجاءه الجواب بالقبول ...
هنا لا زلت أتذكر كيف ابتسم الحكواتي وعيناه محمرتان...
ثم أكمل وبعد أشهر من الحب بينهما والحنان حتى تعلقت ارواحهما واصبحا كغصنان التفا على بعضهما وفيهما الحسن والكمال..
هنا يتحدث الحكواتي ونظراته شاخصتان، وكأن جسده معنا، وبصره يأخذ نظرة بعيدة وتنهيده تسمع الحاضرين...
ثم أكمل
و ذات يوم أصاب صاحبنا إعياء، وذهب للأطباء، فنصحوه بالتخلي عن فكرة الزواج،
فهو لا يستطيع الانجاب .
هنا كأن الحكواتي أصابه إلجام، وظهرت دموعه للعيان..
وبعد أخذ الأنفاس، عادت له روحه، وبدأ من جديد في الكلام..
فقرر صاحبنا بعد مدة، وتفكير، أن ينفصل ويبتعد عن قلبه وحبه الذي صاحبه أشهر بل سنين .
وفي تلك اللحظات صرخ الحكواتي :
وهل الحب الا الخوف والحرص على من نحب دون أنانية وتقصير..
ثم عاد اليه نفسه من جديد قائلا : لكن الشاب أخذ قرره، وبالكاد حملته أقدامه،
ومضى ومعه رسالة، فهو يعرف قدرات نفسه، فالموقف لا يستطيع أن يبوح به بلسانه، فجلس عندهم لحظة ثم خرج تاركا الرسالة خلفه .
خرج يحمل جسده، وكأنه ترك هنالك عقله وقلبه وفكره .
فما أنا خرج من الباب حتى سقط ثم أكمل طريقه يتوكأ الجدران والأبواب .
وما أن وصل بيته حتى سمع صوتا قادما كاد أن يهدم اركان البيت بل هدم وجده .
فخرج فإذا الصوت قادم من البيت الذي ترك فيه قلبه، وهيامه، وعشقه .
ثم خرج مسرعا وإذا ....
هنا تحشرجت انفاس الحكواتي ورفع نظاراته، فقد ملئت الدموع عينه، وكأنه قطعت احشاؤه، ثم قال متأتأً : ماتت الفتاة ....
وها أنا بعدها هائم بين البلدان اشتكي قسوة الأحوال ومآل الهيام .
نعم أنا ذلك الرجال، فلم أستطع أن ابقى اشاهد أركان الديار، فكل حجر هنالك يذكرني بها، وكل زاوية أو بستان .
نعم أنا ذلك الرجل ثم نشغ نشغة وخرج....
هنالك وقف جاري وكان جالس بجانبي وقال البنت لك تفاجأت فقد طلبتها منه مرات ومرات وكنت احبها لنفسها أكثر مما احبها لنفسي وهي كذلك احبتني
خاف والدها عليها بعد قصة الحكواتي، وها هي جنبي، كتفها بكتفي، وعلى كتفي الثاني عكازي،وكلما ذكرت القصة مسحت دمعتها بمنديلي وهي تبتسم .
وعندي منها الآن خمسة من الأبناء والبنات حفظهم الله .
لكن رحم الله الحكواتي، لم يعمر كثيرا بعد تلك القصة، فقد ذكرها مرة واحدة ثم مات.