طارق الموصللي
09-17-23, 02:32 PM
"لقد قررت التخفف من العمل هذا العام والتركيز على نفسي أكثر"
مؤخرًا، سمعت عدة أصدقاء يًرددون هذه الجملة -وشبيهاتها- مرارًا وتكرارًا. فأدركت ضرورة تناول هذا الموضوع.
يبدو أننا مُضطرون للاختيار المستمر بين نمونا الشخصي والمهني:
إذا كنت ترغب في بناء حياة مهنية ناجحة، فسيحتل تطويرك لذاتك المرتبة الثانية. أما لو رغبت بالتعرف على نفسك بشكل أفضل وتوسيع وعيك (https://www.al2la.com/vb/f73.html)، فيجب عليك قطع علاقتك بالعمل!
اقرأ أيضًا [كيف تنتقل من رد الفعل إلى الفعل؟ (https://www.al2la.com/vb/t124883.html)]
ولكن تُراها حقًا لعبة صفرية Zero-sum game؟
https://www3.0zz0.com/2023/09/17/07/872298670.jpg
مغالطة الطاقة الذهنية المحدودة
طرح عالم النفس الاجتماعي الأمريكي (روي بوميستر Roy Baumeister) وزملاؤه نموذجًا (https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/9599441/) يقارن التحكم بالذات بالعضلة التي يمكن أن تُرهق.
حيث افترض الباحثون أن استخدام "عضلات" قوة إرادتك يتركك مرهقًا وعاجزًا عن استجماع طاقة مشابهة في المهام اللاحقة؛ ظاهرة تسمى استنزاف الأنا Ego depletion.
https://www3.0zz0.com/2023/09/17/07/722670495.jpg
ووفقا لهذا الرأي، فإن الدماغ كالبطارية التي تحتوي على كمية طاقة ذهنية محدودة يوميًا. ونؤمن بأن كل تحدٍ نواجهه في العمل سيستنزف هذه البطارية. وبينما نصبّ طاقتنا في العمل، هناك قلق ضمني من نفاد هذه الطاقة الثمينة والمحدودة، التي كان من الممكن تخصيصها للمساعي الشخصية وتحسين الذات.
وقد أثر هذا المنظور على المناقشات حول التوازن بين العمل والحياة. ما عليك سوى إلقاء نظرة سريعة على الإنترنت، وستجد عددًا ضخمًا من المقالات والدورات التدريبية التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص على تحقيق التوازن الصحيح بين حياتهم الشخصية والمهنية.
غالبًا ما تكون فرضية هذه الموارد عبر الإنترنت هي نفسها:
نظرًا لأن طاقتنا الذهنية محدودة، فيجب علينا أن نجد طرقًا لتقنينها بحكمة.
تدور الاستراتيجيات حول تحسين إنتاجية العمل لضمان ترك طاقة كافية للمساعي الشخصية.
السردية واضحة: التضحية بالحياة الشخصية ضرورية لتحقيق النجاح المهني، والعكس صحيح.
https://www12.0zz0.com/2023/09/17/07/802207101.jpg
ومع ذلك، بدأ الباحثون في تحدي هذه الفكرة.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه بعد بذل مجهود أولي، يتحول دافع الناس من السيطرة إلى المكافأة.
يشير هذا إلى أننا لا نختبر بالضرورة استنفاد الطاقة الذهنية، بل تغييرًا في التركيز.
لنفترض أن لديك دلو ماء وتستخدمه لسقي نباتات الحديقة. تشير النظرة التقليدية لاستنزاف الأنا إلى أنه في كل مرة تستخدم فيها الطاقة الذهنية، فإن الأمر يشبه استخدام الدلو لسقي النباتات. بمرور الوقت، سيفرغ الدلو.
تقدّم أحدث الأبحاث (https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7238509/) وجهة نظر مختلفة. عوض الدلو، تخيل أن لديك خرطومًا. بعد استخدام بعض الماء لسقي النباتات [العمل]، يمكنك استخدام الخرطوم لشيء يُسعدك [في إطار حياتك الشخصية]؛ ملء حوض سباحة للأطفال.
مصدر المياه لم ينفد؛ وإنما وُجّه لمنحى مختلف بناءً على الأولويات المتغيرة. لا يتعلق الأمر بفقدان الطاقة الذهنية، بل بالقرار -الذي قد يكون واعيًا أو لاواعيًا- لإعادة توجيه جهودك.
إذًا، ماذا لو لم تكن طاقتنا الذهنية محدودة كما قيل لنا؟ ومن ثم، فإن الاستراتيجيات التي كنا نستخدمها لتحقيق التوازن بين حياتنا المهنية والشخصية قد تحتاج إلى تغيير شامل، بحيث يفتح الباب أمام تحول نموذجي لا يتعارض وفقه النمو الشخصي والمهني، بل يكمل ويغذي بعضهما البعض.
تغذية طاقتك الذهنية
بدلاً من رؤية طاقتك الذهنية كمورد محدود تحتاج إلى تقنينه، يمكن أن يساعدك التحرر من عقلية الندرة هذه على إنشاء حلقة مثمرة:
يغذي عملك اليومي ومشاريعك الجانبية إنتاجيتك وإبداعك
توفر علاقاتك الشخصية الإلهام لحل التحديات المهنية
يتخلل التعلم والنمو جميع مجالات حياتك.
قد يلهمك تعلم استخدام أداة جديدة في العمل بدء مشروع رقمي جديد عندما تعود إلى المنزل. وربما يوفّر لك البحث ضمن أرشيفك -لإنشاء شخصيات دقيقة تاريخيًا في رواية تكتبها- رؤى حول بناء مجتمع أكثر جاذبية في العمل. ويمكن لمحادثة مع زميلك في العمل تقديم المنظور الدقيق الذي تحتاجه للتعامل مع مشكلة شائكة مع صديق.
السرّ: عدم التعامل مع ما تتعلمه في حياتك المهنية بشكل منفصل عما تتعلمه في حياتك الشخصية. ومن ثم رؤيتها بنفس القدر من الأهمية في حياتك، ومليئة بالفرص للحصول على الطاقة منها.
فيما يلي ثلاث طرق بسيطة يمكنك تطبيقها للبدء في التحرر من نموذج استنزاف الأنا وتعزيز طاقتك الذهنية:
لإدارة طاقتك، تحكم بتركيزك
تحدى الاعتقاد بأن طاقتك "نفدت" بعد يوم عمل شاق. عوض ذلك، يمكنك تضخيم طاقتك بتوجيه تركيزك نحو الأنشطة التي تغذي فضولك وإبداعك.
ركّز في مسارات تدفّق طاقتك بين مختلف مجالات حياتك.
غالبًا ما نعاني للتحكم بمستويات طاقتنا عندما نتشتت بين التزامات غير مترابطة. خصص وقتًا لإلقاء نظرة على جميع مشاريعك الشخصية والمهنية، واسأل نفسك: أين يمكنني تحقيق ترابط؟ على سبيل المثال، هل هناك موضوع يثير فضولك ويمكن أن يفيد زملائك؟ أو هل ثمّة ما تتعلمه للعمل وقد يكون -أيضًا- مفيدًا لمشروعك الشخصي؟
أحط نفسك بموسعيّ الطاقة
تواصل مع الأشخاص الذين يؤمنون أيضًا بتوسيع طاقتهم الذهنية من خلال السعي إلى النمو في الجوانب المهنية والشخصية في حياتهم. لن يلهموك فقط بعدم وضع قيود زائفة على نفسك، بل يمكنهم تقديم المشورة لإنشاء تعاضدات جديدة في جميع مجالات النمو المحتملة.
بالطبع، يمكن أن نكون مرهقين جسديًا ونفسيًا لأسباب عديدة - قلة النوم، أو الأحداث العاطفية السلبية، أو حتى خلل في الغذاء- ولكن هذا لا يعني أن طاقتنا الذهنية محدودة بطبيعتها.
من خلال تحدي هذا الاعتقاد، وإنشاء حلقات نمو عبر مجالات مختلفة من حياتك، وإحاطة نفسك بأشخاص ذوي تفكير مماثل، يمكنك توسيع طاقتك الذهنية بشكل كبير لتحقيق المزيد دون التضحية بصحتك الذهنية.
مؤخرًا، سمعت عدة أصدقاء يًرددون هذه الجملة -وشبيهاتها- مرارًا وتكرارًا. فأدركت ضرورة تناول هذا الموضوع.
يبدو أننا مُضطرون للاختيار المستمر بين نمونا الشخصي والمهني:
إذا كنت ترغب في بناء حياة مهنية ناجحة، فسيحتل تطويرك لذاتك المرتبة الثانية. أما لو رغبت بالتعرف على نفسك بشكل أفضل وتوسيع وعيك (https://www.al2la.com/vb/f73.html)، فيجب عليك قطع علاقتك بالعمل!
اقرأ أيضًا [كيف تنتقل من رد الفعل إلى الفعل؟ (https://www.al2la.com/vb/t124883.html)]
ولكن تُراها حقًا لعبة صفرية Zero-sum game؟
https://www3.0zz0.com/2023/09/17/07/872298670.jpg
مغالطة الطاقة الذهنية المحدودة
طرح عالم النفس الاجتماعي الأمريكي (روي بوميستر Roy Baumeister) وزملاؤه نموذجًا (https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/9599441/) يقارن التحكم بالذات بالعضلة التي يمكن أن تُرهق.
حيث افترض الباحثون أن استخدام "عضلات" قوة إرادتك يتركك مرهقًا وعاجزًا عن استجماع طاقة مشابهة في المهام اللاحقة؛ ظاهرة تسمى استنزاف الأنا Ego depletion.
https://www3.0zz0.com/2023/09/17/07/722670495.jpg
ووفقا لهذا الرأي، فإن الدماغ كالبطارية التي تحتوي على كمية طاقة ذهنية محدودة يوميًا. ونؤمن بأن كل تحدٍ نواجهه في العمل سيستنزف هذه البطارية. وبينما نصبّ طاقتنا في العمل، هناك قلق ضمني من نفاد هذه الطاقة الثمينة والمحدودة، التي كان من الممكن تخصيصها للمساعي الشخصية وتحسين الذات.
وقد أثر هذا المنظور على المناقشات حول التوازن بين العمل والحياة. ما عليك سوى إلقاء نظرة سريعة على الإنترنت، وستجد عددًا ضخمًا من المقالات والدورات التدريبية التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص على تحقيق التوازن الصحيح بين حياتهم الشخصية والمهنية.
غالبًا ما تكون فرضية هذه الموارد عبر الإنترنت هي نفسها:
نظرًا لأن طاقتنا الذهنية محدودة، فيجب علينا أن نجد طرقًا لتقنينها بحكمة.
تدور الاستراتيجيات حول تحسين إنتاجية العمل لضمان ترك طاقة كافية للمساعي الشخصية.
السردية واضحة: التضحية بالحياة الشخصية ضرورية لتحقيق النجاح المهني، والعكس صحيح.
https://www12.0zz0.com/2023/09/17/07/802207101.jpg
ومع ذلك، بدأ الباحثون في تحدي هذه الفكرة.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه بعد بذل مجهود أولي، يتحول دافع الناس من السيطرة إلى المكافأة.
يشير هذا إلى أننا لا نختبر بالضرورة استنفاد الطاقة الذهنية، بل تغييرًا في التركيز.
لنفترض أن لديك دلو ماء وتستخدمه لسقي نباتات الحديقة. تشير النظرة التقليدية لاستنزاف الأنا إلى أنه في كل مرة تستخدم فيها الطاقة الذهنية، فإن الأمر يشبه استخدام الدلو لسقي النباتات. بمرور الوقت، سيفرغ الدلو.
تقدّم أحدث الأبحاث (https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7238509/) وجهة نظر مختلفة. عوض الدلو، تخيل أن لديك خرطومًا. بعد استخدام بعض الماء لسقي النباتات [العمل]، يمكنك استخدام الخرطوم لشيء يُسعدك [في إطار حياتك الشخصية]؛ ملء حوض سباحة للأطفال.
مصدر المياه لم ينفد؛ وإنما وُجّه لمنحى مختلف بناءً على الأولويات المتغيرة. لا يتعلق الأمر بفقدان الطاقة الذهنية، بل بالقرار -الذي قد يكون واعيًا أو لاواعيًا- لإعادة توجيه جهودك.
إذًا، ماذا لو لم تكن طاقتنا الذهنية محدودة كما قيل لنا؟ ومن ثم، فإن الاستراتيجيات التي كنا نستخدمها لتحقيق التوازن بين حياتنا المهنية والشخصية قد تحتاج إلى تغيير شامل، بحيث يفتح الباب أمام تحول نموذجي لا يتعارض وفقه النمو الشخصي والمهني، بل يكمل ويغذي بعضهما البعض.
تغذية طاقتك الذهنية
بدلاً من رؤية طاقتك الذهنية كمورد محدود تحتاج إلى تقنينه، يمكن أن يساعدك التحرر من عقلية الندرة هذه على إنشاء حلقة مثمرة:
يغذي عملك اليومي ومشاريعك الجانبية إنتاجيتك وإبداعك
توفر علاقاتك الشخصية الإلهام لحل التحديات المهنية
يتخلل التعلم والنمو جميع مجالات حياتك.
قد يلهمك تعلم استخدام أداة جديدة في العمل بدء مشروع رقمي جديد عندما تعود إلى المنزل. وربما يوفّر لك البحث ضمن أرشيفك -لإنشاء شخصيات دقيقة تاريخيًا في رواية تكتبها- رؤى حول بناء مجتمع أكثر جاذبية في العمل. ويمكن لمحادثة مع زميلك في العمل تقديم المنظور الدقيق الذي تحتاجه للتعامل مع مشكلة شائكة مع صديق.
السرّ: عدم التعامل مع ما تتعلمه في حياتك المهنية بشكل منفصل عما تتعلمه في حياتك الشخصية. ومن ثم رؤيتها بنفس القدر من الأهمية في حياتك، ومليئة بالفرص للحصول على الطاقة منها.
فيما يلي ثلاث طرق بسيطة يمكنك تطبيقها للبدء في التحرر من نموذج استنزاف الأنا وتعزيز طاقتك الذهنية:
لإدارة طاقتك، تحكم بتركيزك
تحدى الاعتقاد بأن طاقتك "نفدت" بعد يوم عمل شاق. عوض ذلك، يمكنك تضخيم طاقتك بتوجيه تركيزك نحو الأنشطة التي تغذي فضولك وإبداعك.
ركّز في مسارات تدفّق طاقتك بين مختلف مجالات حياتك.
غالبًا ما نعاني للتحكم بمستويات طاقتنا عندما نتشتت بين التزامات غير مترابطة. خصص وقتًا لإلقاء نظرة على جميع مشاريعك الشخصية والمهنية، واسأل نفسك: أين يمكنني تحقيق ترابط؟ على سبيل المثال، هل هناك موضوع يثير فضولك ويمكن أن يفيد زملائك؟ أو هل ثمّة ما تتعلمه للعمل وقد يكون -أيضًا- مفيدًا لمشروعك الشخصي؟
أحط نفسك بموسعيّ الطاقة
تواصل مع الأشخاص الذين يؤمنون أيضًا بتوسيع طاقتهم الذهنية من خلال السعي إلى النمو في الجوانب المهنية والشخصية في حياتهم. لن يلهموك فقط بعدم وضع قيود زائفة على نفسك، بل يمكنهم تقديم المشورة لإنشاء تعاضدات جديدة في جميع مجالات النمو المحتملة.
بالطبع، يمكن أن نكون مرهقين جسديًا ونفسيًا لأسباب عديدة - قلة النوم، أو الأحداث العاطفية السلبية، أو حتى خلل في الغذاء- ولكن هذا لا يعني أن طاقتنا الذهنية محدودة بطبيعتها.
من خلال تحدي هذا الاعتقاد، وإنشاء حلقات نمو عبر مجالات مختلفة من حياتك، وإحاطة نفسك بأشخاص ذوي تفكير مماثل، يمكنك توسيع طاقتك الذهنية بشكل كبير لتحقيق المزيد دون التضحية بصحتك الذهنية.