المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رفيقك الذي لا يفارقك


عطاء دائم
11-04-23, 07:56 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مع سلسلة جديدة أسأل الله أن تعود علينا جميعا بالفائدة وأن ينفعنا بها الله
اللهم آمين يارب العالمين....

سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321642

الدرس (1)

تعالَوا بنا سويا نراجعُ شريطَ ذكرياتِنا، ونفتحُ بعض الصفحاتِ من أيام عمرنا.

من يوم أن وَعِينا في هذه الدنيا كنا نستأنسُ بالرفيق، ونسعدُ برؤية الصديق.
كم كنّا نتلهف للقاء من نحبهم، حتى نقضيَ معهم أجملَ الأوقات، ونعيشَ معهم أسعدَ اللحظات.

ولكنّ سُنّةَ الله في الفراق كانت كثيرًا ما تغتالُ تلك العلاقةَ؛ فتباعد بين الأحباب، وتفرّق بين الأصحاب.

فالفراقُ سنةٌ ماضيةٌ تعددت أسبابُها، وثبت تحقّقُها، وحُقَّ على بشرٍ أن يذوقَ مرارتَها.

تتذكر صاحبَ الطفولة الذي فرّقَ بينك وبينه السفرُ، وجارَك الذي فرّقت بينك وبينه ظروفُ الانتقال، ورفيقَ الشباب الذي أبعدته عنك مشاغلُ الحياة.

حتى أولئك الذين لا تتخيل أن تفارقَهم يومًا ما ممن تجمعك بهم أوثقُ روابطِ النسبِ والصِّهرِ من أبٍ وأم، وأخٍ وأخت، وزوجٍ وولد، فإنهم سيفارقونك يومًا ما وتذوقُ ألمَ فراقِهم أو يذوقوه، وذلك بالموت المحتَّم على كل بشر.

فالقاعدةُ العامة هي:

( أن كلَّ رفيقٍ سيفارقك، وكلَّ صاحبٍ سيتخلى عنك أو تتخلى عنه يومًا ما )

ولكن يا تُرى هل هناك استثناءٌ من هذه القاعدة؟

هل هناك رفيقٌ سيلزمك ولن يفارقَك ولن تفارقَه؟

يتبع غداً بإذن الله تعالى

عطاء دائم
11-04-23, 07:59 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321642

الدرس (2)

سالت في الدرس السابق يا تُرى هل هناك استثناءٌ من هذه القاعدة؟
هل هناك رفيقٌ سيلزمك فلن يفارقَك ولن تفارقَه؟

الجواب: نعم.

هناك رفيقٌ يلازمُك في كل آن وكل حين، يلازمك في حال شبابك وحال هرمك، وحال صحتك وحال مرضك، وفي حياتك وبعد موتك.

ذلكم الرفيق هو:

( العملُ الصالح )

العملُ الصالحُ هو الاستثناءُ من القاعدة، فهو الرفيقُ المخلص الذي لا يفارقك، والصاحبُ الوفيُّ الذي لم ولن يتخلى عنك يوماً ما.

إذا تحفزت نفسُك لتوثيقِ العلاقة، وتمتِين حبالِ الوصلِ بينك وبين العمل الصالح، فاعلم أن أعظمَ فرصةٍ لذلك

هو تدبر الغرض من خَلَقَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْحَيَاةَ وَمَا فِيهَا مِنْ بَدَائِعَ وَعَجَائِبَ, وَأَفْرَاحٍ وَمَصَائِبَ, وَفِتَنٍ وَشَهَوَاتٍ فقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ:

{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
سورة تبارك آية:2 ...

العمل الصالح هو الرفيق الذي يؤنسك أعظمَ الأنسِ في هذه الدنيا، وَقد أَخْبَرَنَا الله عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مَنِ اجْتَهَدَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ,في جميع أيامه فَهُوَ مَوْعُودٌ بِالْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ, وَالْكَرَامَةِ الْخَالِدَةِ, وَالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ

ففي ظلال صحبتِه ستعيشُ الحياةَ الطيبةَ السعيدةَ الهنيئةَ، فالسعادة هي الغاية التي يبحث عنها جميع البشر على اختلاف معتقداتهم ومع اختلاف لغاتهم، ولا تكون إلا في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسارعة إلى كل عمل يحبه الله ويرضاه؛ كما وعد الله سبحانه فقال:

{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

سورة النحل آية: 97...

قال ابن كثير رحمه الله:

"هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه - من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييَه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيَه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة

يتبع غداً بإذن الله

شريان قلب
11-04-23, 10:52 AM
يعطيج العافية اختي

عطاء دائم
11-05-23, 07:57 AM
يعطيج العافية اختي

الله يعافيك اخي
شكرا لكرم مرورك

عطاء دائم
11-05-23, 08:00 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321740

الدرس (3)

وَقَالَ الله سُبْحَانَهُ وتعالى:

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
سورة العنكبوت آية :69...

وقد جاء التعبير عن السعادة بنفي الشقاء والضلال، وبذكر مقابلها وهو الضنك؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾
سورة طه: 123، 124

فالشقاء الذي هو ضد السعادة مقرونٌ بالإعراض عن ذكر الله، واتباع هدى الله هو سبيل البعد عن الشقاء وتحقيق السعادة.

فإذا أردتَ أن تؤمِّنَ مستقبل أبنائك، فلا يكون ذلك بكثرة الأموال أو الأطيان أو العقارات، وإنما يكون ذلك بطاعة رب الأرض والسماوات، وأن تقيَهم وتحميَ نفسك بالتقوى

قال تعالى:
﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾
سورة النساء آية: 9..

ويفسر هذه الآية آية سورة الكهف؛ قال الله تعالى في قصة إقامة الجدار للغلامين على لسان الخضر لموسى عليهما السلام: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾
سورة الكهف آية: 82..

قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله:
﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾:

حُفظا بصلاح أبيهما

وعن وهب قال:

"إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس"

وقال محمد بن المنكدر:

"إن الله تعالى يحفظ عبده المؤمن في ولده وولد ولده وفي ذريته وفي الدويرات حوله".


____________________

عطاء دائم
11-05-23, 08:02 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321740

الدرس (4)

العمل الصالح هو الرفيقُ الذي يكون سبب لتفريج الهموم وكشف الغموم
والكربات وقضاء للحاجات:

إذا كنتَ مهمومًا أو تخشى من الهموم والكروب، فبادر إلى الأعمال الصالحات تجد أثرها عند الأزمات والمدلهمات؛ فلقد ذكر الله جل جلاله في سورة الأنبياء جملة من أخبارهم وما حلَّ بهم من الهموم والإيذاء والغموم، وما نزل بهم من الشدائد والمصائب، فذكر إبراهيم وموسى، ولوطًا ونوحًا، وداود وسليمان، وأيوب وذا النون، وزكريا ويحيي عليهم الصلاة والسلام، ثم ذكر سبحانه فضله ومَنِّه وكرمه على أنبيائه؛ وقال بعدها:

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
الأنبياء: 90

والمعنى: أنهم نالوا من الله تعالى ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة
وفي قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فأُطبق عليهم، كان للعمل الصالح أثرٌ عظيم في نجاتهم من الهلاك

عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:

((- خَرَجَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فأصابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا في غارٍ في جَبَلٍ، فانْحَطَّتْ عليهم صَخْرَةٌ، قالَ: فقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فقالَ أحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إنِّي كانَ لي أبَوانِ شيخانِ كَبِيرانِ، فَكُنْتُ أخْرُجُ فأرْعَى، ثُمَّ أجِيءُ فأحْلُبُ فأجِيءُ بالحِلابِ، فَآتي به أبَوَيَّ فَيَشْرَبانِ،

ثُمَّ أسْقِي الصِّبْيَةَ وأَهْلِي وامْرَأَتِي، فاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فإذا هُما نائِمانِ، قالَ: فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُما، والصِّبْيَةُ يَتَضاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ دَأْبِي ودَأْبَهُما، حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْها السَّماءَ، قالَ: فَفُرِجَ عنْهمْ، وقالَ الآخَرُ:

اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِن بَناتِ عَمِّي كَأَشَدِّ ما يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّساءَ، فقالَتْ: لا تَنالُ ذلكَ مِنْها حتَّى تُعْطِيَها مِئَةَ دِينارٍ، فَسَعَيْتُ فيها حتَّى جَمَعْتُها، فَلَمَّا قَعَدْتُ بيْنَ رِجْلَيْها قالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ ولا تَفُضَّ الخاتَمَ إلَّا بحَقِّهِ، فَقُمْتُ وتَرَكْتُها، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ،

فافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قالَ: فَفَرَجَ عنْهمُ الثُّلُثَيْنِ، وقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي اسْتَأْجَرْتُ أجِيرًا بفَرَقٍ مِن ذُرَةٍ فأعْطَيْتُهُ، وأَبَى ذاكَ أنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إلى ذلكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حتَّى اشْتَرَيْتُ منه بَقَرًا وراعِيها، ثُمَّ جاءَ فقالَ:

يا عَبْدَ اللَّهِ أعْطِنِي حَقِّي، فَقُلتُ: انْطَلِقْ إلى تِلكَ البَقَرِ وراعِيها فإنَّها لَكَ، فقالَ: أتَسْتَهْزِئُ بي؟ قالَ: فَقُلتُ: ما أسْتَهْزِئُ بكَ ولَكِنَّها لَكَ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عنْهمْ))
صحيح البخاري.

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-06-23, 07:48 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321810

الدرس (5)

العمل الصالح هو الرفيقُ الذي يسير معك في طريقِك إلى الله، تستندُ عليه لتثبتَ على الطاعة، وتتكئُ عليه حتى تصلَ إلى الهداية، قال سبحانه :

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} النساء: 66- 68

وَبَشَّرَنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَاتٍ, قَاطِعَاتٍ بَيِّنَاتٍ, بِالْجَزَاءِ الأَوْفَى, وَالْعَاقِبَةِ الأَسْنَى, لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّقَاهُ, فَكَانَ عَمَلُهُ فِي طَاعَتِهِ وَرِضَاهُ, يَمْتَثِلُ أَمْرَهُ, وَيَجْتَنِبُ نَهْيَهُ وَزَجْرَهُ, قَالَ تَعَالَى:

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}
الكهف 107: 108

وَيُؤَكِّدُ لَنَا رَسُولُنَا الْكَرِيمُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ, وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْهَمُّ الأَوَّلُ لِلإِنْسَانِ آخِرَتَهُ, وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِالإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ, وَإِلاَّ فَالْخَسَارَةُ وَالنَّدَامَةُ, يقول صلى الله عليه وسلم:

(( مَنْ كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ))
صحيح سنن الترمذي للألباني.

ويقول اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:
(( يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا, فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ, وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))
صحيح مسلم

عطاء دائم
11-06-23, 07:49 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321810

الدرس (6)

فالعمل الصالح سبب لحب الله عز وجل لعبده وحمايته وحفظه له؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن الله قال:

من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت وأنا أكره مساءته)) صحيح البخاري

فنفهم من الحديث أن التقرب إلى الله بالنوافل حتى تستحق المحبة منه تعالى لا يكون ذلك إلا بغاية التواضع والتذلل له، وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه وأداها، ومتى أدام العبد التقرب بالنوافل، أفضى ذلك به إلى أن يحبه الله عز وجل

فمن ثمرات العمل الصالح محبة الخلق التي يلقيها الله في قلوب عباده؛ قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾
سورة مريم: 96

أي: إن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا بما جاءهم من عند ربهم، فعملوا به، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه،

﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾

أي سيجعل لهم الله عز وجل محبة في قلوب عباده في الدنيا

قال قتادة:

"ما أقبل عبدٌ إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه، وزاده من عنده"

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-07-23, 08:24 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321832

الدرس (7)

العمل الصالح هو الرفيقُ الذي يطهّرُك من الأوساخ، فيمحو عنك الزلل، ويخففُ عنك الأعباء، لتسلمَ من شرَرِ الذنوب في الدنيا والآخرة، قال جل وعلا:
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
سورة هود: 114

فمن ثمرات العمل الصالح في الآخرة:
أن يرزق الله صاحبها حسن الخاتمة عند الممات؛

عن أنس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعملَه ، فقيل : كيف يستعملُه يا رسولَ اللهِ ؟ قال : يوفِّقُه لعمَلٍ صالحٍ قبلَ الموتِ))
صحيح سنن الترمذي للألباني

ومن بشريات الأعمال الصالحات ما يبشر به المؤمن عند موته؛ قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
سورة فصلت: 30 – 32

وقال سبحانه:
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
سورة النحل: 32

العمل الصالح هو الرفيقُ الذي سيبقى معك حتى بعد موتك وبعد أن يتخلى عنك كل أحد؛ قال صلى الله عليه وسلم:
(( يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقَى معهُ واحِدٌ: يَتْبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أهْلُهُ ومالُهُ، ويَبْقَى عَمَلُهُ))
صحيح البخاري

عطاء دائم
11-07-23, 08:29 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=321832

الدرس (8 )

العمل الصالح هو الرفيقُ الذي سيبقى معك ليرافقَك في قبرك، ليوسِّعَ عليك بعد الضيق، ويؤنسَك بعد الوحشة، ويعوضَك عن فراقِ الأهل والأصحاب والأحباب
فالعمل الصالح كما كان لك أمانٌ في الدنيا، فهو لك أمان في أول منازل الآخرة؛ ألا وهو القبر؛

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الميت إذا وُضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون مدبرين، فإن كان مؤمنًا، كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة، والصلاة، والمعروف، والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة:

ما قِبَلِي مدخل، ثم يؤتى من قبل يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلِي مدخل، ثم يؤتى من قِبَل رجليه، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل، فيقول له: اجلس، فيجلس قد مثلت له الشمس وقد أذنت للغروب، فيقال له:

أرأيتك هذا الذي كان قبلكم ما تقول فيه، وماذا تشهد عليه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، فيقولان: إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه، أرأيتك هذا الرجل الذي كان قبلكم ماذا تقول فيه، وماذا تشهد عليه؟ قال:

فيقول: محمد؟ أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك متَّ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يُفتَح له باب من أبواب الجنة، فيُقال له: هذا مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها، فيزداد غبطةً وسرورًا، ثم يُفتَح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك وما أعد الله لك فيها لو عصيته، فيزداد غبطةً وسرورًا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا، وينوَّر له فيه، ويُعاد الجسد لما بُدئ منه، فتُجعل نَسَمته في النَّسَم الطيب، وهي طيرٌ تُعلَّق في شجر الجنة؛ فذلك قوله:

﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ إبراهيم: 27

قال النبي صلى الله عليه وسلم- في وصف حال المؤمن في قبره((ويأتِيه رجلٌ حسَنُ الوجهِ طيِّبُ الرِّيحِ فيقولُ: أبشِرْ بالَّذي يسُرُّكَ، فهذا يومُكَ الَّذي كنتَ تُوعَدُ، فيقولُ له: مَن أنتَ؟ فوجهُكَ الوجهُ الَّذي يجِيءُ بالخيرِ، فيقولُ: أنا عمَلُكَ الصَّالِحُ)) حسن

قال ابن القيم: "وقد دل على ذلك أن تلك الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام، وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس - من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه"

يتبع غداً بإذن الله

الاموره مهره
11-08-23, 10:24 PM
بارك الله فيك

عطاء دائم
11-09-23, 07:14 AM
بارك الله فيك

اهلا بكِ غاليتي
شكرا لكرم مرورك

عطاء دائم
11-09-23, 07:18 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322014

الدرس (9)

العمل الصالح هو الرفيق الذي سيرافقك في ذلك اليوم، { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}عبس: 34- 36

الكلُّ سيفرُّ منك، أما عملُك الصالح فسيبقى معك لا يفارقُك حتى في أصعب اللحظات، وأجلِّ المواقف، عند الوقوفِ بين يدي الله للحساب

قال صلى الله عليه وسلم(( ما مِنكُم أحَدٌ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ, ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ))البخاري

ثم يختمُ صلى الله عليه وسلم بوصيةٍ تحثك على الاستزادة من العمل الصالح مهما قل، فيقول(( فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ))البخاري

في ذلك اليوم ستأتي مفرداتٌ من العملِ الصالحِ لتشفعَ لك وتحاجّ عنك فتكونَ أكبرَ مصدرِ دعمٍ لك في ذلك الموقفِ العصيب.

سيأتي القرآنُ شفيعاً لأصحابِه الذين اختاروا رفقتَه في الدنيا، كما قال صلى الله عليه وسلم(( اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما ))مسلم

يُتبع

عطاء دائم
11-09-23, 07:20 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322014

الدرس (10)

العمل الصالح هو الرفيقُ حتى بعدَ الحساب وبعد استلامَ الكتب لن تنحل رابطةُ تلك الصحبةِ الوثيقةِ بينك وبين العمل الصالح، ففي موقف الصراط يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فتَقومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ، يَمينًا وشِمالاً))
صحيح مسلم.

تقف الأمانةُ والرحمُ على الصراطِ لتحاجّان عن المحقِّ الذي أدى حقَّ الله فيهما، وتقربَ إلى الله بهما، وهما كذلك يطلبان حقهَما ممن فرّط فيهما.
وهكذا لن يتركَكَ رفيقُ العملِ الصالحِ حتى يدخلَك الجنة، وحتى تسمعَ ذلك النداء

{ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} سورة الأعراف: 43
فما أعده الله لهم مما لم تَرَهُ عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر:
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

((قال الله تعالى:
أعددت لعباديَ الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ واقرؤوا إن شئتم:

﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾
سورة السجدة: 17))
صحيح البخاري.

والصالحون جعلني الله وإياكم منهم في رياض الجنة يرتعون، ومن غرفها يتبوؤن؛ قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُو
ا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ سورة العنكبوت: 58

وفي آية أخرى:
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ﴾
سورة الروم: 15

وفي ثالثة:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾

سورة الشورى: 22

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-11-23, 07:49 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322075

الدرس (11).

ومَن جُوزوا على إيمانهم وعملهم الصالح بالجنة، فإنهم لا يملُّون منها، ولا يطلبون التحول عنها، ولا يستبدلون غيرها بها؛ قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾
الكهف: 107، 108

وأعظم نعيم أهل الجنة رؤية وجهه الكريم جل جلاله؛ فعن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيَقولونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيَكْشِفُ الحِجابَ، فَما أُعْطُوا شيئًا أحَبَّ إليهِم مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ.
وفي رواية: وزادَ ثُمَّ تَلا هذِه الآيَةَ: {لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَةٌ}
[يونس: 26].))
صحيح مسلم...

وقد فُسِّرت الحسنى بالجنة، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم، كما يشير إليه الحديث.

والنظر إلى وجه الله تعالى هو من المزيد الذي وعد الله به المحسنين؛ كما قال تعالى:
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾
سورة ق: 35.

وعن أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إنَّ في الجَنَّةِ خَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُها سِتُّونَ مِيلًا، في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنْها أهْلٌ، ما يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عليهمُ المُؤْمِنُونَ، وجَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ؛ آنِيَتُهُما وما فِيهِما، وجَنَّتانِ مِن كَذا؛ آنِيَتُهُما وما فِيهِما، وما بيْنَ القَوْمِ وبيْنَ أنْ يَنْظُرُوا إلى رَبِّهِمْ إلَّا رِداءُ الكِبْرِ علَى وجْهِهِ في جَنَّةِ عَدْنٍ. ))
صحيح البخاري.

عطاء دائم
11-11-23, 07:51 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322075

الدرس (12).

العمل الصالح هو أعظمُ رفيق، وأحسنُ صحبة، وأوثقُ علاقة يمكن أن توصلَك إلى سعادةِ الدنيا ونعيمِ الآخرة.

فإن من النّاس من هو مخذول محروم، يستبدل رفقةَ العمل الصالح برفقةِ العمل السيئ، فيستكثرُ من الآثام، ويتلطخُ بالخطايا، فتكونُ تلك الرفقةُ السيئةُ سبباً في تعاسةِ الدنيا وشقاءِ الآخرة.

العملُ الخبيثُ صاحبُ سوءٍ لن يجلبَ لك إلا كدرَ الحياة، وضنكَ المعيشة، وتضاعفَ الآلام، ويعرضك لسوء العاقبة في الآخرة.

فتخففوا من الذنوب والآثام، وفُكُّوا ما بينكم وبينها من الوثاق، فوالله إنها صحبةُ خيبة، ورفقةُ حسرةٍ وندامة.

طلقوا العملَ السيئ بصدقِ التوبةِ والأوبة، وحلوا أربطتَه بكثرةِ الاستغفار والإنابة، واستعينوا بالله على ذلك، والله قدير والله غفور رحيم.

فلَا خُسْرَانَ أَعْظَمُ مِنْ خُسْرَانِ الْآخِرَةِ، وَلَا أَحَدَ أَشَدُّ غَبْنًا مِمَّنْ عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ حَبِطَ عَمَلُهُ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ؛

وَلِذَا كَانَ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ حُبُوطَ عَمَلِهِ، بَلْ يَخَافُ بَخْسَهُ وَنَقْصَهُ وَرَدَّهُ، وَيَسْعَى جُهْدَهُ فِي كَمَالِهِ بِالْإِحْسَانِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ مِنَ الْحُبُوطِ

وَمُحْبِطَاتُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا مَا يُحْبِطُ كُلَّ مَا سَبَقَ مِنْ أَعْمَالِ الْعَامِلِ، وَمِنْهَا مَا يُحْبِطُ بَعْضَهُ؛ كَحُبُوطِ الْعَمَلِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ مُحْبِطَاتِ الْعَمَلِ وَمُفْسِدَاتِهِ

وَحُبُوطُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كُلُّهِ يَعُودُ لِسَبَبَيْنِ رَئِيسَيْنِ، تَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ مِنْ حُبُوطِ الْعَمَلِ

يتبع غداً بإذن الله

**رومنسية**
11-11-23, 06:50 PM
ماشاء الله
دروس عظيمة من انسانة متألقة
تشع نورا وتترك اثرا طيبا اينما حلت
ربي يحفظك حبيبتي وينور دربك
ويعيننا على العمل الصالح ويثبتنا
ويبعد عننا الفتن

تحياتي وودي

عطاء دائم
11-12-23, 07:32 AM
ماشاء الله
دروس عظيمة من انسانة متألقة
تشع نورا وتترك اثرا طيبا اينما حلت
ربي يحفظك حبيبتي وينور دربك
ويعيننا على العمل الصالح ويثبتنا
ويبعد عننا الفتن

تحياتي وودي

اللهم آمين واياكِ غاليتي
شكرا على كرم مرورك وكلامك اللطيف
ربي يسعدك ويرزقك كل خير

عطاء دائم
11-12-23, 07:37 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322109

الدرس (13).

وَحُبُوطُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كُلُّهِ يَعُودُ لِسَبَبَيْنِ رَئِيسَيْنِ، تَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ مِنْ حُبُوطِ الْعَمَلِ

فَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ:


الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى؛
لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ-:
{ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
[الْأَنْعَامِ: 88]

وَقَوْلِهِ تَعَالَى:

{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
الزُّمَرِ: 65

وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الشِّرْكَ كَمَا خَافَهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَا رَبَّهُ قَائِلًا :

{ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ } إِبْرَاهِيمَ: 35

قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ رحمه الله:
"مَنْ يَأْمَنُ الْبَلَاءَ بَعْدَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ:

{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}

، وَكُلُّ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَشْرَكَ مَعَهُ غَيْرَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ عَمَلُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَوْ أَطْعَمَ أَهْلَ الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَفَلَ أَرَامِلَهُمْ وَأَيْتَامَهُمْ، وَلَوْ وَصَلَ نَفْعُهُ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يُحْبِطُ عَمَلَهُ كُلَّهُ :

{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }
الْفُرْقَانِ: 23

وَقَدْ يَقَعُ الْمُصَلِّي فِي الشِّرْكِ وَهُوَ لَا يَدْرِي؛ كَمَنْ يَسْتَغِيثُ بِالْأَمْوَاتِ، أَوْ يَدْعُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى- بِمَا يَعْمَلُ،

بَيْنَمَا هُوَ يَفْعَلُ مَا يُحْبِطُ عَمَلَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَيَا لَهَا مِنْ خَسَارَةٍ فَادِحَةٍ...

عطاء دائم
11-12-23, 07:39 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322109

الدرس (14)

وَالسَّبَبُ الثَّانِي لِحُبُوطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ:

الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ، بِالْوُقُوعِ فِيمَا يُبْطِلُ الْإِيمَانَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
الْبَقَرَةِ: 217

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْقَوْلِ كَشَتْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ الِاسْتِهْزَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِهِ كقوله تعالى:

{ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }
التَّوْبَةِ: 65-66

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْفِعْلِ كَالتَّعَبُّدِ لِأَهْلِ الْقُبُورِ بِالطَّوَافِ حَوْلَهَا، أَوِ الذَّبْحِ لَهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:

{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
الْأَنْعَامِ: 162-163

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ)) صحيح مُسْلِمٌ

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْقَلْبِ كَمَنْ كَرِهَ شَرِيعَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهَا قال تعالى:

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }
مُحَمَّدٍ: 9

أَوْ كَرِهَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوِ الْحُدُودَ الشَّرْعِيَّةَ، أَوْ أَيَّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، أَوْ كَرِهَتِ الْمَرْأَةُ بَعْضَ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا كَالْحِجَابِ، وَوُجُوبِ الْمَحْرَمِ لِلسَّفَرِ، وَوِلَايَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ،

فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مُصَلٍّ وَمُصَلِّيَةٍ أَنْ يَقَعَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ حُبُوطَ الْعَمَلِ أَفْدَحُ خَسَارَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْجُحُودِ؛ فَمَنْ جَحَدَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ارْتَدَّ، كَمَنْ يَجْحَدُ فَرْضَ الصَّلَاةِ، أَوْ تَحْرِيمَ الزِّنَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ


يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-14-23, 07:58 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322291

الدرس (15)

تابع َالسَّبَبُ الثَّانِي لِحُبُوطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ:
الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالشَّكِّ فِي شَيْءٍ مِنْ قَطْعِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ كَالشَّكِّ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِي الْفَرَائِضِ، أَوْ أَخْبَارِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، أَوْ بِالشَّكِّ فِي بُطْلَانِ أَدْيَانِ الْكُفَّارِ، أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا تُنَجِّيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَكْثَرَ الْوَاقِعِينَ فِي ذَلِكَ، تَجِدُ أَحَدَهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ الطُّرُقَ كُلَّهَا تُؤَدِّي إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْأَدْيَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
سورة آلِ عِمْرَانَ: 85

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِالتَّرْكِ وَالِامْتِنَاعِ، كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ))
صحيح مُسْلِمٌ

وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ))
صحيح سنن الترمذي للألباني.

وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيُّ: "كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ".
صحيح سنن الترمذي للألباني.

وَقَدْ يُعْجَبُ الرَّجُلُ بِعَمَلِهِ، وَيَحْتَقِرُ غَيْرَهُ، فَيَتَأَلَّى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُنَازِعُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَا يَدْرِي أَنَّ ذَلِكَ مُحْبِطٌ لِلْعَمَلِ، كَمَا فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ ((أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ))

صحيح مُسْلِمٌ...

عطاء دائم
11-14-23, 08:01 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322291

الدرس (16)

ثَمَّةَ أُمُورٌ تُحْبِطُ الْعَمَلَ الَّذِي تُدَاخِلُهُ؛ كَالْمَنِّ وَالْأَذَى فِي الصَّدَقَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى }
الْبَقَرَةِ: 264.

وَكَذَلِكَ الرِّيَاءُ إِذَا دَاخَلَ الْعَمَلَ أَحْبَطَهُ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:

((قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-:
أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))
صحيح مُسْلِمٌ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ) صحيح سنن النَّسَائِيُّ للألباني.

وَإِتْيَانُ الْكَهَنَةِ أَوِ الْعَرَّافِينَ يُحْبِطُ صَلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً))
صحيح مُسْلِمٌ.

فَإِنْ صَدَّقَهُمْ بِمَا يَقُولُونَ حَبِطَ عَمَلُهُ كُلُّهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(( من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول ؛ فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ))
صحيح الترغيب للألباني.

وَتَرْكُ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بِلَا عُذْرٍ يُحْبِطُ عَمَلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ )

صحيح الْبُخَارِيُّ

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-16-23, 08:13 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322487

الدرس (17).

وَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ ذُنُوبَ الْخَلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا مُذْهِبَةُ الْحَسَنَاتِ؛ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

(( لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضًا فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا قال ثوبانُ يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا جَلِّهم لنا أن لا نكونَ منهم ونحنُ لا نعلمُ قال أما إنهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ويأخذون من الليلِ كما تأخذون ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلْوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها ))
صحيح ابْنُ مَاجَهْ للألباني.

وَلْيُجَانِبِ الْمُؤْمِنُ الْكَبَائِرَ وَالْمَعَاصِيَ فَإِنَّ السَّيِّئَةَ تُذْهِبُ الْحَسَنَةَ، كَمَا أَنَّ الْحَسَنَةَ تُذْهِبُ السَّيِّئَةَ :

{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
هُودٍ: 114

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ مُحْبِطَاتِ الْأَعْمَالِ، وَنَسْأَلُهُ اكْتِسَابَ الْحَسَنَاتِ، وَمُجَانَبَةَ السَّيِّئَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ

واحذروا شيْاطَينُ الإنْسِ والْجِنِّ الذين يُزَيِّنُونَ لَنا تَرَكَ الطَّاعَاتِ، وَإِتْيَانَ الْمُحَرَّمَاتِ، حَتَّى نَكُونَ مِن الخَاسِرِينَ، واللهُ تَعَالى يَقُول:

{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
الكهف 103: 104

وَالْشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ لَنَا الِاسْتِمْتَاعَ بِالْدُّنْيَا، وَإِهْمَالَ الْآخِرَةِ؛ حَتَّى نَخْسَرَ! حَقَّاً مَنِ اتَّبَعَ الْشَّيْطَانَ:

{ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }الأحزاب 19

سَأتَحَدَّثُ لَكُمْ عَنْ مُحْبِطٍ مِنْ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ وهُو مِمَّا يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ أكلاً....

عطاء دائم
11-16-23, 08:15 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322487

الدرس(١٨)

سَأتَحَدَّثُ لَكُمْ عَنْ مُحْبِطٍ مِنْ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ وهُو مِمَّا يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ أكلاً، لا أُخْفِيكُمْ إلى هَذِهِ السَّاعَةِ لَمْ أَجِدْ لِمُرْتَكِبِهِ هَدَفًا ولا مُبَرِّرًا مُقْنِعًا، بَاتَ هذا الْمُحْبِطُ يَقْتَنِيهِ شَبَابٌ وَفَتَيَاتٌ بِتْنَا نَرَاهُ مَعَهُمْ في السَّيارَاتِ والحَدَائقِ والبُيُوتِ، قَدْ حَذَّرَ مِنْهُ نَبِيُّنا وَحَبِيبُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأخْبَرَ أَنَّ مُقْتَنِيَهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطَانِ! وَتَبْتَعِدُ عَنْهُ الْمَلائِكَةُ الْكِرَامُ!

عَجِيبٌ حَالُ مَنْ يَقْتَنِ الْكِلابَ وَيُرَبِّيهَا! مَاذَا يَجْنِي مِنْ وَرَائِهَا؟

إلَّا النَّجَاسَةَ، وَالأذَى، وَخَسَارَةَ الدُّنْيَا، والآخِرَةِ، قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ ))
صحيح مسلم.

جُزءٌ من أَجْرِ أَعْمَالِهِ تَذْهَبُ عَليهِ سُدَى! هذا العِقَابُ للأفْرَادِ
وهُنَاكَ عِقَابٌ على أهْلِ البيتِ جَميعًا لِمَنْ رَضِيَ مِنهُمْ بِإدْخَالِ الكِلابِ وَتَرْبِيَتِهَا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( أَيُّمَا أَهْلِ دَارٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ كَلْبَ صَائِدٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ )) صحيح مُسْلِمٌ .

وهناك أمر خطير ....

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-18-23, 07:35 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322588

الدرس (19)

لقَد بَيَّنَ شَرْعُنَا الْحَنِيفُ أَنَّ اقْتِنَاءَ الكِلابِ مُحَرَّمٌ، إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ شَرْعُنَا.
ألا تَعْلَمُونَ أَنْ الْمُقْتَنِينَ لِلكِلابِ مَحْرُومُونَ مِن مُرَافَقَةِ وَمُصَاحَبَةِ الْمَلائِكَةِ الكِرَامِ كَمَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ))
صحيح البخاري.

قَالَ الشَّيخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ بِمَا مَفَادُهُ:

هَذهِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ على أَنَّه يَنْبَغي لِلمُؤمِنِ أَنْ يَصُونَ نَفْسَهُ عن اقْتِنَاءِ الكِلابِ، إلَّا لِثَلاثٍ: صَيدٍ، أَو حِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ، أَو حَرْثٍ، فَمَنْ اقْتَنَاهَا لِغَير ذَلِكَ يَنْقُصُ مِن أَجْرِهِ كُلَّ يَومِ قِيرَاطَانِ، وَالقِيرَاطَانِ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ وَعِشرِينَ مِنَ الأَجْرِ

وَالْمَعَنى:

أَنَّهُ يَنْقُصُ مِن أَجْرِهِ جُزْآنِ مِنْ مَجمُوعِ أَجْرِهِ.

وقَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ بِمَا مَفَادُهُ:

اتِّخَاذُ الكَلْبِ واقْتِنَاؤُهُ حَرَامٌ، بَلْ هُوَ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَمِن حِكْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ جَعَل الخَبِيثَاتِ لِلْخَبِيثِينَ، وَالخَبِيثُونَ لِلخَبِيثَاتِ، وَالكُفَّارُ كُلُّ وَاحِدٌ لَهُ كَلْبٌ وَالعِيَاذُ بِاللهِ يَتَّخِذَهُ مَعَهُ، يُنَظِّفَهُ بِالصَّابُونِ! وَلَو نَظَّفَهُ بِمَاءِ البِحَارِ مَا طَهُرَ! لأنَّ نَجَاسَتَهُ عَينِيَّةً، لَكِنْ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ، أَنْ يَأْلَفَ الخُبَثَاءُ مَا كَانَ خَبثًا.

أَيُّهَا الأَولِيَاءُ الأمهات والآباء : كُونُوا على حذَرٍ فَأَنْتُمُ القَوَّامُونَ على بُيُوتِكِمْ وأهْلِيكُمْ، واتَّقُوا اللهَ َمعاشِرَ الأبْنَاءِ والبَنَاتِ حَتى لا تَكُونُوا مِن الَخَاسِرِينَ ولا الْمُفْلِسِينَ؛ فَالْمُفْلِسُ حَقًّا مَن جَمَعَ كَمًّا مِن الْحَسَنَاتٍ، ثُمَّ تَتَطَايَرُ مِنْهُ في وَقْتٍ هُوَ أشَدُّ مَا يَحْتَاجُهَا. نَعُوذُ بِالله مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ حتَّى الْمَمَاتِ.


________________

عطاء دائم
11-18-23, 07:37 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322588

الدرس (20)

واحذروا ضَعْفِ الوازِعِ الأخلاقِي.

لأنه يحبط العمل ويفسد المجتمع فقد جاء الشَّرعُ الحكيمُ بالدَّعوةِ إلى مكارِمِ الأخلاق، كما أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن نفسِه:
(( إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ و في روايةٍ ( صالحَ ) الأخلاقِ))
السلسلة الصحيحة للألباني.

وَقَدْ كَانَ يُقَالُ:

لَيْسَ مِنْ خُلُقٍ كَرِيمٍ، وَلَا فِعْلٍ جَمِيلٍ، إِلَّا وَقَدْ وَصَلَهُ اللَّهُ بِالدِّينِ".
ومتى ابتعدت النُّفوسُ عن الدِّين عاشت المُجتمعاتُ في فوضَى أخلاقية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ))
صحيح البخاري.

وما وقوعُ أمثالِ هذه الجرائمِ الخُلُقيَّةِ إلاَّ نتيجةَ ضَعْفِ الوازِعِ الأخلاقِي.

ومِنْ أجْلِ ذلك بيَّنَ النبيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم مدى الارتباطِ الوَثِيقِ بين الإيمانِ والأَخلاقِ الحميدة، وبين الكُفرِ ومَساوِئِ الأخلاق، فقال:
(( إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ كَذّابًا))
صحيح مسلم.

وأخبرَ صلى الله عليه وسلم عن خَطَرِ ضَعْفِ الوازِعِ الأخلاقِي، وتَبَدُّلِ القِيَمِ الصَّحيحةِ الذي يَظْهَرُ في تَخْوِينِ الأمينِ، والثِّقَةِ بِالمُتَّهَمِ إذْ قال:

سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ ، و يُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ، و يُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ ، و يُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ ، و يَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ . قيل : و ما الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قال : الرجلُ التَّافِهُ ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ))

السلسلة الصحيحة للألباني.

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-19-23, 07:48 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322688


الدرس (21)

والأمانةُ لا تُقبضُ دُفعةً واحدةً عندَ أوَّلِ معصيةٍ يَقْتَرِفُها الإنسانُ؛ بل تُقبَضُ بِالتَّدْرِيج، وهذا الضَّعْفُ والتَّدْرِيجُ عَبَّرَ عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث بالْوَكْتِ والْمَجْلِ في قولِه:

(( يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ - أي: الأثَرُ في الشَّيءِ كالنُّقطَةِ من غَيرِ لَونِه- ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ، فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ -أي: النُّفَّاخَاتُ التي تَخْرُجُ في الأيدي عِندَ كثرةِ العَمَلِ، مملوءة ماء-، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ -أي: تَوَرَّمَ بِالماءِ-، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا -أي: مُرْتَفِعًا- وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا))
صحيح البخاري.

والمعنى:

تُصْبِحُ الأمانةُ في المجتمع اسْمًا لا مُسمَّى له في القلوب، ولا أثَرَ له في السُّلوك، ويُصْبِحُ الحديثُ عنها كَلَامًا فقط، ليس له حقيقةٌ في الواقع!.

وحِينَ تضيعُ الأمانةُ شيئًا فشيئًا يُصْبِحُ الكَذِبُ والخِيانةُ في القَولِ والعَملِ عادةً، تأْلَفُها النُّفوسُ المريضةُ؛ فينعكس ذلك على تَصَرُّفاتِ الناس وسلوكِهم باستحلالِ المُحرَّمات، ثم تُصْبِحُ الأمانةُ عُمْلَةً نادرةً بين أفراد المجتمع،

وقد حذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من كثرةِ الكَذَبَةِ في آخِرِ الزَّمانِ، وخاصَّةً فيما يُرْوَى عنه من أحاديث، قائلاً:

( يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لاَ يُضِلُّونَكُمْ، وَلاَ يَفْتِنُونَكُمْ )
صحيح مسلم

ومِنْ سُنَنِ اللهِ تعالى في خَلْقِه أنْ جَعَلَ ضَعْفَ الأخلاقِ يتمُّ في المجتمعات على مراحل، وليس دُفعةً واحدة، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم-:
((خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ))
صحيح البخاري

ومع الأسَفِ الشَّديدِ نَجِد في بعضِ مُجتمعاتِ المسلمين مَنْ يُصَلِّي في المسجد، ولكنَّه يَكذِبُ في تَعامُلاتِه، ويَخون الأمانةَ!.

عطاء دائم
11-19-23, 07:49 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322688

درس(.22)

ومِنْ خِصَالِ المنافقين التي حذَّر منها النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكَذِبُ والخِيانَةُ، إذْ قال:
((
آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ))
صحيح البخاري.

فمَنْ غَلَبَتْ عليه هاتان الخَصْلَتان كان شَبِيهًا بِالمُنافقين والعياذُ بالله

والمُجتمعُ الذي تنتَشِرُ بين أفرادِه هذه الأدواءُ السُّلوكية نِهايَتُه إلى زَوالٍ لا مَحالَةَ، مهما بَلَغَ مِنْ تقدُّمٍ ورُقِيٍّ مادِّي.

🖍والخُلُقُ السَّوِيُّ جِبَلَّةٌ في النَّفْسِ البشرِيَّةِ، يَقْوَى بالإيمانِ والتَّعاوُنِ على البِرِّ والتَّقوى،

وإذا ضَعُفَ الإيمانُ، وتلوَّثتْ الفِطرةُ النَّقيةُ، وتخلخَلَ البِناءُ الخُلُقِيُّ في النفس الإنسانية؛ ظهرتْ آثارٌ سلوكيةٌ خاطِئَةٌ، ودَبَّ بين أفرادِ المجتمع دَاءُ البَغضاءِ والكراهية، فتَنقلِبُ الفضائِلُ إلى أضدادِها، وتَضِيعُ الأمانةُ في المُجتمعاتِ، وتَبْرُزُ الفِتَنُ، وتَظْهَرُ المِحَنُ، ويَتَقوَّضُ بِناءُ المجتمع، وتتهَدَّمُ أركانُه.

وقد حذَّرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من التَّنافُسِ على الدنيا بقوله:
(( مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ))
صحيح مسلم.

وقد ربَطَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين كَمالِ الإيمان وأداءِ الأمانة، وبيَّنَ أنَّ قُوَّةَ النَّفسِ تَكمُنُ في اجتنابِ الإساءَةِ إلى الآخَرِينَ، والبُعْدِ عن أذيَّةِ الجار، ورِعايةِ حَقِّهِ، فقال:

(( المؤمنُ مَنْ أَمِنَهُ الناسُ ، والمسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمُونَ من لسانِهِ ويَدِه ، والمُهاجِرُ مَنْ هجرَ السُّوءَ ، والذي نَفسي بيدِهِ لا يدخلُ الجنةَ عَبْدٌ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ))
صحيح الترغيب للألباني.


يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-20-23, 07:39 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322724

درس (23)

والنُّفوسُ المُتنافِسَةُ على مَلذَّاتِ الدنيا تهونُ لديها مَوازِينُ الأخلاق؛ فتقع في الظُّلْمِ والبَغِي، وقد حذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الظُّلم، وبيَّنَ عاقبةَ ذلك في الآخرة، في قوله:

(( مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا؛ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ))
صحيح البخاري.

والمعنى:

أنْ يَخْسِفَ اللهُ به الأرض، فتصير البُقعةُ المغصوبةُ منها في عُنُقِه كالطَّوق.
كما نهى الإسلامُ عن التَّحاسُدِ والتَّشاحُنِ من أجل متاع الدنيا، ولو كان قليلاً، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

(( دبَّ إليْكم داءُ الأممِ قبلَكم الحسدُ والبغضاءُ هيَ الحالقةُ لا أقولُ تحلقُ الشَّعرَ ولَكن تحلِقُ الدِّينَ والَّذي نفسي بيدِهِ لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أفلا أنبِّئُكم بما يثبِّتُ ذلِكَ لَكم أفشوا السَّلامَ بينَكم))
صحيح سنن الترمذي للألباني.

ويدخل في جانبِ العداوةِ والبَغضاءِ اختلافُ القلوب، وتنافُرُ النُّفوسِ داخل المُجتمعِ الواحد، ولَمَّا نَظَرَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه إلى المال الذي أُتِيَ به من نَهَاوَنْد بكى، فقيل له:

يا أمير المؤمنين، ما هذا بيومِ حُزنٍ ولا بُكاءٍ!، فقال: "قد عرفتُ، ولكنه لَمْ يَفْشُ مَالٌ في قومٍ قطُّ إلاَّ ألْقَى اللهُ تعالى بينهم العداوةَ والبغضاءَ إلى يوم القيامة"
ولعلَّ عمرَ رضي الله عنه خَشِيَ من أثَرِ التَّنافُسِ في الدنيا، وعدمِ أداءِ الحُقوقِ فيها؛ أنْ يَحِلَّ بالناس بسبب ذلك العداوةُ والبغضاءُ.

إنَّ المُتأمِّلَ للعداوةِ والبغضاءِ يجِدُها تنطلِقُ من سُلوكٍ تلقائيٍّ مُتأثِّرٍ بالرَّذائل، مِثْل الظُّلْمِ والعُدْوانِ وغيرها.....

عطاء دائم
11-20-23, 07:40 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322724

درس(24.)

وعندما تغيب مكارِمُ الأخلاقِ يَكثرُ التَّشاحُنُ والقطيعةُ بين أفراد المجتمع؛ ولذا حثَّ الإسلامُ على العدلِ في العلاقات، وتربيةِ النفسِ على الإِنْصافِ مع المُخالِفِ، ودعا إلى مُداواة النُّفوسِ ومُعالَجَتِها عند الاختلاف بالحِكمة، حتى لا تتحولَ أواصِرُ المحبة بين المُتخاصِمَين إلى عداوةٍ مَقِيتَةٍ، وبَغضاءَ مَشِينة

فنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الهَجْرِ بين المُتخاصِمَين فوقَ ثلاثِ ليالٍ:
(( لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ))
متفق عليه .

فلا يَحِلُّ التَّهاجُرُ بين المسلمين فوقَ ثلاثِ ليالٍ؛ لأنَّ ذلك يُوجِبُ العداوةَ والبغضاءَ والتَّفَرُّقَ، إلاَّ أن يكون مُجاهِرًا بمعصيةٍ، ويكون في هَجْرِهِ مصلحةٌ تَرْدَعُه عن المعصية، فيكون بمنزلة الدَّواءِ في إزالةِ المعصية أو تخفيفِها.

وقد جاء الوعيدُ بعدم المَغْفِرَةِ لِهذين المُتَشاحِنَينِ حتى يَصْطَلِحَا، في قوله -صلى الله عليه وسلم:

(( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)) صحيح مسلم.
فبِسَبَبِ العَداوةِ بين اثنين مُنِعَتْ عنهما المَغْفِرَةُ!.

يتبع غداً بإذن الله

عطاء دائم
11-20-23, 07:43 AM
سلسلة رفيقك الذي لا يفارقك

https://www.arabsharing.com/do.php?img=322724

الدرس الأخير بالسلسلة المباركه تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

اللهم آمين يارب العالمين
.
لَقَدْ فَقِهَ سَيِّدُ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ هَذِهِ الْمَعَانِيَ حَقَّ الْفِقْهِ, وَعَلِمَهَا حَقَّ الْعِلْمِ, فَكَانَ يَجْتَهِدُ فِي عِبَادَتِهِ لِرَبِّهِ أَشَدَّ الاجْتِهَادِ؛

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها قالت:
قام [ أي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ] ليلةً من الليالي فقال : يا عائشةُ ذَريني أتعبَّدُ لربي قالت : قلتُ : واللهِ إني لَأُحبُّ قُربَك وأحبُّ أن يُسرَّك قالت : فقام فتطهَّر ثم قام يصلي فلم يزلْ يبكي حتى بلَّ حِجرَه ثم بكى فلم يزلْ يبكي حتى بلَّ الأرضَ وجاء بلالٌ يُؤذِنه بالصلاةِ فلما رآه يبكي قال يا رسولَ اللهِ تبكي وقد غفر اللهُ لك ما تقدَّم من ذنبِك وما تأخَّر قال أفلا أكونُ عبدًا شكورًا ؟

لقد نزلتْ عليَّ الليلةَ آياتٌ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكَّرْ فيها { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الآية.
السلسلة الصحيحة للألباني.

وَهَكَذَا كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ مِنْ صَحَابَةٍ وَتَابِعِينَ, رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ, سَخَّرُوا دُنْيَاهُمْ لآخِرَتِهِمْ, وَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِالْجَنَّةِ

وتحتاجُ أن تجلسَ جلسةً معَ نفسِك تفكرُ فيها:
ما هي الأعمالُ الصالحةُ التي أريدُ أن أثقِّلَ بها ميزاني ؟؛

من تكبيرٍ وتهليلٍ وصلاةٍ، وصيامٍ وصدقةٍ وقراءةِ قرآنٍ، وسماع الذكر، وحجٍّ وأضحيةٍ وهديٍ، وبرٍّ وصلةٍ وحُسنِ خلقٍ، وزيارةِ مريضٍ واتباعِ جنازةٍ، وغيرِ ذلك من أبوابِ العملِ الصالحِ التي لا حصرَ لها،

فاجلسْ وخططْ لأرباحِك ومكتسباتِك الأخروية؛ كما تخططُ لأرباحِك ومكتسباتُك الدنيوية.

اطرحِ الكسلَ، واحملْ نفسَك على الجدِّ والاجتهادِ، والصبرِ والمصابرةِ على الطاعة، وحينها أبشر بالخير العظيم والكرم من الكريم.

اللهم وَفِّقنا لما تحبُّ وترضى، وخذ بناصيتنا للبرِّ والتقوى، اللهم وفقنا لطاعتِك وجنبنا معصيتَك، اللهم أعنّا على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتك.

اللهم إنا نسألك الغنيمةَ من كلِّ برٍّ، والسلامةَ من كل إثمٍ، والفوزَ بالجنة، والنجاةَ من النار.

والحمد لله رب العالمين بهذا تمت هذه السلسلة المباركة نفعني الله واياكم بها ......

جرااح
11-20-23, 07:44 AM
جزاااج الله خير
اختي الموقره عطاء دائم
صرااحه نشاط ورقي وعطاء
دائم دون انقطاع حفظك ربي

عطاء دائم
11-21-23, 08:13 AM
جزاااج الله خير
اختي الموقره عطاء دائم
صرااحه نشاط ورقي وعطاء
دائم دون انقطاع حفظك ربي

أهلاً بك اخي
واياك خير الجزاء
شكرا لكرم مرورك
ربي يحفظك

نارا
12-03-23, 10:38 PM
فالفراقُ سنةٌ ماضيةٌ تعددت أسبابُها، وثبت تحقّقُها، وحُقَّ على بشرٍ أن يذوقَ مرارتَها.


يعطيك العافية على الطرح القيم والمفيد...

سولا سولا
12-04-23, 11:32 PM
جزاك الله كل خير

سولا سولا
12-04-23, 11:32 PM
يعطيك العافية

عطاء دائم
12-05-23, 07:32 AM
فالفراقُ سنةٌ ماضيةٌ تعددت أسبابُها، وثبت تحقّقُها، وحُقَّ على بشرٍ أن يذوقَ مرارتَها.


يعطيك العافية على الطرح القيم والمفيد...

الله يعافيكِ غاليتي على كرم مرورك
ربي يحفظك


SEO by vBSEO 3.6.1